|
إلى سماحة مولانا..المُدجِن بأمر الله..!
نضال شاكرالبيابي
الحوار المتمدن-العدد: 2978 - 2010 / 4 / 17 - 18:13
المحور:
كتابات ساخرة
أكثر مايشعرني بالغصة والمرارة –كمسلم- عندما أرى أو أسمع عن مظاهر استغلال البسطاء من خلال نفيهم عن هموم ومتطلبات واقعهم الحقيقية باسم الدين من النفعيين من رجال الدين ممن يشار لهم بالبنان وبغزارة العلم وتسبق أسماءهم ديباجة التبجيل والتقديس . والحقيقة أنهم أساؤوا إلى الدين وإلى المتدينين أكثر من إساءات بعض مستشرقي القرون السالفة الذين حملوا حملة شعواء على الدين الإسلامي آنذاك.وهل هناك ثمة إساءة أبلغ وأشد نكاية ً من الاسترزاق بالدين لغايات ذاتية ؟! وفضيلته على سبيل المثال .. يُغرِقُ تلامذته ومريدوه في الغيبيات حتى آذانهم من خلال الصورالمثالية اللاعقلانية التي يسوقها لهم عبر قصص التدجين والخرافة من خلال ممارسته مهنة الاسترازاق على أتم وجه فهو لايخجل من إضاعة ساعة ونصف تقريباً في الحديث عن أمور سخيفة من مثل كم عدد أجنحة جبريل وماهي مساحة جبين الأعور الدجال ؟! وعن فتنة يأجوج ومأجوج أو كرامات الأولياء ..ومن أمثال تلك القصص التي تخدر العقول وتسلبها النظرة الموضوعية للحياة والكون والدين. فحينما يتحدث عن الجنة أو النار،على سبيل المثال،بوصف متناهي الدقة وصفَ من شاهدَ ورأى ومحص ودقق.. وعندما نتأمل وصفه للجنة والنار نجده يصور لنا الجنة وأهلها على أنهم مجردُ أناسٍ لا همَ لهم سوى التمتع بما لذ وطاب من فاكهة وخمر ونساء وغلمان..! حياةُ بدائيةٌ موغلةٌ في الشهوة ولولا ترفعي عن ذكر مايخدش حياء ومشاعر القراء لذكرت بعض شطحاته المسفة في وصف أهل الجنة ومن المعيب أن يتورط رجل عاقل يحترم دينه في هذه الجهالات العمياء،فضلا عن رجل دين يشار له بالورع والتقوى وغزارة العلم.! فلا مناص من أن ينشأ جيل مطعم بلقاح التدجين والتبعية العمياء حتى يكون سهلَ القياد من خلال ترديده ببغائيا مايتفضل به سماحته دون تردد أو شك.! يُغرق التلاميذ الأغرار في خطابات (توعوية)في التبغيض من الدنيا والتحقير لها والتحذير من زيفها الخداع ومن سوء عاقبة المذنبين ومصيرهم المخيف في القبر وعذاباته المريعة ،فضلا عن أهوال يوم القيامة..الخ ومن ثم تجده يتمسك بزيف الدنيا الخداع –على حد قوله- بالنواجذ..! ولو جُرد من حظوته الاجتماعية وشهرته الإعلامية لشك في عدالة الله سبحانه ..! فبينما يستجدي عواطف البسطاء وجيوبهم للتبرع لإخوانهم المعوزين في شرق الأرض وغربها –وبينهم من لايجد قوت يومه- تجده يقطن قصرا ضخماً و يتمتع بما إيمانه ملكت وبما ستملك شماله لاحقا من هذه المهنة الوفيرة الربح ..! وعندما تزول الغشاوة عن عين نابه من أحد التلاميذ ويسأل فضيلته سؤالاً محرجاً ذا عواقبَ وخيمة كمثل من أين لك هذا أيها العصامي الفريد ؟! سيكون جواب فضيلته إذا تسامح مع هذا الفضولي المارق بأن يقول بكل صفاقة"هذا من فضل ربي"أو :أما بنعمة ربك فحدث".!! وهذا الخطاب المزدوج بين قول اللسان وفعل اليدين أضعف ثقة الناس في رجال الدين ،حتى ساد شعور لدى الكثير من الناس أن من فشل دراسيا واجتماعيا مصيره إذا أراد أن يعوض ماخسره أن يلتحق بسلك المتدينين . وكأن التدين ليس اعتقاداً راسخاً وإيماناً عميقاً بالقيم التي يحملها المتدين ، وإنما صار لدى البعض مجرد وسيلة للتكسب أو مهنة يسترزق من خلالها مادامت الأبواب الحياتية الأخرى موصدة . ناهيك عن استخدام الدين كسوط يُجلد بهِ كلٌّ من يقدم رؤية ًمغايرة لرؤى سماحته، فهو فاسق وعلماني و...