أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد القمني - تبسيط مفهوم القيم















المزيد.....

تبسيط مفهوم القيم


سيد القمني

الحوار المتمدن-العدد: 3898 - 2012 / 11 / 1 - 08:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقول الدكتور محمد إبراهيم كاظم في دراسته ( التطور القيمي و تنمية المجتمعات الدينية ) : " إن الاتفاق على تعريف جامع مانع للقيم صعب المنال ، و إن اتفق على إنها مقياس أو معيار نحكم بمقتضاه و نقيص به ، و نحدد على أساسه المرغوب فيه و المرغوب عنه ، سواء كان هذا المقياس هو الإنسان أو المجتمع أو الله - صادر عن المركز القومي 1997 / ص 11 " .
إذن الطرف الأساسي هنا هو الإنسان لأنه من سيطبق حكم القيمة ، و عليه فلا وجود لأي قيم في غياب الإنسان ، لأنها بدون الإنسان لا يمكن لها أن تفعل و لا حاجة إليها و لا أثر ينتج عنها ، لذلك تختفي باختفائه ، هي ظل الإنسان على الأرض ، هي كالحضارة تماماً التي ما كانت لتوجد لولا موجدها الإنسان ، و عندما أوجد الحضارة بدأ فرزها للقيم .
إذاً فالقيم أولاً هي علاقة تقوم بين الإنسان و بين الكون من حوله ، علاقته بالأشياء مثلاً ، فهو من يستطيع أن يحكم على اللوحة الفنية بالجمال من عدمه ، و علاقته أيضاً بالأفعال ، كالتصدق على الفقراء أو المشاركة في عمليات إنقاذ ، و تعريفه لفعل الزنى و تقبيحه كقيمة مرفوضة بحسبانه فعل اعتداء ، كذلك السرقة و الرشوة و الاختلاس بحسبانها أفعالاً مخلة بقيمة الشرف ، و القيم توجد فقط داخل الإنسان فتوجهه ليختار بين السهر تهجداً في الحسين ، و بين السهر في ملهي ليلي في حي الهرم ، فتعامل الإنسان مع محيطه من أشياء و أفعال هو ما يؤدي لظهور القيم .
و لو وضعنا الإنسان في مكان خالي من الأشياء و التفاعل السلوكي ، فلن يكون بحاجة للقيم ، فالإنسان مثلاً يخترع السيارة ثم يضع لها قيمها كإرشادات المرور و ذوق القيادة ، ثم يضع القوانين التي تحمي هذه القيم ما بين مسموح و محظور ضماناً لسلامة الناس ، و مع كل جديد مُبتدع تظهر قيم جديدة يوضع لها ما يناسبها من قوانين لتحميها .
القيم هي أهداف للإنسان و نهايات لسلوكه و محطة وصول أمانيه و رغباته في علاقته مع بيئته و مجتمعه ليعيش آمناً سعيداً ، فإن لم تظهر تلك القيم لظل الإنسان كبقية حيوانات الأرض ، و مع تطور الإنسانية على الأرض تطور سلم الإنسان القيمي ، و كان ظهور القيم الأولى هو بداية لمرحلة رفض التقهقر إلى الوراء ، لأنها تفتح أمامه آمال الإنتقال لمراحل جديدة أكثر تقدماً و رقياً بقيم جديدة ، قارن مثلاً بين الإنسان الذي يتعامل مع الحيوانات الداجنة لأن حرفته الرعي مثلاً ، و بين الإنسان الذي يتعامل مع الأجهزة الرقمية لتلمس الفارق القيمي الهائل .
و عليه فإن القيمة هي ناتج تقييم الإنسان للتفاعل بينه و بين مشاعره و أحاسيسه و بين العالم من حوله ، و ما ينتج من أفعال نتيجة ، فيصدر الطرف العاقل في المعادلة حكماً قيمياً ، و يكون الشعور أو الفعل أو الشئ خيراً أو شراً بما يترتب عليه من لذة و مصلحة مُرضية ، أو ان يكون قيمة موضوعية تتعلق بالأشياء كالقيمة الإقتصادية السعرية التي نمنحها للأشياء ، و أيضاً تتشكل القيمة حسب مستوى الإنسان المعرفي ، فلم يكن لليورانيوم من قبل قيمته اليوم ، و هو كله ما يعني أن الإنسان هو مكتشف القيمة و صانع قوانينها و الحاكم عليها بالخير و بالشر ، بالنفع أو بالضرر .
