|
ماما..عمو..بابا..ميّت(مسرحية)القسم الأوّل
تحسين كرمياني
الحوار المتمدن-العدد: 2991 - 2010 / 4 / 30 - 00:59
المحور:
الادب والفن
المكان:[عبارة عن غرفة ببابين شبيهة غرف الاستقبال،الباب الداخلي يفضي إلى حمّام صغير لصقه مراحيض في فناء ضيق فيه طباخ ذو مشعلين وأسطوانة غاز وطاولة عليها قدور فافونية ،فوق الطباخ وعلى الحائط،مجموعة مسامير معلقة عليها ملاعق وسكاكين،تدور أحداث المسرحية،داخل الغرفة والحمّام،كون باب الحمّام يواجه مباشرة الباب الداخلي للغرفة، أمّا الباب الخارجي للغرفة يفضي مباشرة إلى فضاء الزقاق،تم تقسيم المكان إلى(1و2)] المكان(1):[غرفة مستطيلة(6×4)م،تلفزيون فوق طبلة خشبية،فوقها صورة زفاف،تعلاقات ملابس عشوائية،ثلاجة ماء قديمة،جهاز كومبيوتر(لابتوب)فوق طبلة خشبية،كرسي بلاستك، ثلاث أسرة نوم مركومة بطريقة عبثية،فرشة نايلون صيفية،شباك يطل على الزقاق،يحجب الضوء الخارجي بدن مبردة هواء من نوع(الهلال)،كتب وصحف متراكمة قرب جهاز(اللابتوب)..] المكان(2):[حمّام منزلي مربع(1,5×1,5)م،صنبوران للماء(حار وبارد)،دوش،مقعد حجري، طاسة نحاسية عليها نقوش،قدر ماء كبير،تعلاقة ملابس،منشفة،ليفة،صابون رقي،علبة شامبو من نوع(إيبك)علبة مكيف من نفس الماركة،ماكنة حلاقة يدوية،علبة موسى،حجر أسود لجلف الأقدام..] الوقت:[الساعة الثالثة من عصر الخميس،21 ـ حزيران ـ 2009] *** الشخوص: 1ـ بلاسم : شاعر وناقد في الخمسين،يعاني من أمراض مزمنة،ضغط وسكّر وبروستات وقلب. 2ـ روناك : معلمة في الأربعين،زوجة بلاسم،طريحة الفراش بعد عملية قيصرية ناجحة. 3ـ بروين : في الثامنة عشرة من العمر طالبة في الصف السادس إعدادي أبنتهما. 4ـ شيرين : معلمة في الخامسة والثلاثين.زميلة(روناك) 5ـ دنيا : معلمة في الخامسة والعشرين.زميلة(روناك) 6ـ سميرة : معلمة في الثامنة والعشرين.زميلة(روناك) 7ـ الدكتور حميد : طبيب العائلة. *** يظهر المكان1:[(بلاسم)يجلس على كرسي أمام جهاز الكومبيوتر،(بروين)جالسة تقرأ،(روناك) متمددة على ظهرها في الجهة المقابلة لـ(بروين)تتأوه من شدة الألم] بلاسم: (إلى روناك)..يجب أن تنالي قسطاً من الراحة يا عزيزتي،لا تتعبي نفسك كثيراً بالكلام. روناك: (بتوجع)..أية راحة يا زوجي،بدأ الجرح يؤلمني بقسوة. بلاسم: الحركة تهيج الجرح،تمددي على ظهرك،نحن نقوم بأعمال المنزل. بروين: (بصوت مرتفع)..بابا..أرجوك،أنا على أبواب الامتحانات،لا تشركني بأي عمل منزلي. بلاسم: (إلى بروين)..أمك أجرينا لها عملية،يجب أن نضاعف جهودنا لنرى متى يأتي الفرج. روناك: (بوهن)..أتركها تقرأ،أريدها أن تصبح دكتورة. بروين: (تطلق ضحكة)..