الخ إلى ماهنالك من هذه النعوت المعلبة التي تسلط أنيابها على من يغضب أو يغمز من قناة سماحته . وأكثرُ مايقززني ويثير اشمئزازي في فضيلته عندما ينفجر غضباً ويثور ساخطاً ناقماً بصخب مدوٍ ويطلق العنان لرذاذ لعابه المتطاير في نزقٍ محموم و لفحات الأدخنة البركانية تتصاعد من فوهتي منخاره وكأن القيامة على الأبواب من أجل خلاف تنطيري بينه وبين رجل دين آخر حول قضية ليست حتمية ،لكن فضيلته اعتاد على السمع والطاعة والتأييد اللامتحفظ لكل مايتفوه به من حقائق مطلقة غير قابلة للدحض .لذلك تضيق نفسه ويفقد صوابه إذا تجرأ أحد ما من أدعياء الثقافة والعلم على مقارعة علمه اللدنّي فما يُقذف في قلبه ومايدركه عقله لايمكن إلاأن يكون صواباً محضا لايعتوره الباطل مطلقا..! ومن ثم يصدع رؤوسنا بكل صفاقة (بالديباجة التي يلوكها آلياً) عن أهمية التعدد الثقافي والاختلاف رحمة والحراك الفكري دليل على أن الأمة حية ..! إن كان الأمر كذلك فلِم هذه الجلبة والصخب عندما يختلف معك أحدهم يامولانا الملهم؟! وحتى نكون منصفين يتحتم علينا الإشادة بأن مولانا قارئ نهم للكتب العلمية الدورية وليس فقط متسولاً على كتب التراث كما هو شائع عنه،وذلك ليس حباً في العلم والعلماء (الكفار)إنما لكي يمارس هوايته المحببة في لي أعناق الآيات الكريمة لكي تتوافق قسرا مع منجزات العلم الحديث..! وإذا كان أحدهم في القرن الماضي قد فسر الآية الكريمة " وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا.." على أن المقصود بها الطائرات النفاثة.! إلا أن مولانا بلغ شأواً بعيداً في مجال إعجاز القرآن لم يبلغه أحد من أهل عصره .فلا يوجد اكتشاف علمي إلا وله إشارة في آيات القرآن الكريم..! فلنفترض جدلا أن في القرآن الكريم آياتٌ تتحدث عن حقائقَ علمية.. أليس هذا الافتراض يضعنا في موقف حرج ومأزق خطير؟!لأن ذلك يقتضي بالضرورة أن نتساءل أإذا كان القرآن الكريم قد ذكر ذلك قبل أربعة عشر قرناً من اكتشافها فأين كنا نحن حملة الكتاب خلال هذه الفترة الطويلة ؟! فضلا عن أن الافتراضات العلمية غير ثابتة ،فما هو ثابت اليوم قد يتغير غدا حتى أكثرالنظريات العلمية رصانة كالنسبية مثلا، أما التنطع والتكلف في لي أعناق الآيات الكريمة حتى تكون متوافقة قسراً مع مكتشفات العلم الحديث علينا وليس لنا.. ويشي بشعور دفين بالدونية إزاء العلماء والمبتكرين ! مولانا وخلق الفتاوى من العدم..! الفتاوى التحريضية التي تكفر هذا وتفسق ذاك تحت دعاوى حفظ الدين وصون العقيدة تترشح عادة من عقول صدئة تأنف أن يسود في الساحة الثقافية رأي مغاير لتوجهاتها الدوغمائية حتى لاتبور بضائعها..! فهم على استعداد أنْ يشرعنوا كل الأساليب الرخيصة القميئة لقمع كل محاولة لتحريك القوالب الجامدة التي ألفوها واستأنسوها ولو تطلب ذلك التصفية المعنوية ،فضلا عن التصفية الجسدية التي نرى تداعياتها البشعة في العراق . ولستُ أدري كيف تعد محاولة نبذ قيم الاستبداد والفساد والتخلف والخرافة وتسيس الدين لغايات مشبوهة محاربة لصحيح الدين وطعناً في جوهر العقيدة؟! وكيف-بربك- يامولانا يمكن الانتصار للدين من خلال بث روح الكراهية وإنبات الأحقاد التاريخية في أرض لطالما كانت خصبة بالاحتقانات المذهبية تحت دعاوى نتنة ظاهرها حمل شعارات الدين وباطنها إقصاء فئة من حياض الوطن لغايات أصبحت مفضوحة حتى للرضع؟! وعندما نستقرئ تجاذبات فوضى الفتاوى بين التيارات الأصولية المتشددة نجدها لاتخرج عن نمطين ؛ أولهما فتاوى التكفير والتفسيق والإقصاء التي تطلق فيما بينهم (أي التيارات الأصولية)عند اختلافاتهم الاجتهادية على قضية ما. والفتاوى المسمومة الأخرى التي توجه إلى صدور الكتاب الذين هم من خارج إطار التيارات الدينيةالذين هم متهمون دوما في دينهم ووطنيتهم حتى يثبت العكس مادامت وجوههم عارية من اللحى..!.