جعفر المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 2981 - 2010 / 4 / 20 - 08:51
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
يساهم البعض من السياسيين والكتاب في تازيم الموقف العراقي, لا بل وإعادته إلى الوراء بما يعيد بناء الأسباب التي أدت إلى الاقتتال مرة أخرى. من غير الحق أن تتهم كل دعوة تنبيهيه على إمكانية أن يتكرر ذلك على إنها دعوة لتجديد الاقتتال أو مساندة للإرهاب. القول بذلك هو بحد ذاته إرهاب فكري وقمع لكل الأصوات التي ترى قليلا تحت السطح ما يمكن أن يطفو عليه من عوامل تفريقية باتت بانتظار من يطلقها من قيودها, بل إن من يدعو بذلك هو الذي يشجع الإرهاب من واقع الإقتتال على السلطة أو الخضوع إلى مصلحة إقليمية يهمها بقاء العراق ضمن نظام المحاصصة الذي يحدد كل من الأقلية والأغلبية وفق أسس طائفية يكون من شانها وبحسبة بسيطة أن تبقي السنة وإلى يوم يبعثون في موقع الأقلية المعارضة ويجعل الشيعة هم القوى المقررة, أي مواطني الدرجة الأول. إن من يتصور بأن هناك إمكانية لبناء أو بقاء أو تقدم بلد يقوم على هذه المعادلة هو واهم, إن بلدا كهذا يكون في أفضل حالاته شبيها بالوضع اللبناني الذي لا يملك من مقومات الدولة سوى العلم والنشيد الوطني والذي يتهيأ شعبه كل مرة لمغادرة وضع الهدنة بين طوائفه إلى وضع الإقتتال.
إن الإقرار بوجود نظام عراقي طائفي كان قد إضطهد الشيعة يجب أن يكون دافعا أكيدا للنضال من أجل بناء نظام لا طائفي وليس لاستبدال طائفية بطائفية, فالطائفية في الحالتين, حالة الفعل أو حالة رد الفعل هي حالة مريضة مقرفة ومرفوضة وهي اقصر طريقة لتغييب السلام الاجتماعي عنه الدولة أو تحويلها إلى ألعوبة بيد الجيران.
إن قوة الشيعي العراقي هي في انتصاره لأخيه السني لا في انتصاره عليه, ولا أقول ذلك من واقع محبة للسنة على حساب الشيعة أو من خلال تقرب لا ينطلق من معادلة وطنية رصينة, بل لأحسبه بدء من خلال محبة وتمني الخير لطائفة أنتمي إليها والتي أرى إن نزوحها نحو تحويل الحالة الطائفية المؤقتة إلى حالة مستقرة لن يفيدها مطلقا. أما تمشدق أحزاب الطائفية كونها تمثل مصالح الشيعة فهو تمشدق المغرمين والمنتفعين بالسلطة وبدء على حساب الأكثرية الشيعية نفسها. إن مصلحة الشيعة العراقيين هو في قيام وطن عراقي خارج إطار كل مشروع قد يؤدي إلى ضعف العراق أو تقسيمه وفي المقدمة مشروع المحاصصة الطائفية ذاته.
إن المعادلة الوطنية العراقية وليس غيرها هي التي ستضمن للشيعة قوتهم كونهم عراقيين وأصحاب وطن عراقي موحد, وكأن جغرافية العراق كما هي عليه الآن هي أفضل ما يحصل عليه العراقيون, وإن التفريط بها وعدم الاندفاع لبناء معدلات للسلام الاجتماعي الداخلي سوف تؤدي إلى تمزيقها وقيام ثلاثة أوطان ضعيفة ولا معنى لها وتابعة لإرادة الجيران وليس لإرادة أهلها. وسوف يصاب الشيعة قبل غيرهم بالضرر حينما ستحولهم دولة طائفية كهذه من أكثرية عراقية إلى أقلية قومية بعد خضوعها المستقبلي للإرادة القومية الفارسية الإيرانية التي يعرف السياسيون الشيعة قبل غيرهم من البسطاء إن هذه الإرادة هي الفاعلة ولا يغيرها كثيرا نظام إسلامي يدعي عدم التمييز بين القوميات, ولذلك قلت إن من صالح الشيعة العراقيين قبل السنة هو في بقائهم في وطن موحد. وحتى الأحزاب الشيعية التي تكسب قوتها الآن من دعوى إنها تمثل الشيعة فهي ستفقد هذه القوة كاملا حينما ينتهي العراق الوطني المتوحد الطوائف ولا تعود تملك شرعية خطابها السياسي في بلد الطائفة الواحدة.
