|
إلزام الزوجة بخدمة زوجها عبودية ورق
نهرو عبد الصبور طنطاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2978 - 2010 / 4 / 17 - 00:00
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
قد يتسبب عنوان مقالي هذا في مباغتة كثير من الناس رجالا ونساء، بل قد يتسبب لهم في صدمة موجعة تدعو إلى الاستغراب والذهول، بل قد يوغر صدور كثير أو كل الرجال ضدي وضد مقالي، وأيا يكن الأمر فهذه هي الحقيقة والحقيقة هي هذه، فلم يرد في كتاب الله (القرآن الكريم) ولا في أحاديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ولا في الكتب السماوية السابقة (التوراة والإنجيل) أدنى أثارة من أمر أو إلزام للمرأة (الزوجة) بخدمة زوجها، وهذا ما سنتحدث عنه تفصيلا وما سنناقشه بعد قليل.
إنه لمن المخزي والمحزن حقا أن يتحول عقد الزواج من عقد يقوم على الشراكة بالحق والقسط والندية والتكافؤ والسكن والمودة والرحمة بين الرجل والمرأة، إلى عقد لاسترقاق المرأة واستخدامها واستعبادها، ومعاملتها كجارية أو أمة أو خادمة تحت مسمى (وجوب طاعة الزوج)، وهنا قد يتساءل البعض فيقول: كيف تجعل من طاعة المرأة لزوجها في خدمتها له داخل المنزل وقيامها بأعمال (الطبخ والغسل والتنظيف وإرضاع الأطفال ورعايتهم) بمثابة استرقاق واستعباد لها، ووضعها في زمرة الجواري والخادمات؟؟. وجوابا على هذا أقول: نعم إن اعتبار وجوب طاعة المرأة لزوجها، بإلزامها بالقيام بأعمال الطبخ والغسل والتنظيف وإرضاع الأبناء ورعايتهم، وأنها أعمال مفروضة وواجبة عليها، وأنها ركن أصيل وأساسي من أركان الزواج، لهو عين الرق والعبودية، بل هو عقد جلب جارية أو أمة، وليس بعقد زواج على الإطلاق. وإذا لم يكن عقد الزواج بهذا الاعتبار عقداً للرق والعبودية، وإذا لم تكن الزوجة بهذا الاعتبار مجرد جارية أو خادمة، إذاً فكيف يكون الرق والعبودية؟؟ وكيف تكون الجواري والخادمات؟؟، بل وكيف يفرق المنصف العادل العالم بين وظيفة الزوجة ووظيفة الجارية؟؟ وما هو الخط الفاصل بين وظيفة كل منهما؟؟.
لو عدنا إلى تاريخ جميع أمم الأرض من عرب وغير عرب، لعلمنا أن الزوجة كانت لها قيمة وكينونة وكرامة أكثر بعشرات المرات مما هي عليه الآن، كيف؟؟، ذلك أن أهل تلك المجتمعات كانوا ينقسمون إلى قسمين: (عبيد _ وأحرار)، حيث كان الرق والعبودية هما الدعامتان الأساسيتان التي تقوم عليهما الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لتلك الأمم، وكان الرق تجارة رائجة فيها، فلم يخل بيت من بيوت تلك المجتمعات من وجود على الأقل جارية أو اثنتين أو أكثر للقيام على خدمة أهل ذلك البيت، فكان هناك فرق لائح وتمايز كبير بين الزوجة والجارية، فالزوجة كانت زوجة وحسب، وكانت وظيفة تلك الزوجة وواجباتها تقوم على توفير العفة المتبادلة الناتجة عن المتعة المتبادلة بينها وبين زوجها، وحفظ نفسها وزوجها عن الوقوع فيما لا يحل من العلاقات التي يتم فيها الاعتداء على حرمات وحقوق الآخرين خلسة، ودون ميثاق كميثاق الزواج، وكذلك إنجاب الأبناء وتربيتهم ورعايتهم الرعاية السليمة التي تقدمهم إلى المجتمع كأعضاء صالحين يفيدون ويستفيدون، هذه كانت وظيفة الزوجة والزواج في كل الأمم، وجاءت الأديان السماوية لإقرار هذه الوظيفة الزوجية للمرأة والإبقاء عليها، أما الجارية فكانت وظيفتها هي القيام بمهام طهي الطعام وغسل الثياب ونظافة المنزل وغيرها من المهام، وهنا يمكننا أن نلحظ مدى التمايز والفرق بين عمل الزوجة وعمل الجارية، بين وظيفة الزوجة ووظيفة الجارية.
