أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محسن ظافرغريب - الحسين في الفكر المسيحي















المزيد.....


الحسين في الفكر المسيحي


محسن ظافرغريب

الحوار المتمدن-العدد: 2983 - 2010 / 4 / 22 - 17:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يوم الأرض والعرض العراقي

مسيحيون كتبوا بالثناء شعرا وسردا عن "علي بن أبي طالب"، وحكومته التي كانت قد دامت بعمر ولاية "المالكي" المنتهية في العراق، فتركت ذكرا حسنا، بيد أنها لم تكن أسوة حسنة للدعاة إلى الله؛ أخوة يوسف في 7 سنين عجاف، أجارنا الله منهم بدعوة مضادة، طلباً للعافية، و لو بإعادة كرة مدد يقيض كتابياً - ذمياً سخرياً من قوم عيسى/ يا أبتي استأجره؛ إنه القوي الأمين/ قرآن، أو بثورة حسينية !.

ورُبّ ظبيّة مِن آل موسى - أرتنا باللحاظ عصا أبيها
وغرّتها تفوق على الدراري - كأن يمينه البيضاء فيه
الشاعر النجفي الشيخ صالح الكواز ، أحمد القزويني في «كتاب النوادر»

في 25 تشرين الثاني الخريفي الحزين 1969م دعا ناشط السلام John McConnell (مولود في آذار 1915م)، ليوم الأرض Earth Day، وفي 22 نيسان 1970م، دعا إليه أيضا السيناتور الأميركي Gaylord Anton Nelson الديمقراطي (4 حزيران 1916 - 3 تموز 2005م)، كيوم بيئي تثقيفي، لتحتفل فيه بدء من أول أيام فصل الربيع 21 آذار، سنويا الأمم المتحدة.

يوم الأرض والعرض العراقي (دعوة) لإستذكار فساد وزير حزب "الدعوة" (السوداني الفاجر) في وزارة التجارة العراقية واغتصاب شواذ رئيس حزب "الدعوة" ("الصنم"المالكي) لمعتقلي مطامير الدعاة السرية في أرض الرافدين، في ظل ذل الإحتلال!.

مطامير مطار المثنى العسكري قرب "بغداد"، حيث روى أحد المعتقلين السابقين ما تعرض له من تعذيب وأفراج عنه بعد أن اكتشفت وزارة حقوق الإنسان العراقية السجن. وأشار معتقل آخر إلى أن وسائل الترهيب تضمنت تعذيب أخ قبالة أخيه وابن قبالة أبيه لإجباره على الاعتراف، مضيفا أن التعذيب لم يتوقف إلا بعد أن زارت وزيرة حقوق الإنسان المعتقل.

كما في قصيدة "الصنم" ديوان/ باكورة "خلدون عبداللطيف" - مواليد 1976م- (بين المنزلتَين): أيها الصنمُ المكتفي بأناكْ/ أيّها الجاهليُّ المُكوكِبُ في جرحِ بابلَ، ماذا/ دهاهم، وماذا دهاكْ؟!.

سيرة ذاتية
- انطون بارا.
- من مواليد سورية سنة 1943م.
- متزوج وله 4 أبناء.
- مسيحي الديانة.
- حاصل على بكالوريوسفي منهاج عربي فرنسي.
- أعد دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي، قسم منها منشور ومطبوع.
- عمل محرراً بالصحافة الكويتية وبالتحديد جريرة (القبس) منذ عام 1966 بشكل متواصل حتى يومنا هذا، وتدرج في مسؤولياته الصحافية حتى أصبح مديراً لتحرير جريدة (شبكة الحوادث) النصف شهرية. كما عمل في بعض الإذاعات العربية.
- عضو في الاتحاد العالمي لكتاب الخيال العلمي. وعضو في اتحاد الكتّاب العرب.
- له مؤلفات عدة مطبوعة منها: "عشرة أيام ساخنة" و"الأسياد" و"الأحلام تموت أولاً" و"دخان فوق دسمان" وهي رواية من أدب الاحتلال العراقي للكويت.
- تعرف على شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) بعدما التقى بالسيد الشيرازي الذي أهداه بضع كتب تتحدث عن ثورته المباركة وجهاده المقدس، فكان ذلك بداية تأليفه لأكثر ما يعتز به من مؤلفاته وهو كتابه "الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي".
- يستعد حالياً لنشر كتاب جديد يحمل عنوان "زينب.. صخرة أكملت مسيرة".
- هو صاحب المقولة الشهيرة: (الإسلام بدؤه محمدي واستمراره حسيني!).