ضعف القوة
إن (الشيعة ) العراقيون ليسوا بحاجة إلى تجربة من هذا النوع فلقد جرب ( السنة ) السياسيون من قبلهم التعاون مع القاعدة لكنهم سرعان ما اكتشفوا بعد تجربة مرة إن العودة إلى إخوتهم الشيعة هي الضمانة الحقيقة لبقائهم بدء بشرا ذا حقوق إنسانية لا تلغيها حيوانية عقيدة القاعدة وتخلف السلفيين, ولهذا وجد ذلك النوع من ( السنة ) إن قوتهم بالقاعدة على الشيعة هي ضعف وليست قوة.
فهل سيحتاج الشيعة إلى أن يمروا بهذه الدورة المكلفة لهم وللعراق حينما سيقودهم مشروع دولة المحاصصة إلى قيام دولتهم الطائفية التي ستفقدهم قوتهم الوطنية مقابل حالة طائفية تجعلهم تحت الهيمنة الإيرانية وتحولهم من جزء في أغلبية وطنية عراقية إلى أقلية قومية في دولة تحكمها أغلبية قومية فارسية لم يفلح الدين مطلقا ولن يفلح في تذويب فوارقها القومية, وحينما يواجهون قبل ذلك معارك مكلفة مع إخوتهم في الوطن ويكتشفون بعد ذلك إن دولتهم الجديدة صارت لها مشاكل صعبة ومعقدة مع الجار العربي الجديد وإنها قد فقدت الكثير من مرتكزات القوة التي كانت لديها حينما كانت جزء من دولة كانت تسمى العراق.
إن الحالة الوطنية العراقية هي التي تضمن للشيعة العراقيين قوتهم كمذهب وكمكون اجتماعي وطني, وبها, وكذلك السنة, هم أغلبية مبدأ وأخلاق وعقول ومجتمع عدالة وتحضر, وإذا كانت الأحزاب الشيعية في السابق قد امتلكت شرعيتها كما تدعي من خلال نضالها لرفع الحيف والمظلومية عن الشيعة, فإن عليها أن تعي بأن هذه المظلومية قد زالت بنشوء الوضع الجديد, وإنه ليس من العدل أن تتسبب (المظلومية الشيعية ) ببناء (مظلومية سنية ) من خلال تحول السنة إلى مواطنين من الدرجة الثانية بحكم نظام دولة المحاصصة, كما وليس من العدالة ولا من الدين بشيء, أن تحول هذه الأحزاب, الشيعة من مظلومين إلى ظالمين.
وبحالة كهذه فإن تلك الأحزاب التي أدعت إنها تناضل من أجل حالة إسلامية أفضل سوف تفلح باستبدال حالة سلبية بأخرى سلبية أيضا ولا علاقة لها بالإسلام الحقيقي ولا بمذهب آل البيت التي إستشهد أئمته من أجل نصرة القيم الإنسانية كما يجسدها الإسلام الموحد الصحيح, والذي بسبب التمسك بها والاستشهاد من أجلها أستحق أن يكون الإمام علي (ع) أميرا للمتقين في كل الأديان وليس في الدين الإسلامي وحده, كما يقول بذلك مفكرين نصارى بارزين في مقدمتهم جورج جردق ونصري سلهب, إذ إن الاضطهاد الطائفي لا ينصفه اضطهاد طائفي مضاد, وكلاهما كما قلت, الفعل الطائفي ورد الفعل الطائفي عليه, هما مرض واحد وبنتائج واحدة.