وحين أخذت ظاهرة الرق والعبودية في الأفول والاندثار، انتقلت وظيفة الجارية إلى وظيفة الزوجة، لسد الفراغ الذي أحدثه انحسار تلك الظاهرة كبديل عن الجارية، دون أن تنتبه هذه المجتمعات لتلك الجريمة البشعة (نقل وظائف الجارية إلى وظائف الزوجة) التي تسللت خلسة إلى الحقوق والواجبات المفروضة على الزوجة، وبمرور الوقت أصبحت وظيفة الجارية وعملها حقاً مفروضاً على الزوجة، وواجباً محتوماً عليها، تأثم الزوجة وتلام بل وتهان وتضرب في بعض الأحيان إن أبدت أي تقصير في أداء شيء من هذه الحقوق والواجبات المزعومة، التي لم يقرها أو يشرعها دين من الأديان، بل وتهين كرامة المرأة كزوجة وتثقل كاهلها بواجبات ومهام لم تقرها حقيقة الزواج ولا وظيفته على الإطلاق.
والمفزع والخطير في هذا التحول الظالم المهين أن أصبح عقد الزواج هو البديل لعقد امتلاك الجارية واسترقاقها واستعبادها واستخدامها لصالح الرجل (الزوج)، والشنيع في هذا كذلك أن أصبحت تلك الوظائف التي تقوم بها الزوجة بديلا عن الجارية، حقا أصيلا للرجل، لا تجرؤ امرأة على الامتناع عن أدائه، أو التقصير فيه، أو حتى الاعتراض عليه، ولو بينها وبين نفسها، وأصبح هذا الأمر دينا يدين الناس به، وعرفا يسير الناس عليه، لدرجة أننا دوما ما نسمع ممن يريدون الزواج من الرجال أنهم يرددون العبارات التالية: (الواحد عايز يتجوز ويجيب واحدة تخدمه وتغسل له ملابسه وتنظف له بيته وتربي له أولاده) (وبالليل يمتطيها كما يمتطي الدابة)، وكذلك كثير ما نسمع من الرجال المتزوجين قولهم لزوجاتهم إذا أبدت إحداهن بعض الضجر والتململ من خدمته: (أنا جايبك ليه) (أنا متزوجك ليه) (إنت جاية هنا ليه مش عشان تخدميني وتشوفي احتياجاتي)، هذه الثقافة التعيسة والمهينة وهذه النظرة الدونية في التعامل مع الزوجة هي نفسها نظرة وثقافة التعامل مع الجواري والإماء قديما، ولم تكن قط نظرة وثقافة التعامل مع الزوجات، بل إن كل قضايا المرأة الحالية وحقوقها المسلوبة وكرامتها المهدرة لم تخرج جميعها إلا من تحت عباءة إلزام المرأة بخدمة زوجها.
أما الأخطر والأشنع من ذلك كله أن المرأة العربية الشرقية مسلمة كانت أو غير مسلمة تعدها أمها وأهلها منذ نعومة أظفارها لتكون جارية لزوجها من حيث لا يشعرون، ويقولون لها (بلسان الحال) إنك ستصبحين خادمة في بيت زوجك فلابد أن تتعلمي كل فنون (الطبخ والعجن والخبز والغسل والتنظيف)، فيعدوها لتكون طاهية ماهرة، وغاسلة ماهرة، وعاملة نظافة ماهرة، وإن شئت قلت خادمة أو جارية مطيعة لسيدها (زوجها)، حتى تشربت وتشبعت أفكار النساء ومعتقداتهن، وأصبح من المسلمات التي لا تمس لديهن، أنهن خلقن لخدمة الرجل (الزوج)، ورعايته، وتلبية احتياجاته، والسهر على راحته ورضائه، ويقمن بطهي أشهى الطعام والمأكولات له، وتنظيف بيته، ومضجعه، وغسل وكي ملابسه، ورعاية أبنائه، حتى أصبحت الزوجة المثالية الصالحة في بلداننا العربية تقاس وتعرف بمدى تفانيها وخضوعها في تقديم أفضل فنون الأعمال المنزلية وأسرعها لزوجها. بل إن ما يزيد النفس ألماً ومرارة أن أصبح الشعور بالدونية هو مكون أساسي من مكونات بنية شخصية المرأة العربية، مهما كانت مؤهلاتها العلمية ومهما كانت وظيفتها، حتى لو كانت وزيرة أو إعلامية أو طبيبة أو حتى لو كانت من المناديات بحقوق المرأة، فتجدها هي نفسها من تدافع عن دونيتها، وتختلق لها التبريرات والتفسيرات برفعها للافتات دينية واجتماعية وثقافية واقتصادية عريضة.
