أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - الوصل والفصل بين العالمية والخصوصية















المزيد.....

الوصل والفصل بين العالمية والخصوصية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2982 - 2010 / 4 / 21 - 20:57
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود من الزمان وقضية حقوق الإنسان تشغل حيّزاً مهماً من المناقشات الدائرة على الصعيدين السياسي والفكري، سواء في إطارها القانوني أو الاجتماعي، باعتبارها إحدى ركائز التقدم البشري، والتي يقاس تقدّم أيّة أمّة أو شعب أو جماعة بمقدار احترامها للإنسان وحقوقه وحرياته الأساسية .



ولم تعد قضية حقوق الإنسان تقتصر على علاقة الأفراد والجماعات بالدولة ومؤسساتها، بل امتدّت إلى العلاقات الدولية والمنظمات العالمية والإقليمية، خصوصاً وأن مبادئ حقوق الإنسان أصبحت مع مرور الأيام قاعدة آمرة وملزمة من قواعد القانون الدولي المعاصر، كما يقال في اللاتينية Jus Cogens، وأخذت تكتسب بالتدريج دوراً أكبر، خصوصاً بتعاظم دور الفرد باعتباره أحد أشخاص القانون الدولي بعد الدول والمنظمات الدولية .



لقد اهتمّت جميع الأديان بالإنسان، وكان خاتمتها الدين الإسلامي، من خلال خطابها الإلهي المقدس الذي يمثل القيم الإنسانية، لكن القضية وجدت طريقها إلى النظم والقوانين الوضعية التي هي انعكاس للعقل البشري ولتفسيرات وتأويلات الإنسان في مراحل تطوره المختلفة، وبخاصة إزاء مواقفه من الصراع الاجتماعي، لاسيما عبر الآليات التي تطورت مع مرور الأيام .



وبقدر الاهتمام بقضية حقوق الإنسان والتعاطف معها على صعيد الإسلام فكرياً ونظرياً، إلاّ أنها كانت القضية الأكثر إثارة للجدل والنقاش، بل والاختلاف والتناقض، لا على صعيد التطبيق وحسب، بل في المنطلقات والتبريرات وبعض الأسس أيضاً، خصوصاً في جوانبها التفسيرية والتأويلية، لاسيما استخدامها وتوظيفها لأغراض بعيدة عن جوهرها، وبما يخدم الجهات السائدة والمتنفّذة .



وإذا كان هناك إجماع، أو ما يشبه الإجماع، على مسألة حقوق الإنسان بحيث لم يعد بمقدور أحد معاداتها صراحة وعلناً، أو إدارة الظهر عنها كلياً - حتى من الزاوية الشكلية أو النظرية - إلاّ قلة متخلفة تريد أن تعلن عن نفسها باعتبارها خارج نطاق الزمن، فإن التعارض والتناقض في مفهوم حقوق الإنسان يصل أحياناً إلى مديات بعيدة، أي عبر قراءات مختلفة من جانب القوى الدولية المهيمنة من جهة، ومن جانب الحكومات المتسلّطة من جهة أخرى، فضلاً عن قراءات خاصة للجماعات المتعصبة والمتطرفة وللقوى الشمولية “التوتاليتارية” .



لقد كانت قضية حقوق الإنسان جزءاً أساسياً من الصراع الايديولوجي والإعلامي والثقافي إبان فترة الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي، من حيث زاوية النظر والتناول ودائرة الاهتمام والمصالح للقوى المتصارعة، لكنها أخذت بُعداً جديداً بانهيار الأنظمة الشمولية في أوروبا الشرقية وتفكك الاتحاد السوفييتي، خصوصاً لدى بعض مفكري الغرب، ونظرتهم السلبية إلى الإسلام السياسي .



وفي بؤرة الصراع الايديولوجي والدعائي ظهرت عشرات بل مئات من الكتب والأبحاث والدراسات التي تشكّل صناعة فكرية ضد الإسلام في إطار الموجة الثانية من الحرب الباردة، التي اتخذت الإسلام عدواً مُعلناً . وقسم من هذه المؤلفات والتأسيسات احتوى على مغالطات باتت مفضوحة وتأويلات لا تخلو من فجاجة لبعض الأحكام الإسلامية وتضمر نوعاً جديداً من الكراهية والعداء .



ولعل ما احتواه كتاب صموئيل هنتنغتون الموسوم “صدام الحضارات” وقبله كتاب “نهاية التاريخ” لفرانسيس فوكوياما وما أعقبهما من أطروحات ومسوّغات ما بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، بما فيها بيان المثقفين الستين الامريكان، خير دليل على المنهج المتشدد إزاء العدو الجديد، ونعني به “الإسلام” .