أصبح طبيبة منزلية لك ولأبي(العنتيكة). بلاسم: بنتي..الدنيا كوّمت على رؤوسنا مصائبها،ثمان سنوات عشت في الأسر،وها نحن ندخل السنة السابعة من عصر(التهجير)،كل أمراض الدنيا جاءت لتشاركنا السكن،علينا أن أن نتحمل كل مصيبة تواجهنا،لابد أن يأتي الفرج ولو بعد حين. بروين: بابا..يجب أن تؤجر لنا بيتاً كبيراً يسعنا،(أنفلونزا الخنازير)و(أنفلونزا الطيور)ربما الآن عبرا الحدود مع المهربين والقتلة وهما يبحثان عن أمثالكما،من يدري ربما هناك(أنفلونزات) جديدة ستظهر في الأيام القادمة،جد لنا بيتاً،لا يليق بنا هذا الدكان. روناك: كفاك سخرية يا بنتي،أهتمي بدروسك بقدر ما تهتمين بالمزاح. بروين: ماما..أنت لديك نصف درزن من الأمراض النادرة وبابا حجز النصف الآخر،ماذا بقيتم لي عندما أشيخ. بلاسم: عندما تكبرين هناك أمراض جديدة في انتظارك،(فلونزا الانترنت)و(فلونزا المنيفيست) (فلونزا الإرهاب)وربما..ربما(فلونزا السياسة)..(فلونزا القطط والبقر والحمير). روناك: (تتأوه بألم)،كفاكم مزاحاً،مجنون من لا يحمل مرضاً في يومنا هذا. بلاسم: (ينهض ويدنو من ـ روناك ـ يبدأ الربت على كتفها في محاولة تهدأتها)..لم يبق لدينا في دنيانا سوى الضحك على أنفسنا،كل شيء أحترق،لم يعد لدينا أي حلم أو أمل كي نبقى أحياء من غير أوبئة تفتك بنا،الضحك مهم يا عزيزتي في هذه المرحلة طالما الجد في سبات. بروين: (تضحك)..ماذا تعمل بالحلم والأمل في بلاد تائهة،هل ترغب بزوجة ثالثة يا بابا. روناك: (آآآآآآآآآآآه)..أخشى من هذا،أبوك تعلم ذلك،تزوجني على زوجته الأولى،ربما يعملها ويجلب واحدة أخرى بسبب توقف أحشائي عن الإنجاب. بلاسم: لا..لا..كيف أفعل ذلك،لم يبق لدينا من العمر كي نصرفه على نساء اليوم،لدينا(تمّام) ولدينا هذه المصيبة(بروين). بروين: (تضحك بصوت مرتفع)..أرجوك يا بابا تزوج خادمة كي ترتاح أمي من الأعمال المنزلية. روناك: سأترك لكم البيت لو فعل ذلك. بروين: وأين تسكنين حضرة الـ(ماما)،المدينة مزدحمة بالمهجرين والمرحلين والعائدين والمفرهدين. روناك: سأهج في شوارع البلدة. بروين: (تصفق بيديها)عندي حل لك يا ماما. بلاسم: ما هو. بروين: أن تعمل أمي في مدرستها معلمة في النهار وحارسة في الليل كي نسكن مجاناً في المدرسة. روناك: (آآآآآآآآآآآآآآه)..سأموت من مزاحك يا بنت. بلاسم: اهدئي يا عزيزتي،الكلام يهيج جرحك،لا تهتمي لكلامها،(بروين)لا شعور لها. بروين: يا لك من أب مخادع،أعطيني قليلاً من(شعرك الكونكريتي)كي يصبح لدي شعور قوي. بلاسم: أتركي المزاح لوقت آخر،أمّك عليلة. [صوت طرقات على الباب الخارجي..