في إنجيل يوحنا إذ يقول: "إني ذاهب الآن إلى الذي أرسلني .. إن لم أمض لا يأتكم المؤيد، ومتى جاء أخزى العالم على الخطيئةوالحكم"!!.
"الواجب عليكم أن تعرفوا كيف تنصروا .. قول الحق ونصرة المظلوم وإصلاح المجتمع وتحقيق العدالة والحرية"، "فسر كلمة المؤيد بالروح القدس"!. الواردة في الإنجيل مثل: يأتي نبي من بعدي اسمه أحمد، مثل المخلص/ المهدي!!!.

أنطون بارا في لقاء صحيفة المنبر دام أكثر من ثلاث ساعات، وهذا نص لقائنا معه:
- المنبر: أستاذ أنطون.. هلا سردت لنا قصة تأليفك لكتابك الحسين في الفكر المسيحي؟
أنطون: في البداية لم أكن أعرف شيئاً عن واقعة كربلاء الدامية سوى بعض الخطوط العامة من قبيل خروج الإمام الحسين (عليه السلام) على يزيد لعنه الله ومقتله في أرض كربلاء، وذلك لأننا كنا أثناء دراستنا نمر مروراً سريعاً على هذه الواقعة دون أن نطلع على التفاصيل. ولكن حينما تعرفت على شخصية الإمام المرجع السيد الشيرازي قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، أهداني بعض الكتب التي تتحدث عن الحسين (عليه السلام) فقرأتها ووجدتها ملحمة فريدة من نوعها، واستغربت كيف أنها لم تجد اهتماماً على مستوى المفكرين المسلمين، فالمسلم غير الشيعي يتحدث عنها كمجرد حادثة تاريخية لاعتبارات ترتبط بالوجهة العامة للمجتمع الذي يعيش فيه وحتى لا يخالف بيئته وثقافته، أما المسلم الشيعي فإنه ينظر إلى هذه الواقعة العظيمة بنظرة تغلب عليها العاطفة. فاتجهت إلى ما كتبه المستشرقون فلم أجد كتاباتهم إلا في فلك النظرة المادية التي أغفلت جوانب الثورة الروحية والاجتماعية.
هذا كله دفعني إلى تدوين ملاحظات عن هذه الثورة وعن شخصية الحسين (عليه السلام)، ولعل نظرتي كانت أكثر النظرات حيادية وموضوعية بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى العاطفية والعقائدية، فأنا كاتب وباحث مسيحي يعيش في بلاد مسلمة وقد تشربت الثقافة الإسلامية من ذات المصادر التي غذت المسلمين، مما جعل هويتي الثقافية والاجتماعية هوية إسلامية على رغم ديانتي المسيحية. وهذا ما جعل إدراكي للقضية الحسينية إدراكاً واعياً متكاملاً.
وفي الواقع لم تكن لديّ النية لتأليف أي كتاب بهذا الخصوص، لكنني كنت دائم التردد على ديوانية السيد الشيرازي في (بنيد القار) مع الأخ الشيخ أزهر الخفاجي، وحيث كان الحديث يدور بيننا في الديوانية أشرت إلى أنني بحكم طبيعة عملي الصحافية دونت كثيراً من الملاحظات عن الإمام الحسين (عليه السلام)، فقال لي السيد: (لماذا لا تكتب كتاباً تجمع فيه هذه الملاحظات؟) فأجبت: (سأفكر في الموضوع). والحقيقة أن الفكرة اختمرت في رأسي فرحت إلى مكتبي ووجدت الملاحظات التي دونتها وقد بانت سماكتها، فصرت أبحث أكثر وأكثر، وكما تعلم فإن الباحث ما إن يبدأ بالبحث لا ينتهي أبداً، وكلما تعمقت ازداد البحث صعوبة وقد وجدت نفسي أسير في حقل ألغام ملؤه الحساسية، فلعلك تتبنى رأياً يعجب هذا ولا يرضي ذاك، عدا عن كوني مسيحياً يفترض به النأي عن بحوث كهذه تخص المسلمين.