فقد قمت باستطلاع رأي بعض النساء اللاتي أعرفهن حول هذا الموضوع فقلت لهن هل تعتقدن أن خدمة الزوج واجبة على زوجته؟؟، فجميعهن قلن لي: (نعم، وإلا لماذا يتزوج الرجل المرأة سوى لخدمته)، وقلن: (ربنا فرض على المرأة طاعة الزوج)، والغريب في الأمر أن جميعهن جامعيات، ويعملن في وظائف معتبرة في مجال التعليم والصحة والإدارات المحلية بل ومنهن طبيبات وصحفيات وغيرها من الوظائف المهمة، وكذلك أزواجهن، وحين أخبرتهن بأن خدمة الزوجة لزوجها ليست بواجبة عليها، وأن ما تقمن به داخل البيت من أعمال ليس مفروضا عليكن، وليس بحق من حقوق الأزواج عليكن، ومن حقكن الامتناع عن تلك الخدمة، رأيتهن ينظرن إلي بتهكم وسخرية، وظنن أن بي مس من الجان، أو أن عفريتا من الجن يسكن رأسي، بل جميعهن رفعوا أصواتهن بالاعتراض على ما قلته، وكادوا يستفزوني من الأرض ليخرجوني منها، أن قلت لهم هذا، وقالت إحداهن: (يا أستاذ نهرو كل خدماتنا دي لأزواجنا وياريت عاجبهم، يا أستاذ نهرو إن أزواجنا بعد كل هذا يشتموننا ويهينونا ويسبون أباءنا وأمهاتنا ويطئون كرامتنا بأحذيتهم، وصابرين علشان خاطر مانعصيش ربنا بامتناعنا عن خدمتهم، وعلشان الأولاد، وعلشان مانخربش بيوتنا، ويا ويلنا لو طلب أحدهم كوبا من الشاي فتأخرت إحدانا عليه قليلا، أو عاد من عمله ووجدني لم أنته من عمل الطعام بعد، فيا ويلنا ثم يا ويلنا).
ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد، ودليلا على مدى تشبع نفوس النساء العربيات بثقافة الجواري والخادمات لدى أزواجهن، ومدى ترسخ تلك الثقافة في أنفسهن، أنني في الأيام الأولى لزواجي، حين كنت أشارك زوجتي في جميع أعمال المنزل، من طبخ وغسل للأواني والملابس، وعمل الشاي والمشروبات، وكثيرا ما كنت أطبخ بمفردي، كانت زوجتي في حالة من الذهول والاستنكار والاستغراب، لدرجة أنها ظنت أنني أراها مقصرة في واجباتها نحوي، أو أنني لا أحب ما تصنعه لي من طعام، بل قالت لي ذات مرة: (أنت لا تحبني فلو كنت تحبني لتركتني أخدمك)، فكانت كثيرا ما تغضب من صنيعي هذا، وتقول لي: (إنت تقعد زي الباشا وأنا أخدمك بعيني أمال إنت متجوزني ليه؟؟)، فكنت كثيرا ما أقول لها ألا تعلمي أن رسول الله كان يعد طعامه بنفسه، وكان يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويكون في مهنة أهله، وكان دائما ما يقول (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)، وفي مرة من المرات كانت زوجتي مريضة بعض الشيء ورأيت كثيرا من الأواني في المطبخ تحتاج إلى غسل، فقمت بارتداء (مريلة) المطبخ لغسل تلك الأواني، فلما سمعت طقطقت الأواني نهضت من فراشها وجاءت إلى المطبخ، فلما رأتني بهذا الشكل، كادت أن تنفطر من الضحك، وأخذت تلومني على صنيعي هذا، ويعلم الله أنني لم أوقظها يوما من نومها في الصباح قط، وكنت استيقظ من نومي أعد طعام إفطاري وأرتدي ملابسي وأذهب إلى عملي، وكنت أعود في بعض الأحيان من عملي أجدها مازالت نائمة، وكانت تعاتبني بشدة أنني لا أوقظها في الصباح لإعداد طعام الإفطار لي، وحين رزقني الله بابني (باسم) كنت ومازلت أقوم بتحميمه وإعداد الطعام له وغسل ملابسه وتمشيط شعره كلما جاء لزيارتي، وكنت دائما ما أقول لها أنت غير ملزمة ولست مطالبة بخدمتي، وإن صنعتي لي شيئا فهذا