تخرج(بروين)] روناك: ربما جاء طبيبك. بلاسم: أرجو ذلك،بدأت أشعر بتنمل يغزو جسدي،آآآآآآآآآه. روناك: متى نتخلّص من أوجاعنا. بلاسم: عندما تتحرر البلاد من القتلة. روناك: القتلة في كل مكان،نراهم لكننا نفقد ملامحهم. بلاسم: تلك هي مصيبتنا المعقدة،هم معنا لكننا نجهلهم. [تدخل(بروين)بعجالة] بروين: (تمد يديها بطريقة تمثيلية)..بابا هيأ لك ملاذاً ملائماً حتى أشعار آخر. بلاسم: ماذا ورائك يا بنت،هل هناك مداهمة جديدة. بروين: نعم..مداهمة نسائية هذه المرة. روناك: أسمع أصوات زميلاتي. بروين: (تمد يديها وتحاول رفع أبيها)..هيّا يا بابا غادر الساحة إلى وقت غير معلوم. بلاسم: (ينهض،يتناول علبة السجائر والقداحة وهو يخرج)..أرجوك..لا تطيلي الحديث معهن. بروين : (وهي تضحك)..وحدة سعيدة يا أبي. [ تدخل شيرين ومعها سميرة ودنيا] روناك: (تحاول النهوض)..جئتن في الوقت المناسب. شيرين: (تشير بكفها)..أبقِ حيث أنت،لا نريد أن نثقل عليك،سمعنا بالعملية وجئنا من قاعة الامتحان فوراً،لا تكلفي نفسك يا عزيزتي،لا نريد أن نطيل عليك زيارتنا. دنيا: المهم سلامتك يا أم(بروين)،ماذا تعملين بالأطفال،دنيانا لا تستحق الإنجاب ولمن ننجب لسكاكين القتلة،أم لحروب الحكومة. بروين: بصراحة يا جماعة،أمي تخاف من أبي. سميرة: (بتعجب)..أول مرة أسمع في بلدتنا امرأة تخاف من زوجها. دنيا: في بلدتنا الأمر بأيدينا،كيف خرجت من القاعدة يا أم(بروين). روناك: (إلى بروين)..ستقضين علي بمزاحك. شيرين: (إلى بروين)..على ما يبدو أبوك يفكر بالثالثة. بروين: (تصفق)..آه..عرفت سبب لهاث أمّي وراء الأطفال. دنيا: لا تهتمي يا عزيزتي،زوجك غريب عن بلدتنا،لا أحد يعطيه زوجة. شيرين: أين هو. بروين : غادر أرض الثرثرة. [تنتقل الإضاءة إلى المكان2،يدخل(بلاسم)إلى الحمّام،يقعد على المقعد الحجري،يبدأ بالتدخين] بلاسم: (مع نفسه)..مرة أخرى عليك أن تغرق في عرقك يا أبا(تمّام)،قبل يومين هنا نزفت ماء جسدك،ها أنت تخوض ذات المصير،أرجو منك أن لا تطيلي الكلام معهن يا أم(تمّام)،أنت تعرفين وضعي المتدهور،الحر يميتني،لا طاقة لي المكوث هنا،ربما سيأتي الطبيب،كيف يقوم بدورة العلاج،ليس من المعقول رؤيتي هنا وبهذه الطريقة،آه..أشعر أن السكّر بدأ يتصاعد ويلح،ضغط الدم بدأ يغادر موطن الأمان،آه..ليته يأتي،أرجوك يا دكتور(حميد)تعاااااااا.. [قهقهات نسائية الأصوات بدأت ترتفع،يصمت ـ بلاسم ـ يبدأ بالإصغاء..تنتقل الإضاءة إلى المكان1] شيرين : (إلى روناك)..