غير أنني واصلت المسير في بحثي لأنني كنت أعتقد بأننا كمسيحيين عرب ثقافتنا هي ثقافة المسلمين ذاتها، وينبغي أن تكون لنا نظرتنا المتوازنة والمختلفة عن نظرة المستشرقين تجاه قضية الحسين (عليه السلام)، ولست أذيع سراً إذا ما قلت بأنني كنت طوال فترة تأليفي للكتاب أشعر بإلهام معنوي خاص يدفعني إلى مواصلة البحث والتحقيق والكتابة رغم صعوبة ذلك بالنظر إلى الاعتبارات المختلفة.
لقد حاولت الإحاطة بمختلف الجزئيات آتياً على كثير من الشرح والتحليل لمختلف الأبعاد والزوايا، حاولت الإجابة على كثير من الأسئلة التي تكتنف الثورة وشخصية الحسين (عليه السلام)، فلماذا حدثت هذه الملحمة وهل كان هدفها دنيوياً؟ ولماذا أقبل الحسين (عليه السلام) على الشهادة؟ وما سر كلماته وصرخاته؟ ولماذا أخذ معه الأطفال والنساء؟ الأمر الذي جعل مدة تأليفي تطول إلى أكثر من خمس سنين منها سنتان كنت فيها في تفرغ تام للتأليف، كما أنني لم أكن متزوجاً بعد، ومع هذا طال تأليفي إلى كل هذه المدة وهي مدة طويلة بالنسبة لي، فبقية مؤلفاتي لم تتجاوز مدة تأليفها سنتان على أقصى التقادير.
وما إن فرغت من الكتاب الذي طالما عدلت فيه ونقحت بين الفينة والأخرى حتى أرسلته إلى السيد المرجع، فقرأه وأعجب به وقال لي بالحرف الواحد: (اطبعه فوراً) وحينها اشترطت عليه أن يكتب لي مقدمته فأبدى موافقته، وذهبت إلى المرحوم باقر خريبط رئيس تحرير مجلة صوت الخليج التي كنت أعمل بها أيضاً فوافق على التكفل بطباعة الكتاب. وهكذا خرج الكتاب إلى النور بتوفيق من الله وببركة سيدي الحسين (عليه السلام).
وأذكر هنا أنه ما إن نشر الكتاب حتى طلب مني السيد الشيرازي عشرين نسخة منه بثمنها، فقلت له: (يا سيدنا كيف آخذ منك ثمناً وأنت من أنت؟) فأجاب: (إنني أود أن أساعدك.. وإذا لم تقبل فإنني لن آخذ النسخ). والحقيقة أنني كنت محرجاً جداً أمام إصرار السيد واضطررت إلى القبول.
- المنبر: ألم يثر كتابك ردود فعل معاكسة؟
بالطبع أثار الكثير من ردود الفعل، وأكثر مما تتصور. صحيح أن الشيعة بشكل خاص والمسلمين بشكل عام تقبلوه وأعرف كثيراً اعتبروه أفضل ما أُلف في الحسين (عليه السلام) إلا أن بعضاً من الناس من المسلمين والمسيحيين اعترضوا على الكتاب. ومما قالوه: أن هذا مسيحي متشيع لآل البيت (عليهم السلام)، والحق أنهم أرادوا ذمي فمدحوني!
أذكر أن شخصاً في بيروت أصدر كتاباً فيه رد على كتابي، لكن معالجته كانت ركيكة وسطحية جداً إذ حاول جاهداً أن يثبت أن القضية الحسينية مجرد حادثة تاريخية تتعلق بالصراع على السلطة. لكن في المقابل هناك من ألف رسالة دكتوراه بخصوص الكتاب وقدمها إلى إحدى جامعات لبنان.
وقد أتاني شخص من جامعة لاهور في باكستان واسمه (مشتاق أسد) طالباً الإذن في ترجمة الكتاب إلى اللغة الأوردية فوافقت سرياً وقد أبدى استغرابه من أنني لم أطلب أية نسبة من الأرباح فقلت له: "إنني لم أؤلف هذا الكتاب للتربح بل ألفته لإيماني بشخصية الحسين (عليه السلام)".
