محمد محمد - ألمانيا
الحوار المتمدن-العدد: 2977 - 2010 / 4 / 16 - 23:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ـ طالما لم تتقن حركة الشعب الكوردي المضطهد المبادرة والجدارة بالتسخير المطلوب من أجل نيل حقوقه التحررية وبالمساهمة الفعالة في تخفيف الصعوبات أمام الاهتمامات الغربية في الدول الغاصبة لكوردستان، لا يمكن لهذا الغرب أن يتبع سياسة داعمة جدية متواصلة بهدف تشكيل كيان كوردي أو كوردستاني حر ومشروع!
- ومادامت سياسة الادارة غير كفؤءة ومحتكرة للقيادة, ومهما سنحت الظروف المناسبة, ستظل مبادرات وطاقات الشعب ونخبه الكفوءة مقيدة بل وحتى مسدودة غالبا نحو التحرر!
بعد تقصير المسؤلين السياسيين الأساسيين في كوردستان العراق منذ تحريره سنة 2003 من قبل أمريكاـ بريطانيا، من تقديم أداء وتعاون لوجستي وأمني متقنين على أرض الواقع لقوات الحلفاء المحررة للعراق وعدم اثبات قابليتهم وجدارتهم بالمساهمة الجادة في تخفيف الصعوبات الضخمة التي حدثت أمام تلك القوات، وبالتالي اضطرار الحلفاء لاحقا الى الاعتماد الشبه الكلي على القوى والسلطات المعادية للكورد وتقديم تنازلات لها غالبا أتت على حساب حقوق الشعب الكوردي وآماله التحررية وذلك بغية تقليل تلك الصعوبات وتأمين الاستقرار في العراق المحرر، أي بالاضافة الى ذلك التقصير والعجز الغير مغتفرين، هناك أيضا آفات خطيرة ومأساوية تسري في جوانب عديدة داخل أقليم كوردستان منذ عدة سنوات وهي تهدد البنيان الكياني والروح الاندفاعية والآمالية للشعب الكوردي ليس فقط الجنوبي بل حتى في الأجزاء الكوردسانية الأخرى نسبيا أيضا.
فمن خلال الاطلاع والمتابعة للوضع الاداري, السياسي, والأمني, والاقتصادي في كوردستان العراق وعلى ضوء تقارير العديد من وسائل الاعلام الغربية كنيوزويك، واشنطن بوست، CNN، BBC ومن منظمات حقوقية نخبوية وانسانية عالمية وكوردستانية، يتبين للكثير من المتابعين والمهتمين مدى تفشي الفساد والسرقات المليونية من ميزانية الشعب الكوردستاني هناك ومن شركاته العامة وتهريبها الى خارج الأقليم دون رقيب وملاحقة ومحاسبة, وكذلك يظهر مدى شمولية التحكم الاحتكاري العائلي وبني العمومة التقليدية في شتى النواحي ودون افساح المجال للشعب وقواه النخبوية الكفوءة بالمشاركة والادارة وفق الامكانيات والاخلاص الوطني و من تنظيم الاحتجاجات والاعتراضات المشروعة لردع تلك التدابير الخطيرة على المصالح الاسترتيجية لهذا الشعب ولمستقبله.
فالشعب الكوردي الذي يكافح منذ عقود طويلة وفق امكانية وطبيعة كل جزء كوردستاني من أجل التحرر القومي والاقتصادي والاداري، عندما يتفاجأ ويرى ويعايش تلك المساوئ والعلل الضارة في بعض مناطق كوردستان الجنوبية المشكلة للأقليم الحالي المنقوص بعد من مناطق كوردية عديدة أخرى والأكثر أهمية سهلية زراعية وبترولية من مندلي وكركوك وحتى شنكال بالمقارنة مع مناطق دهوك وهولير وسليمانية المحدودة الضيقة والتي تحوي على قسم غير صغير من المناطق الوعرة والجبلية الجرداء، يصاب هذا الشعب بنوع من الاستياء وخيبة الأمل تؤثران سلبا على معنوياته المادية والروحية وعلى اندفاعه الحثيث نحو المزيد من النضال والتضحية على طريق التحرر الوطني، مصورا بأن المكتسبات اللاحقة ستكون أيضا معرضة لتلك الآفات والفساد المتفشي حاليا في أقليم كوردستان العراق من ناحية، ومن ناحية أخرى تراقب السلطات والقوى المعادية أيضا تلك المساوئ وتعلم بوجود يأس الشعب الكوردي حول ذلك الوضع، وبالتالي تحاول التهرب والمماطلة بخصوص تنفيذ المواد المتعلقة بحقوق الكورد، كمناطق المادة 140، مسائل النفط والبيشمركة وغيرها، بل وتهدد أحيانا كثيرة حكومة الأقليم و ابعاد البيشمركة من مناطق 140، وهذه القوى منطلقة من أن المسؤولين الكورد الأساسيين المتهمين بممارسة تلك النزعات الفاسدة وبسبب بحبحتهم المادية والمعنوية سوف تتنازل أكثر فأكثر من حقوق الكورد وذلك درءا من حدوث صراعات جديدة بينهم وبين تلك السلطات والقوى المعادية وللمحافظة على تلك الوجاهات والماديات الخاصة التي يتمتعون بها, أي سوف يكون هناك احتمال غياب الجبهة الموحدة بين الشعب وأولئك المسؤولين المعنيين!