بالمقابل فإن قضية حقوق الإنسان - سواءً بجانبها الفكري (الفلسفي) أو القانوني (الحقوقي) أو اعتباراتها العملية (الممارساتية) - شكّلت منطقة جدل وتشابك في الساحة السياسية والثقافية العربية والإسلامية، فالقراءة الإسلامية أو الإسلاموية المنطلقة من عمومية النص الديني تسمح باستخلاص معان متعددة ومختلفة أحياناً، وتصل إلى درجة التناقض والتعارض، في بعض الأحيان لاسيما آراء وفتاوى بعض المفسرين والمؤولين، ليس على الصعيد الديني وحسب، بل على الصعيد العلماني أيضاً .



فالديمقراطية بقراءة منحازة تصبح مرادفة للشورى، و”أهل الحل والعقد” هو المفهوم المرادف للبرلمانات، وفي قراءة أخرى تصبح الشورى بعيدة كل البعد عن الديمقراطية، بل تعارضها في المنطلقات وفي الأساليب ناهيكم عن المنهج . أما القراءة الثالثة فتعطي للشورى والديمقراطية منطقة للاتفاق وأخرى للاختلاف، وكذا الحال بالنسبة لمبدأ سيادة الشعب أو الأمة الذي يقف مقابله “حاكمية الله”، أي نفي اعتبار الإنسان مصدراً للتشريع بوضع النص الإلهي مقابل حكم الاغلبية الذي توفره الأنظمة الديمقراطية، كوسيلة لاختيار الحكام من جانب المحكومين .



وهكذا يصبح الفقه الإسلامي، الذي هو العلم بالأحكام الشرعية العملية والمكتسبة من أدلتها التفصيلية متساوقاً أو متعارضاً مع ما توصلت اليه الدولة العصرية، من خلال القراءات التأويلية المختلفة، لتأكيد الانسجام أو التعارض بين الإسلام وحقوق الإنسان . أما النظرة التقليدية التي تعتبر الشريعة محور حياة المسلم وأساسها العقيدة والوحي لا العقل، فتؤكد تفوقها على جميع القوانين الوضعية التي تعتمد العقل كمحور للحقوق والتفكير استناداً إلى تفسير النص المقدس (القرآن الكريم والسنة النبوية) .



ومقابل القراءة المتشددة والمتعصبة فإن بعض التفسيرات والتأويلات يقدّم قراءة متسامحة ومنفتحة للنص الإسلامي، مع واقع تطور الفقه القانوني الدولي لقضية حقوق الإنسان العالمية . فالإسلام دين وحداني، حيث يؤكد على وحدة الله والجنس البشري . إن الله مطلق ولا يتغير، بينما البشر يتغيرون ويغيّرون مواقفهم وآراءهم ونظراتهم إلى الكون والطبيعة والتطور .



ورسالة الإسلام عالمية، بمعنى أنها لا تخاطب المسلمين وحدهم، بل تخاطب “بني البشر”، حتى إن كلمة “المسلم” فيها تعبير عالمي، فهي لا تدلّ على قومية أو عرق أو جنس أو لون أو منحدر اجتماعي أو طبقي أو اتجاه سياسي أو فكري . والناظم في الإسلام هو القرآن والسنة النبوية اللذين يخضع لهما الحاكم والمحكوم على حد سواء، وذلك من سمات “الدولة القانونية” في المفاهيم الدستورية المعاصرة، وهو الذي يؤكد مبدأ الوصل بين العالمية والخصوصية، لاسيما إذا كان المشترك الإنساني يشكّل الأساس في زاوية النظر، عندها يصبح الفصل بالضد من التطور التاريخي للمجتمع البشري المؤلف من حضارة كبرى يتم في إطارها التنوّع والتعددية، ويفترض أن تقوم على مبدأ المساواة والاحترام المتبادل للخصوصيات القومية والدينية واللغوية والتاريخية وغيرها .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرمينيا وسيمفونية المبارز!
- كاظم حبيب: النقد الشجاع والاختلاف الجميل*
- العالم الثالث وسلة المهملات
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (24) ملكوت السماء وملكوت الأرض
- فضاء الثقافة القانونية وحكم القانون
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (23) الاشتراكية والإيمان الديني
- الشراكة والتنمية
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (22) كاسترو والدين
- موسم القمة العربية والخيار العسير
- كوبا.. رؤية ما بعد الخمسين (21) «الشبح» والأسطورة: هل اختلط ...
- ليس لأي تيار شمولي مستقبل في العراق؟
- الموساد والجريمة والعقاب
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (20) القبعات الخضر والصيد الثمين!
- الصوت والصدى
- المعرفة من أجل الحق
- ثقافة حقوق الإنسان في ندوة تخصصية في لاهاي/هولندا
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (19) نزيف بصمت!
- أين سترسو سفينة الانتخابات العراقية؟!
- “إسرائيل” والإفلات من العقاب
- كوبا.. رؤية ما بعد الخمسين (18) كاسترو- أبوعمار- حبش: رومانس ...


المزيد.....




- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...
- شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه ...
- الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع ...
- حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق ...
- بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا ...
- وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل ...
- الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا ...
- وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
- مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني ...
- تأثير الشخير على سلوك المراهقين


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - الوصل والفصل بين العالمية والخصوصية