كما جاءني دكتور عراقي من النمسا يدعى (رضا رشيد) راميا ترجمة الكتاب إلى اللغتين النمساوية والروسية فوافقت أيضاً. والحمد لله فقد ترجم الكتاب إلى سبعة عشر لغة عالمية وهذا من فضل الحسين (عليه السلام).
وبعد عشرة سنوات من نشر الكتاب فوجئت باستدعائي إلى النيابة العامة هنا في الكويت بتهمة التعرض للخلفاء المسلمين(!) وحينما ذهبت إلى الموعد المقرر عرفت أن وزارة الإعلام هي صاحبة الدعوى، إذ رأى قسم الرقابة فيها أن عبارة وردت في الكتاب تتحدث عن سياسة عثمان بن عفان في إدارة الحكم والتي كانت السبب في استشراء نفوذ بني أمية هي محل طعن بالخليفة عثمان، وقد دافعت عن كلمتي أمام المحكمة وبينت أنني أخذتها من كتب المسلمين وعلمائهم، وأشرت إلى بعضها وهي مجازة وموجودة في المكتبة المركزية للدولة مما يعني رضاها بمحتواها. ووجهت حديثي للقاضي قائلاً: (تركتم أكثر من 499 صفحة من الكتاب فيها مديح لرموز الإسلام بدءاً من النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وتمسكتم بصفحة واحدة تدعون أن فيها طعناً!!) المهم أن المحكمة حكمت علي بغرامة مقدارها خمسون ديناراً مع مصادرة الكتاب ومنعه من التداول! هذا على الرغم من أن الكتاب مجاز أكثر من ثلاث مرات عندما يتم إدخاله في الفهرسة الآلية لمعرض الكتاب وفي كل مرة كما تعلم فإنهم يعيدون قراءة الكتاب، كما أن هناك قضايا رفعت على بعض الأقلام أخذت ذات المقطع من حديثي حول عثمان بن عفان وبقية الصحابة، وكان حكمهم مناقضاً لما حكم عليّ! والظاهر أن في الأمر تدبير بليل.
- المنبر: هل كان تأليفك لكتابك مترجماً لشعور خاص أم أنه كان بحثاً علمياً بحتاً؟
التأليف كان من كلا الجهتين. ففي البداية كان التأليف هدفاً علمياً بحثياً ولكن ما إن تعمقت أكثر وتوسعت تاريخياً تولد عندي شعور خاص بعظمة الإمام الحسين (عليه السلام)، تلك الشخصية التي ضحت من أجل الدين والمبادئ وكي لا ينحرف المسلمون عن الرسالة وحتى يضمن دوام العقيدة وانتقالها من جيل لجيل، فإنه إن لم يضحِّ بهذه الكيفية الوجدانية الصارخة لما حدثت هذه الرجة العنيفة في النفوس والتي حفظت الدين الإسلامي، والدليل ما حدث عند رد السبايا إلى دمشق إذ خرج السنة والشيعة والنصارى أيضاً وضربوا الجنود ورشقوهم بالحجارة لأنهم اهتزوا وجدانياً، وكذلك في حمص قاموا بضرب الحراس ومنعوهم الماء لأنهم منعوا آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الماء.
إنها مبادئ إنسانية فجرتها ثورة عاشوراء، وهي ما دفعتني إلى المواصلة في تأليف هذا الكتاب الذي لم أنل منه سوى التعب والجهد والمحاربة دون أي انتفاع شخصي إلا اللهم بركة سيدنا الحسين (عليه السلام). وأعني بالبركة طباعة هذا الكتاب لأكثر من عشرين طبعة رغم أنني لم أطبعه إلاّ ثلاث مرات(!) فهناك كثير من الجهات طبعته دون إذن مني لكنني لم أكترث لأنني شخصياً لا أعتبر الكتاب ملكاً لي بل هو ملك للبشرية جمعاء، كما أن الحسين (عليه السلام) للبشرية جمعاء.