فضل منك وتكرم علي، وليس حقا لي عليك، أنت زوجة ولست بخادمة أو جارية، وبمرور الأيام أقنعتها بذلك. قد يظن كثير من الناس أن ما ذكرته فيه مثالية مفرطة ومبالغ فيها، أقول: كلا، ليست مثالية على الإطلاق، إنما هو الحق والقسط والعدل والإنسانية مع الزوجة، ووضعها في مكانتها الحقيقة، لأنها غير ملزمة وغير مطالبة بخدمتي وتدبير شئوني، لأن هذا ليس واجبا عليها، وليس بحق من حقوق الزوجية على الإطلاق، وإنما هو عرف ظالم جائر غير آدمي تم تكليف الزوجة به ظلما وزورا وعدوانا.
من هنا ومن هنا فقط نستطيع أن نقف على السبب الحقيقي لاضطهاد المرأة العربية وازدرائها واحتقارها وإهانتها والسخرية منها والنظر إليها بدونية واستخفاف وسلب جميع حقوقها، ومن هنا فقط يستطيع جميع المنادين بحقوق المرأة من جمعيات ومنظمات وحركات نسائية أن يضعوا أيديهم على الخلل الحقيقي، والعثرة الكأداء، في طريق تحرير المرأة ونهوضها والحصول على حقوقها، وأنا أقول لهؤلاء، قبل أن تنادوا بحقوق المرأة في التعليم والعمل والمشاركة السياسية وغيرها من الحقوق، لابد أولا: من تحرير المرأة من ثقافة رقها وعبوديتها لزوجها، ولابد من نشر الوعي الديني والتثقيفي السليم عبر جميع وسائل الإعلام بأن المرأة غير ملزمة بخدمة زوجها وليس مفروضا عليها ذلك، وأن هناك فرقا شاسعا بين الزوجة كزوجة، وبين الخادمة والجارية كخادمة وجارية، لأن هذه القضية هي حجر الأساس ولب المشكلة، ومن دون حل هذه القضية بإعفاء الزوجة من عملها كخادمة أو جارية في بيت زوجها، فلن تستطيع كل منظمات الأرض أن تنهض بالمرأة العربية، أو أن تجعل منها ندا للرجل، إذ كيف تنادي تلك المنظمات لخادمة أو جارية بحقها في التعليم والعمل وإبداء الرأي والمشاركة السياسية وتولي مناصب القضاء وغيرها من المناصب والحقوق، فهل تصلح الخادمة أو الجارية أن يكون لها رأيا يحترم، أو أن تقضي بين الناس، أو أن تمثل الناس في المجالس النيابية، أو أن تقوم بتربية وتعليم أجيال صالحة مصلحة؟؟.
وكذلك كيف يستقيم تكليف المرأة بالتعليم، أو العمل، أو المشاركة السياسية، في ظل تكليفها وإلزامها بالخدمة في بيت الزوجية؟؟، إنه لظلم عظيم لها، وإثقال لكاهلها بما لا تطيق. وإلا فأين تجد المرأة الوقت الكافي لتثقيف نفسها، وتزويد حصيلتها العلمية والمعرفية، والمشاركة في المطالبة بحقوقها وحقوق غيرها من الناس؟؟، وأين تجد المرأة الوقت الكافي لتربية وتعليم أبنائها ورعايتهم، وإعدادهم للمستقبل كمواطنين أكفاء صالحين، يعرفون الحقوق والواجبات، ويميزون بين الحق والباطل، والغث والثمين، والطيب والخبيث، وهي غارقة في (يَمٍ) من الخدمة والأعمال المنزلية طيلة عمرها، ما بين غسل وطبخ وعجن وخبز وتنظيف؟؟، فإذا كانت المرأة العربية الآن مجرد زوجة جارية خادمة، تلج في بحر من العمل داخل البيت وخارجه، فبماذا ستمد المجتمع من أجيال سوى بالمنحرفين والطغاة واللصوص ومدمني المخدرات والكذبة والخونة والسفهاء والجهلة والمجرمين والفاسدين المفسدين؟؟. بل إن إهدار وقت المرأة بالخدمة في بيت زوجها طيلة حياتها يحرمها ذلك من العلم والمعرفة والثقافة والرقي الإنساني والحضاري، ويجعلها تقف على شفير السقوط من عين زوجها وأبنائها لقلة معرفتها وضعف ثقافتها وضحالة علمها فيهون شأنها عليهم.
