|
الفنُّ تكسيرًا للصورة النمطية للعرب
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 2992 - 2010 / 5 / 1 - 09:36
المحور:
الادب والفن
افتتاح معرض الفن السوري في برلين، أمس الاثنين 12 أبريل 2010 برلين: فاطمة ناعوت
تنجحُ الثقافةُ بعامة، والفنُّ خاصةً، فيما تخفقُ فيه السياسةُ عادةً من التقريب بين الشعوب، ورسم صورة أكثر إشراقًا للأمم، نقيضَ ما تقدمه السياسةُ بريشتها الناهلة من مداد المصالح والبرجماتية. ميساء سلامة، كاتبةٌ ومثقفةٌ سورية اختارت أن تعيش في ألمانيا منذ عقدين. على أن خيوط الحنين إلى الوطن الأم سورية لا تزال تشدُّ أطراف مشاعرها نحو الأرض التي انبتتها نطفةً، وداعبتها طفلةً، وعلّمتها صبيّةً، فراحت تغمسُ ريشتَها في محبرة الحبّ، لترسم لوطنها صورةً أقربَ للجمال، وأبعدَ عن التشويه، من اجل أن تقدمّها للآخر، الألماني، بعدما آلمها أن تكتشف يومًا بعد يوم أن آلة الإرهاب والأصابع الملوثة لا تكفُّ يومًا عن تقديم مسوخ ركيكة كنموذج لكل ما هو عربي. في سؤالها حول السبب الرئيس وراء إقامتها معرضًا تشكيليًّا عربيًّا في برلين، باستجلاب مجموعة من أعمال تشكيلية ونحتية لفنانين سوريين، قالت إن صورة الأغراب لدى كل شعب أو أمّة، عادة ما توسَم بطابع نمطيٍّ مستدام. وغالبًا ما ترتسم تلك الصورة النمطية الجامدة بسلوكات بعض المارقين عن حدود اللياقة والجمال، وهُم قلّةٌ، وإن كثروا. على إن تلك القلّة تنجح في إفساد لوحة بيضاء يرسمها الشرفاءُ لعصور طوال. فقطرة الأسود قادرةٌ على تعكير كأس من الحليب النقي. بعد مُقامها الطويل في برلين، قرّ في وعيها مدى استفحال الأحكام الجاهزة المسبقة المتبادلة بين العرب وبين الألمان. منذ اليوم الأول في بلدها الجديد وجدت نفسها وجها لوجه أمام فروق ضخمة بين العالمين، عالم الوطن، وعالم المهجر، فكانت مجبرةً على رؤية الأشياء من خلال عيون "الآخر" الغربي. ولم تركن للحل الأسهل؛ أن تُنكر تلك النظرة وتستريح، بل اختارت البديل العَسِر؛ أن تولي تلك النظرة السلبية عين الاعتبار، ثم تعمل على تفتيتها وعلاجها ما وسعها ذلك. وسرعان ما قررت أن تساهم على نحو إيجابي في عملية تنمية جسور التفاهم والمحبة بين العالمين، عالم الميلاد، وعالم الوطن الجديد الحاضن. مؤمنةً بأن الفن مؤهَلٌ بطبيعته على مد الجسور بين الشعوب والثقافات المتخلفة، أنشأت مع زوجها الألماني د. راينر وولف في ميونيخ بألمانيا شركة أسمياها Syrian Arts، كانت بؤرة اهتمامها عدم الاكتفاء بتبادل عرض الإنتاج الفنيّ للطرفين، بل إتاحة الفرصة أيضًا أمام الهواة من عشّاق الفن، لاقتناء اللوحات والتماثيل التي تصوغها أنامل الفنانين. ولأن الحياةَ تنتصر للجميل مهما طال الزمن، فقد كُلّلت مساعي الحُلم النبيل بالنجاح، ما حفّزهما لتوسيع أقواس الطيف، ليتّسع لكافة أنحاء القطاع الفنيّ العربيّ والأوروبيّ. وهكذا، وبعد معرض الفنانين السوريين الأول ، الذي أقامته شركتهما بالتعاون مع الجمعية السورية الألمانية، أقاما معارض لفنانين عرب في كل من: باريس 2005، وبروكسل 2006، وكذا في دمشق 2004- 2006- 2008, ثم في 2009. في العام 2007، نقلا مقر الشركة من ميونيخ، إلى العاصمة الألمانية برلين. وسرعان