|
جرائم حرب في العراق وأفغانستان
عبدالوهاب حميد رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 2977 - 2010 / 4 / 16 - 19:27
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
ترجمة: عبدالوهاب حميد رشيد جرائم الحرب- المذابح- التي يسمونها "قتل عرضي collateral murder"، هي بكافة أشكالها جانب من حصيلة التدخل/ الاحتلال الأمريكي في أفغانستان والعراق منذ العام 2001 و 2003 على التوالي.. إطلاق فيديو من قبل Wikileaksالأسبوع الماضي، يضعنا على مدى ثماني وثلاثين دقيقة أمام مشاهدة مريعة*.. رجال طيران أمريكان يذبحون بشكل "عرضي" درزينة من المدنيين العراقيين العام 2007، بضمنهم إثنان من رجال رويترز.. وهذا الفيلم يكشف واقعاً طبيعياً لمثل هذه الأحداث الإجرامية على نحو واضح ومركز، لا بسبب كونه يُرينا حدثاً لا نعرفه، بل لأنه يبين لنا هذا الحدث بصورته الطبيعية وفي وقته الحقيقي.. ناس حقيقيون.. لحم ودم متناثر.. بعد أن أمطرهم رجال الهليوكبترات الأمريكان بوابل جهنمي من النار.. عُمر هذه الأحداث في العراق بحدود ثلاث سنوات.. تكررت في أفغانستان هذا الأسبوع، عندما ذبح الجنود الأمريكان- التواقون لإطلاق النار على المدنيين- خمسة أفغان في حافلة مدنية كانت تسير بهدوء قرب قندهار.. وكما ذكرت النيويورك تايمز: "قوات أمريكية أطلقت النار على حافلة مسافرين كبيرة صباح يوم الأثنين، وكانت الحصيلة قتل وجرح مدنيين.. تسببت هذه الحادثة في إطلاق مظاهرات أفغانية غاضبة ومعادية للأمريكان في المدينة، وذلك في ظروف تعتبر فيها كسب دعم الأفغان مسألة محورية في المجهود الحربي." إن حادثة قندهار هي فقط واحدة من أحداث مماثلة كثيرة وقعت خلال السنة الماضية. وعلى نحو مماثل قُتل عشرات الأفغان في نقاط التفتيش وحالات القتل المشابهة على الطرق. ليس هناك ولا جندي واحد من هؤلاء القتلة، تعرض إلى فعل عدائي.. بكلمة أخرى، بعد انقشاع الأدخنة والأغبرة المتولدة عن إطلاق النار، تبين أن الضحايا القابعين بدمائهم على الأرض هم مجرد مدنيون أبرياء.. وكما صرّح الجنرال McChrystal مؤخراً: " نحن في الحقيقة ننبه كثيراً شبابنا في نقاط التفتيش الالتفات للمخاطر، ونطالبهم باتخاذ قرارات سريعة، بخاصة في الحالات غير الواضحة.. وحسب معرفتي، على أي حال، فعلى مدى فترة تتجاوز تسعة أشهر، كنت هنا، لم نواجه ولا حادثة لعربة تحتوي على قنبلة انتحارية أو فيها أسلحة، بل تضمنت فقط عائلات." سؤالي (كاتب المقالة) هو: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يتم تعديل القواعد القائمة لتجنب القتل العرضي؟ لماذا تُمنح القوات الأمريكية سلطة واسعة لإطلاق النار في حالات لم تشهد أعمالاً عدائية؟ في حالة العراق، كما تم كشف النقاب عن الحادثة من خلال فيديو Wikileaks، مجموعة من ثمانية رجال يسيرون في شارع ببغداد، وفي نهار مشمس، يتحولون إلى قطع متناثرة من اللحم والدم نتيجة إطلاق وابل من الرصاص عليهم جواً. وبعدئذ نشاهد شاحنة تصل إلى مكان الجريمة وفيها خمسة رجال لمساعدة جريح يزحف بشكل مؤلم على طول خط للمجاري.. وهنا تتعرض الشاحنة كذلك لوابل من الرصاص جواً لتتمزق مع أشلاء راكبيها. خبير سياسي يحلل زعم وزير الدفاع الأمريكي غيتس القائل بأن حادثة القتل حالة عارضة "مؤسفة" ويجب النظر إليها على أنها ليست ظاهرة دائمة متكررة.. وهنا يتساءل الخبير: إذن ما هو الشيء المهم!؟ إن السبب الجوهري لذبح الأبرياء المارة هو أن القوات الأمريكية وهي على بعد حوالي مائة ياردة من الضحايا، يبدئون بإطلاق النار من الأسلحة الخفيفة.. وعندئذ يعمد الطيارون فوقهم بالاستنتاج أن القادمين يحملون أسلحة أو متفجرات في حين أنها عدسة تصوير أو مواد مدنية، فينطلق الطيارون بتوجيه أسلحتهم من الجو ليحولوا القادمين الأبرياء إلى أكوام متقطعة من اللحوم والدماء المتناثرة، وتكون النتيجة حصول جريمة المذبحة.. وهكذا تم ذبح العراقيين دون أن يكونوا قد فعلوا ما يثير استفزاز هذه القوات.. لكن هذه هي الحرب الأمريكية.. الحرب بلا قيود هي الجحيم بعينها.. وفي معرض دفاعه عن هذه المذبحة، يكتب مراسل جريدة الواشنطن بوست David Finkel، ومؤلف كتاب: الجنود الطيبون The Good Soldiers: "ما يُساعد على فهم المأساة بالنقيض لبعض التفسيرات لهذا الهجوم على