هدنة وليس سلام وفيها هناك إمتحان للنوايا
إن المفكر السياسي, على خلاف الإنسان العادي, هو ذلك الذي يرى مباشرة تحت السطح لكي يقرأ العوامل الأساسية التي تحدد حركة المجتمع, أي تلك التي تكشف عن نفسها على السطح, وإن بإمكان قارئ مقاييس أن يكتشف إن هناك تحت السطح العراقي تتحرك حالة إحتماعية هي أقرب للهدنة منها إلى السلام الحقيقي, وإن هذه الهدنة لم تتحقق إلا بعد متغيرات حقيقة نقلت السنة العراقيين من موقع التحالف مع القاعدة إلى موقع الاصطفاف ضدهم وإلى موقع التهادن مع الشيعة لا مواقع السلام الدائم معهم. وفي مساحة الهدنة هذه هناك امتحان حقيقي للنوايا, وفي الجانب السني ينتظر أهله أن تتحقق معادلات أساسية تكفل لهم تاريخيا الانتقال من حالة الأقلية الطائفية المؤقتة إلى حالة المساواة العراقية العادلة, وعلى مستوى الحالة القدرية يمكن القول إن ذلك لن يتحقق ما لم يخرج مشروع الدولة من حالة المحاصصة إلى حالة ميثاق الشرف الاجتماعي السياسي الوطني الذي يجب أن تكون الطائفية بعيدة عنه بُعد القطب الشمالي عن الجنوبي, ولا أقول بعد السماء عن الأرض لأن السماء هي قريبة من الأرض وحتى إنها ملاصقة لها, والبعد بينهما موجود بحساب الجغرافيا وليس بحساب الدين والإيمان.
أزمة دولة تحت التأسيس وليست أزمة حكومة
إن بإمكان قارئ المقاييس قبل المفكر أن يكتشف إن الدولة العراقية لم تتأسس بعد, وإن تأسيسها يعتمد على توفير عوامل أساسية في المقدمة منها حسم انتمائها نهائيا باتجاه قد يكون طائفيا أو قد يكون وطنيا, وبإمكان قارئ المقاييس أن يكتشف إن دولة الطائفة قد تكون أي شئ إلا ان تكون دولة, ولربما ستأخذ وقتا قبل أن تنتهي نهائيا إلى الفشل, لكن طريقها إلى ذلك سوف يكون داميا, كما إن خسائره سوف تكون باهظة, وحينما سيقدم قارئ المقاييس هذا بكشف حساب إلى المواطن فسيكتشف هذا المواطن صلة الأحزاب الدينية لا يمكن أن تكون إلا أحزابا طائفية بهذا الوضع المؤلم, سواء دري ناسها أم لم يدرون, فالأحزاب الطائفية هي أحزاب تفريقية لا يمكن أن تبني بلدا موحدا, ولا يمكن أن تؤسس مجتمعا متقدما, لأن برنامجها السياسي يرجح برنامجها الطائفي على برنامجها الاجتماعي, ويضع الوطن تحت شعارات ديمقراطية إستخدامية في خدمة الطائفة المتغلبة وليس العكس أبدا.
إن الدولة العراقية التي لم تتأسس بعد ولم تتكون لحد هذه اللحظة, والتي تنتظر أولا حسم موضوعة الهدنة بين الطوائف, والتهيؤ لمغادرة موقع حساب وفحص النوايا إلى الموقع الذي تقرره نتيجة الفحص, إن دولة بهذا الشكل تعيش أزمة كيان وليس أزمة حكومة, وإن اكتشاف ما يجري, من إعادة تحالفات وإعادة إصطفافات على أساس طائفي سوف يؤكد حقيقة إن هناك محاولة جدية لمنع انفلات الدولة من مشروعها الطائفي إلى مشروعها الوطني. وعلى ضوء هذه الحقيقة يجب قراءة الواقع العراقي وعلى ضوئها فقط يجب أن يقترب كل مفكر يدعي أنه يقدم حلولا عراقية منصفة تعتمد على رؤيا لما تحت السطح ولو بميكرون واحد, وإلا فإنه سيكون قد دفع العراق لكي لا يخرج من الأزمة إلا منشطرا.
وإذا ما قال لي مفكر من ذلك النوع إن قوانين الديمقراطية ولوائحها ونظامها إنما تقر هذا التحرك التحالفي الطائفي الذي جرى أخيرا لإقامة تحالف بين الأحزاب الشيعية فسوف أقول له حرام عليك يا أخي وسأتمنى عليه الالتزام بالفكر الوطني الذي يوجب عليه بدء أن يشخص إن مشروع هذه التحالفات الذي يتشكل أساسا لتحجيم فرص العراقية بهذا الشكل الإصطفافي الطائفي هو بالنهاية مشروع لمنع الدولة العراقية من ان تغادر موقعها الطائفي إلى موقعها الوطني حيث تبان وتتبلور هويتها وانتماءاتها وتغادر من خلال ذلك موقع الهدنة إلى موقع السلام الدائم.
