|
حميد كشكولي ضد الإشتراكية
فؤاد النمري
الحوار المتمدن-العدد: 2980 - 2010 / 4 / 19 - 16:27
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
لسنا هنا لنصور كشكولي على غير ما هو، فقد كتب معبراً عن آرائه في الاشتراكية السوفياتية واتخاذه موقفاً موازياً لموقف هتلر منها وسخر ممن دعاهم بالمثقفين المعجبين بستالين ــ وأنا أكره المثقفين وأشد المعجبين بستالين متشبهاً بلينين الذي كان أيضاً معجباً بستالين أيما إعجاب ويصفه دائماً بالقوقازي العجيب ــ كما كتب في الأمس تحت عنوان "خروشتوف الستاليني الذي أدان ستالين " مندداً بالإشتراكية السوفياتية وواصفاً ستالين بالدكتاتور والطاغية الدموي وعدو الشعب، هذا الشعب الأبله الذي بكى عدوه ستالين يوم رحيلة وممن بكاه المعتقلون السياسيون في السجون، وعاد اليوم بعد مرور أكثر من نصف قرن يختار ستالين كأعظم القادة الروس عبر التاريخ بالرغم من أنه ليس روسياً بل جيورجياً، هذا الشعب الأبله الذي لم يعِ مصالحه كما يعيها استاذ المثقفين حميد كشكولي.
لا أعتقد أن كشكولي يدرك أنه عندما يدين الاشتراكية السوفياتية فهو يصطف بثبات مع الرجعية والنازية والإمبريالية وليس في أي صف آخر. لئن أحسنت الظن بالكشكولي ــ وأنا حقيقة أحسن الظن فيه ــ لوصفته بالغرّ الأبله، وإن لم يكن هو الغر الأبله فأنا نفسي هو ذلك الغر الأبلة. لا بد أن يكون أحدنا كذلك. هو يصف ستالين بالطاغية الشرير عدو الشعوب، وأنا أصفه بأنه أعظم أبناء الإنسانية قاطبة. هو يقف في صف المخابرات الإنجليزية والأميركية في وصف ستالين، وأنا أقف في صف لينين، وهو حجة العبقرية، الذي كان يصف ستالين بالقوقازي العجيب ولم يأتمن مصير مشروعه في الثورة الإشتراكية العالمية أحداً غير ستالين. ولو صدقنا الكشكولي لترتب علينا أن نعتبر لينين أبلهاً حيث رافق ستالين لربع قرن عاصف بالأحداث دون أن يكتشف شخصية ستالين الشريرة. بل وترتب علينا أن نعتبر تشرتشل وهو داهية الرأسمالية الإمبريالية أبلهاً وهو الذي اعتبر ستالين بعد رحيله بخمس سنوات الشخصية الإنسانية والعبقرية وأنه كان من حسن حظ روسيا أن يقودها شخص بقوة ستالين وحزمه كما بعلمه الواسع ويعترف بأنه هو شخصياً ليس نداً لستالين. وبالمثل كان روزفلت الرئيس الأميركي المميز الذي كان يود ستالين وينتصر له بصورة خاصة. وقائع التاريخ تطرح علينا التساؤل .. من هو الغر الأبله حميد كشكولي أم هم لينين وتشرتشل وروزفلت؟ نترك الجواب لكشكولي نفسه.
كشكولي لا يعلم أن الديموقراطية التي أقامها ستالين في الإتحاد السوفياتي لم توازها أية ديموقراطية أخرى عرفها العالم. فما عاد زائر للإتحاد السوفياتي في الخمسينيات إلا ووصفه بامبراطورية الطفل. ولم يكن للمرأة حقوق كمثل حقوق المرأة السوفياتية. هذا هو ميزان الديموقراطية الحقيقي. كانت القواعد الشعبية العمالية هي التي تقرر مسار الاقتصاد الاشتراكي. وأهم حجة في الديموقراطية ليس رفض ستالين مبادلة ابنه في الأسر بضابط ألماني أعلى رتبة، بل هي اختفاء ستالين في الأيام الثلاثة الأولى لاعتداء هتلر على الاتحاد السوفياتي. اختفى ستالين في 22 حزيران 1941 ولم تعرف قيادة الحزب مكان وجوده إلا في 25 حزيران. وقص مولوتوف في مذكراته كيف أصر ستالين على عدم العودة لاشغال مركزه في الدولة والحزب إلا بعد أن أكدت له قيادة الحزب أن الإتحاد السوفياتي قد يخسر الحرب بغيابه. ما كان أحد في الحزب يحكم على ستالين بالعزل من الحزب نظراً لسوء تقديره لتوقيت الإعتداء إلا ستالين نفسه. فحكم ستالين نفسه على نفسه بالعزل من الحزب لأنه كان يقدر أن هتلر لن يعتدي على الإتحاد السوفياتي قبل ديسمبر 1941 ولم يصغِ للملحق في السفارة الألمانية في طوكيو ريتشارد سورج الذي أكد في برقية له أن هتلر سيشن حربه على الإتحاد السوفياتي في 22 حزيران وهو ما حدث فعلاً. أي ديوقراطية مثل هذه الديوقراطية يا كشكولي؟ ــ عندما تتأكد من هذه الحادثة يترتب عليك أن تكتب اعتذاراً عما كتبته عن أعظم شخص في تاريخ الإنسانية وليس فقط في تاريخ الطبقة العاملة. إقرأ في مذكرات خروشتشوف كيف كان خروشتشوف يتجسس على ستالين أثناء إدارته للمعهد التقني في العام 1930 وليس دارساً فيه كما كتبت. كان خروشتشوف يستدعي ناديا زوجة ستالين بعد انتهاء الدوام ليستفسر منها عن رأي ستالين في إدارة المعهد ولم ينجح في ذلك إذ كانت تؤكد له أن ستالين لا يتحدث معها في سياساته ــ ولعله تسبب في انتحارها لاعتقادها أن ستالين لا يحبها ــ إقرأه يؤكد أن أحداً غيره في المعهد لم يكن يعلم أن ناديا هي زوجة أعظم رجل في الاتحاد السوفياتي إذ كانت تلبس كما سائر الطلاب وتروح وتجيء إلى المعهد في السفريات العامة.