من أين أتيتِ به،قحط رجال. بروين : أمي عشقت شعره وتوهمت بحياة كلها أغاني ومسرات. دنيا: (تطلق ضحكة)أمك كانت مغرمة بقصائد(نزار القبّاني)أيّام مراهقتها،كانت شاعرة المدرسة. شيرين: لكم نصحتها أن لا توافق على الزواج منه،كانت عنيدة. روناك: أتركوا هذا الموضوع أرجوكم،خبروني عن الامتحانات. شيرين: طلاب اليوم كسالى،تصوري أحدهم سأل عن(صلاح الدين الأيوبي)هل كان إرهابياً أم صحابياً. دنيا: تصوري يا أم(روناك)،أحد طلبتك أجاب عن عملات البلدان العربية،واضعاً أمام(العراق) عملة(الدولار). بروين: (تطلق ضحكة)..على ما يبدو الطالب الأوّل(علمانياً)والطالب الثاني يعمل في دكان صيرفة. سميرة: دعونا من مشاكل الطلاب،وقتنا لا يكفي لكلامنا. دنيا: يا أخوات أنا أفضل الحديث عن الطبخ وآخر أنواع الأكلات. بروين: يا ست(دنيا) نعتذر لأننا نسفنا الغداء قبل قدومكم. دنيا: كلّما أود الحديث عن الطبخات الجديدة،تعيدين هذا الكلام على مسمعي. بروين: لو لم تكوني جائعة لما تفتحين هذا الموضوع كلّما جئت لزيارتنا،ثم لم تأتين ظهراً. دنيا: لا تخافي يا(بروين)تناولت(لفة لبلبي)من حانوت المدرسة. سميرة: (إلى دنيا)..حقيقة أنا تابعت البرنامج وتعلمت منه بعض الأكلات اللذيذة. روناك: يا أخوات رواتبنا لا تكفي خمس طبخات من طبخات(فتافيت). شيرين: زوجي يموت لو لم يأكل(التمن والمرق)وجبتان في اليوم. بروين: طبعاً زوجك بخيل،من أين أتى بكل هذه الأملاك مباشرة بعد(السقوط). شيرين: (بصوت مرتفع)..ومن قال لك هذا الكلام غير الصحيح. بروين: أبي..!! [تتصاعد ضحكات متداخلة..صمت..يتم تسليط الضوء على المكان2] بلاسم: آه..تشعبت أحاديثهن،بعد الطبخ سيعرجن على الموديلات،ثم ينحرفن على قصّات الشعر،مروراً بصاغة الذهب،قبل أن يجدن عيوب الناس راحة بال،يا أم(تمّام)أنا عليل ،تذكري هذا،الدكتور(حميد)في الطريق،تعرفين جيداً أنّ وضعي لا يحتمل المكوث هنا بدأت أتعرق،بدأ لساني يجف،لابد أن السكّر بدأ يرتفع في دمي،قبل يومين وجدتموني شبه ميتاً،لولا المصادفة التي دفعت(بروين)إلى الحمّام،لكنت ميتاً لا محالة،كنت بحاجة إلى دقائق فقط كي تجداني متخشباً،ماذا لو مت حقاً،ماذا تعملان بدوني،ماذا يفعل (تمّام)لو وصله خبر موتي جراء لحظة غباء،نعم يا أم(بروين)أقولها بكل صراحة،لحظة غباء بكل ما للكلمة من دلالة،كيف سمحت لنفسي المكوث في الحمّام لساعات قاسية، ً،حتماً سيترك(تمّام)دراسته لو وصله خبر موتي الغريب،سيعود من غير تأخير وتمضي كل جهودنا عبثاً،سيأتي ليغدو لقمة سائغة لزمر القتلة،آه..لساني بدأ يتخشب،حلقي يجف،آه.. تذكريني،وأنت يا أبنتي المدللة،أما تقولين عني أحسن(بابا)متفاهم في الدنيا،تذكريني أرجوك أنت..آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآخ.. [قطرة ماء ساخن تسقط على رأسه من الدش]