و القيم الموضوعية التي نعطيها للشئ بعد أن تنقلها الحواس من الواقع إلى العقل ، تدخل إليه عبر عدد من المدخلات و الموصلات المتعددة أولها الحواس ، و هذا النقل من الواقع إلى العقل يتأثر بمجموعة حواجب و فلاتر و طرق مفتوحة و أخرى مغلقة ، كالغرائر و الحاجات و الألم و اللذة و التكوين النفسي للشخص و تعليمات الدين و العادات و التقاليد .
القيمة إذن هي حكم بشري يصدره الفرد أو المجتمع كناتج لعلاقة تفاعلية بين الفرد و المجتمع ، و موضوع التقييم قد يكون فكرة أو سلوكاً أو فعلاً أو شيئاً ، سواء كان واقعياً أو محض خيال أسطوري ، ففي الدماغ البشري مراكز تقوم بعمليات التقييم فيما يشبه لجنة مُحكّمين ، لكل مُحكّم اختصاصاته و قناعاته ، و من هؤلاء المحكمين من يغيب أحياناً ، و منهم من يمتنع عن التصويت خوفاً و رهباً ، و من هؤلاء المحكمين المحكم الديني و المحكم الاقتصادي و المحكم البيئي الغريزي و المحكم النفعي و المحكم الأسطوري و المحكم العلمي و الفلسفي .
و هؤلاء المحكمون هم أصحاب الرأي في الحكم و التقدير و التقرير ، لكنهم ليسوا في نفس قدرة التأثير ، فهم في دماغ ديكتاتوري لن يعرفوا التصويت الديموقراطي ، و في الدماغ الديموقراطي سيقوم الحوار و التصويت و اتخاذ القرار ، و لكن عندما يعجز هؤلاء المحكمون عن الخروج بالقيمة ، يلجأ الفرد للأحكام الجاهزة سلفاً في خضوع الفاشل ، سواء كانت تلك الأحكام صادرة عن سلطة سياسية أو دينية أو قبلية أو عنصرية . فهي تتدخل مقدماً في الدماغ لتعزز محكماً من محكمي الدماغ ضد الآخر ، فيأتي القرار بالتقييم موائماً لرغبات جهة الضغط .
لذلك حتى يأتي حكم القيمة صواباً ، يجب أن يكون غير خاضع في التحكيم لمحكم واحد ، فيغيب الحوار داخل العقل نتيجة تسلط مندوب الدين مثلاً فيعطينا قيماً زائفة ، لذلك فالقيمة السليمة لا وجود لها في غياي الحرية الكاملة للفكر و الرأي و للاختيار و المفاضلة و المقارنة والمقاربة و الفرز و التجنيب . مع غياب الحرية لا توجد سوى القيم المزورة ، التي تعطل كل قيم التقدم المبنية على إعلاء العقل البشري الحر على أي مصدر معرفي سماوي أو أرضي .
و القيمة أيضاً هي لازمة و ضرورة حياتية حتى للحيوانات ، فإن أعطيت كلباً تفاحة و عظمة سيختار العظمة ، و يمكن أن يكون الشئ نافعاً و ترفضه بتقييمه تقييماً خاطئاً ، فكان الهنود الحمر يعطون ذهبهم و ألماسهم مقابل مرآة من زجاج ، و قد يكون للشئ قيمة عالية و ترفضه ، و قد يكون حقيراً و نعظم قيمته ، مثل قيمة بول الجمل ، الطب يقول أنه مجموعة سموم ، و الشيخ يعطيه قيمة موجبة لكنها زائفة ، لأنها جاءت من محكم غير متخصص لكنه مسيطر ، و قل مثل ذلك في العلاج بالرقية الشرعية و التداوي بالطب النبوي و الأحجبة و التلاوات ، و مع هذا التزييف يتم تحول الخطأ إلى صواب ، لأن محكماً ضمن محكمي دماغي فيهم الجاهل و التاجر و عدم الضمير ، و منهم البراجماتي النفعي ، و منهم الغريزي ، و لكل محكم قواعده و خياراته السابقة و ثقافته و تربيته التي يركن إليها في إصدار قراره ، فإذا تغلب محكم كالعنصر مثلاً ، أو المذهب ، اتجه حكم القيمة للطاعة و الخضوع لقرار رجل الدين أو رجل السياسة ، فيمكنك أن ترى تمثالاً فنياً ثميناً و تعطيه قيمته الجمالية بموضع يليق به في بيتك ، أو تراه مجرد صنم لا يستحق سوى التكسير و الرمي في النفايات بالحرام و الحلال ، لو سألت طفلاً عن لون السيارة التي يفضلها سيقول الأحمر لأن سيكولوجيا الطفولة تتأثر بالأحمر لأنه أوضح الألوان ، لكنه في سن آخر سيختار لوناً آخر ، و سيتأثر ذلك بظرفه الاقتصادي و ما يريده منها من احتياجات و تأثره بالمودة السائدة من عدمه ، و هل سيختارها سيارة رياضية أو رصينة . . . إلخ ، الشيخ يقول للشباب كي يحصل الخلود الفردوسي لابد أن يُقاتل و يُقتل ، يعني رايح يموت ، و الغريزة ترفض ، هنا أيهما يكون الأقوى سيكون هو صاحب القرار .
