|
رجولة المرأة جبهة إنقاذ للأسرة
محمد فاروق عجم
الحوار المتمدن-العدد: 908 - 2004 / 7 / 28 - 12:37
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
"في نهر الحياة.. توجد هذه النوعية من النساء اللائي وجدن أنفسهن وجها لوجه مع الشقاء.. بعد أن حمَّلهن القدر المسئولية الممزوجة بالدمع والآهات.. فأحنين ظهورهن لحمل أحزان الحياة.. وسطرن بأوجاعهن قصصا من الكفاح والعناء... واليوم.. تظهر في الأفق وفوق شفاه بعضهن ملامح السعادة بعد أن أعطت ظهرها لهن طويلا، وأخريات ما زلن صابرات حتى تكتمل حروف الكفاح...".
الكلمات السابقة تلخص بعض قصص كفاح سيدات حطم الحزن حياتهن الريفية البسيطة، ورغم ذلك استطعن أن يتحملن مسئولية أسرهن، وأصبحن يندرجن تحت مسمى "المرأة المعيلة" التي تتولى فيها المرأة بمفردها رعاية شئونها وشئون أسرتها ماديا.. فهي إما أرملة أو مطلقة أو مهجورة، وربما كان الزوج موجودا، ولكنه إما مريض أو عاجز عن العمل؛ وبالتالي غير قادر على الإنفاق، وقد يكون قادرا على الإنفاق ولكن بدرجة لا تتوفر معها المواد الضرورية اللازمة للأسرة؛ وبالتالي تضطر المرأة للعمل من أجل إشباع حاجاتها وحاجات أبنائها.
** المشروع الصغير
من هذه الفئة من النساء تحدثت إلينا "عايدة محمد"، تقول: عمري 40 عاما، مطلقة منذ 4 سنوات بسبب خلافات كبيرة مع زوجي الذي تركني وتزوج غيري، ومنذ يوم طلاقي محيت زوجي من حياتي تماما، خاصة أنه امتنع عن الإنفاق علينا، ولم يفكر منذ ذلك الوقت في السؤال عن أولاده الأربعة الذين تركهم لي، وأصبحت مسئولة عنهم مسئولية كاملة.
بعد طلاقي لم يكن لي أي مورد للرزق، خاصة أنني لم أتعلم قط، فتوجهت إلى فصول محو الأمية، وكان عندي دافع قوي لإثبات ذاتي فحصلت على شهادة محو الأمية، وإلى جانب ذلك تعلمت الخياطة والتطريز، واستطعت شراء ماكينة للخياطة لتفصيل الملابس لسيدات في قريتي.. وأصبح ذلك المشروع الصغير هو الحل الوحيد لي ولأبنائي الذين أحرص على تعليمهم جميعا؛ لأنهم يحبون الدراسة، وسوف أستمر في تعليمهم رغم ظروف الحياة الصعبة وتكاليفها الباهظة.
** مورد للرزق
بينما تقول "صبحية عبد الفتاح": عمري 43 عاما، لدي 3 بنات (سمر وسميحة ومها)، تركني زوجي وتزوج من أخرى منذ 6 سنوات رغم عمله غير الثابت ودخله الضعيف. مشكلتي أنني مريضة ومصابة بالشلل في قدمي اليسرى وابنتي سميحة هي الأخرى مريضة بالسكري منذ عدة سنوات، نسكن في حجرة واحدة رديئة تسكنها الحشرات كانت السبب في زيادة المرض على ابنتي، زوجي لا يعطينا سوى القليل فلم أجد أمامي سوى بيع الحلوى أمام مدارس قريتي حتى أستطيع أن ألبي لبناتي احتياجاتهن وعلاجهن وتعليمهن؛ لأنني أريد تعليمهن جميعا حتى يكون العلم سلاحا لهن في الحياة.
تختتم قصتها بقولها: أتمنى أن يكون لي مورد ثابت للرزق لأواصل علاج ابنتي خاصة بعد وفاة والدتي وأخي اللذين كانا ملاذي في الحياة.
** ابتسامة ضد الحزن
ورغم حالتها الصعبة فإنها قصت علينا حكايتها بابتسامه تنم عن الرضا رغم الظروف الطاحنة، قالت: اسمي "هدى علي" عمري 37 عاما، لدي 5 أبناء أكبرهم ابنتي رضا في دراستها الجامعية وأصغرهم أحمد في دراسته الابتدائية.. توفي زوجي منذ عام ونصف فقط كانت وفاته طبيعية، لم يترك لنا أي شيء، أعمل في حضانة للأطفال ودخلي الشهري منها 79 جنيها شهريا فقط (12.5 دولارا أمريكيا فقط)، ورغم ذلك أحرص على تعليم أبنائي؛ فأنا أعمل من أجلهم لأساعدهم في إكمال تعليمهم، وأملي أن يوفقني الله في إتمام هذا الهدف.
** أديت رسالتي
أما قصة "سناء عبد الرازق" فهي إحدى قصص الكفاح الحقيقية.. تقول: توفي زوجي منذ 24 عاما، وكان موظفا بسيطا عند وفاته، ولم يترك لنا أي شيء سوى معاش بسيط للغاية لا يكفيني وأولادي الثلاثة، وغرفتين صغيرتين غير مجهزتين كان المطر يتساقط من سقفهما أثناء الشتاء؛ وهو ما كان يدفعني للاستيقاظ طيلة الليل لحماية الأطفال.