ما توفرت هناك إمكاناتُ تعاون جديدة، تمثلت بصورة خاصة في جمعية الصداقة العربية الألمانية (DAFG)، تلك التي تدعم كل ما من شأنه توثيق عُرى الصداقة العربية الألمانية. وبذل الطرفان معًا جهودا مشتركة أثمرت في تكريس ذلك الحلم الراقي، ما أسفر في الأخير عن إقامة معرض آخر لأعمال أربعة من مشاهير الفنانين السوريين، يمثلون أجيالا فنية أربعة: عتاب حريب، غزوان علاّف، خليل عكاري، وليد أغا. جاءوا إلى برلين بصحبة قطعهم الفنية، التي تقدم صورة متكاملة للفن التشكيليّ المعاصر في سوريا. خليل عكاري، من مواليد دمشق 1945، كان عمره 19 عاماً عندما أقام معرضه الأول ليفوز بالجائزة الأولى لخريجي مراكز الفنون التشكيلية. منذ عام 1967 ولغاية 1974 درس التصوير الزيتي في أرمينيا وحصل على درجة الماجستير. عام 1984 حصل على دبلوم في ترميم الأعمال الفنية والأيقونة من موسكو. عمل في وزارة الثقافة مسئولاً عن المعارض ومُشرفاً على الكثير من المعارض السورية عام 1978. ومنذ 1995 عُيّن مديراً لمتحف دمر للفنون. شارك في العديد من المعارض الداخلية والخارجية. أعماله موجودة في المتحف الوطني، وزارة الثقافة وفي العديد من المجموعات الخاصة داخل سوريا وخارجها. وليد الآغا، من مواليد العام 1953، تخرج من قسم الاتصالات البصرية "كلية الفنون الجميلة" جامعة دمشق. من عام 1982 حتى 1989 عمل محاضراً في "كلية الفنون الجميلة" جامعة دمشق. شارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية في كل من سوريا، الكويت والشارقة، دبي، فرنسا، أمريكا، ألمانيا واليابان. حائز على شهادة تقديرية من الكويت وأمريكا. عتاب حريب، فنانة تشكيلية تنتمي لجيل السبعينيات، بعد تخرجها في كلية الفنون الجميلة حصلت على دبلوم التأهيل التربوي، وأقامت العديد من المعارض الفردية والجماعية في سوريا والعديد من الدول العربية والأجنبية. حاصلة على الميدالية الذهبية لمهرجان الفنون التشكيلية من تونس والصين. وهي عضو في تجمع "بابل آرت" فرنسا، و"أتيليه" القاهرة في مصر. غزوان علاف، هو أصغر الفنانين المشاركين في هذا المعرض. تخرج في معهد الفنون التطبيقية في دمشق العام 1993. شارك بأعماله النحتية البرونزية في الكثير من المعارض الفردية، في سوريا والكويت وبراغ. كما أقام العديد من المعارض الجماعية في سوريا ودبي ولبنان. وشارك مؤخرًا في مهرجان القاهرة، مصر.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قرطبة مدينة الشعراء والتاريخ المزدوج
-
كهاتين في الجنّة
-
الشِّعرُ في طرقات قرطبة
-
فاطمة ناعوت والسعي وراء تأنيث العالم
-
لهو الأبالسة، وفنُّ القراءة
-
هكذا الحُسْنُ قد أمَر!
-
ساعةُ الحائط
-
سهير المصادفة
-
ولكنْ، كلُّنا في الهَمِّ مِصرُ! (2)
-
الجنوب كمان وكمان (3)
-
أطفالٌ من بلادي
-
رسالةٌ من الجنوب (1)
-
معرض الجنايني بالأقصر، يمزجُ الشعرَ بالتشكيل
-
اطلبوا العِلمَ، ولو في التسعين!
-
عِمتَ صباحًا يا -شجيّ-!
-
مَحو الأميّة المصرية
-
الشاعرة فاطمة ناعوت: أنا اندهش إذًا أنا إنسان
-
أكبرُ طفلٍ في التاريخ
-
الكرةُ... وعَلَمُ مصر!
-
كتابٌ يبحثُ عن مؤلف
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|