|
تغريبة عرب اسرائيل
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 2985 - 2010 / 4 / 24 - 21:11
المحور:
القضية الفلسطينية
من قرأ الملحمة القصصية الشعبية المعروفة ( تغريبة بني هلال ) لا بد الا ان يتذكر ما قيل بحق بطل الرواية ( ابو زيد ) عندما قرر ان يتوجه مع مجموعة من اقاربه من الجزيرة العربية الى احدى اقطار المغرب العربي عندها قيل ( الا ترود الغرب يا ابو زيد ) ما ذكرني بهذه الرواية الآن هو ورود وفد من عرب اسرائيل قطرا من اقطار المغرب العربي وهي ( الجماهيرية العربية الليبية الديمقراطية الشعبية العظمى ) بناءا على دعوة وجهها معر القذافي لهذا الوفد . لقد اثارت دعوة القذافي لوفد من عرب اسرائيل لزيارة الجماهيرية العظمى بعد مضي 62 عاماً من تبدل حالهم السياسي والجغرافي العديد من التساؤلات . ربما نجد الأجابة على بعضها بعد عودة الوفد من زيارته، من هذه التساؤلات نذكر ، لماذا تذكر القذافي اليوم وبعد مرور ستة عقود ونيف بالمواطنين العرب الذين يعيشون داخل اسرائيل ، وقرر التواصل معهم ؟ هل قرر استدعاء بعضهم لأنهم اسرائيلون ؟ ام لأنهم فلسطينيون ؟ ام الاثنين معأ ؟ لماذا لم يبكر بدعوته كي يكونوا ضيوفا على الأقل في مؤتمر القمة العربية الأخير ، الذي عقد في بلاده وبرئاسته . لماذا الدعوة الآن بالذات واسرائيل في حالة من الارتخاء والهدوء والأمن المستقر ، رغم الصاروخين اللذين اطلقا من سيناء فسقطا في مياه خليج العقبة الاردني ، فقام نظام مبارك وعمر سليمان بتقديم كل آيات الولاء والأعتذار لاسرائيل ، واستخدام صواريخ من الايمان الغليظة بأن مصر على عهدها ووفائها لاسرائيل ، وانها تقوم بواجبها لحراسة حدودها ، كذلك الاردن سارع بحني رقبته اجلالاً واذلالاً لاسرائيل . هل هناك من اوحى للقذافي بأن العرب في اسرائيل يشكلون حيزاً كبيراً داخل المجتمع الاسرائيلي ، وانهم يشكلون قوة ضغط اقتصادية وسياسية مؤثرة ، قادرة على ان تلعب دوراً مركزياً في توجيه سياسة الحكومات الاسرائيلية ؟ بالتأكيد بأن الرفيق القائد القذافي سوف يفاجأ اذا صارحه اعضاء الوقد وابلغوه بأن العرب في اسرائيل ماهم الا مجموعة مهمشة من قبل القيادة الصهيونية ، وانهم فئة غير منتجة لا دور لها بكل انواع التخطيط في الدولة ، لا تساهم باتخاذ القرارات الحكومة و لاحتى البرلمانية رغم قيام الاعضاء العرب في الكنيست بحلف يمين الولاء للدولة على انها دولة الشعب اليهودي وانهم اوفياء لعلمها ونشيدها . هل سيعرف القذافي ان العرب في اسرائيل عبارة عن قوة استهلاكية وقوة عمل جسدية واداة تستغلها السلطات الاسرائيلية لتمرير الكثير من مشاريعها الدعائية لتبييض وجهها امام العالم على انها دولة ديمقراطية ، وما وصول وفد عربي الى الجماهيرية العظمى الا دليل على ديمقراطية اسرائيل وتسامحها مع مواطنيها العرب ، لأن ليبيا من اكثر الدول العربية تحريضاً ضد اسرائيل . اننا نعرف سياسة القذافي الأزدواجية والمزاجية ، ودعوة وفد من المواطنين العرب احدى زوايا هذا المزاج المضطرب ، انه قابل للتغيير والتبديل في كل لحظة ، ونعرف اكثر ان القذافي يرى بنفسه امبراطوراً ليس على ليبيا وحدها ، بل امبراطوراً على افريقيا والعرب والمسلمين والبربر والأندلس ، ايضاً انه يتربع على العرش الليبي منذ 41 عاماً ، هذه المدة تساوي ضعف المدة التي حكمتها العائلة السنوسية لليبيا . هناك تساؤلات ايضاً بالنسبة للوفد الذي تقرر ان يشارك في لقاءات ما سمي بالتواصل ، الكل يعرف انه سبق الرسو على اسماء الاعضاء المشاركين مخاضاً عسيراً وصراعاً وصل الى التشابك بالأيدي و"حردنات " وتهديدات وقذف وتشهير بين الأحزاب والحركات والطوائف وشخصيات ومختلفة الكل اعتبر نفسه الأفضل وانه (كاشير ) لهذه الزيارة وان الجماهيرية العظمى حبيبته ، وانه احق من غيره في هذه الزيارة . لقد وصل العدد المتفق عليه الى حوالي اربعين مشاركاً ، هذا العدد الكبير رفضه سفير ليبيا في عمان ، لكنه عاد ووافق عليه خوفاً من الفضائح ، هذا العدد الكبير افقد الوفد المشارك هيبته ومكانته السياسية والوطنية لأنه يعتبر فرقة سياحية وليس وفداً تمثيلياً يحمل رسالة الى العقيد القذافي . اذا من غير الائق اعتبار هذه الفرقة السياحية ممثلة للجماهير العربية في اسرائيل ، انه تمثيل كاذب لأن كل عضو لا يمثل الا نفسه ، المواطنون العرب براء منهم ، ويرفضون هذا الحجيج الى قلعة السخرية والاستبداد ، الحجيج الى بلد نكل بعشرات الآف الفلسطينين ، غالبيتهم من النساء والأطفال ، عندما قذفهم ورماهم عراة في صحراء مصر الغربية ، لأن القذافي رفض اتفاقية اوسلو سنة 1993 ، تلبية دعوة القذافي وموافقة السلطات الاسرائيلية عليها دون تردد ماهي الا فخ وفتح باباً جديداً من ابواب التطبيع مع اسرائيل ، هذا الباب لا يختلف عن غيره من ابواب التطبيع التي فتحت بأسم التواصل ، مع مصر والاردن وعمان وقطر والبحرين والامارات والمغرب وتونس واخيراً مع لبنان بعد ان سمح لاحد الكتاب العرب بحمل رسالة التطبيع الى بيروت . بالتأكيد بأن السلطات الاسرائيلية معنية بمثل هذه اللقاءات لأنها ترى بها نقطة تحول هامة في علاقاتها مع الدول العربية وخاصة دولة مثل ليبيا . ان زيارة وفداً من عرب اسرائيل للقذافي ليس مكسباً للمواطنين العرب في اسرائيل بقدر ما هو زفة اعلامية ، العريس فيها القذافي ونحن المطبلون والراقصون . ملاحظة :ما نجح فيه القذافي حتى الآن هو وضع الاحزاب العربية في سلة واحدة حتى لا يعاير بعضهم البعض .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صفحات من وجع النكبة
-
الصمت العربي يغذي غدد الاستيطان
-
عبد الرحيم عراقي ما زال في الذاكرة
-
ضرب الحبيب زبيب
-
يا ريت ما رجعوا من تونس
-
هابي بيرث دي فؤاد
-
هل يدخل المجلس الاسلامي الأعلى أنفاق السياسة؟
-
ماذا فعل سلام فياض في مدينة هرتسل
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|