اتجهت لفصول محو الأمية وتعلمت الخياطة حتى أربي أبنائي؛ لأنهم هم الشيء الجميل في حياتي، كنت أذاكر لهم دروسهم حتى استطعت بفضل الله أن أساعدهم حتى تخرجوا في الجامعة وتزوجوا، وساعدت ابني في مشروع صغير حتى يتغلب على البطالة.
وبابتسامة تقول: أفتخر اليوم بقصة كفاحي هذه، وأزواج ابنتي وأولادي يفتخرون بي ويقولون لي لا نعرف كيف نرد لك الجميل؛ وهذا ما يجعلني أشعر أنني أديت رسالتي في الحياة.
** أم مثالية
عمرها فقط 36 عاما، ولكنها استطاعت أن تحصل على لقب "الأم المثالية" على مستوى قريتها الصغيرة؛ ما يجعلها نموذجا آخر للمرآة المعيلة.. هي "سامية محمد عبده" زوجها يعمل في البناء وعمله غير مستديم.
فكرت في العمل لتساعد زوجها على نفقات الحياة وبناء مستقبل مشرق لابنها الصغير، فلم تجد سوى تفصيل الملابس الذي كان هوايتها منذ الصغر، شجعها زوجها على تلك الخطوة؛ ما جعلها قدوة أمام جيرانها يحتذون بها بدلاً من الاتكالية والاعتماد على الغير، بدأت في التردد على "نادي المرأة" بقريتها الذي يعمل على تطوير وتنمية المرأة الريفية، حيث التحقت بفصول محو الأمية وحصلت على شهادتها في وقت قصير.
كما بدأت من خلال النادي تعليم الفتيات الصغيرات بالقرية فن التفصيل والحياكة لمساعدتهن في تطوير أنفسهن للتغلب على ظروف الحياة؛ ما جعل النادي لا يتردد في أن يمنحها لقب الأم المثالية.
** حب الناس
أما "رسمية عبد الله" فتحكي لنا عن مأساتها فتقول: عمري 54 عاما، توفي زوجي منذ 12 عاما في حادث؛ حيث كان سائقا، لم يترك لي ولأولادي الخمسة أي شيء نواجه به الحياة.. لم أجلس في منزلي في انتظار المساعدة، كما رفضت الزواج مرة أخرى؛ لأن هدفي كان تربية أولادي.. تحاملت على نفسي، وعملت في خدمة البيوت إلى جانب المتاجرة في بعض السلع البسيطة داخل منزلي، وأصررت على تحمل مشاق الحياة وحدي حتى لو جاء ذلك على صحتي.
تضيف: لقد ربيت أبنائي على الأخلاق وحب الناس؛ وهذا ما جعلهم موضع تقدير الناس؛ لذا أنصح كل من تعاني من مثل ظروفي عدم انتظار المساعدة والعون من الآخرين، وأن يكون هدفها تربية أبنائها تربية حسنة؛ لأنها سوف تجني ثمار ذلك في يوم ما.
**رحلة كفاح
وتتذكر "عواطف" قصتها فتقول: كانت الحالة المادية البسيطة لأهلي هي الدافع وراء زواجي في سن صغيرة من زوجي الذي كان يكبرني بسنوات كثيرة.. ولكنه مرض مرضا خبيثا بعد زواجنا؛ ما دفعني إلى الاتجاه للحصول على شهادة محو الأمية حتى أستطيع أن أراعيه وأنظم مواعيد علاجه، ولكنه توفي بعد 3 سنوات متأثرا بمرضه، وخلال هذه السنوات ذهب كل ما نملك من أموال، ولم يكن لنا سوى معاش بسيط لا يتعدى 70 جنيها (11 دولارا أمريكيا تقريبا) لي ولابنتي وابني.
كان هدفي هو تعليم أبنائي؛ لأنه يعني الكيان بالنسبة لهم؛ لذا فقد سعيت للعمل ووفقني الله في العمل بشهادة محو الأمية كعاملة في إحدى الهيئات الحكومية بقريتي، ورغم معاناتي ومرضي فإن إيماني بأن الحياة كفاح شجعني على الاستمرار...
تضيف: أكرمني الله بأن كان أولادي دائما من المتفوقين في دراستهم، واليوم وصلوا إلى المرحلة الجامعية، كما أنهم موضع تقدير من أساتذتهم ومن أهالي القرية
#محمد_فاروق_عجم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-إسرائيل- تتهم بابا الفاتيكان بازدواجية المعايير اثر تنديده
...
-
عائشة الدبس للجزيرة: المرأة السورية سيكون لها دور مهم في سور
...
-
مين اللي سرق الجزمة.. استمتع بأجمل اغاني الاطفال على قناة ون
...
-
“بسهولة وعبر موقع الوكالة الوطنية للتشغيل”… خطوات وشروط التس
...
-
الشرع يرفض الجدل بشأن طلبه من امرأة تغطية شعرها قبل التقاط ص
...
-
-عزل النساء- في دمشق.. مشهد يشعل الغضب ويثير الجدل
-
سجلي الـــآن .. رابط رسمي للتقديم في منحة المرأة الماكثة في
...
-
طريقة التسجيل في منحة المرأة العاملة في السعودية .. عبر المو
...
-
سوريا.. إدارة الشؤون السياسية تخصص مكتبا لشؤون المرأة يعنى ب
...
-
تعيين أول امرأة في الإدارة السورية الجديدة
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|