|
كي لاننسى /2
حامد كعيد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 2994 - 2010 / 5 / 3 - 15:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أثناء خدمتنا العسكرية فترة الحروب القذرة التي أشعلها النظام المجتث ، نلحظ أن الوحدات العسكرية عبارة عن عراق مصغر ، صديق لك من الموصل وأخ من الأنبار وشقيق من ميسان ، ولم نحظى بالتعرف لإخوتنا الكرد بذريعة إعفائهم من الخدمة في الجيش لأنهم بحرب أيضا مع الإيرانيين بقواطعهم الكردية،نجتمع على مائدة واحدة – القصعه – ، مسلم ومسيحي ويزيدي وصابئي ، كردي وعربي وتركماني ، خُلقت علاقات أخوية حميمية كثيرة في ما بيننا ،وللطرفة أرويها ، كان أحد أصدقائي مسيحياً من شمال الموصل ، قال لي يوماً مازحاً أن حربكم هذه لا ناقة لي فيها ولا جمل ، ولا يهمني فزتم أم فاز الأخر ، هرب من الخدمة العسكرية وعلمت لا حقا بمغادرته العراق هرباً واللجوء لأحد الدول الأوربية فهنيئا له ، كان الواحد منا إن تمتع بإجازة يوّدع أحبته لأنه ومن المؤكد سوف لن يجد على الأقل واحدا منهم ، كنا نُحرم من إجازاتنا أيام الهجمات التي تشن من قبل المتصارعان ، وأحايين أخرى نقطع إجازاتنا لنلتحق لجبهات الموت بفضل الفرق الحزبية التي تتطوع لطرق أبوابنا لتخبرنا بضرورة الالتحاق لوحداتنا لكي لا نعد من المتخاذلين فنعدم ، تصوروا تلتحق لوحدتك العسكرية تقتل بأرض المعركة دفاعا عن الشرف الصدامي الذي لم يحفظ لنفسه شرفه العسكري المهان ، وسلم نفسه كأي متدروش – حاشى للدراويش – جرذي للمحتل ، ولم يقف إزائهم كوقفة ولداه على أقل تقدير ، لأنه أجبن من أن يكون رجلا،وأن لم تلتحق أعدمت من قبل الرفاق الأشاوس في متنزه عام وبحضور عائلتك وتدفع هذه العائلة أثمان أطلاقات إعدام أبنائها الخونة ، وأن التحقت بوحدتك العسكرية ولم تصمد قطعتك العسكرية إزاء الهجوم المليوني الإيراني ، وانسحبت مرغمة من ارض المعركة أعدمت من قبل مفارز المتسللين – الانضباط العسكري – وتُحرم عائلتك من حق التقاعد لأنك جبان رعديد مهزوم . عاد من إجازته زميل لنا من أهالي الناصرية / سوق الشيوخ ، تحلقنا حوله وفتحنا (جنطته) ولم نجده قد جلب لنا شيئا من أهله لنا ( كليجه ، خبز لحم ، جدرية دولمه) ، لحظنا إطلاق لحيته ومعلوم ان من يأتي من إجازته وبخاصة إن كان متزوجا نراه بكامل هندامه الجميل ، سألناه ما الخبر ؟ ، كفكف دمعة سبقت كلامه وقال ، نحن من قرى سوق الشيوخ ، وسوق الشيوخ عشائر عربية تتجاور في ما بينها ، لكل عشيرة ( سلف) تسكنه ، وتعلمون أن هذه القرى يفصل بعضها عن البعض المساحات المائية الكبيرة (الأهوار) ، ولقريتنا طريق بري واحد نسلكه و(الهور) يحيط القرية من أركانها الأخر ، أحد أقاربنا نجتمع عنده عصر كل يوم من أيام إجازتنا ، وتمتد جلستنا لما بعد الغروب بقليل ، وداره – صريفته – مدخل قريتنا ، ونحن جالسون معه رأينا غُبارا