|
رنين الحنين على أجنحة نوارس عائدة أو نغم أخضر
عفيف إسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 2980 - 2010 / 4 / 19 - 02:03
المحور:
الادب والفن
مُسامرة من وراء المحيط *
"لا تكن بعيد عني كحبل الوريد بل كن قريباً كحبل الغناءِ" آمال حسين
أما ما قبل الحنين وبين سهو الغياب:
كي تدخل إلي حديقة الفنانة المغنية د. ياسمين إبراهيم محجوب الغنائية: لابد لك ان تتعثر في اول ممرات بهاءها بفواح يدوزن الفضاء صداه يتردد بتنغيم صوتي نابع من روح قدسية، صلصالها النوراني معجون بالتراتيل وترانيم المعابد القديمة، وبعض اشجان الانعتاق من وحل الطين، ومناحات أزمان ضروس، وابتهاجات احلام طفولية تركض خلف قوس قزحها، ويقين عرافة بتواقيت الطلق المخبوءة في رحم الآتي. كي تدخل إلي حديقة الفنانة المغنية د. ياسمين إبراهيم محجوب عليك ان تشحذ حواسك بذاكرة الدعاش، لآن صوتها سوف يسري بك إلي سماؤات لا نراها، سوف تحلق في الما بين، وسوف تعود جينياً إلي برزخ التكوين، وفطرة البدايات، وانفطار الروح عن سيديمها الأول، وانفلاق البذرة عن الجذور، سوف تنعتق من ثقل الجسد المُتعب برهق عبء اللحظة، واطنان الهموم، سوف تتسرب مع صوتها إلي الأعالي مثل دخان أعود ندي هندي. سوف تعود جنين بذاكرة سبع اجداد، وطفل مغسول الصدر بعطر خفيف، ولمسة حانية، وهدهدت فصول الرذاذ لك حد الخدر الذيذ، والنشوة البكر، والاستفاقة الكسول.
..اذن ..
عندما تدخل إلي حديقة المغنية د. ياسمين إبراهيم محجوب الغنائية تعود طفلاً محباً للنزق الركض في براري خضراء لم تعرف قواميسها بعد مفردة الجفاف، الموات، وجدب المواسم. تنمو بداخلك نبتة الأمل، والاطمئنان. كي تدخل إلي حديقة المغنية د. ياسمين إبراهيم محجوب الغنائية: عليك ان تاتي إلي رنين حنينها الغنائي،الذي سوف يحلق بك إلي مسارب أعالي ألق البعيد البعيد.. برعاف مسبوق، ومنطاد جاهز للهبوط الاضطراري، كي تعود إلي ارضنا بين لحظة واخري كي تلتقط انفاسك الهاربة منك خلف رنين حنينها الغنائي االمشبع بالاصباح والهديل الحميم، ثم تعود إلي ذات التحليق المجيد، غير نادم إلا علي انك لم تتعرف بديع نمها من قبل، وعلي صوتها الذي يتنفتق مثل ميلاد لؤلؤة في ضوء الشمس، كي يغسل مسامك بترياق الاغنيات الندية.
.. وبعد الغناء:
تنتخب حديقة المغنية د. ياسمين إبراهيم محجوب الغنائية اشعارها من نسيج لكلمات تنتمي إلي الحساسية الجديدة في الاغنية السودانية، نصوص شعرية طازجة المعني والمضمون، مشبعة بغنائية متدفقة، مترعة بالانتقالات من حالة إلي اخري بدقة ساعة سويسرية الصنع، نابضة بصور شعرية لها ديناميتها الداخلية التي تجعلها قابلة للتجدد المستمر، بعدد مهول من التلخيصات اللغوية،المجازيه ودلالاتها المفتوحة علي الوجود الانساني ككل، وتحوي وتحاورما يجاور الانسان من اقارب في محيطه البيئوي المتعدد المخلوقات ذات الارتباط الأصيل. من أبرز شعراء أغنياتها شاعر الشعب محجوب شريف عمر الطيب الدوش، عاطف خيري،محمد الحسن سالم حميد، أزهري محمد علي ، محمد محى الدين، مجدي النور،عثمان البشري،عماد الدين إبراهيم ، أمين صديق،خطاب حسن أحمد، د. طلال دفع الله، بدر ألياس، ابراهيم محجوب،علاء الدين سنهوري، ناصر القوني، والحاج عبد الرحمن وآخرين. وتقتفي الفنانة المغنية د. ياسمين آثار عملاقة لها بصمتها المميزة علي صفحات تاريخ مشروع الاغنية السودانية الممتد بذات التطابق الخطو المتجاوز، لذلك ليس غريباً ان تكون حديقة د. المغنية ياسمين إبراهيم محجوب الغنائية عابقة بفواح لطيف في سليلة مجموعة ساورا الغنائية ذات المشروع الغنائي النهضوي المستشرف الآن والاتي. لذلك جاءت الحان اغنيتها مزيج من الجديد الأصيل المتجذر في الوجدان السوداني العامر بالتعدد والتمازج المتصاهر رغم أنف هواة آفات بذر التشتت والعصبية. ترنمت بألحان لكوكبة منيرة في سماء الاغنية السودانية منهم: شمت محمد نور، حمزه سليمان، شريف شرحبيل،عباس عمر، عبد اللطيف عبد الغني،عاصم الطيب قرشي، ربيع عبد الماجد، علاء الدين سنهوري،عاطف صالح، سيف عثمان، هشام كمال،عبد اللطيف ضرار،الصافي مهدي،و ياسرمساعد. واحمد عدلان، ومن قبل وبعد رائد الأغنية السودانية الحديثة الموسيقار يوسف الموصلي الذي يرعي مشروعها بروح الخالق والعابد للجمال والجديد وضد الاجترار.