- المنبر: بعد هذه الدراسة المعمقة لتاريخ الإمام سيد الشهداء (عليه الصلاة والسلام) لابد أنك وصلت إلى تعريف محدد واضح له، فما هو من وجهة نظرك؟
تعريفي الخاص أن الحسين (عليه السلام) (ضمير الأديان) ولولاه لاندرست كل الأديان السماوية، فالإسلام بدؤه محمدي واستمراره حسيني، وزينب (عليها السلام) هي صرخة أكملت مسيرة الجهاد والمحافظة على الدين.
لقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يحفظ هذا الدين الوليد فأرسل الحسين إلى جده بقماشة شهيد دون الأنبياء، فكان المنعطف كربلاء فلو لم يقم الحسين (عليه السلام) بثورته لما تبقى شيء من التوحيد أساساً، ولأصبح الدين الإسلامي الجديد مرتبطاً بممارسات السلاطين ا لذين على المجتمع القبول بهم والرضوخ لجورهم واضطهادهم مهما حدث باعتبارهم (ولاة للأمر).
وإني أعتقد بأن الحسين (عليه السلام) كان مسيراً في هذا الاتجاه لأن له وظيفة إلهية محددة، كما للأنبياء وظائف إلهية محددة. ولكن مع الأسف.. فإنه على الرغم من أن الحسين (عليه السلام) شخصية مقدسة عندكم أنتم الشيعة والمسلمين، إلا أنكم لم تعرفوا قدره وأهملتم تراثه وثورته، إذ الواجب عليكم أن تعرفوا كيف تنصروا هذا الإمام العظيم اليوم من خلال قول الحق ونصرة المظلوم وإصلاح المجتمع وتحقيق العدالة والحرية، والمفترض أن تكون لديكم أمانة تامة بتوصيل صيحته يوم عاشوراء إلى العالم، وهذه الأمانة تستدعي التعمق بأركان وروحية حركته الثورية وعدم الاكتفاء بالسردية والمظهر الخارجي للواقعة.
- المنبر: كلمة الزعيم الهندي غاندي (تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر..) بم تفسرها أو تعالجها؟
غاندي مصلح تأثر بشخصية المصلح الأكبر الحسين بن علي (عليهما السلام)، وصحيح أن قصة الحسين (عليه السلام) دموية إلا أنها في الوقت ذاته كانت سلمية لا عنيفة، ومن هنا انتهج غاندي منهجية اللاعنف فاستطاع توظيف المظلومية في الانتصار على الاستعمار البريطاني. تماماً كما فعل الحسين (عليه السلام) عندما وظف مظلوميته على مر التاريخ للحفاظ على العقيدة والدين والمبادئ.
إن الشعور بالمظلومية عبارة عن قوة روحية تتغلب على الحواجز المادية التي يضعها الناس، الشعور بالمظلومية هو أيضاً شعور براحة الضمير من أوساخ الدنيا وهذا الشعور يتحول إلى طاقة روحية جبارة، وهذه الطاقة هي التي جعلت غاندي ينتصر على الإنجليز كما انتصر الحسين (عليه السلام) من قبل على الأمويين، وعندما نقول انتصر فإننا ندلل على ذلك بما نراه اليوم، فانظر إلى مرقد الحسين (عليه السلام) وانظر إلى قبر يزيد لعنه الله، الأول أضحى قبلة للناس والآخر أمسى مزبلة مزرية!