أن الأشياء أسبق في الوجود من أسمائها ، و الإنسان هو من أعطاها الأسماء ، فالميكروبات مملكة بل إمبراطورية حية هائلة حجماً و أعظم أثراً عن أى كائنات حية أخرى ، و مع ذلك تعذر على الإنسان معرفتها قبل اختراع الميكروسكوب ، رغم أنها كانت موجودة منذ نشأة الحياة على الأرض و تمارس كل أنشطتها دون أن تحمل إسماً أو لفظة تدل عليها ، إلا أنها أخذت اسمها و دلالته عندما اكتشفها الإنسان ، و هكذا فإن آدم في القصة الدينية لم يتعلم الأسماء كلها.
فالأشياء موجودة قبل الأسماء ، و الأحاسيس موجودة قبل الألفاظ المعبرة عنها ، و المفاهيم موجودة قبل فض دلالاتها في مخارج حروف ، و كان الدور في التسمية و التعبير و بسط الدلالات و هو دور الإنسان الفرد و الإنسان الجماعة . فلفظة ( خير ) بدلالاتها ليست من كشف فرد واحد ، فهي لفظة و دلالة ذات علاقة بالمجتمع كله ، و تطلبها كل المجتمعات ، فالخير هو المرغوب فيه من الفرد و من كل المجتمع ، فإذا كان مرغوباً من فئة بعينها في المجتمع أو جماعة أو طائفة أو مذهب أو عنصر ، تحول عن دلالته الخيرية و أصبح مصلحة خاصة ، و إذا اختلفت جماعتان مجمعيتان مختلفتان على معنى الخير لم يعد خيراً ، و إنما مصلحة لطرف و هذا معنى خيرها ، و ضرر لطرف آخر و هذا معنى شرها . و هكذا لا يجوز القول بأن الخير مخصوص بأمة المسلمين أو بمذهب بعينه أو يتميز به عنصر بعينه من البشر ، لهذا فإن القيم قد نشأت لتكون أدوات قياس و كمراتب تقدير معيارية في المجتمع الإنساني منذ آلاف السنين ، أخذ كل منها طابعاً محلياً نتيجة تباعد المسافات و صعوبة الاتصال بين الشعوب و الدول و الحكومات ، إضافة إلى الصراعات بين الشعوب و التي أخرت الاستقرار العالمي فترة طويلة ، إلى ما وصل إليه اليوم من استقرار نسبي و أمن عالمي و تواصل عظيم ، فأصبح المجتمع الدولي يتدخل في أي مكان لحماية الأقليات و فرض الاستقرار و حماية مبادئ الحرية و الديموقراطية ، و في ظل هذا التواصل يتم تبادل التأثير و التأثر القيمي مما يؤدي كما سبق و أدى في بلاد الحريات المدنية – إلى تبلور فريد من الرقي القيمي بعد ان أصبح الإنسان الحر الكريم هو الهدف .
هكذا فإن الإنسان أسبق على وجود الحضارة و القيم ، لأنه هو من صنعها و هي بدونه لا شئ ، و رغم هذه البداهة الواضحة فإن فقهاء المسلمين لا يرونها لأنهم يعتبرون الإسلام هو مصدر كل القيم ، و هو ما يعني أن الإنسانية عاشت قبل الإسلام بلا قيم ، بينما فجر الضمير كان في مصر ، و فجر القانون كان في بابل ، و فجر الكتابة الألف بائية كان في لبنان ، و فجر الديموقراطية كان في أثينا ، و فجر الدستور كان في روما . إنهم لا يرون أن القيم في غياب الإنسان لا قيمة لها ، و أنه لا وجود للجنة أو النار في غياب الإنسان ، كذلك الحضارة كلها بمنجزاتها و علومها و كشوفها لا وجود لها في غياب الإنسان ، فإن اختفى اختفت ، فلمن تكون القيم ساعتها ؟ و لمن سيكون الرب رباً حينئذ ؟
إن الكون و الطبيعة كانت موجودة من بلايين السنين ، و كان الرب وحيداً في الأزل كذلك فيما يعتقد المؤمن ، في ذلك الزمن البعيد قبل ظهور الإنسان بعقله و فكره ة تحضره ، قبل وجود مجتمعات بشرية و حضارات و علوم و فلسفات و تقنيات ، و بالطبع و لا أي قيم ؟ فالإنسان هو الوجود الحقيقي لأنه الشئ الحقيقي و هو كل كل شئ ، و قبله لم يكن هناك أي شئ .
