مولود جقسي
الحوار المتمدن-العدد: 2986 - 2010 / 4 / 25 - 23:29
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
بعد اجراء الانتخابات في نهاية عام 2005 , والرفض الذي واجه السيد الجعفري لتشكيل الحكومة واحتدال الجدال بين اطراف العملية السياسية رسى الاختيار على السيد المالكي لتشكيلها, وبعد مخاض عسير تشكلت حكومة الوحدة الوطنية في نيسان 2006 من الاتلاف الوطني والتحالف الكوردستاني والتوافق والعراقية , وحقيقة الامر لن يكون الطريق مفروشا بالورد بل كانت المفخخات والارهاب مستشريان في بغداد والعديد من محافظات الوسط والشمال وغرب العراق , وفي المحافظات الجنوبية كانت بعض التنظيمات الحديثة العهد في السياسة تتخبط في مساعيها لتشكيل نفسها وتحصينها وفتحت ابوابها لمن هب ودب من البعثين وفدائي صدام وجيش القدس للدخول فيها بغرض الاحتماء بها اولا وتخريب العملية السياسية فيما بعد , وكانت هذه التنظيمات تحمل اسماءا رنانة وعادة منسوبة لمسميات او رموز دينية كالشهيد الصدر او الامام المهدي المنتظر او نسبوها الى الباري تعالى كحزب الله , و الى اخره من المسميات , فحللوا ما يحلو لهم وحرموا ماليس مع مزاجهم واهوائهم حتى بلغ بهم الامر من محاربة الطوائف غير المسلمة من مسيحيين وصابئة مندائيين في البصرة والعمارة والناصرية بالاعتداء على كنائسهم ودور عبادتهم وتهديدهم بشتى الوسائل والاعتداءات او الطلب منهم بالاستسلام او دفع الاتاوى ( الجزية ) حتى اضطر الكثير منهم ان لم نقل معظمهم الى الهجرة من هذه المدن المعروفة عن اهاليها بالطيبة والتسامح , وهل من عراقي لايعرف طيبة ابناء البصرة الذين كان يضرب بهم المثل !؟ ولم تقتصر اساليبهم المقرفة على فئة او طائفة او مجموعة محددة بل طالت كل من يختلف معهم بل وصلت بهم الجراة و الوقاحة بترهيب الناس والتخلص من كل من يختلف معهم في الراي او الفكر بل حتى الفتيات والنساء لم ينجين من بطشهم , وكانوا يلاحقون كل امراة سافرة او غير محجبة ووصل الامر ببعضهم ليستغلوا ذلك الوضع الماساوي لاشباع اهوائهم وغرائزهم احيانا , وقلما كانت الاخبار اليومية تخلوا حينها من الاختطافات او القتل او العثور على جثث لنساء عفيفات ... هكذا تحولت العديد من المحافظات الجنوبية الى اوكار للجريمة المنظمة ومحطات للمافيات لتهريب النفط والمخدرات وكل ما ينفع تجارتهم ويجلب لهم المال والجاه والثراء , وكانت لهم حلقاتهم الادارية وهياكلهم التنظيمية بل وحتى محاكمهم الشرعية ( اللاقانونية ) وكان لهم نفوذ في مجالس المحافظات واحيانا هم المسيطرين عليها فيديرونها , ولم تخلو بغداد هي الاخرى من هكذا اوكار وتنظيمات في بعض مناطقها وبالاخص الفقيرة منها , وفي الرمادي كان المشهد اكثر سوداوية وماساوية حيث الفراغ السياسي والاداري وكانت القاعدة هي المسيطرة وهي الحاكم الفعلي , وفي نينوى وصلاح الدين وديالى كانت المفخخات و العمليات الانتحارية الارهابية تدوي في ارجاء مدنها وقصباتها بشكل يومي...هكذا كان المشهد عندما استلم المالكي مقاليد السلطة , اي فقدان الامن واستشراء الفساد المالي والاداري و انتشار الجريمة و الجريمة المنظمة و التنظيمات الارهابية والفوضوية .
