أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ميثم الجنابي - شخصية ومصير - الزهري.














المزيد.....

شخصية ومصير - الزهري.


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 2993 - 2010 / 5 / 2 - 11:44
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هو محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري. وهو نموذج للمثقف البارد! أي الخالي من نزوع الرؤية الاجتماعية والسياسية النقدية والمعارضة للسلطة حالما تخرج عن جادة الصواب والحق. أما التعويض الوحيد الذي يفرضه منطق العلم والمعرفة عن هذه النقيصة الجوهرية في شخصية الزهري، فيقوم في دعوته للأخذ بالسند والالتزام به. وهو انجاز علمي ثقافي كبير يعكس ملامح القوة الفكرية وضعف الطاقة الاجتماعية والروحية فيه. من هنا موقعه المتميز في أحضان السلطة واستقلاله النسبي في ميدان الثقافة. مما جعل منه رجل العلم الناقل، شأن أبو هريرة وأمثاله. بمعنى ديمومته الفاعلة ضمن تقاليد الجمود الفكري ودحرجة الحديث من جيل لآخر! وهي صفات لم تكن معزولة فيما يبدو عن ضعفه الجسدي وشخصيته منذ البدء. فقد كان الزهري أعمشا منذ الصغر، قصير القامة، خفيف العارضين. وولعه الوحيد منذ الصغر يقوم في تدوين كل ما يسمعه. ونقل احدهم الصورة التالية "كنت أطوف أنا والزهري ومعه الألواح والصحف. فكنا نضحك منه".
لقد كانت شخصية الزهري تتسم بالفقر الروحي والضعف المعنوي. بمعنى أنها لم تكن شخصية قوية. وفي هذا يكمن سر تحسسه الشديد من قوة السلطة والتصاقه بمغناطيسها الجاذب! من هنا تحول العلم إلى وسيلة للاكتساب والعيش. وقد أورد ابن سعد في (كتاب الطبقات) صورة حية عن فقر الزهري في بدايته وكسبه بالحديث والمعارف الأولية بالدين. كما ينقل لنا لقاءه الأول بعبد الملك بن مروان، وصدفة اللقاء. فقد أراد عبد الملك بن مروان معرفة حكم الإسلام بقضية ما يسمى بأمهات الأولاد. فأجاب عليها عوضا عن قبيصة بن ذؤيب (مفتي الديار!). فقربوه من الخليفة. وأجاب على أسئلة كثيرة. وبالأخص ما يتعلق منها بحديث الأمهات عن عمر بن الخطاب. وحاور الزهري نفسه بأنها فرصته لكي ينتهزها. من هنا مبادرته الخليفة بعبارة:
- إن رأى أمير المؤمنين أن يصل رحمي، وان يفرض لي فرائض أهل بيتي، فاني رجل مقطوع لا ديوان لي، فعل!".
- أيها الآن! امض لشأنك!
وقد أنبه على فعله هذا قبيصة بن ذؤيب، الذي أسدى له لاحقا خدمات كبرى في تقريبه من السلطة. وقد حصل الزهري على نفقاته، بحيث جعلته يقول، أن الخليفة "ريشني وجبرني"! وعندما حان وقت لقائه مرة أخرى بالخليفة نرى قبيصة بن ذؤيب يقول له بلغة الآمر:"إياك أن تكلمه بشيء حتى يبتدئك! وأنا أكفيك أمره!". وقد كفاه الخليفة بالمال والجاه. وسأله في آخر الحديث:
- أين تحب أن يكون ديوانك؟ مع أمير المؤمنين ها هنا أم تأخذه ببلدك؟
- يا أمير المؤمنين! أنا معك؟ فإذا أخذت الديوان أنت وأهل بيتك أخذته.
عندها أمر بإثباته. وبعدها أمر عبد الملك بن مروان أن يثبت في صحابته ويجري عليه الرزق. واختتم قبيصة بن ذؤيب إرشاده له بعبارة "الزم باب أمير المؤمنين!". وكان على عرض الصحابة رجل فظ غليظ يعرض عرضا شديد، كما يقول الزهري نفسه، "فتخلفت يوما أو يومين، فجبهني جبها شديدا! فلم اعد إلى ذلك التخلف!". وهو موقف يمكن رؤية ملامحه الجلية والخفية في ملازمته السلطة الأموية حتى آخر نفس من أنفاسه!
فقد خدم الأمويين حتى آخر لحظة في حياته (حوالي أربعين عاما). ويقال أنه وضع الحديث لهم. لكنه رفض هذا الاتهام عندما قال مرة قولة مأثورة بهذا الصدد:"فولله لو نادى من السماء أن الله احلّ الكذب ما كذبت!". وهي عبارة يمكن أن نشم فيها رائحة انتشار الكذب في المرحلة الأموية. وإذا كان لم يكذب فعلا، بمعنى انه لم يلفق الحديث النبوي للأمويين، فانه كان يخدم نزوعهم السياسي بوجوده بينهم بوصفه "عالما" و"فقيها" تولى القضاء وعمل به حتى أواخر حياته. فقد لازم عبد الملك بن مروان ثم الوليد بن عبد الملك، ثم سليمان بن عبد الملك، ثم عمر بن عبد العزيز، ثم يزيد بن عبد الملك، ثم هشام بن عبد الملك. وحج مع هشام وصار مربيا لأولاده حتى مات بالمدينة عام 124 للهجرة.



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفترق التطور أو التدهور العراقي
- أوهام الزمن -المقدس- وأحلام التاريخ الفعلي في العراق
- العراق وإشكالية الزمن والتاريخ
- أموية الشعر والشاعر – جبرية وارتزاق(2-2)!
- أموية الشعر والشاعر – جبرية وارتزاق(1-2)!
- شخصية ومصير- محمد بن سيرين البصري.
- التشيع وظاهرة السمو الروحي للشخصية العلوية (2-2)
- التشيع وظاهرة السمو الروحي للشخصية العلوية (1-2)
- الحلاج: فلسفة الفردانية المتسامية
- النفرّي وفلسفة الموقف
- المثال والحقيقة في الشخصية المحمدية – التاريخ والمقدس
- المثال والحقيقة في الشخصية المحمدية – من الغزالي حتى المعاصر ...
- الشخصية المحمدية في الفكر اللاهوتي والفلسفي الإسلامي
- المثال والحقيقة في الشخصية المحمدية
- المشروع الديمقراطي الاجتماعي وفلسفة البديل العراقي
- شخصية ومصير- عامر الشعبي
- شخصية ومصير- طاووس بن كيسان
- شخصية ومصير - أيوب السختياني
- شخصيات ومصائر – ثلاثة نماذج أموية
- شخصية ومصير - كعب الأحبار!


المزيد.....




- لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن ...
- مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد ...
- لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟ ...
- إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا ...
- مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان ...
- لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال ...
- ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
- كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟ ...
- الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
- مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ميثم الجنابي - شخصية ومصير - الزهري.