## هل فرضت الشريعة على الزوجة خدمة زوجها؟؟. سبق وأن قلنا في صدر المقال أنه لم يرد نص واحد في كتاب الله (القرآن الكريم) ولا في أحاديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام ولا في التوراة والإنجيل أدنى أثارة من أمر أو إلزام للزوجة بخدمة زوجها، وإنما هذا الأمر والإلزام جاء به العرف البالي، والعادة غير الآدمية التي اعتاد الناس عليها، رجالا ونساء، وأقرها بعض فقهاء الدين من دون دليل واحد صحيح صريح، يوجب على المرأة أن تطبخ وتغسل وتعجن وتخبز وتنظف في بيت زوجها، وإنما هي محض اجتهادات وآراء، كان مرجعها الوحيد هو العرف الفاسد، والعادات الجاهلية الظالمة، من دون برهان ديني واحد، وهؤلاء الفقهاء الذين أوجبوا وفرضوا على المرأة ظلما وعدوانا خدمة زوجها، هم قلة قليلة جدا من بين جمهور الفقهاء، وهؤلاء قالوا كما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: (لكن الأولى لها فعل ما جرت العادة به) انتهى. انظر قولهم جرت العادة وليس الدين أو الشريعة، وكذلك ذهب بعض الحنفية إلى وجوب خدمة المرأة لزوجها، استنادا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قَسَّم الأعمال بين علي وفاطمة حين طالبت فاطمة عليا بخادم وكان علي فقيرا لا يستطيع دفع أجرة الخادم، ولم يقل لها رسول الله أن هذا واجب عليك، أو أنك ملزمة به وحق عليك. وكذلك بعض المالكية كأبي ثور وأبي بكر بن أبي شيبة وأبي إسحاق الجوزجاني، الذين أوجبوا على المرأة خدمة زوجها، ولم يكن لهم من برهان يذكر على هذا الوجوب سوى العرف والعادة، فقد جاء في الموسوعة الفقهية عنهم ما يلي: (أن على المرأة خدمة زوجها في الأعمال الباطنة التي جرت العادة بقيام الزوجة بمثلها)، انتهى.
ويدل على أن هذا الوجوب الذي افتراه بعض المالكية وبعض الأحناف وغيرهم من الفقهاء ليس له أي سند ديني، أن بعض المالكية لم يوجبوا على المرأة (الشريفة) أي (بنت ناس ومن عيلة) خدمة زوجها، فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (30/126) في بيان مذهب بعض المالكية ما يلي: (إلا أن تكون "الزوجة" من أشراف الناس فلا تجب عليها الخدمة، إلا أن يكون زوجها فقير الحال) انتهى. ولا أدري من هي الشريفة التي تقبل بالزواج من فقير معدم لتقوم بخدمته؟؟، ومن هنا نعي ونعلم أن خدمة الزوجة لزوجها لو كانت واجبا وحقا دينيا مفروضا كما ادعى بعض الفقهاء، لما فرقوا فيه بين الشريفة والوضيعة، بل إن هذا التفريق العنصري لا يمكن أن يكون مصدره الدين الحق.
وقد قال بمثل هذا التفريق العنصري (ابن تيمية)، حيث قال في (الاختيارات، ص 352): (وتجب خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله، ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة) انتهى. إلا أن تلميذه بن القيم رد عليه في (زاد المعاد، 5/186) فقال: (ولا يصح التفريق بين شريفة ودنيئة، وفقيرة وغنية) انتهى.