- المنبر: الفصل الذي تكلمت فيه عن أن المسيح (عليه السلام) تنبأ بظهور الحسين (عليه الصلاة والسلام) كان كالقنبلة! فقد كان أكثر فصول الكتاب إثارة وتشويقاً.. فهلا سلطت الأضواء على هذه الحقيقة؟
طبعاً هذا الفصل كان يبحث بشكل واسع عن معنى كلمة (المؤيد) التي وردت في الإنجيل. وقبل أن استرسل في معناها أود أن أؤكد أن الإنجيل ذكر النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كما ذكر الحسين (عليه السلام)، وتأتي هذه البشارات في سياق الحديث عن الدين الكلي الواحد الذي هو بنظري دين الإسلام. لقد بشر المسيح (عليه السلام) بظهور الحسين (عليه السلام) في إنجيل يوحنا إذ يقول: (إني ذاهب الآن إلى الذي أرسلني، وما من أحد منكم يسألني إلى أين تذهب؟ غير أني أقول لكم الحق، من الخير أن أمضي، فإنه إن لم أمض لا يأتكم المؤيد، أما إذا مضيت فأرسله إليكم، ومتى جاء أخزى العالم على الخطيئة والبر والحكم).
ولقد فسر البعض من المسيحيين كلمة المؤيد بالروح القدس، لكنني بحثت في معناها لم أجدها تطابق هذا المعنى إطلاقاً، فصرفت نظري إلى إحدى تفسيرين: إما أن يكون المقصود بالمؤيد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإما أن يكون الحسين (عليه السلام). وعندما بحثت أكثر أدركت أن المسيح (عليه السلام) لا يمكن أن يرسل نبياً مثله، ولكنه قد يستطيع أن يرسل إلى البشرية شهيداً، الأمر الذي يعني أن الحسين (عليه السلام) هو المقصود بهذه العبارة الواردة في الإنجيل حتماً.
وقد ناقشت هذه الحقيقة بإسهاب في كتابي ولا أريد أن أكرر ما ذكرته، فضلاً عن أنني أضفت إلى الطبعة الثالثة من الكتاب مقدمة فيها مزيد من الدلائل على تنبؤ عيسى بالحسين (عليهما السلام)، ومن أراد الإطلاع فليراجع الطبعة الثالثة.
وأود هنا أن أشير إلى أنني منذ زمن اجتمعت مع أحد البطارقة المسيحيين في لبنان فقال لي: (منذ زمن طويل وأنا أسمع أن المسيح قد تنبأ بشهيد ولكنني لم أعرف من هو، وعندما قرأت كتابك اقتنعت بهذه الفكرة التحليلية السليمة، فالحسين الشهيد هو المقصود بلا شك). وهذه شهادة من عالم مسيحي متنور غير متعصب وهي تثبت تحليلي.
وأرى أن علينا جميعاً أن نخلع ثوب التعصب ونعترف بالحقائق، والتي منها تبشير المسيح (عليه السلام) بالرسول محمد (صلى الله عليه وآله) وبآل البيت (عليهم السلام)، كما يجب أن نؤمن بأن الرواية الإسلامية عن رفع المسيح (عليه السلام) إلى السماء هي الأضبط من الرواية المسيحية التي تذكر بأنه صلب ثم عاد إلى الحياة. وعلى كل حال فإن المسيح وسائر الأنبياء وخاتمهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذا علي وفاطمة والحسن والحسين كلهم في مسار واحد يدعون إلى الدين التوحيدي الكلي وإلى عبادة الله الواحد لا شريك له.
- المنبر: بهذا السياق.. قلت في كتابك أن لو كان الحسين (عليه السلام) منا لنشرنا له في كل أرض راية ولأقمنا له في كل أرض منبراً ولدعونا الناس إلى المسيحية باسم الحسين. كيف يكون ذلك؟
