انتصار الميالي
الحوار المتمدن-العدد: 2981 - 2010 / 4 / 20 - 23:47
المحور:
الادب والفن
اتصل بي في ساعة متأخرة بعد منتصف الليل....وأخبرني انه متعب ويعتقد بأنه لم يبق لديه الكثير من الوقت، تصورت حينها أن شبح الموت قد وقف عند عتبة باب بيته، وان اشراقات الصباح الآتية لن يشهدها.....
أيقظّ كل شيء تلك الليلة... لا ادري لماذا أتصل بي ذلك الصديق ؟
ولم يخبرني أنا....؟
أجبته ما بك ...؟ وما الذي تشكو منه...؟
قال : أنه المرض القاتل الذي اخذ يقضي عليَ شيئاً فشيئاً. صوته كان مختلفاً هذه المرة....وحسراته كانت تملؤها المرارة....
لا ادري هل أن الشخص الذي عرفته شجاعاً ومنذ صباه سوف يستسلم أخيراً...؟
أيقظ صديقي ..أسئلة وأسئلة تدور في رأسي، ولا أرى لها إجابة سوى الحيرة تلو الحيرة. بعدها قال لي: تصبحين على خير.
رغم أنني كنت أتمنى أن يبقى معي وان لا اتركه وهو بهذا الحال.
ودعنّي.... واقفل الخط...! ولم يتصل بعد ذلك، تركني أتحمل ألم أن اعرف بالأمر، ولا أستطيع أن افعل له شيئاً....
اقفل جميع هواتفه وقطع كل وسائل الاتصال به... هاتف عمله والمحمول وحتى بريده الالكتروني...سألت عنه الأصدقاء... ومن يعملون معه...اخبروني: انه مريض ولا يأتي للعمل إلا أحيانا أو ساعات قليلة...
وبقيت اسأل عنه كل من يعرفه، واترك له التحايا مع كل من يلتقونه يومياً...
صديقي.... قرر الموت حتى قبل أن يزوره شبح الموت، قرر أن يقتل أشياء كثيرة، ومنها حكايتي معه...!
الساعات التي كنا نقضيها معاً، والرسائل والبطاقات الملونة التي كنت ابعثها أليه. والأغاني التي كنا نسمعها. والأشعار التي نقرؤها سوية..!
قرر أن يقضي على كل ذلك...بالحيرة التي تركني أعيش فيها لما يفعله بي... لكنني لن انتظر حتى يصل إلى اليوم الذي يلفظ فيها أنفاسه الأخيرة....!
لقد قررت أنا أيضا....!
أن اترك له كل يوم....بطاقة ملونة كالتي كنت ابعثها له في المناسبات التي تجمعنا دون أن نلتقي...
وسأهديه ألاغاني التي يحب أن يسمعها، والقصائد التي يهوى قراءتها... وسأكتب له كلماتي الأخيرة...
" قد تستطيع أن تقطع كل وسائل التواصل بيني وبينك، وان تقتل كل الأشياء الجميلة التي صنعناها معاً.... لكنك ابدأ لن تستطيع أن تدفن حباً يعيش لك وحدك وفي كل الأزمنة"....!
#انتصار_الميالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