|
إلى هذا الحد وصلنا لحالة من الشلل والتسطيح والتهميش .
سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 2993 - 2010 / 5 / 2 - 08:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
دعونا نخوض فى عالم الفتاوى ..هذا العالم الملئ بكل ماهو غريب وساذج ..عالم تندهش فيما يتم تعاطيه فيه من أسئلة مسطحة وإجابات لا تخلو من الغرابة لترسم على وجهك الدهشة , وقد تدفعك دفعا ً أن تسخر من مثل هكذا هراء هذا إذا كُنت من هواة السخرية والضحك .
سأطرح عليكم مجموعة من الأسئلة الحائرة والعويصة التى تشغل فكر المواطن العربى وتجعله يهرول للبحث لها عن إجابة .
س :أحضرت خروفا إلى بيتي لأذبحه في عيد الأضحى لكن الخروف أكل جزءا من جريدة أجنبية فهل لحمه حلال أم حرام؟ جواب : يا أخي المسلم عليك أن تتأكد من أن الجريدة التي أكلها الخروف ليس بها ما يمس بالذات الإلهية أو يسيء إلى ديننا الحنيف وبعدها توكل على الله وكل خروفك.
س : ما شرعية دخول المرأة على الإنترنت ج : لا يجوز تعامل المراة مع الإنترنت إلا فى وجود محرم بسبب خبث طوية المرأة , فلايجوز للمرأة فتح الانترنت الا بوجود محرم مدرك لعهر المرأة ومكرها .
س : ما هو حكم الشطرنج في الإسلام خاصة إذا لم يشغل عن ذكر الله ؟ ج : فإن اللعب بالشطرنج من الاشتغال الباطل الذي لا يجوز، ولم ينقل عن الصحابة رضي الله عنهم إلا ما يدل على ذلك، فقد كان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: الشطرنج ميسر العجم. وقال أيضاً: لأن يمسّ أحدكم جمراً حتى يطفأ خير له من أن يمسّها. ومرّ رضي الله عنه يوماً بقوم يلعبون الشطرنج فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟، وسئل عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنه فقال: هو شر من النرد. وولي ابن عباس رضي الله عنهما مال يتيم، فوجد فيه شطرنجا فأحرقه، وقال أبو موسى الأشعري: لا يلعب بالشطرنج إلاّ خاطئ. وقال بحرمة اللعب بالشطرنج من الأئمة الأربعة: أبو حنيفة، ومالك، وأحمد، وكان الإمام مالك - رحمه الله - يقول: لا خير في الشطرنج، وكان - رحمه الله - يعتبره من الباطل ويتلو قوله تعالى: (فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) [يونس:32] فعلى هذا نقول: لا ينبغي للمسلم أن يلعب بالشطرنج، والواجب عليه اجتنابه، ونصح غيره باجتنابه، ونشر أقوال الصحابة والأئمة فيه.
س : ماحكم لبس القبعه التي لها مظلة ( الكاب ) ؟ ج : لايجوز لبس القبعة ذات المظلة وذلك لان فيها تشبه بالكفار .
س : هل إذا تخيل شاب في مرحلة المراهقة امرأة وهو يمارس العادة السرية أنه يجامع هذه المرأة هل هذا يحرم عليه الزواج من ابنتها في حالة الرغبة في الزواج ( هل تخيل امرأة أثناء ممارسة العادة السرية يحرم الزواج من ابنة هذه المرأة أي يعتبر تحريما بالمصاهرة أي يعتبر هذا التخيل زنا ؟) ج : فاعلم أولا أنه لا يجوز لهذا الشاب الإقدام على ممارسة عادة الاستمناء فإنها محرمة وتترتب عليها من الأضرار كما لا يجوز لك أيضا تخيل مجامعة امرأة مطلقا، فإن ذلك من تمني المعصية، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر في أنواع الزنا قوله: والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. رواه مسلم. .. ولكن لا يعتبر هذا الفعل بمجرده زنى يحرم به الزواج من ابنة هذه المرأة، فيجوز له الزواج من ابنتها إن لم يوجد مانع يمنعه من ذلك كالرضاع ونحوه.
س : ما حكم إهداء الزهور والورود ج : ليس من هدي المسلمين على مر القرون إهداء الزهور الطبيعية أو المصنوعة للمرضى في المستشفيات، أو غيرها. . وإنما هذه عادة وافدة من بلاد الكفر، نقلها بعض المتأثرين بهم من ضعفاء الإيمان، والحقيقة أن هذه الزهور لا تنفع المزور ، بل هي محض تقليد وتشبيه بالكفار لاغير ، ومسخ للهوية الإسلامية الصافية. وبذلك فقد أُلقم أهل الشهوات بهذه الفتوى العظيمة حجراً، وفيها أيضا إنفاقٌ للمال في غير مستحقه ، وخشيةٌ مما تجر إليه من الإعتقاد الفاسد بهذه الزهور من أنها من أسباب الشفاء . وبناء على ذلك: فلا يجوز التعامل بالزهور على الوجه المذكور ، بيعاً ، أو شراءً ، أو إهداء .
