|
صدمتان سياسية ونفسية بين الوزيرة ورئيس الوزراء ..!
جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 2986 - 2010 / 4 / 25 - 20:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في العراق يوجد وزارة اسمها (العدل) لكن العدالة ضائعة . توجد وزارة أخرى اسمها (وزارة حقوق الإنسان) لكن الإنسان العراقي لم يتذوق طعام الحقوق منذ كثير من العقود . توجد وزارة أخرى اسمها (الداخلية) مسئولة عن ضمان حماية الأمن الداخلي للوطن والمواطنين لكن روائح البارود والسيفور منشره في كل شارع. هناك وزارات أخرى عديدة ، سيئة الأداء والتكيف ، رغم أن معالي وزرائها يرمزون إلى أنفسهم بأساطير الأبطال حين يظهرون على شاشات التلفزيون ..! في داخل الصدمات اليومية في الشارع العراقي فأن أخبار ردود الأفعال النفسية من تفاعل أخبار السجون العراقية، تثير القرف وفورات الغضب المتفجرة ، بين آونة وأخرى ، بين صفوف أبناء الشعب ، كان آخرها الصدمة الناتجة عن وجود سجن سري في مطار المثنى ببغداد قيل انه تابع لمكتب القائد العام للقوات المسلحة أو لمكتب السيد رئيس الوزراء . لا فرق . إنها صدمة فعلية عنيفة تزيد في عمر الاضطرابات السيكولوجية بين الناس العراقيين فهي ، حقا ، كابوس من الكوابيس السوداء خيمت لا على نفوس نزلاء السجون السرية ، بل على نفوس المتحكمين بأمر تلك السجون ، كما على الجماهير الشعبية ، المنتظرة ، في كل يوم إجراء حكوميا يخلصها من حوادث كريهة جارية في الوزارات كافة ، وينقذها من عالم مقيت يواجه كل عائلة عراقية يعاني فرد من أفرادها حكما قضائيا أو وجودا ليس قضائيا داخل سجن عراقي ، سري أو علني . مع الأسف الشديد أننا نرى في عصر عراقي يتباهى بوجود ديمقراطية وحرية و برلمان ومؤسسات حقوق إنسان ومنظمات مجتمع مدني لكن العدوان الحكومي الغاضب على المواطنين العراقيين ما زال منفلتا بأشكال مختلفة يحرق اليابس مع الأخضر في بوتقة واحدة ، تحت نزعة شريرة ووحشية ، تنبثق من روح ممارسيها بوسائل تعذيب نفوس وأجساد سجناء أو موقوفين من المتهمين بمختلف أنواع التهم التي لم يتم الانتهاء من التحقيق الأصولي فيها . لقد أصبح السجن العراقي ، العادي والسياسي ، السري والعلني ، مسلخا بشريا كما تشيع بعض الفضائيات والصحف العراقية والأجنبية ، بينما يجري تبعيد الشعب العراقي نفسه عن رؤية الحقائق والانفصال عنها . كما صارت السجون العراقية / سجن مطار المثنى مثلا ، مكانا لضحايا الاغتصاب الجنسي ومكانا للإساءات النفسية والاهانة ، مكانا لاضطرابات عقلية ، والى مختلف أنواع الحوادث المأساوية . لولا الصحافة الأمريكية الضاغطة على الحكومة العراقية من خلال تحقيقاتها ولولا الموقف الصلب المتواصل والايجابي الذي وقفته وجدان ميخائيل وزيرة حقوق الإنسان بكشف سرية سجن المثنى لما أقدم رئيس الوزراء نوري المالكي على غلق السجن ولكانت حياة 431 معتقلا فيه معرضة لممارسات وحشية قاسية ومتكررة لا يعرف العالم عنها شيئا . لولا الضاغط الصحفي الأمريكي ولولا الضاغط الرسمي من وزيرة حقوق الإنسان لكانت آليات فرض القوة والخوف والعذاب غير متوقفة ليس عن هذا السجن بل عن جميع السجون في العراق . السؤال الموجه لكل وزير في حكومة المالكي ، من أتباع الشيعة والسنة والكرد : هل تفرض عليكم عقائدكم الصمت والسكوت تحت مبرر (لا ادري .. لم اسمع) بخصوص أعمال العنف الجارية في السجون مثلما موجود خارجها . انتم ، يا كل الوزراء ساكتون ، في موقف ينم عن موهبة التكافل مع البيئة السياسية الملوثة بالمصالح الشخصية .. أليس كذلك ..؟ سؤالي إليكم ، جميعا ، يا من تصومون وتصلون .. يا من تكرهون علمانية الغرب وشرعيته وإدراكه الإنساني : هل أن التعاليم الدينية والمبادئ والأخلاق التي تربيتم عليها تجيز لكم السكوت التام عن عذاب السجين ، اضعف المخلوقات البشرية خلف القضبان ، الذي هو أمانة الضمير الإنساني بين يديكم مهما كانت تهمته إرهابيا أو سفاكا أو بريئا ، كما هو الحال في سجون الدول الغربية . الأخلاق الإنسانية تفرض على المسئول العراقي ، مهما كان مركزه ، أن لا يرضى بأي شكل من الأشكال أن يقع على هذه الأمانة الإنسانية أي فعل من أفعال الاستهانة و الأذى وآي فعل ينافي المعايير الإنسانية . أن عنف السلطات العراقية ضد المواطنين السجناء مدان في كل زمان ومكان ، مدان من زمن سجن نقرة السلمان (العلني) حتى زمن سجن مطار المثنى (السري) . لا يجب الاكتفاء ببعض الإجراءات الحكومية الدعائية ، بل يجب تحميل المسئولية لأناس فاعلين انتهكوا معايير الإنسانية ، وانتهكوا القوانين والأخلاق ، وانتهكوا الحقوق الشرعية لكل سجين وفق نصوص القوانين ، الدولية والمحلية . هنا أجد ضرورة توجيه العتاب الصارم إلى القضاء العراقي ، ذي الصلة المباشرة بالسجناء وبحقوقهم ، عن ضرورة العمل السريع وفق نماذج العدالة والحق بإدانة سلوك السلطة الحكومية وإدارة السجون عن كل ما هو غير عادي وشاذ في التعامل مع نزلاء السجون . مطلوب من رئيس الجمهورية ومن رئيس الوزراء ومن الصحفيين والكتاب والأدباء العراقيين كافة أن لا يقفوا متفرجين على المسئولين ، من الشواذ غير البشريين ، من الذي يحملون أفكارا شائنة معادية للإنسانية يمارسونها على أجساد السجناء العاجزين عن كل إرادة ، حتى لو كانوا من أعضاء تنظيم القاعدة والإرهابيين ، والبعثيين من فصائل القتلة ، والسراق ، ومن كل أصناف المجرمين فلا يجوز تعذيبهم . إن تعذيب أي معتقل ، مهما كانت جريمته ، هو عمل حيواني ينبغي كبحه بكل غرائزه ، عن نزلاء السجون ، كي تظل النظرة الإنسانية غالبة على الذين يريدون التنفيس عن غضبهم بالانتقام من السجناء والموقوفين . ربما هو بذات الوقت غضب مرحــّل عن موقف جماعة سياسية معينة أو عن حزب سياسي معين ، مما يتنافى مع كل إعلانات حقوق الإنسان الدولية . أتمنى أن لا يأتي يوم تكشف فيه صحيفة أمريكية أخرى عن فضائح لا إنسانية بمعاملة نساء عراقيات ، سجينات أو معنفات ، وأن لا تكشف عن أمراض نفسية يعانين منها ، سجينات أو موقوفات ، بسبب التعذيب ، في ظل محققين أو سجانين يفتقرون إلى وجود مشاعر إنسانية في عقولهم وقلوبهم . أن شرعية وجود الحكومة ، أي حكومة ،لا تأتي من عدد أصوات الناخبين لها ، بل تأتي من خلال رعايتها لحقوق جميع المواطنين بلا استثناء . تأتي من خلال عدالة الحكومة في رفض العنف ضد العنف بكل أشكاله . تأتي من شجاعة الاعتراف بالخطأ عندما يظهر . تأتي من الحفاظ على هويات السجانة الإنسانية عندما يراد تمزيقها . الوجود الشرعي لأي حكومة يحتاج إلى وعي عال بكرامة الإنسان . والوعي ظاهرة كبرى تتفاعل في الجهاز العقلي كله . في الختام أسأل : أيهما أكثر اضطرابا في هذه الأيام نوري المالكي رئيس الوزراء أم وجدان ميخائيل وزيرة حقوق الإنسان ..؟ أنا واثق أن جواب السؤال لا يأتي إلا من دماغ فاعل لشخص يقوم بفعل إنساني . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بصرة لاهاي في 24 – 4 – 2010
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عودة العراق إلى عصر صناعة الأحذية يدويا ..!
-
عن المعجزات والمستحيلات في السوق الانتخابية الحرة ..
-
رسالة مفتوحة ثانية من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي
-
الراقصون على انغام الوزارة العراقية المرتقبة
-
رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي رئيس الوز
...
-
صفات الإبصار في عقل النائب الحمار ..!
-
هل يكون الفرح الانتخابي جوهر الحياة الديمقراطية ..؟
-
الموت تفخيخا ووعد خمور الجنة وحور العين ..!
-
مشاغل الفائزين بالانتخابات تضخم فعاليات الإرهابيين
-
أبو مجاهد فوق القانون وهزال الادعاء باستقلالية القضاء / القا
...
-
البرلمان الطائفي أفيون الشعوب ..!!
-
تماثيل صدام حسين في طرابلس ..!
-
ضحايا وجلادون في شركة مصافي الجنوب بأرض الجن ..
-
تحية إلى وزارة الثقافة بمناسبة يوم المسرح العالمي ..!
-
سيدي الشاعر : إنهم يفضلون السماء الغائمة ..!
-
حمدية الحسيني هيكل انتخابي غامض وعاجز..!
-
دعوا مستشار الرئيس المالكي في نومه العميق ..!
-
مياه العراق عام 2222 كما أنبأتني العرّافة..!!
-
في السراء والضراء كانت قمرا لا يغيب
-
السينما الصينية تعتمد على مصادر القوة الداخلية في تطورها
المزيد.....
-
في تركيا.. دير قديم معلّق على جانب منحدر تُحاك حوله الأساطير
...
-
احتفالا بفوز ترامب.. جندي إسرائيلي يطلق النار صوب أنقاض مبان
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يتسلم مهامه ويدلي بأول تصريحات
...
-
الجيش الإسرائيلي: اعتراض عدة اهداف جوية مشبوهة اخترقت مجالنا
...
-
شاهد.. لحظة هبوط إحدى الطائرات في مطار بيروت وسط دمار في أبن
...
-
-هل يُوقف دونالد ترامب الحروب في الشرق الأوسط؟- – الإيكونومي
...
-
غواتيمالا.. الادعاء العام يطالب بسجن رئيس الأركان السابق ما
...
-
فضائح مكتب نتنياهو.. تجنيد -جواسيس- في الجيش وابتزاز ضابط لل
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لقتلى قوات كييف في كورسك
-
تحليل جيني يبدد الأساطير ويكشف الحقائق عن ضحايا بومبي
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|