هذه ليست كلمتي الشخصية وإنما هي كلمة قسيس عاصر زمان استشهاد الحسين (عليه السلام). وهذه الكلمة طبيعية وهي تكشف كم أنتم الشيعة والمسلمون لا تعرفون قدر إمامكم الحسين (عليه السلام)!
لقد كان لدينا حافر حمار المسيح (عليه السلام) وكنا نحج له، وأنتم لديكم مرقد الحسين وآثار وبركات الحسين وتراث الحسين ولم نر أنكم قمتم باستثمارها إيجابياً، أما لو كان الحسين منا فلأقمنا له في كل أرض بيرقاً لأنه ليس مرحلة فحسب، بل هو مسيرة حرية الإنسان، وهو مبدأ أزلي والكثير من المسلمين لم يكتشفوا بعد سر امتداد ثورة الحسين (عليه السلام) وتأثيرها في النفوس.
- المنبر: كيف تفهم كلاً من هذه المفردات: المسيحية، الإسلام، التشيع؟
المسيحية مرحلة من مراحل الدين الكلي الواحد جاءت بعد اليهودية وسبقت الإسلام، والإسلام هو الدين المتمم لكل الأديان، ولأن اليهودية كانت ديانة نظرية والمسيحية روحية صرفة فقد جاء الإسلام ليكمل هذه النواقص، ولكنا في النهاية مسلمون لأننا نسلم بالرب الواحد وبالتوراة والإنجيل والقرآن.
أما التشيع فهو أعلى درجات الحب الإلهي، وهو طبيعي لكل من يحب آل البيت (عليهم السلام) من ذرية محمد وعلي (عليهما السلام)، وهو فخر للبشرية. وكل شخص في هذا العالم مهما كانت ديانته فإنه يمكن أن يكون شيعياً لعظمة الاقتداء بأهل البيت (عليهم السلام)، وكي يحافظ على جماليات عقيدته.
- المنبر: ما أكثر ما شدك في شخصية الحسين (عليه السلام) وما هي أكثر كلماته وأقواله قرباً منك؟
شدني فيه تواضعه الجم رغم كونه رمزاً مقدساً عظيماً، وأكثر ما هزني من كلماته صرخته يوم عاشوراء: (أما من مغيث يغيثنا، أما من ناصر ينصرنا) هذه كلمة أتذكرها دائماً لأنها تصور لك حجم الجحود البشري للمبعوثين من الله، وتصور لك انسياق الناس وراء مصالحهم الشخصية وإهمالهم للمبادئ والقيم التي جاءت بها الأديان.
ولما بدأ تأنيب الضمير لديهم أقاموا الثورات ومنها ثورة التوابين، ولكنها للأسف كانت بعد رحيل الحسين (عليه السلام). فكم خسرت البشرية جمعاء جراء جحودها وعدم وقوفها إلى صفه (عليه السلام).
- المنبر: ما هي نظرتك للمجالس الحسينية؟
أعتبرها نموذجاً لاستذكار فاجعة الطف حيث تجدد الشعور بوخز الضمير، ومن خلالها يتولد الإيمان في النفوس عن طريق دعم استمرارية التكفير عن التقصير في نصرة الحسين (عليه السلام).
- المنبر: والشعائر الحسينية المقامة في هذه المجالس من لطم وتطبير وتماثيل وتعزية وما أشبه، ما هي نظرتك إليها بصراحة؟
أرى أنها تسهم كثيراً في تنشيط الذاكرة والضمير، لأنكم تتمثلون الواقعة من دون إيذاء الغير، وهذا يترك لكم ذخيرة إيمانية طوال الحياة. فأنت حينما تلطم نفسك فإنك تعاقبها معنوياً لأنك لم تكن في زمان نصرة الحسين (عليه السلام)، وهو يعني أنك مستعد الآن للتضحية بنفسك وكل ما تملك في سبيل الالتحاق بركب الحسين (عليه السلام).