جناح نورس بين مسافتين:
لايخف علي الاذن الساهرة علي مشروع المغنية د. ياسمين إبراهيم محجوب الغنائي إنها صقلت فطرتها الموسيقية بمعارف علمية، نبغت فيها في زمن وجيز في موطنها الثاني في بلاد الكانغرو، حيث خصبت استعدادها الفطري بكل الدعامات الاكاديمية، التي جعلته قريباً من نبض الناس وليس غريبا عنهم. وتفجرت كل امكانيات الكامنة بروحها الفنانة وبذار الفنان الشامل إبراهيم محجوب الوراثية، مثل كتابة النصوص الغنائية، وتلحينها، وتوزيعها موسيقياً، ومن ثمة غناءها. وكمثال لذلك ليتها تغني لكم في هذا مساء رنة الحنين ، ولمسة رد الجميل للموسيقار الجميل رائد الأغنية السودانية الحديثة المبدع يوسف الموصلي اغنيتها الموسومة بـ" جمة عشم". وذلك ماجعلها مميزة في استراليا وخير سفيرة للغناء السوداني، وتشتغل عبر صوتها المجبول علي اختراق القلوب ببعذوبة رنين حنينها، بصبر ابرة الحياك وريشة صانع المنمنات الدقيقة لتطرز لوحة فائقة الجودة في هموم التجسير الثقافي وتصاهر الشعوب عبر وسيط عرفتة الانسانية منذ انسانها الأول بلغتة الكونية، الا وهو فن الغناء، الذي لا يحتاج إلي مفردات للتفاسير للإفصاح، او شروحات العارفين، إنما ينتقل من القلب إلي القلب، ومن الروح إلي الروح، ومن النبض إلي النبض، ويشحذ طاقات الذهن الكامنة ويحفزها علي الفعل المثمر والاحتفاء بالحياة. والحديث عن هموم التجسير الثقافي لا ينتهي، فهي تغني باللغتين العربية والانجليزية، ليتكم تستمعون إليها وهي تغني للمسافات والحنين ،بفرقتها الموسيقية المكون من هجيجن أفريقي استرالي تلك الأغنية الخالدة لـ
Rod Stewart Sailing
I am sailing I am sailing home again cross the sea. I am sailing stormy waters to be near you to be free. I am flying I am flying like a bird cross the sky I am flying passing high clouds to be with you to be free.
Can you hear me can you hear me thro the dark night far away. I am dying forever trying to be with you who can say. Can you hear me can you hear me thro the dark night far away. I am dying forever trying to be with you who can say.
We are sailing we are sailing home again cross the sea. we are sailing stormy waters to be near you to be free.
Oh Lord to be near you to be free Oh Lord to be near you to be free . . .