العراقية ودولة القانون وما بينهما
ولقد كنت على علم بأن مشروعا كالذي طرحته للتحالف بين العراقية ودولة القانون, هو مشروع صعب, وهو لن يتحقق لأسباب عدة أهمها التفكير الرقمي الذي يأخذ به الكثيرون من سياسي القائمتين, حينما يعتقدون إن لغة الأرقام وحدها كفيلة بحل الإشكالية الوطنية التي يجابهها الطرفين, وإن فرق المقعدين كفيل بإعطاء العراقية الحق المريح لتشكيل الحكومة, وربما سأكون مع حساب من هذا النوع حينما أعتقد إن الأزمة التي يجابهها العراق هي أزمة تشكيل حكومة وليست أزمة بناء دولة, كما هو الشان في دول أخرى عثرت على هويتها الاجتماعية والسياسية وأرست دعائم اقتصادها وعلاقاتها الداخلية والخارجية بحيث يمكن تصنيف أزمتها كأزمة حكومة في دولة وليس كأزمة دولة في حكومة, لكن أزمة العراق هي من هذا النوع الأخير, أي إنها أزمة دولة وليست أزمة حكومة, لهذا فإن ترتيب الحلول للأزمتين يجب أن يعتمد على تحديد مَنْ ينشأ مِنْ مَنْ, والتعامل مع السبب وليس مع التداعيات وحدها, وإنه لن يكون بالإمكان الوقوف عند التداعيات وإهمال السبب إلا في حالة العقل المعطل أو النية السيئة.
إنجازات المالكي
ولقد كان من أهم ما أنجزه المالكي في السنوات الأخيرة هو ذلك الذي تكون في عقله وليس ذلك الذي تكون على الأرض, وأقصد بالتمام اكتشافه لأهم المعادلات التي تعرقل بناء الدولة العراقية من جديد. ولست أنا من أعلن وإنما كان المالكي من أشار إلى أن الخروج من الأزمة يعتمد على توفير حالتين أساسيتين, اولهما الأغلبية السياسية وليس الطائفية إضافة إلى قدرة قائد الدولة على أن يمسك صلاحيات توفرها هذه المعادلة وتمنحه حق التنفيذ وقدرته, وحينما يأتي دور المفكرين السياسين الوطنيين, وأزعم إني أقلهم كفاءة ووطنية, فسيكون دورهم الحقيقي هو في وضع ما تحقق من أرقام انتخابية لصالح حل أزمة الدولة وحل أزمة الحكومة بالاتجاه الذي يخدم حل الأزمة الأولى, وسيكتشف مفكر من هذا النوع إن الأرقام التي حققتها الانتخابات الأخيرة لصلح العراقية ودولة القانون هو استفتاء شعبي على حل أزمة الدولة أولا وإخراج العراق من حالة الهدنة إلى حالة السلام الدائم, وإن تفعيل هذه الأرقام باتجاه حل أزمة الدولة من خلال برنامج تحالفي كهذا لن يكون على حساب القوائم الفائزة الأخرى وإنما بالاتجاه الذي يحدد طريق هذه التحالفات وقوة فعلها السياسي الوطني.
إن ما حققه المالكي على الأرض لا يقاس بما وصل إليه بالعقل من خلال تجربة منحته تشخيص أهم الأسباب التي تحول دون تأسيس الدولة العراقية الجديدة, وسأقول بكل ثقة إن كثيرا من الشيعة الذين أعطوا قائمة المالكي أصواتهم وصاعدوا من مقاعده الأحد عشر إلى تسعة وثمانين كانوا قد منحوها أيضا بسبب اعتقادهم إنه يمثل حالة نزوح من الدولة الطائفية إلى الدولة الوطنية فالعشائر التي كانت قد اصطفت مع دولة القانون كانت تحمل في داخلها بكل تأكيد ومن خلال العديد من الفعاليات رفضا لمشروع الطائفية, وإذا كانت الكثير من المدن الشيعية قد منحته هذا التأكيد فإن ذلك كان قد تم تأييدا لشعارات دولة القانون التي هي بالنهاية ستكون غير طائفية وإلا يتكون بإمكان دولة أن تكون دولة القانون من خلال مخالفتها للقانون التي ستتأكد عبر بقائها في دائرة المحاصصة التي ترشح البلد للانفجار من جديد.