أما بخصوص التطبير فعلى رغم أن إيران منعته هناك إلا أنني أعتقد بأنه عملية رمزية تعبر عن رسالة مفادها أنكم مستعدون لفداء الحسين (عليه السلام) بدمائكم، وكونها زائدة عن الحد أو ناقصة فإن هذا شأن القائم بها وهي ترجع إلى طبيعة الشخص. ولقد سمعت بأن للهندوس وكثيراً من معتنقي الديانات الأخرى طقوساً خاصة يوم عاشوراء، وهذا يؤكد أن عظمة الحسين (عليه السلام) ماثلة في أعين البشرية جمعاء، فكل من يعتقد بالحرية لابد أن يعتقد بالحسين رديفاً لها إذ هو معناها الحقيقي.
- المنبر: ما هي الرسالة التي توجهها إلى معشر المقتدين بالحسين (عليه السلام)؟
كما قلت أن تكون لديكم أمانة تامة بتوصيل صيحة الحسين (عليه السلام) ورسالته العظيمة إلى العالم، وهذه الأمانة تستدعي التعمق بأركان وروحية حركته بمفهومها الحقيقي الواقعي، حتى تتمثلها البشرية وتوظفها في رفض الظلم وإباء الضيم. إن الذكرى السنوية لملحمة كربلاء لا ينبغي أن تمر مروراً عادياً، وصحيح أن ممارساتكم في الحسينيات جعلت كل العالم يسمع عن الحسين وقصة الحسين (عليه السلام).
لكن أعتقد أن ثمة تقصير كبير من جانب المفكرين الإسلاميين، كونهم لم يستوعبوا الرسالة ولم يتمثلوها جيداً.
إن عليهم أن يوصلوا هذه الثورة وصوتها إلى مختلف البقاع فهناك أناس لا تستطيع عقولهم القاصرة تمثل هذه الثورة بشكل صحيح، وأنا أعتقد بأن الغرب كله سيتبع الحسين (عليه السلام) إذا ما أحاط بثورته وعرف معانيها السامية النبيلة.
- المنبر: هل تعتقد بأن للحسين (عليه السلام) موقف معك يوم لا ينفع مال أو بنون؟
نعم. فسيدي الحسين (عليه السلام) سيشملني بكرمه يوم لا ينفع مال ولا بنون لأنه يعلم كم كابدت من أجل أن يظهر هذا الكتاب إلى النور، وكم تحملت من المصاعب والأزمات في سبيله دون أن أنظر إلى أية مربحة أو أن تكون غايتي انتفاعية شخصية.
- المنبر: ختاماً هل من كلمة؟
أشكر الفرصة التي أتحتموها لي، وآمل أن تكون لكلماتنا صدى في نفوس الجميع. إنني أدعو البشرية إلى الاقتداء بقدسية الحسين (عليه السلام) ويأخذه نبراساً له في حياته الخاصة والعامة.



#محسن_ظافرغريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المالكي؛ من حيث تدري ولاتدري
- معرض الطفل، مائة كتاب وكتاب
- البابا وتقريب الديانات الإبراهيمية السماوية الثلاث
- پروليتاريا كومونة القاهرة تقتحم الپرلمان
- بؤس تهافت الساسة
- إن الله لايُحب الفرحين!/ قرآن
- البابا في صحيفةThe Times
- حملة تضامن مع الأديبة التركية سيليك
- قصة سريالية قصيرة جدا
- ذاكرة جمهورية الإرهاب
- البابا - صدام!، مقاربة
- و أذن في ٱلنَّاسِ
- هذا العراق، وهذي بعض صولته
- لفظ ومسمى وسلوك استخدامهما
- سيناريو ما أشبه تكراره !
- مسيرة النجف وخطبة جمعة كربلاء
- التغيير شعار أوباما في العراق وKyrgyzstan
- كيفما تكونوا يولى عليكم
- على حكومة العراق إعادة العراقيين
- ربيع مثير للعواصف والجدل


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محسن ظافرغريب - الحسين في الفكر المسيحي