يتطاير خلف سيارةٍ مسرعة قادمة نحونا ، قال أحدهم فرحا من أتى بإجازته من أولادنا اليوم ، اقتربت السيارة للناظر ولحظنا نعشا ملفوفا بالعلم العراقي عليها ، تركنا أحذيتنا وهرعنا صوب السيارة القادمة نحونا ، رأين النسوة هروعنا نحو السيارة فأطلقن أصوات النعي (يبوووو) وهن يركضن خلفنا للوصول الى السيارة ، وكل يحدث نفسه قبل الوصول للسيارة ومعرفة من المقتول هذه المرة ، ففلان منا له ولده وأخوه وأبن عمه وأبن خاله وأبن خالته في الجبهة ، النسوة أولادهن وآبائهن وإخوانهن وأزواجهن وأبناء عمومتهن في جبهات القتال ، وصلنا للسيارة وحمدنا الله بدواخلنا أن المتوفى ليس أخي بل هو أبن عمي ، والنساء منهن من تقول بداخلها الحمد لله أنه ليس زوجي ولكنه أخ لزوجها . سألني أبي رحمه الله وأنا على أعتاب الأربعين وقد أشتعل الرأس شيبا قائلاً ، كم عمرك الآن يا (حامد) ؟ ، أجبته مبتسما أنت أعرف بعمري يا حاج ، قال كنت بعمرك ألعب مع أخوتي وأبناء عمي لعبة ( الجعاب) – عظمة تستخرج من أرجل قوائم الخرفان يلعب بها الصبية - في بستاننا ، قالها والدي مستهزئا ، أجبته هل رأيتم ما رأيناه ؟ ،وهل حملتم ما حملناه يا أبي ؟ ، ، للإضاءة .............. فقط .
يتبع
#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إضاءة / (نسرين السامرائي) وطاولة الحوار الشفيف
-
لطيف بربن سلطان الظرفاء/ القسم الاول
-
إضاءة 1 ايار عيد العمال العالمي
-
حرامية كُحل
-
الرحيل
-
إضاءة أربعة اثنان أربعة
-
إضاءة صبراً أيها العمال إن موعدكم.. !!!!
-
وديت روحي
-
إضاءة الفاشيست ، ولكي لا ننسى !!!
-
إضاءة عبد الرزاق عبد الواحد و شاهدٌ عيان
-
الشاعر محمد علي القصاب مبدع غنائي كبير
-
الديوان العراقي لأبراهيم المصري
-
إضاءة البطاقة الذكية والقرصنة الشرعية
-
الشاعر عبد الحسين صبره الحلي و بحشاشتي سهمك مض
-
( الهبش ) ... مفترس الأفاعي
-
وداعا أخي أبو عراق
-
إضاءة الخيار الأصعب
-
تحت ظلال القانون يُغلّب الخاص على العام (شيلني وأشيلك)
-
(إمام المايشوّر)
-
الأخلاق و الرفقة الشيوعية جاسم الصكر وجعفر هجول أنموذجا
المزيد.....
-
وزير الدفاع الإسرائيلي لـCNN: -كل شيء على الطاولة- للرد على
...
-
بالصور: عام من الحرب في غزة
-
غرق سفينة نيوزيلندية قبالة جزيرة ساموا.. وهذا هو مصير 75 شخص
...
-
بوندسليغا.. مرموش يهدي فرانكفورت تعادلا ثمينا أمام بايرن
-
الإمارات تطلق حملة إغاثية لدعم الشعب اللبناني
-
تدمير سفينة أوكرانية محمّلة بالذخيرة قادمة من أوروبا
-
-يدعم محور الشر-.. نتنياهو يرد مجددا على ماكرون بعد دعوته لح
...
-
تونس.. إغلاق مراكز الاقتراع في الانتخابات الرئاسية
-
-حماس-: -طوفان الأقصى- ستؤسس مرحلة جديدة للقضية الفلسطينية
...
-
ماكرون لنتنياهو: حان الوقت لوقف إطلاق النار في لبنان وغزة
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|