أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - الرصيف الثقافي















المزيد.....

الرصيف الثقافي


عادل علي عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 2986 - 2010 / 4 / 25 - 20:05
المحور: الادب والفن
    


( نص مفتوح مغلق)
حينما ينقشع الضباب الآدمي / يتجلى الرمل بصورته الساكنة الصفراء / يشق السراب / وينحدر نحو التخوم التي تخلف الأطلال / النوق المتقزلة بمشيتها ، المترنحة بدلائها / تزبر الهواء بأجسامها المغزلية / تقزم المسافات والأشواط / وتأبى أن تحط الرحال في مفازة ما / فكل الطرق التي تؤدي إلى وادي ثقيف وتميم وكعب والأزد مزروعة بالقوافي / وموشومة بالفكر / تنزاح حجب الغيوم عن غرة الطين/ ليتفرد المقهى بانزواء خجل هو اقرب إلى عزلة الأطفال اليتامى على مائدة اللئام الذين اتخمهم الزمن / وفتق كروشهم بالمال السريع الذي يأبى مراحل الكدّ / هم يزرعون براءتهم على النياسم الترابية الممتده على طول الجزيرة / هناك إذا يطل التاريخ من خلف المآذن ، ليرسم تداعيات هي اقرب إلى تماوجات اللوح ، وهو يفصح عن انبثاق الحرف الأول / الحروف التي رسمت طوافات المعتزلة والمؤولين والمفسرين والمناطقة وأصحاب الحلقات الكلامية والصوفيين / راحت تمد يدا جديدة نحو غربة السياب ، ووحدة البريكان ، وعزلة البارودي / كان الدخان المتراقص يتهادى بغنج بغايا الليل ، ويكرر قبلاته المملة نحو العنان / ويحلق بلا استحياء ليطبع بصماته على شواهد الطين / الشعراء الذين أضرموا نار القصيدة في المجامر القلقة / أحدثت قلوبهم قرقعات هي أشبه بحشرجات الشيوخ قبل الرحيل الأخير / فراحوا يقرضون الكلام ويقهرون سطوة المفردات / كان ما يشبه الصراخ يخلف امتدادا لولادة عالم جديد / عالم مباشر لا يمتلك حتى مقتربات الحلم / عالم يترفع عن ضغائن السياسيين ، وآمال الطغام ، وأحلام الفاتحين الجدد/ عالم لا يحلم بتشييد البيوت وبناء القصور / لأن الجميع - والحمد لله - لا يملكون شبرا في هذا العالم الفسيح / حلمهم الوحيد أن يؤسسوا بيتا من قصيدة عصماء /او قدحة من فكرة سحرية يشعلون بها عتمة بيوتهم الوهمية / أما زادهم فهو الشاي الذي يؤجج إلهامهم الذي تشقه بين الفينة والأخرى ضحكات المجانين المحشورين دائما معهم / ملاحظة : ( إيفاء ديون الشاي بالتقسيط المريح ) .. - هذا ما ادعاه (رحيم) صاحب المقهى - / القلوب التي تتكئ على المصاطب ، تختزن ما تبقى من زاد الليل / وما ناف عن بضاعة الغوص في الأزقة الواجمة ، التي خلفتها تلك الأسفار البالية المتجددة / فبعد قليل سيعج السوق ببضاعة الأدب ، وسيعلن (حسونيس )* الموغل بالصعلكة آخر تقليعات ما بعد الحداثة ، وما وصلت إليه بورصة السرد ، ومافيا السرقات الانترنيتية / كان المتشدقون والمتفيهقون يرصدون تلك الأجساد التي ارتقت منصات المصاطب ، ويؤشرون بوجل حركاتهم المتهاوية مع أنفاسهم ، وهم يخترقون غيوم السجائر بوجوه كالحة استعمرتها الشمس / كان البعض منهم يبتسم متقمصا صورا منغولية تدعي الذكاء الذي شكل عزلة وردية صعبة المنال / كانوا يجتازون شوارع المدينة بسرعة متبجحة ، ولكنهم يخففون الوطء ، لتطل أعناقهم من خلف الزجاج المظلل ، يكررون ذات الابتسامة البلهاء الذي تؤكد ذلك المحتوى البليد ، الذي يترك بقايا صورهم الهلامية / كانوا يباركون تلك العزلة التي أذعنت لسطوة الزمن ، ولم تساومهم على بروجهم الملائكية ، ومكاتبهم الفضية ، التي تخفي سيول الخيبة التي اضطهدتهم / إذ لا سبق ألا للإبداع ولا هيمنة إلا للمواقف / الكلام المنتفض احدث ثورة بيضاء على تقليدية قطع الدمينو، ومربعات الشطرنج الذي ضمت بلاطات الملوك والوزراء ، وهم يحتمون خلف أجساد الجنود الذي لا يمتلكون غير المواقف المصطنعة ، والذاعنة للأسياد / فها هو الشعر يحلّ سيدا كريما يحتفى به / يحاط بقدسية المواقف / ويرصع بأبهى العبارات / الأفكار والآراء التي راحت تتسابق على الأرائك ، تحدث صريرا مموسقا ، ينم عن ولادات جديدة / ذلك ما نجده متراقص عند أعتاب الصبح ، وهو يعلن عن بضاعة مزدانة بالألق .. ليس سوى الألق / المتبضعون والراصدون والطارئون والمتأدبون والمتشاعرون والأكاديميون الذين غلبوا التسمع ، وراحوا يتوارون خلف مناهجهم ، تحركهم آيات النقد ، ويحشرون تنصتهم في حومة اللهب الكلامي / الجميع راح يدب عن ساحته ومعتقده ومذهبه / فعندما يحتدم السجال بالجدل ، والرفض بالقبول ، تسمو رفعة الأدب ،ويتثبت شرف المهنة التي انصهرت بالذوات التي لم تعرف أبجدية للمساومة والخضوع / ولم تدرك إلى الآن أي عالم وردي يختبئ خلف قدسية الحرف / العبث والسوداوية والتمرد والبوهيمية ومنهجية الشك وإحالة السفسطات ، لم تثن ذلك المتشرد الصعلوك الذي تلبس برداء الشنفرى ، وجبة ابن السلكة من التوريات / فهم يصرخون ملء الفم : ان أوان الشعر لا بد أن يقزم والى الأبد ثورة الأوتوقراطيات والانا وحدية وعبادة الفرد / لذا عاشوا هما حسبه البعض نوعا من التسكع والطواف بلا هدف ، والسير إلى المثابات القصية بلا هدى / ولكنهم أيقنوا أن موت الأشجار يؤكد هوية الحياة ، وان من ينير دروب العتمة يشعل روحه الغضة حطبا كيما يعبر الآخرون / التحليقات التي يخترقها الصخب تعاود نشيدها وهي تطوف فوق مدن الملائكة وقصبات الهور / الشقوق التي انطبعت على الوجوه الهائمة في البعيد ، تتماوج فيها انتقالات الزمن ، وهو يتأرجح بين موت الذات وانتعاش العقل/ أما تلك المجسات المتراقصة والتي أحصت كل المتحركات والثوابت ، فراحت تمطر الشخوص والوجوه والأجساد المترنحة بسيول من التوصيفات والنعوت التي يعجز عنها الشعر أحيانا / وعجز عنها قدامة في اجتزاء القول / إنها جدلية غريبة للبقاء المؤجل ، وترنيمة جنائزية لأنشودة الرمل وارجوزة الطين /
... حدثني (ابو حزم )* الزبيري الوراق قائلا : ( عندما أمر في ساعة متأخرة من الليل على مقهى الرصيف الثقافي اسمع أصداء النقاشات وأرجاء الأصوات وهسيس الحشرجات منطبع على الأرائك الواجمة ) .