حميد كشكولي لا تعجبه الإشتراكية السوفياتية بالرغم من أن سائر خبراء الدراسات العسكرية الغربيين قد أكدوا أن الإتحاد السوفياتي ما كان لينتصر على ألمانيا النازية لو لم يكن اشتراكياً. وهكذا فالكشكولي يقول لسائر الشيوعيين إيّاكم أن تكرروا التجربة السوفياتية دون أن يقول لهم شيئاً عن الإشتراكية التي يفضلها، وبالنتيجة ينتهي الكشكولي إلى التحذير من كل ما هو اشتراكي. وهنا علينا أن نعترف بعجزنا الكلي في أن نقنع الكشكولي بأن الإشتراكية الستالينية هي هي الاشتراكية اللينينية وهي هي الاشتراكية العلمية الماركسية، نعترف بعجزنا طالما أن كل التفوهات البذيئة التي تفوّه بها خروشتشوف بحق ستالين لم تقنع الكشكولي أن خروشتشوف ليس إلا ستالينياً؛ كما لم يقنع الكشكولي حقيقة أن ستالين غضب غضباً شديدا عندما اشترت له ابنته بذلة جديدة بعد أن لاحظت أن البذلة الوحيدة التي يلبسها أبوها لا تليق به واضطرها إلى أن تعيدها للبائع وأنه لم يكن لديه بذلة أخرى تليق بعرض جثمانه على المشيعين؛ وهو الذي رفض أن يعطي ابنه الثاني ثمن بذلة عسكرية تميزه عن عموم الضباط. وفي المقابل كانت عائلة خروشتشوف تغسل ملابسها في باريس وتأكل طعامها مجهزاً في باريس أيضاً.
وأخيراً أرجو من الكشكولي أن يدلني على طريقة أقنعه في نهايتها أن يكون اشتراكياً !! أما وإن رفض بحجة أنه اشتراكي بداية فليتفضل ويدلني عن سيماء تلك الإشتراكية النافية للصراع الطبقي كمثل اشتراكية خروشتشوف؛ وإذا كانت غير نافية فليتفضل ويدلني على وسائل قمع أو ردع الطبقات المعادية للإشتراكية!! وأخيراً أنصح الكشكولي أن يقرأ كتابي المتواجد في مكتبة الحوار المتمدن عن " من هو ستالين، وما هي الستالينية " قبل أن يكتب حرفاً واحداً في شتم خير بني البشر.
#فؤاد_النمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محطة الإنحطاط التي تحط فيها البشرية اليوم
-
تاريخ الإنسان كتبته العبودية وليس الحرية
-
تطوير العمل الفكري والثقافي للحزب الشيوعي العراقي
-
هل الرأسمالية متقدمة على الإشتراكية !؟
-
من يفتح ملف الإشتراكية !؟
-
ليس شيوعياً من يغطي على الأعداء الفعليين للشيوعية
-
القانون العام للحركة في الطبيعة (الديالكتيك)
-
الوحدة العضوية للثورة في عصر الإمبريالية
-
البورجوازية الوضيعة وليس الصغيرة ..
-
نحو فهم أوضح للماركسية (3)
-
نحو فهم أوضح للماركسية (2)
-
نحو فهم أوضح للماركسية
-
رسالة إلى أحد الديموقراطيين الليبراليين
-
الليبرالية ليست إلاّ من مخلّفات التاريخ
-
حقائق أولية في العلوم السياسية
-
شيوعيون بلا شيوعية !!
-
كيف نتضامن مع الشعوب السوفياتية لاسترداد فردوسها المفقود
-
إنسداد دورة الإنتاج الرأسمالي وانهيار الرأسمالية
-
الإنحراف المتمادي لبقايا الأحزاب الشيوعية
-
محاكمات غير ماركسية لمحاكمة ماركسية
المزيد.....
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع
...
-
صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
-
بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|