و إذا كان الكون و المخلوقات و الخالق موجودين قبل وجود الإنسان ، للزم أن يخلق الله القيم بدورها قبل خلق الإنسان ، كما خلق الشمس و القمر و النطفة و العلقة ، و لو افترضنا مخيالاً أن ذلك قد حدث و أن القيم موجودة في كتاب محفوظ قبل خلق الإنسان . فسيترتب على ذلك عدم تطور القيم لثبوتها مع ثبات النص الأزلي في كتابه المكنون . و لو حدث هذا ما عرف الإنسان البدائي ما عرفه من تقدم و تطور ، و خلق أثناءه الحضارة و قيمها . فلا يوجد شئ علي حاله منذ وجد الخلق إلى يوم الدين ، كل شئ يتغير و يتطور ، و التطور هو الحقيقة الوحيدة الثابتة في الوجود .
و ان تطور القيم ، و ظهور الجديد منها فرضاً على يد الرسل و الأنبياء ، مما ينفي نسبتها للرب ، لأن الرب يخلق خلقاً مباشراً تاماً غير قابل للتطور حسب الاعتقاد الديني . فالكون كله مخلوق خلقاً ربانياً مباشراً هو اليوم على صورته كيوم خرج آدم من الجنة ، و هو ما يخالف ما نراه بعيوننا ماثلاً في الواقع ، و الغريب المبهر أننا لا نراه ليس لعمى في العيون إنما تعمى العقول !!
إن الاعتقاد بالخلق المباشر يستلزم ان يخلق الرب الشئ و قيمته داخله و جزء من مكوناته ، لا أن يخلقه ثم يتذكر القيم بعد ألوف السنين فيرسل لنا ملحقاً بكتالوجات مختلفة مع أنبياء مختلفين ليخبرنا عن قيمته . إن القيم التي وضعتها الحضارة الإنسانية هي الأصدق من القيم المحكمية عن الفقهاء و الكتب التراثية في شكل كتالوجات غير حقيقية . و لأن القيم إنسانية و نسبية ، استباح الخليفة عمر لنفسه الاختلاف على نسبة العاصمة يثرب مما يحصله الولاة على البلاد المفتوحة ، فاختلف مع عماله جميعاً تقريباً ، و كان الخلاف على المال ، و لم تكن هناك قيمة غير المال وراء ذلك ، و استباحت السيدة عائشة الثورة على عثمان ثم استباحت الحرب على الإمام علي ، لأنه تكن هناك قيماً متفق عليها ، لم يكن مشتركاً بينهم سوى وجهات النظر النسبية و المصالح الخاصة الدنيوية المادية البحت ، التي أجاز كل طرف لنفسه صحتها الدينية .
أن الذي خلق مصاحباً للإنسان موضوعاً بداخله . هو الغرائز ، و قد تم تزويد كافة الكائنات بهذه الغرائز من الإنسان إلى القردة إلى الحشرات ، كلها مثل الإنسان ، غريرة البقاء و غريزة الحفاظ على النوع ، و هو الصراع الرهيب الذي دخله الإنسان الأول في بيئة قاسية لا ترحم ، لكن من بين كل هذه الكائنات فإن الإنسان وحده هو الذي لم يكتف بالغرائز تدير له حياته ، لأنه لو اكتفى بها لظل يعيش بدائياً في الأحراش و الغابات يقتل ليأكل ، أو يُقتل و يؤكل ، و هي البيئة التي أنزله الله فيها ، مستنقعات ، و كهوف و ضواري و أحراش و بوادي ، في البداية عندما بدأت منظومة العقل المعرفية اكتشف الإنسان وجوب تغطية سوءته فلم يتوفر لديه إلا أوراق التوت ساتراً له ، فهذا ما وفره له الخالق في جنته بعد أكل الثمرة المحرمة .