هذا قطرة من غيث الفتاوى والأسئلة التى تشغل بال الإنسان العربى .!! قد نرى الأسئلة مفرطة فى سذاجتها وتفاهتها ..كما سنجد الإجابات أيضا ًليست أحسن حالا ً منها بل مغرقة فى التسطيح وضيق الأفق .
هل يعقل أن هناك من يرتاب فى تناول لحم خروف تناول بعض قصاصات من صحف أجنبية !..فإذا كان السائل مجنونا ً فالمفروض أن يكون المجيب عاقلا ً فلا يعقل أن يطلب منه فتح بطن الخروف ليستبين أن الكلمات لا تخوض فى الذات الإلهية أو يمس الدين.!!..هذا إذا كان الأمر برمته يزعج الله من مثل هكذا حالة ليتحول اللحم من حلال إلى حرام . وهذه التى تسأل عن شرعية دخول عالم الإنترنت ..لتكون الإجابة أقل سذاجة من صاحبة السؤال فلا يجوز إلا فى وجود محرم معها .!! ولامانع من أن يلقى المفتى فى وجهها لفظ قاس ينال من إنسانيتها بأن المرأة خبيثة الطوية وذات عهر ومكر . أما لعبة الشطرنج التى تمارس بشكل جميل ورائع وبرئ لإكساب المرء مهارات ذهنية وقعت هى الأخرى فى دائرة المحظور والتحريم ليصل المفتى فى تسطيح الفكرة إلى الحد أننا أمام أصنام .. وكأن المواطن العربى من البلاهة أن يعبد الفيل والحصان والطابية . تصبح قبعة ليس لها أى معنى قضية مثارة وتجرى عليها مراسم التحريم كونها تتشبه بالكفار لنطرح سؤالنا الجانبى وما المشكلة فى التعامل مع منتجات الكفار إذا كانت مفيدة لنا وتحمينا من لفحة شمس ..ولكنها فوبيا الإنسان القديم تجاه الأخر وكراهيته الشديدة له والتى مازال يُراد تصديرها لنا . لم تسلم الزهور الجميلة والتى تمنح الإنسان المتعة والراحة والجمال من دوائر التحريم ويكون بغضها ليس لأنها تشبها ً بممارسات الغرب الكافر فحسب بل لأنها قد تثير الفتنة الجنسية وكأن الإنسان هو قنبلة جنسية ما يلبث أن يشم بعض الزهور حتى يفتتن طالبا ً الجماع .
لستُ معنى بمقالى هذا أن أخوض فى الفقهاء والشيوخ وفتاويهم الساذجة والمتصلدة والتى لم تفارق فكر إنسان قديم ..ولستُ معنيا ً أن تكون أقوالهم مثال للتندر والسخرية والفكاهة . قد يقول قائل أنهم علماء قد يصيبوا وقد يخطئوا ..ولكن أذكره أنهم علماء وأن فتاويهم تتكأ على قرأن وأحاديث وفقه وتراث يمدهم بالمعين . بالفعل غير معنى بهم بل معنى برصد حالة السائل نفسه ..هذا المواطن العربى البسيط الذى يسأل مثل هكذا اسئلة ويملأ عقله بهكذا هراء .. فهل وصلنا لهذه الحالة من التهمييش والتسطيح .!!
نحن أمة لا تسأل إلا أسئلة غبية ..فقد إغتالوا أسئلتنا الأولى وعبأوا عقولنا بإجابات جاهزة متقولبة ليعلموننا أن لا نسأل إلا أسئلتهم الغبية . من الطفولة المبكرة يتعلم الطفل من نظرات أبويه الدوائر الحمراء التى لا يجب أن يخوض فيها ..هو بالفعل ذكاء رائع من الطفل العربى أن يقرأ مشاعر أبويه الغاضبة عند إقترابه من دوائر المقدس الحصينة ..ويدرك فى نفس الوقت الأحاسيس الفرحة به حينما يردد كالببغاء أيات وصلوات وتراتيل . لقد تعلم أول دروس النفاق ..تعلم كيف تؤكل الكتف .!
لا تكتفى الأمور عند هذا الحد ..بل يتم توجيه الإنسان فى القالب المراد ..أى تسأل فى كل ما نريدك أن تسأل فيه ليتم المسخ بشكل بشع . لقد وصلت العقلية العربية تحت عمليات التسطيح والتهمييش والقولبة حدا ً من الهوان والضعف جعلها لم تفارق عملية الفطام الفكرى..فمازالت فى حالة من العجز والشلل أن تفكر ..تتوسم فى الأخرين أن يفكروا لها ويرضعوها كى تسير .