واحتج ابن القيم في (زاد المعاد، 5/186) في لزوم الخدمة بما يلي: (وصح عن أسماء أنها قالت: كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله، وكان له فرس وكنت أسوسه، وكنت أحتش له، وأقوم عليه). ويتأكد القول بلزوم الخدمة على المرأة إذا جرت العادة به، وتزوجت دون أن تشترط ترك الخدمة، لأن زواجها كذلك يعني قبولها الخدمة؛ لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا.) انتهى. أقول ردا على بن القيم إن قول أسماء وفعلها ليس دينا يدين الناس به ولا شرعا يتبعه الناس، وإن ما قامت به أسماء كان فضلا منها وتكرما لا حقا ولا إلزاما، وكذلك نرى في قول ابن القيم السابق عبارة: (إذا جرت العادة به)، إذاً فخدمة المرأة لزوجها عادة سيئة مهينة، وليست واجبا دينيا مفروضا، وما يؤكد ذلك قول الشيخ ابن عثيمين في (فتاوى نور على الدرب)، حيث قال: (أما خدمتها لزوجها فهذا يرجع إلى العرف، فما جرى العرف بأنها تخدم زوجها فيه وجب عليها خدمته فيه، وما لم يجرِ به العرف لم يجب عليها) انتهى. وكذلك سئل الشيخ ابن جبرين: هل من الواجب على الزوجة أن تطبخ الطعام لزوجها؟ وإن هي لم تفعل، فهل تكون عاصية بذلك؟ فأجاب: (لم يزل عُرْف المسلمين على أن الزوجة تخدم زوجها الخدمة المعتادة لهما في إصلاح الطعام وتغسيل الثياب والأواني وتنظيف الدور ونحوه، كلٌّ بما يناسبه، وهذا عرف جرى عليه العمل). انتهى. إذاً كل من قال بوجوب خدمة الزوجة لزوجها كان مرجعه العرف الفاسد، والتقاليد الحمقاء المهينة لكرامة الزوجة والحاطة من آدميتها، خاصة إذا كان الرجال ينظرون لهذه الخدمة على أنها حق مشروع ومفروض لهم على زوجاتهن.
أما جمهور الفقهاء فقد منعوا منعا باتا وجوب خدمة الزوج على زوجته، وممن ذهب إلى ذلك مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وأحمد بن حنبل فيما حكاه عنه بن قدامة في المغني، وأهل الظاهر كداوود الظاهري وابن حزم الأندلسي، قالوا: لأن عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاع بين الرجل والمرأة، لا الاستخدام وبذل المنافع، قالوا: والأحاديث المذكورة إنما تدل على التطوع ومكارم الأخلاق، فأين الوجوب منها؟ وقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (19/44) ما يلي: (إلا أنهم اختلفوا في وجوب هذه الخدمة: فذهب الجمهور (الشافعية والحنابلة وبعض المالكية وبعض الأحناف) إلى أن خدمة الزوج لا تجب عليها) انتهى. وقال ابن قدامة في (الشرح الكبير): (وليس على المرأة خدمة زوجها في العجن والخبز والطبخ وأشباهه، نص عليه أحمد) انتهى.
وجاء في كتاب (الإسلام الدين الفطري، ص 128) للتركستاني أبو النصر التراذي قوله: (إن الإسلام لا يستوجب على ذمة الزوجة هذه الأنواط من الخدمة كما جاء في النصوص الفقهية في المذاهب الثلاثة: الحنفي، الشافعي، الحنبلي، ولو كان معسرا فقيرا، فلا يجوز أن يكره الزوجة على الخدمة، ولها أن تقوم بها بتطوع ورضاء نفس، ولا سيما إذا كان الزوج معسرا لا يقدر على أجرة الخدمة، أما إذا كان الزوج موسرا فيجب عليه إحضار خادمة حسب ضرورة العائلة، غير أن مذهب الإمام مالك يقول بوجوب خدمة الزوجة لزوجها إذا كان الزوج معسرا إلى أن يصبح غنيا قادرا على أجرة الخادمة) انتهى. وقال التركستاني في نفس الكتاب ونفس الصفحة ما يلي: (ولعدم وجوب خدمة الزوجة لزوجها نجد لذلك حِكَماً تعود إلى هذه الزوجة التي أكرمها الله بالإسلام، أولا: إن إيجاب الخدمة على الزوجة يمس بكرامتها، ولا سيما إذا كانت من أسرة شريفة تعودت على استخدام الخدم في الشئون العائلية. ثانيا: إن إيجاب الخدمة على الزوجة يجعلها أشبه بالخادمة في البيت وهذا يقلل من شأنها. ثالثا: قد يحول وجوب الخدمة على الزوجة بينها وبين القيام بحق الأولاد وحسن تربيتهم، رابعا: أن الله لم يوجب على الزوجة خدمة الزوج ولا خدمة البيت، إنما ترك الجميع لاختيارها بحيث لا تكره ولا تحاسب إذا امتنعت، وإنما ذلك صونا لكرامتها) انتهى.