آآآآخ..حتى أنت يا ماء بدأت قبل الأوان تغلي.. [يتحرك ـ بلاسم ـ ساحباً المقعد بهدوء من تحت الدش] آآآآآه..لو كنت أعلم بمجيئهن لخرجت إلى طبيبي،كان يجب أن تعلميني بمجيئهن،لم يا أم (تمّام) لم تخبريني بقدومهن،آه..كيف أخرج من هذا الجحيم،قسماً أنني سأجد منزلاً آخر،لا يليق بنا هذه الغرفة،أو بالأحرى هذه الدكان الذي كان مطعماً شعبياً،يا لبشاعة بعض البشر،قاموا بتحويل الدكاكين والغرف والحدائق إلى أماكن سكن لتأجيرها على الناس الهاربين من جحيم القتلة،حتماً سأجد بيتاً حتى لو كان في أطراف البلدة،المهم أتخلص من هذه الزيارات الثقيلة لزميلاتك،صديقي الجميل(محمود البستاني)تعهد أن يجد لنا بيتاً يسعنا،آه..يا أم (بروين)كفاك ثرثرة..زميلاتك بلا مشاعر،أنا أذوي..أنا أفقد بقايا..آآآآآآ..!! [ترتفع قهقهة ـ بروين ـ الأصوات النسائية بدأت ترتفع،يصمت ـ بلاسم ـ يصغي..تنتقل الإضاءة إلى المكان1] دنيا: (إلى أم روناك)..أريد حفنة جرائد أخرى. شيرين: كلّما نأتي لا تخرجين إلاّ ومعك نصف كيس من الجرائد،ماذا تعملين بها يا(شيرين). بروين: (تضحك)..تحل الكلمات المتقاطعة وتتابع برجها الراقي،قبل أن تضعها تحت الطعام. سميرة: (بصوت ممطوط)..وماااااااذا تعمل بالأبراااااااااج،إذا كان برج الحظ برجهااااااااااااااااا. دنيا: (تسحب نفساً وتطلق شهيقاً صائتاً)..بدأت تغيرييييييييييييييين يا(سمّوووووووووورة). روناك: لو علم أبو(بروين)بمصير جرائده لقلب الدنيا على رؤوسنا. شيرين: هي جرائد باهتة كلّها إعلانات وأكاذيب. بروين : لكن جرائدنا أدبية،فيها كتابات(بابا). روناك: (تضرب كفاً بكف)..شبعنا خبزاً من وراء كتابات أبوك. دنيا: قولي لأبيك الدنيا فلوس،بدل قيامه بتجميع الكلمات الفارغة ليجمع لكما المال. سميرة: كانت لزوجي مكتبة كبيرة،يوم اختفاء الغاز والنفط،أحرقتها في التنور وعملت الخبز. بروين: (تضحك).وهل كان طعم الخبز سياسياً أم أدبياً. روناك: نسخة من أبيها،حياتها مرح ونكات وعدم الشعور بالمسؤولية. [يخفت صوتهن..تنتقل الإضاءة إلى المكان2،ينفعل ـ بلاسم ـ يبدأ بالهذيان] بلاسم: الآن عرفت أين اختفت جرائدي،لم يا أم(بروين)تفعلين هذا،أنها تحتوي كتاباتي،كل أرثي الثقافي،كنت تحبين كل ما أكتب،تقرئينها بشغف،لم بدأت تتمردين على كل ما كان سبباً في لقاءنا،أليس الشعر يا أم(بروين)هو الذي جمعنا،كنتِ شاعرة،تأتين بكل ألق وبكل جرأة لتقرئين ما تكتبين علي،كنت يا أم(بروين)أصغي إلى أعماقك المتدفقة بشلالات العواطف وزمهريرات الرغبة ،لم أكن أعي كل الذي كنت تطلقينه بلسانك الوديع،كنت أسافر عميقاً إلى أغوار عينيك،أنام هناك في انتظار يوم المطر،لم اليوم بدأت خارج لعبة السعادة،لم ترجلت عن خيالك المترفع عن خيالات نساء اليوم،لا..لا..