الأسئلة التى توجه للشيوخ والكهنه لا يمكن وصفها إلا بالساذجة والتافهة , هى أسئلة لا تعطى إنطباع سوى أن العقل العربى تم تسطيحه وتهمييشه حدا ً لدرجة أنه لا ينتج سوى هكذا أسئلة .!! فيزحم رأسه بأسئلة ليس لها أى جدوى ..أسئلة لا تحتاج أن يسألها أصلا ً ..وحتى لو مرئت على ذهنه فلا تحتاج لمجهود ذهنى فى حسمها ..فالفكر الطبيعى سيحسم قضية الخروف الذى أكل قصاصات من الكتابات الإنجليزية بأتها ليست بذات أهمية , فلن توقع الإنسان فى حبائل الخطيئة والحرام ..أو ذلك الذى يرتاب فى القبعة أو الزهور أو الشطرنج ليسرع طارحا ً أسئلته على الشيوخ ..فالمفروض أن الإنسان الطبيعى والمتوازن نفسيا وعقليا لن يستوقفه الخوض والتفكير والقلق من مثل هكذا أمور .
نحن وصلنا لحالة من العيش فى فضاءات فوبيا الحلال والحرام ..وصلنا إلى أن كل شئ نمر به نرتاب فيه ..نخشى الوقوع فى الحرام لدرجة الهوس ..لنتصور إلهاً منزعجا ً من بعض الزهور المهداة أو من شباب يلعب الشطرنج لأنه يتعامل مع أصنام , أو قبعة توضع على الرأس تقيه من لفحة شمس .
نحن مسكونون بالحرام والحلال لدرجة الجنون ..لأن هكذا هى ثقافتنا التى لا نملك غيرها . تأخذ الأزمة حدا ً هائلا ً فلا نملك حتى القدرة على فرزالأسئلة الجادة من الأسئلة الهزلية لأن هكذا هو مستوى ومحيط ثقافتنا ..لا نملك حتى القدرة على حسم أسئلتنا البسيطة فقد تصلب الدماغ بالشلل والعجز .
نحن لم نصل بعد إلى حالة الفطام , فمازلنا نتلمس الرضاعة من الأخرين دون أن نبذل أى مجهود فى تشغيل ما فى جماجمنا من عقول ..ننتظر المدد من الأخرين لنقبل بضاعتهم الرخيصة لأننا للأسف لا نعرف غير هذه البضاعة .
نصبح شعوب رائعة فى أن تنقاد !! ..لأننا ببساطة مستسلمون ومنبطحون أمام مثل هكذا أسئلة ساذجة ..وننظر للمجيب بعيون ممنونة فى أن ينثر درر حكمتة ...يصبح الديكتاتور هو إمتداد للمفتى فنستقبل كلماته وأجوبته وما يراه صالحا ً لحياتنا .
لا تصبح القضية هى أزمة شعوب تسطحت وتقولبت وتهمشت لتنتج فى النهاية ثقافة هشة يكون هكذا مستوى أسئلتها ولكن القضية تفرض ذاتها على كل مناحى الحياة فنصير شعوب منقادة ترتعب من المعارضة والتفكير ..تتأمل نجاتها على يد بعض الشجعان فيها ولكن ستبقى هى خلف الستائر تتوجس الفكر والفعل.
ليست القضية هى أن هناك أسئلة ساذجة بل هى ثقافة مشوهة أنتجت سائل أكثر تشوها ً لتخرجه من مضمار الحضارة ...ولا تسأل حينها لماذا نحن متخلفون .
لن نخرج من النفق المظلم إلا بأن نلقى أحجار كبيرة فى برك ثقافتنا الأسنة ..أن نطرح الأسئلة الكبيرة التى تم تحريمها ..ان نخوض فى الأديان والتراث بمشرط الباحث والطارح لأسئلة نقدية وفكرية ذات قيمة ..حينها سيُجبر الإنسان أن يواجه هذه الرؤى والخوض فيها لتتبخر كل الأسئلة الساذجة والثقافة الهشة التى تتماهى فى الأسطورة والتاريخ والتراث .
دمتم بخير .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تديين السياسة أم تسييس الدين ( 1 )- اليهودية نموذجا ً .
-
ثقافة المراجعة والإعتذار المفقودة .
-
نحن نخلق ألهتنا ( 6 ) - الله رازقا ً .
-
تأملات فى الإنسان والحيوان والبرغوث .
-
تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 4 )
-
تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 3 )
-
تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 2 ) .
-
تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 1 ) .
-
الأديان كتعبير عن مجتمعات عبودية الهوى والهوية .
-
الجنه ليست حلم إنسان صحراوى بائس فحسب .. بل حلم مخرب ومدمر .
...
-
سأحكى لكم قصة - شادى - .
-
بوس إيد أبونا .!!
-
الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 7) _ فليدفعوا صاغرون .
-
ضيقوا عليهم الطرق .
-
فلنناضل أن يظل حسن ومرقص فى المشهد دائماً .
-
نحن نخلق ألهتنا (5) _ الله مالكا ً وسيدا ً .
-
ثقافة الطاعة والإذعان .
-
خواطر فى الوجود والإنسان والله _ ما الجدوى ؟!
-
نحن نخلق ألهتنا (4) _ الله باعثا ً
-
خواطر فى الوجود والإنسان والله _ الأرض حبة رمال تافهة .
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال
...
-
الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت
...
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|