والصورة الأخرى نجد الدافعية الحقيقية وراءها والهاجس المحرك لها المرأة وبعبع الاختلاط.فمثلا فتوى إرضاع الكبير كان الدافع لها شرعنة الاختلاط وأسلمته قسراً ولو تطلب ذلك ابتكار هذه الفتوى المقززة . وآخرها الفتوى التي أثارت جدلا واسعا للأحمد الذي دعا إلى هدم الكعبة وإعادة بنائها لأكثر من طابق،منعاً للاختلاط بين الجنسين أثناء الطواف والسعي..! ولو نظرنا للأسئلة التي تطرح من الجمهور رجالا ونساء في البرامج المهتمة بالإفتاء لوجدناها –غالبا- تافهة وهامشية تعبر عن قصور في فهم العناوين العريضة للدين الإسلامي من جهة وتقديس كل مايترشح من المشايخ من جهة أخرى بصرف النظر عن قيمة المترشح موضوعياً. ومولانا متخصص في ابتكار فتاوىً لم يسبق إليها..وبدلا من أن يرشد الوعي تجده يسرف في تدجين العقول وغسلها من كل بقايا للوعي .ففضيلته يقحم الجن والشياطين والعفاريت والغيبيات بسبب وبغير سبب ،وعلى سبيل المثال تسأله إحدى النساء عن سبب نفور ابنها من المدرسة فقال لها فضيلته أنه مسكون ..! وليت الدجل يقف عند هذا الحد بل بلغ به الأمر أن يدعي زورا وبهتاناً بأن الإنسان يمكن أن يتزوج بجنية على حد قوله ..!أبعد هذا الإسفاف والدجل دجلاً؟! وليت مولانا يستغل ولو مرة هذا الحشد الكبير المتجمهر حوله ويتحدث عن قضايا حقيقية تمس الواقع كظاهرة الفقر والبطالة والعنوسة والفساد المستشري في مفاصل المؤسسات الحكومية وغياب الديمقراطية و..الخ لكن يبدو لي أن هذه بضائع بائرة بالنسبة لمولانا المختص في تدجين العقول والاسترزاق بالدين واستجداء العواطف الغريزية وكم هي من بضاعة وفيرة الربح فقد حققت رواجاً في أوساطنا في سرعة قياسية ما كان يحلم بفعاليتها مولانا نفسه..! يُحكى أن رجلا ضخما جاء للعالم المعروف محمد الغزالي وقال له :يامولانا أنا مسكون..! فقال له مالذي سكنك؟! فقال جني.! فأجاب الغزالي لماذا لم تسكنه أنت ما أنت حائط أهو..! ومولانا تعرض لموقف مشابه مع أحد البسطاء فأجابه من خلال علمه اللّدني " سُكنِت لأنك ذو نفسٍ حريرية وقلبك طيب حساس"!! أليست هذه الخطابات السفسطائية تشعرنا أن مروجيها في وادٍ وحاجات عصرنا وهموم وتطلعات أجيالنا في وادٍ آخر؟! وفي هذه الأيام بدأت –ولله الحمد-أحجار الدومينو من أمثال مولانا تتساقط تباعاً على المستويين الثقافي والاجتماعي فهل سيكون لمولانا نصيب من هذا التساقط الجميل ؟! الله أعلم..!
#نضال_شاكرالبيابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
-الناقد الأكثر عدوانية للإسلام في التاريخ-.. من هو السعودي ا
...
-
الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا
...
-
الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي
...
-
-تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار
...
-
مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني
...
-
تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة
...
-
“Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة
...
-
اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|