لا تقتلي الشعر،لا تتركي أغوارك ساحة للعواصف الفارغة،دنيانا ما زالت بخير،ما زلنا نحتفي بمشاعرنا وتأخذنا الليالي لتلك الساعات البهية،أين جرائدي،جرائدي يا أم(بروين)فيها همساتي وقطرات دمي،آه..أزداد عذابي،هيّا تخلصي بطريقة ما منهن،قولي لهن أي شيء،بالأمس نجوت بأعجوبة،من يدري ربما اليوم ينتهي كل شيء،آآآآآآآآآآآآه..!! [ترتفع الأصوات النسائية..يصمت ـ بلاسم ـ الإضاءة تنتقل إلى المكان1] روناك: ليتك تخلصيني من هذه الأكياس العفنة. دنيا: لو كان عاقلاً لما جلب كل هذه الأكياس النتنة معه تاركاً أثاثك الجميل في(بعقوبة). بروين: أمنعوا الماء والهواء والغذاء من أبي ولا تحرموه من الجرائد والكتابة. دنيا: حين يموت أدفنوا معه مكتبته. بروين: تلك هي وصيته،يقول لاشيء يقتل وحشة القبور سوى القراءة. روناك: أنّه إنسان طيب،رغم تمرده على الواقع،يحمل في قلبه سعادة كبيرة. سميرة: السعادة يأتي من المال،زوجي يقول عنه جيوبه فارغة على مدار الساعة. بروين: (بصوت عالي)أحتج على هذا الكلام،أبي لديه أملاك في(بعقوبة)،ستتحسن الظروف ونعود إلى بيتنا الكبير،عندها ستغيرين أقولك يا ست(نسرين). شيرين: (إلى ست سميرة)أنا لست معك،زوجي يملك بستان وحقل دواجن،وحياتنا عادية جداً. بروين: الشمال جنّة في يومنا هذا،أذهبوا إلى هناك كي تشعرين بقيمة الحياة. شيرين: (تضرب كفاً بكف)..المشكلة زوجي لا يسافر،يكره السفرات. روناك: أهم ما في(بلاسم)حبه للسفرات والحياة،أنّه كائن مليء بالسعادة،لذلك أحببته. دنيا: قبل قليل كنت متذمرة منه،بهذه السرعة بدأت تخافين عليه. روناك: نعاني من مشكلة السكن،فشلنا الحصول على مسكن ملائم يستوعبنا. سميرة: آلاف الناس زحفت إلى بلدتنا،رفعوا أسعار السكن والمعيشة،حتى البعض حوّل جزءاً من من بيته إلى غرف للإيجار. بروين: أين يذهبون،ناس تريد أن تعيش. روناك: قتلوا عم(بروين وأبنه)بالساطور أمام منزله،لو كانوا يعرفون بيتنا لقتلوا(بلاسم)أيضاً. [ يحصل الصمت..تنتقل الإضاءة إلى المكان2،بلاسم فاقد الرشد،متعرقاً] بلاسم: آه..عليهم اللعنة،جاءوا مع الغروب،قتلة بلا رحمة،أخرجوا أخي وأبنه،أخي الكائن المؤمن المتواضع،الرجل الكادح،الفقير إلى ربّه،لم يتوانوا من تنفيذ فعلتهم الجبانة،أمام بيته،أمام أطفاله،أمام أعين الناس،وهم وقوف انهالت على رؤوسهم الحالمة سواطير إبليس،عليهم اللعنة،قصّبوهم كما يقصِّب الجزّار ضحيته،تركوا لحمهم مقطعاً،عليهم لعنة الله وملائكته والناس أجمعين،ماذا فعل أخي العزيز،كان يكدح،رجل بسيط يعمل في السوق،أ..من أجل لحيتك قتلوك،أم لأنك كنت تصلي صلواتك جماعة في(الحسينية)،ماذا فعل أبنك،حتماً وضعوا المستقبل في بالهم المريض،ربما قالوا سيكبر أبنه وينتقم لدم والده،تلك هي فلسفة القتلة،آه..