لم تجنح ابد للحنين العاطل، وداء التقاعس الذي يصيب مبدعي المهاجر في مقتل، انما تمازجت مع واقعها الجديد، وتعايشت ثقافياً معه، واصبحت تتنج داخل بيئة ثقافية جديدة. ان مشروع الفنانة المغنية د. ياسمين إبراهيم محجوب مشروع مكتمل الملامح والتكوين، تحكمة شرطية التجاوز المدرك لكل الأرث السابق علي مستوي الكون ككل، وبكثير من الخصوصية والاعتناء بالمنتوج الافريقي والعربي والسوداني في حقل الغناء ،عماد مشروعها وعموده الفقري قدرتها الفذة في التحكم كيف ما تشاء في صوتها، وتلوينه وتطويعه بدربة ومهارة خارقة. واصرارها الملهم علي وضع بصمتها المميزة علي جبين العالم، لمزيد من الإنصهار والتجانس والانسجام دعوتها العملية لخلق جسور تواصل ثقافية، تخيرت مجموعتها الموسيقية التي تتكون من عازفين أفارقة واستراليين.
استطاعت الفنانة د. يا سمين إبراهيم محجوب ان تنحو في بعد آخر للتجسير المسافة السودانية السودانية في المنافي والمهاجر، التي دفعت بهم قسراً عجلة الآفات الطحلبية باعداد مهولة من بنات وابناء الوطن إلي متاهة الدياسبورا، من خلال الشبكة العنكبوتية استطاعت ان تهزم المسافة وتلم شمل شتات الغجر السمر، عندما انتخبت بحاستها المذهلة الارهاف نص "فاطمة" لشاعر العذوبة والفرح والحلم الفسيح الاستاذ ازهري محمد علي المسكون بعشق الوطن ويساكنه الوطن كل مسامه، ونبضات قلبه التي تندق علي اطراف حروفه الغارقة في هموم الناس وشايجهم الجياشة بالمحبة والعرفان الواعي بما هو ايجابي في النسيج السوداني، لحن نص "فاطمة" شقيقها في الرضاغة من ثدي مجموعة ساورا الغنائية، الموسيقار المتميز عبداللطيف ضرار المتدثر بندف ثلوج كندا، ثم وزعه موسيقياً درة اجيال الموسيقي السودانية الموسيقار الصافي مهدي القاطن قرب رنة وتره بكلية الدارما والموسيقي بالخرطوم، لتترنم د. ياسمين بصوتها الذي يهدهد الاحزان كي يجعلها محتملة ويبث الأمل والفواح في المسافة ما بين بلاد الكانغرو إلي ريف روحها ومدائن وقري المليون ميل مربع. يا له من تجسير عابر للقارات يتوسل وسائط الشق المضي من عولمة الفنون في هذه الضاحية المسمي العالم!!
..إذن..
هل انتم جاهزون للايقلاع مرة أخري إلي ما بعد السماوات التي نراها، اتمني لكم إسراء ميمون برفق عذوبة صوت وموسيقي الفنانة د. ياسمين إبراهيم محجوب. اتركوا كل ما يثقلكم خلفكم، حلقوا.. حلقوا في افق البعيد، ان لم تستطيعوا من قبل الفكاك من احزانكم، احلامكم المجهضدة، رهق الايام،عنت الروح المسممة بخذلان الراهن، بالفوضي، بالاحباط، بالخوف من الآتي، بالإكتئاب السياسي الوطني، ارموا بها واحدة بعد اخري ، وانتم تتسلقون اعالي صوتها، الذي يسري من الروح إلي القلب إلي النبض، ثم يستقر بتجاويف المخ، ليعمر الوجدان بالبشارة، والأمل، ويعمد اللحظة بشوق عامر، وحنين لا يفتر. واتمني ان تهبطوا علي وطن.
ودائما فليتواصل الحلم
*مسامرة من وراء المحيط، مشاركة عفيف إسماعيل في جلسة الاستماع للفنانة المغنية د. ياسمين إبراهيم محجوب، التي اقامها نادي فرقة الخرطوم جنوب للموسيقي والغناء والمسرح، إحتفاء بعودة رائد الاغنية السودانية الحديثة.
#عفيف_إسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسامرة حوارية- جريدة الحصاحيصا
-
زهور ذابلة
-
إندماج أم إقصاء؟!
-
مبادرة -برانا- الثقافية
-
نورس حط على القلب
-
المتشظي
-
عازف البيانو الأعمي في ميدان فورست او ظل بلا اثر
-
الشاعر المصري حلمي سالم.. وفقهاء الظلام
-
نافذةٌ لا تُغري الشمس
-
وتبقي طفلة العصافير الموسمية
-
بيكاسو ماقبل وبعد الجرنيكا
-
الوان
-
عودة
-
قبعات غير مناسبة
-
نصوص
-
الموسيقار عاصم الطيب قرشي في مهرجان ميلا بالنرويج
-
رتقُ الهواء
-
خيوط بين الأشياء
-
ساورا- إنداكوا
-
000الرقم:
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|