و عندما نزل آدم للبراري و المستنقعات و الكهوف لم تعجبه تلك البيئة المُعدة له من قبل خالقه ، و تمرد عليها و حولها اليوم إلى ناطحات سحاب ، لم تعجبه الخيل و البغال و الحمير و الإبل التي خلقها الله له ليركبها ( و زينة !! ) ، و استعان بها كل الأنبياء ، فصنع الطائرة المكيفة و السيارة المترفة و السفينة الباذخة ثم مركبات الفضاء ، فعندما تمرد هذا المخلوق على حاله البدائي و بيئته استبدلها بما هو أفضل منها ملايين المرات ، و ترك ورقة التوت التي ستر بها عورته ، و ورقة التين التي كان ينظف بها مؤخرته ، فلبس أجمل فنون الأزياء و أنشاء دورات مياه هي أعلى ذوقاً وفناً و نظافة من مقرات عروش الملوك القدامي . هذا المتمرد لم يعجبه أن يكون ذليل غرائزه فقام بتعديلها و تحسينها و تطويرها إلى الأفضل ، و ابتدع القيم و فلسفات الأخلاق ليرافق تطوره المادي تطوراً معنوياً و خلقياً بمعايير قيمية تليق برقيه .
و الأضرار التي تترتب على القول بقيم دينية تبدأ أولاً من قواعد الدين نفسه ، التي لا تقبل المناقشة و لا استعمال العقل و إنما تطلب التصديق و الطاعة . بينما القيم اختيار و مفاضلة و عقل يمايز ليعطي القيمة إيجابية أو سلبية ، و لذلك لو قلنا بقيم دينية ستكون قيماً زائفة باطلة لأنها تخلو من الاختيار العقلي . و ما يعطيه الدين لم ينشئه العقل إنما استقبله دون حوار بقرارات قدسية و مسلمات و تحليلات و تحريمات ، لذلك عندما يتدخل العقل بقيمة العلمية و كيميائية سيكشف لنا كمية الأضرار و السموم في بول الجمل الذي يتداوي به المسلم حسب النصوص .
أما الضرر الأفدح فسيكون في الصراع الدموي الذي لابد يترتب على القول بقيم دينية ، و ذلك لاختلاف الاديان و قيم كل منها ، و هو لا يليق بعدالة السماء ، ما يليق هو أن ننسب القيم لمنشئها الإنسان ، و لأنها غير مقدسة و قابلة للتغيير فإنه يمكن التنبؤ بالتقارب بينها و التآلف مع التطور لإقامة مجتمع أرضي مسالم سعيد .



#سيد_القمني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما نشرتة مجلة الإذاعة والتلفزيون المصرية عن حوارها مع سيد ال ...
- ظاهرة التكفير في ميزان العقل و الدين
- زواج القاصرات
- اليوجينيا الوطنية
- كعبة سيناء
- الشيخ .... و الغوغاء ؟ !
- أبعاد ظاهرة الحجاب و النقاب ( 4 من 4 )
- أبعاد ظاهرة الحجاب و النقاب ( 3 من 4 )
- أبعاد ظاهرة الحجاب و النقاب2من4
- أبعاد ظاهرة الحجاب و النقاب( 1 من 4 )
- درس في البحث العلمي و أخلاقياته
- آلية الفتوى( تفكيك الخطاب )2 من 2
- رد وجيزعلى د. صالحة رحوتى وكل من هم فى زمرتها
- آلية الفتوى تفكيك الخطاب 1 من 2
- مؤسسات حقوقية ونشطاء يبدئون حملة للتضامن مع الكاتب والمفكر س ...
- خطاب مفتوح الى مفتى الديار المصرية
- حكاية الخمر فى عرس النبى (ص) بالسيدة خديجة ( رضى )
- هاهم يقفون عرايا!!
- بيان هام
- كم راهنت على غبائهم ... ؟ ! ! .


المزيد.....




- أنور قرقاش يهاجم -الإخوان المسلمين- ويثير جدلا على منصة -إكس ...
- عاجل | أبو عبيدة: فلسطين وشعبها لن ينسوا الوقفة المشرفة من ا ...
- قائد الثورة الإسلامية: ضرورة الحفاظ على جاهزية القوات المسلح ...
- فتوى الجهاد المسلح دفاعاً عن فلسطين
- -حماس- تدين منع إسرائيل المسيحيين من الوصول إلى القدس لإحياء ...
- بسبب منعها -المظاهر الإسلامية-.. شكاوى ضد ثانوية دولية في ال ...
- ما دور الطرق الصوفية في السياسة المصرية؟ وكيف تمكنت الدولة م ...
- قائد الثورة: العدو محبط وغاضب إزاء تقدم الجمهورية الإسلامية ...
- في يوم ديني.. إسرائيل تحرم آلاف المسيحيين الفلسطينيين من الو ...
- -قرن من الشعارات لم ينتج إلا الخراب-.. أنور قرقاش يهاجم الإخ ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سيد القمني - تبسيط مفهوم القيم