من ابرز اولويات الحكومة كانت استعادة الامن وثم المصالحة الوطنية والقضاء على الفساد المالي والاداري وتنفيذ المادة 140 من الدستور وتشريع قانون النفط والغاز , هذا بموجب برنامج حكومة الوحدة الوطنية والمتفق عليه من قبل الاطراف المؤتلفة في الحكومة والذي بموجبه تم انتخاب واقرار الحكومة برئاسة المالكي , فماذا استطاعت هذه الحكومة من انجازه خلال فترة ولايتها ؟
لا ينكر ان حكومة السيد المالكي بذلت جهودا كبيرة مضنية واستثنائية وصرفت اموالا طائلة على بناء القوات الامنية لوزارتي الدفاع والداخلية وتطهيرها من الاختراقات والعناصر المشبوهة او المرتبطة بالمليشيات فتم ابعاد الالوف منهم , و في نفس الوقت ضخت بعشرات الالوف من الدماء الجديدة اضافة الى تدريبها و تسليحها بالاسلحة الحديثة , وقد سجلت هذه القوات تطورا ملحوظا وشكلت قوات لحفظ القانون والنظام في بغداد وبدات القوات العراقية بالمشاركة وبشكل اكثر فعالية الى جانب القوات الامريكية في محاربة وملاحقة فلول الارهاب وتنظيماته حتى جاءت العملية الارهابية في تفجير مرقد الامامين علي الهادي والعسكري في سامراء في شباط 2007 وكاد ان يتحقق هدف الزرقاوي وتنظيم القاعدة باثارة النعرة الطائفية وجر البلاد الى حرب طائفية و ثارت ثائرة المراهقين السياسين من التنظيمات الحديثة العهد ومليشياتها الفوضوية حيث قامت باحراق عشرات المساجد السنية وبالمقابل تعرضت العديد من الحسينيات الى مفخخات واعمال ارهابية انتحارية وساد القتل على الهوية من قبل الجانبين وكانت من احلك الايام التي مر بها العراق منذ الغزو التتاري المغولي بل وقد تكون احلكها واشنعها , واستمرت الامور على هذا المنوال لاشهر عديدة مما اضطرت القوات الامريكية والعراقية في بغداد الى مواجهة المليشيات التي اقل مايمكن وصفها بالفوضوية والمتطرفة و غير الملتزمة اضافة الى التنظيمات البعثية والقاعدة الارهابية , ويعود الفضل في السيطرة على الوضع وطرد المليشيات من بغداد الى القوات الامريكية وتضحياتها الكبيرة والى القوات العراقية ...وهنا يجدر الاشارة بالثناء الى موقف السيد المالكي وتفهمه للوضع المتازم والمعقد وتصميمه القضاء على الفوضى وانهاء النشاط العبثي للمليشيات , وهذه حتما نقطة مضيئة تسجل للسيد المالكي في اتخاذه مثل هذا القرار الصعب والذي انقذ البلاد من اتون حرب طائفية مذهبية تحرق الاخضر واليابس .
بعد ان استطاعت الحكومة من انهاء المليشيات في بغداد , وفي اذار 2008 فاجا المالكي الجميع بصولة الفرسان في البصرة وبفترة قصيرة استطاع من تطهير المدينة من المليشيات والعصابات والمافيات والخارجين على القانون وبذلك اذهل الجميع , بعدها استمر المالكي في صولاته في بعض المحافظات الجنوبية ونجح فيها نجاحا باهرا , وفي هذا الاثناء كانت الصحوات قد تشكلت ( بدايتها في 2007 ) في عدة محافظات بدعم ومبادرة امريكية وكانت قد ابلت بلاءا حسنا في محافظة الرمادي ضد الارهابيين مما شجع المالكي الى توجيه صولاته الى محافظة ديالى وبالرغم من اطالة فترة هذه الصولات (في ديالى ) الا انها حققت نجاحا جيدا في اواخر صيف 2008 فتحسن الوضع الامني في بغداد ومعظم المحافظات مقارنة بما كان عليه سابقا مما اعطى زخما جماهيريا وتايدا شعبيا للسيد المالكي ..وهذا يعتبر حقا انجازا كبيرا ومهما للسيد المالكي وحكومته ...يتبع
ختاما معذرة للقارئ الكريم بسبب نشر الحلقة الثانية قبل الاولى من هذا المقال وذلك لحدوث خلل فني ...
#مولود_جقسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