تفويض شيعي وطني للمالكي وآخر سني وطني لعلاوي
على هذا الأساس انتخبت أغلبة الشيعة دولة القانون, ولو أنها كانت قد اختارت المالكي طائفيا لتوزعت أصواتها على بقية الأحزاب الشيعية الأخرى ربما بثقل أكبر من قائمة المالكي, وبهذا أستطيع القول إن الشيعة بهذا أعطوا المالكي تفويضا للحديث بالنيابة عنهم وطنيا وليس طائفيا وكذلك فعل السنة حينما أعطوا علاوي الشيعي تفويضا بالحديث الوطني عنهم.
ولذلك إكْتَشَفْتُ إن العراقية ودولة القانون : من ناحية هذين التفويضين, ومن خلال حلم النزوح من دولة المشروع الطائفي إلى دولة المشروع الوطني, ولغرض الانتقال من موقع الهدنة إلى موقع السلام الدائم, ومن محاولة حل أزمة حكم إلى محاولة حل أزمة دولة, اكتشفت إن العراقية ودولة القانون هما أقرب إلى بعضهما وإن التحالف بينهما هو المهم, على أن يجري بعد ذلك ترتيب تحالفات القوى الأخرى بالاتجاه الذي يلي ذلك التحالف ولا يسبقه.
ومن خلال القدرة على رؤية ذلك التفويض السني الشيعي للقائمتين للحديث الوطني بالنيابة, فإن من حقي أن أرى إن عدم الأخذ بذلك أو الاقتراب منه أو عقد التحالفات بعيدا بما يعني إبعاد طرف منهما وخاصة العراقية سوف يكون التفافا ليس إلا على عملية نزوح الدولة من مشروع المحاصصة إلى مشروع البرنامج الوطني, وهو مشروع كان قد دعا إليه علاوي منذ البدء وإكتشفه المالكي بعد تجربة مريرة.
ولقد حلمت بعد ذلك الفوز الرائع وبعد ذلك التفويض الكبير من الطائفتين للقائمتين بان عملية تأسيس الدولة ستبدأ حقا, وإن حل أزمة الحكومة سيكون إحدى التداعيات السريعة والمباشرة لحل أزمة الدولة, لذلك شجعت على لقاء القائمتين من خلال قراءتي لما تحت السطح, ولذلك أيضا شعرت بالإحباط لانسحاب المالكي من مشروعه الكبير.
وليس صعبا علي أن أتصور بعد ذلك مقدار الضغوط الذي مورست على المالكي, جنبا إلى جنب مع قصور في الرؤيا, مع استعداد للتضحية بما هو تاريخي لصالح السلطة, لكي ينسحب من مشروعه الوطني, وهو الذي كان قد خرج به منتصرا حقا, ولن أكون على خطأ إذا ما قلت إن المستقبل السياسي للسيد المالكي قد أصبح في مواجهة خطر حقيقي وإن ائتلاف دولته سوف يخسر قاعدته الشعبية الشيعية حينما يحس الكثيرون من الذين انتخبوه إنه لم يفهم تفويضهم بشكل جيد ولم يتحرك لتنفيذه بشكل سليم .
ولأولئك الذين يكتبون في السياسة أقول إن الديمقراطية حينما تعتمد على لغة الأرقام المجردة والبعيدة عن قراءتها بشكل صحيح والذين يعتقدون الآن أزمة العراق الآن هي أزمة حكم لا أزمة دولة وإن العودة إلى برنامج الطائفي هو حل للأزمة, أقول إن قراءة كهذه ربما تصدر من حسن نية لكنها بالتأكيد تصدر من سوء قراءة.
وهي قراءة لا شك إنها ستزيد على سوء الحشف ألف كيلة.
#جعفر_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