ماء جسدي نضح،لا تطيلي الحديث يا أم(بروين)جروحنا كثيرة،لا أحد يشعر بجروح الآخرين،قولي أي شيء،لا تنسيني،تذكري ما جرى لي قبل يومين..آآآآآآآ..!! [ يصمت ـ بلاسم ـ تنتقل الإضاءة إلى المكان1،أمام النساء أقداح شربت] دنيا: كيف تعملين الشربت يا(بروين). بروين: (تضحك)..سأفتح لك دورة خاصة،بشرط أن تجلبي معك زجاجات العصير. دنيا: كل الأنواع المتوفرة في السوق رديئة. شيرين: بلاد تائهة،ناس بلا مشاعر،بلا أذواق،كل شيء يجلبونه من الخارج يصرفونه برؤوسنا. روناك: (بلاسم)يقول كل ما موجود في السوق مستهلك ونافذ المفعول. سميرة: حتى الأدوية يجلبونها من مصانع أهلية رديئة من أجل الربح الكبير. دنيا: حرنا يا أخوات،أين نذهب،الموت والدمار والخوف والغش أمامنا. بروين: قولي لزوجك أن يبيع أملاكه ويأخذك إلى الخارج. دنيا: بصراحة فكرنا بهذا الجانب طويلاً. روناك: لا خارج بعد اليوم،الحكومة اتفقت مع العالم بطرد العراقيين. شيرين: لماذا طردهم. روناك: حتى يشتعل الأخضر واليابس. بروين: وأين يسكنون وماذا يعملون لو عادوا. دنيا: على رأي المثل،كل واحد يدبر حاله. روناك: فكرنا أن نغادر البلاد،لكننا أرجأنا الأمر للسنة القادمة. شيرين: لا داعي للتأخير طالما فكرتم بالرحيل. روناك: المشكلة(بروين). سميرة: أبنكم في الخارج،وزوجك أديب يعرف كيف يخرج لقمة الخبز بالكلمات الفارغة. روناك: حقيقة ننتظر(بروين)تنهي دراستها الإعدادية،سنقرر مصيرنا فيما بعد. دنيا: ووظيفتكما. روناك: سنقدم على إجازة بدون راتب. شيرين: لو كنت مكانك لما أخرت الموضوع،الفرصة مؤاتية لكم،بإمكانكم الحصول على وظائف، خارج البلاد،اختصاصاكما مطلوبان في(ليبيا)و(اليمن). روناك: تناقشنا في كل شيء،عندما تنجح(بروين)نتخذ القرار النهائي. بروين: أشربوا العصير قبل أن يصبح شاياً. [صمت،تمتد الأيدي إلى الأقداح،تنتقل الإضاءة إلى المكان2،ـ بلاسم ـ يبدأ بإلقاء قميصه]
#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حديث مقاهينا(مسرحية)المشهد الثالث/الأخير
-
حديث مقاهينا(مسرحية)المشهد الثاني
-
حديث مقاهينا(مسرحية)المشهد الأوّل
-
قصة قصيرة(الذبيحة)مهداة إلى/سعد محمد رحيم
-
رواية(قفل قلبي)القسم الأخير
-
قفل قلبي(رواية)16 الديوان الملحق بالرواية2
-
قفل قلبي(رواية)16
-
قفل قلبي(15)
-
قفل قلبي(رواية)14
-
قفل قلبي(رواية)13
-
قفل قلبي(رواية)12
-
قفل قلبي(رواية)11
-
قفل قلبي(رواية)10
-
قفل قلبي(رواية)9
-
قفل قلبي(رواية)8
-
قفل قلبي(رواية)6
-
قفل قلبي(رواية)7
-
قفل قلبي(رواية)5
-
قفل قلبي(رواية)4
-
قفل قلبي (رواية)3
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|