إشارات
• (مقهى الرصيف الثقافي) : هو مكان التقاء أدباء ومثقفي مدينة الزبير .. اتخذه المثقفون في المدينة مقرا لإتحاد الأدباء والكتاب في الزبير بعد أن ضجت الأرض بما رحبت .
• (حسونيس ) : الاسم الذي اتخذه الشاعر المبدع حسن الحيدري .
• (ابو حزم) : بائع كتب سبعيني لطالما كان يؤمن الكتب الممنوعة إلى مثقفي المدينة .
• النص تزامن مع الاحتفائية التي أقامها اتحاد الأدباء والكتاب في الزبير للشاعر المغترب (عبد الباقي فرج ) والتي شملت زيارة لمقبرة الحسن البصري التي ضمت أضرحة عشرات المبدعين والوقوف على قبور السياب ومحود البريكان وخالد البارودي .. تخلل الاحتفالية قراءة للشاعر المحتفى به فضلا عن تكريم شعراء وقصاصين ومنظمات ومؤسسات أخرى .



#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرثية لابن الرومي
- سرة ام مجيد
- المربد ..التاريخ والابداع
- ملحمة كلكامش
- طوة الغيب / الكتاب - الانتشار والاندثار -
- قصائد
- صور
- سطوة الغيب / ج1


المزيد.....




- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - الرصيف الثقافي