بعض الناس وهم يسيرون في شارع عام وفي نهار ساطع لطيف.. ان الهجوم حدث في منطقة كانت مسرحاً لضرب الجنود الأمريكان وهجمات بأسلحة ألـ RPG ضدهم.. والجزء الذي سار فيه رجال رويترز المغدورون كان الأسوأ.. كان مسرحاً للمعارك قتل فيه جنود أمريكان واستخدمت فيه مختلف الأسلحة.. "وفي سياق أكثر.. أنتَ ترى نسخة محررة من الفيديو.. الفيديو الكامل يمتد لفترة أطول.. تظهر صورة الشاحنة المضروبة بحجم أكبر وترى الطفلين.. المروحيات ربما كانت على بعد ميل.. لم يكن واضحاً للجنود محتويات الشاحنة سواء كانت تحمل أصدقاء أو متمردين.. لا تعذر الجنود، لكن هناك بالتأكيد شيء من التشويش وعدم الوضوح في تلك اللحظات.. "لو كنتَ تشاهد الفيديو بصورة كاملة، فسترى شخصاً يحمل ألـ RPG مهرولاً في ساحة المعركة التي وقعت في وقت سابق، وآخر مسلّح، كما أذكر، كواحد من المجموعة، وسترى أيضاً شخصاً آخر من المجموعة مقتولاً وقابعاً على قمة قاذفة.. لهذا السبب وأشياء أخرى، كان على الجنود تنظيف الموقع مرة أخرى.. وللمرة الثانية، لا أحاول أن أعذر ما حدث، لكن هناك أكثر من اعتبار مقارنة بالفيديو المتداول." فينكل الذي يبدو بوضوح أنه لن يكتب تكملة لكتابه، وهذه المرة تحت عنوان: الجنود السيئون The Bad Soldiers، "يحاول التغطية على مقتل درزينة من العراقيين المدنيين الأبرياء بزعم حصول التشويش في تلك اللحظات الحقيقية." في أفغانستان دفعت حالات القتل المتكررة للمدنيين الأبرياء حتى عميلهم كرزاي الشعور بالمرارة أزاء أحداث القتل المتكررة للمدنيين الأفغان من قبل الجنود الأمريكان وإدانتها بقوة.. في واشنطن بوست تظهر القصة على هذا النحو: "إطلاق النار من قبل الجنود الأمريكان ضد المدنيين الأفغان يثير غضب كرزاي." نشرت الصحيفة ذاتها- الطبعة الورقية: "قبل اثنا عشر يوماً من شجبه سلوك البلدان الغربية في أفغانستان، قابل كرزاي طفلاً بعمر أربع سنوات في المستشفى المدني Tarin Kowt في الجنوب.. "فقد الطفل ساقيه في ضربة فبراير/ شباط نتيجة هجوم جوي من خلال مروحيات قوات العمليات الأمريكية الخاصة التي انتهت بقتل أكثر من 20 مدنياً. كرزاي حمل الطفل من فراشه وخرج به إلى فناء المستشفى، وفقاً لثلاثة شهود.. مَنْ جرحك؟ سأل كرزاي الطفل أثناء مرور مروحيات أمريكية فوقهم.. أشار الطفل وهو غارق في البكاء.. إلى السماء!! "الدموع والغضب لازمت كرزاي في تلك الحالة في المستشفى- محافظة Uruzgan- لفترة ليست بالعابرة، طبقاً للعديد من المساعدين.. كان موقفاً يتسم بالغضب والتحدي وسط حالات من الإحباطات السياسية الأخيرة التي أثارت سيلاً من عواطف الرئيس الأفغاني ضد الغرب وتسببت في أزمة قصيرة في علاقاته مع الولايات المتحدة. كما أن هذا الموقف عبّر أيضاً عن رسالة تذكير قوية بسبب تكرار أحداث إصابات المدنيين الأفغان.. لا تخلو من أبعاد وانعكاسات سياسية أكثر امتداداً في آثاره وتأثيراتهً من مجرد أحدات القتل ذاتها." لكني أفترض أن فينكل يمكنه أن يبرر هذا الحدث/ الموقف أيضاً!!
ممممممممممممممممممممممممـ War Crimes in Iraq and Afghanistan,Robert Dreyfuss,uruknet.info,April 13, 2010. * يمكن مشاهدة الفيلم على موقع uruknet.info..
#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الولايات المتحدة تدفع باتجاه تصعيد العدوان في الصومال، لكنها
...
-
تورط أطباء عراقيين في سرقة أعضاء بشرية
-
حان الوقت للولايات المتحدة أن تعترف بحقيقة خطط إيران النووية
-
الأمم المتحدة- اللجنة العليا لشئون اللاجئين: تصاعد حاجات الل
...
-
العراق: استمرار النزوح الجماعي
-
انقلاب طهران في العراق؟
-
توني بلير.. صلات نفطية سرية في الشرق الأوسط
-
عيد الأم العراقية
-
مشكلة اللاجئ العراقي
-
مشكلة اللاجئ العراقي
-
المطالبة بحماية المسيحيين العراقيين من العنف
-
إنهاء عملية -حرية- العراق..
-
اللاجئون.. المشردون.. العراقيون..
-
السرطان.. التركة المميتة لغزو/ احتلال العراق
-
أينبغي على العراقيين التوجه إلى صناديق الاقتراع؟
-
دفن النفايات النووية الإيرانية في العراق
-
إذا كذب اوباما.. هل أن آلافاً سيموتون؟
-
كما يقولون.. نحن إرهابيون!
-
أشباح العراق
-
استيراد العراق للغاز.. خطوة عبثية سخيفة..
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|