فالشعب الكوردي المضطهد اذا يكافح في سبيل تحرره القومي والاقتصادي والاجتماعي معا وليس فقط من أجل التكلم والتعلم والغناء بلغته الكوردية. وبوجود ادارة أو حكم ذاتي معين وعندما يشعر ويلاحظ الشعب تلك المساوئ والحرمان ثانية، يؤدي ذلك حتما الى اليأس وخيبة الأمل لديه بل يؤثر سلبا حتى على درجة اندفاعه وحماسه المطلوب. كما لايمكن تبرير تلك الحالات الخطيرة من الفساد والاحتكار السلطوي الفئوي كما يبررهها أحيانا بعض المسؤولين وأعوانهم المستفيدين على أساس أن تلك الحالات المفسدة والمسيئة هي موجودة في دول المنطقة أيضا بل وأن الفساد هي ظاهرة عالمية !
يصح أن يقال بأنه في دول الجوار هناك أيضا الفساد وفي بعضها الحكم العائلي القبلي والطائفي أيضا, ولكن هي على الأقل تشكل دولا قومية وجغرافية لشعوبها و معترف بها دوليا وربما سوف تتمكن تلك الشعوب مستقبلا من تغيير تلك الأنظمة الفاسدة ثم لا يعني ذلك بأن تلك الشعوب هي راضية بذلك الواقع الفاسد والقامع والناهب. بينما الشعب الكوردي لايزال يتمتع في كوردستان العراق فقط بنوع من الحكم الذاتي الاداري ضمن جمهورية العراق ولا يعلم ماذا بالضبط ينتظره غدا في ظل ذلك التأرجح والتبدل في الخطط الأمريكية والغربية في المنطقة فضلا عن تهديدات الأنظمة الغاصبة المجاورة المتكررة للأقليم، خصوصا اذا كان هناك الشعب الكوردي يعاني ميؤسا وقلقا من الوضع الاداري والاقتصادي الفاسد لأقليم كوردستان. أي لازال الشعب الكوردي هناك أيضا في مرحلة التحرر القومي !
فهذه الآفة الخطيرة التي تزداد نموا وتوسعا هي التي تؤثرا سلبا على نفسية واندفاع الشعب الكوردي المهدد بشكل عام والذي لايزال أمامه الكثير الكثير لنيل بعض حقوقه القومية والاقتصادية والجغرافية وبالتالي سييخلق لديه شعور بالاحباط هذه المرة من ادارات حركته التحررية نفسها، وكأن الحرية المنشودة الساعية اليها هذا الشعب سواء في كوردستان العراق أو في الأجزاء الأخرى أيضا هي ستكون كالوضع الحالي المطبوع بالفساد والمحسوبية العائلية أي فقط لاستمتاع وحرية فئة معينة محدودة في الأقليم، علما أن الشعب الكوردي المضطهد منذ وقت سحيق يكافح وينتظر الحصول على شكل ممكن من حق تقرير مصيره وهو صاحب قضيته وأرضه وليس فقط بعض الأفراد الفئوية. ثم ان الشعب الكوردي الواعي لمصالحه القومية والاجتماعية والاقتصادية وسعيه نحو الرفاهية لايمكن مقارنته بالعرب البدو في السعودية والخليج وبالتالي لايمكن أن يصمت ويخضع لمشيئة الذين ينهبون أمواله وثرواته ويسلطون هم وأفراد أسرهم وبعض أعوانهم فقط على كافة مراكز وشؤون الأقليم كما هو الحال في تلك الدول الخليجية أو في سورية وغيرها.
لذلك من المهم جدا أن تدعو القوى السياسية والنخبوية الموضوعية للشعب الكوردستاني الى الاحتجاج والاعتراض على تلك الممارسات السيئة والضارة على مصير وعلى آمال الكورد المضطهدين والمهددين، وذلك بمخترلف الأساليب الجريئة المشروعة.
محمد محمد ـ ألمانيا
#محمد_محمد_-_ألمانيا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