وقد يقول قائل: وإذا لم تقم الزوجة بأعمال البيت، فمن الذي سيقوم بها والزوج مشغول سائر يومه بالكسب، وأكثر الناس لا يستطيع دفع أجرة للخادمة؟؟. أجيبه فأقول: وماذا لو كانت الزوجة كذلك مشغولة سائر يومها في العمل والكسب لمساعدة الزوج فمن يقوم بأعمال البيت؟؟، أليس من الظلم والإجحاف أن يجتمع على المرأة عملان؟؟، عمل داخل البيت وعمل خارجه. إن اعتذار الرجل بالعمل وانشغاله خارج البيت لا يوجب على زوجته خدمته، ولا يعفيه من خدمة نفسه إن هو أراد ذلك، ألم يسافر عشرات الآلاف بل مئات الآلاف بل ملايين الرجال خارج بلدانهم إلى الدول الخليجية والأوروبية وغيرها للعمل؟؟، ويتركون زوجاتهم وبيوتهم، ويعملون في تلك البلدان طيلة اليوم، ومع ذلك يطبخون لأنفسهم ويغسلون لأنفسهم وينظفون فرشهم وأماكن سكنهم، ويقومون بكي ملابسهم من دون وجود زوجات يقمن بهذه الخدمة مكانهم، بل ويمكث أحدهم في سفره ذلك سنوات طويلة قد تصل لعشرين وثلاثين عاما وربما أكثر من ذلك وهو يعمل خارج البيت وفي الوقت ذاته يخدم نفسه داخل البيت، فلماذا في وجود الزوجة لا يستطيع الزوج القيام بأعمال المنزل؟؟، وكذلك حينما يقوم الرجل بأداء الخدمة العسكرية كذلك يقوم بخدمة نفسه لبضع سنوات من دون وجود زوجة لخدمته، وغير ذلك من الظروف التي قد تجعل الرجل يعمل في مكان ما ويقوم على خدمة نفسه، فالاحتجاج والاعتذار بعمل الرجل وانشغاله خارج البيت هو عذر مفضوح وغير مقبول.
والحل يكمن في تنظيم العلاقة الأسرية بين الزوج وزوجته بالعدل والحق والقسط، فلو كان الرجل ميسور الحال فعليه أن يجلب خادمة لبيته تخدمه وتخدم زوجته وأولاده، أما لو كان الرجل معسرا فلو أرادت المرأة بمحض إرادتها ومن نفسها وبنفسها أن تقوم بخدمة المنزل من دون إكراه أو إجبار أو إلزام، فعلى الرجل أن يعترف لها بأن هذا فضل منها وتكرم عليه، وعليه أن يكافئها ببعض الهدايا وما شابه، متى تيسر له ذلك، أو أن يقتسم كل من الزوج وزوجته أعمال المنزل سويا، على أن يلتزم كل منهما بعمل ما، ولا يجور أحدهما على حقوق الآخر، أو أن يخدم كل منهما نفسه بنفسه.
وفي النهاية أقول: إن هذه القضية الخطيرة هي القضية الأم والجذر والأصل التي أفرزت جميع مشكلات المرأة العربية الآن، بل هي التي قامت بسحق كرامتها ووطء آدميتها، فمن المفترض أن تكون هذه القضية الهامة والخطيرة على رأس جدول أعمال كل من ينادي بحقوق المرأة من جمعيات ومنظمات وحركات نسائية، ولابد من نشر وتكثيف الوعي الثقافي بهذه القضية لعموم الناس، عن طريق التعليم ووسائل الإعلام والمحاضرات والندوات، وإخبار الجميع بأن المرأة الزوجة غير ملزمة بخدمة زوجها، وأن هناك فرقا بين الزوجة والخادمة أو الجارية، وعلى جميع النساء في كل البلدان العربية وغيرها تنظيم حملات للمطالبة بمشروع قانون يقر للمرأة بعدم إلزامها بخدمة زوجها داخل المنزل، وأن لها كامل الحق والحرية في الامتناع عن القيام بأي عمل من أعمال الخدمة المنزلية لزوجها متى شاءت وكيف شاءت، وأن خدمة الأبناء كذلك هو عمل مشترك بينها وبين زوجها، فهم أبناؤه كما هم أبناؤها، ولا يحق للزوج إجبارها أو إكراهها أو إغرائها على القيام بأي خدمة له داخل المنزل، دون إرادة ورضا كاملين منها، وكذلك هي غير ملزمة بخدمة أحد من أهله، وأن يضاف نص هذا القانون كبند أساسي في وثيقة الزواج التي سيوقع عليها كل من الزوج والزوجة عند عقد عقدة النكاح بينهما، وإن تعنت القائمون على تشريع القوانين ورفضوا إقرار مثل هذا القانون، فعلى جميع النساء أن ينظمن حملات تتجمع فيها عشرات الآلاف من النساء للمطالبة بالخلع الجماعي للضغط على المسئولين في البلدان المعنية لإقرار مثل هذا القانون.
وإن ظن البعض أن مثل هذه القضية غير ذات أهمية، فأقول لهم: هناك عشرات الآلاف بل مئات الآلاف وربما ملايين من النساء في شتى البلدان العربية يعانين من ذل الخدمة والعمل داخل بيوت أزواجهن ويعاملن كالخادمات والجواري ويسامون سوء العذاب، ويصمتن على هذا الضيم ظنا منهن أن ما يقمن به من خدمة هو حق ديني مفروض عليهن بموجب الزواج. وليعلم هؤلاء أن تقدم المجتمعات العربية والإسلامية في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية وغيرها من المجالات، لن يحدث إلا إذا أخرجنا النساء الزوجات الأمهات من ربقة الاستعباد، ومن صفوف الخدم والجواري والرقيق المُقَنَّعْ بقناع الزواج، كما هو حال جميع الزوجات العربيات داخل بيوت أزواجهن الآن، وساعتها ستجد الزوجة الوقت الكافي والقيمة الحقيقية والكرامة الشامخة والآدمية المصانة والإحساس بالذات لتندفع نحو التعلم والثقافة والوعي والرقي والتحضر، لتنتج لنا هذه الزوجة الحرة الكريمة المكرمة أجيالا على قدر كبير من الوعي والثقافة والعلم والرقي الإنساني والحضاري، أما الاستخفاف بهذه القضية الخطيرة وعدها من ترف القول فلن يزداد المجتمع إلا جهلا وتخلفا وقهرا واستبداد وسقوطا وانهيارا. وصدق شوقي حين قال: (الأم مدرسة إذا أعددتها ** أعددت شعبا طيب الأعراق). (اللهم ألا قد بلغت اللهم ألا فاشهد).
نهرو طنطاوي كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر مصر_ أسيوط موبايل/ 0164355385_ 002 إيميل: [email protected]
#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قناة الجزيرة نبي هذا الزمان
-
الإعلام المصري والرئيس مبارك
-
الإعلام المصري بين إهدار دم الأقباط وازدراء المسلمين
-
الجهل السياسي لحركة حماس هو سر مأزقها
-
جماعة تكفير الأنبياء
-
أعلن مبايعتي لجمال مبارك رغم أنف إبراهيم عيسى، ولكن..
-
هل جمع الله القرآن الكريم؟؟
-
لا حرمة في مصر لمن يفكر في الاقتراب من كرسي الرئاسة
-
هل أصبحت هيفاء وهبي رمز وطني مصري؟؟
-
نعم إن العرب يكرهون مصر والمصريين
-
هل القرآن كلام الله؟ تعليقات وردود _ الجزء الرابع والأخير
-
هل القرآن كلام الله؟ تعليقات وردود _ الجزء الثالث
-
هل القرآن كلام الله؟ تعليقات وردود _ الجزء الثاني
-
هل القرآن كلام الله؟ تعليقات وردود _ الجزء الأول
-
منع الاختلاط بين الرجال والنساء جريمة
-
هل القرآن كلام الله؟ رد على المستشار شريف هادي
-
عقوبة السجن وصمة عار في جبين البشرية
-
ويبقى موقع الحوار المتمدن هو الأمل
-
خروج الريح لا ينقض الوضوء
-
آدم ليس خليفة الله في الأرض
المزيد.....
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|