أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - العراق الجديد : الدولة الحديثة والمجتمع القديم














المزيد.....


العراق الجديد : الدولة الحديثة والمجتمع القديم


عبد الرحمن دارا سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2975 - 2010 / 4 / 14 - 21:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا تستطيع الدولة أن تكون مصدرا للحرية والعدالة والمساواة وإحترام حقوق الإنسان، وأن تخلق قيم السياسة الحديثة الأخرى، إذا لم تكن هي نفسها ثمرة تطوّر هذه القيم ونضوجها داخل المجتمع نفسه، وستبقى الدولة مجرد فكرة عليا متسامية وبلا مرتكزات ولا جذور عميقة، إن ظلّ المجتمع المدني راكدا وفاقدا للسيطرة عليها ومتلقّيا سلبيا للسياسة الناتجة عنها بدون فحص ومحاسبة ومسائلة بصورة دائمة، وقد يكون منبع هذا المأزق المستمر في الوضع العراقي ،هو أن الدولة العراقية الحديثة، دخلت في الحياة السياسية كمعطى جاهز ومقطوع الصلات عن الخبرات التاريخية المحلّية .

ومن العوامل الداخلية التي تدفع أكثر فأكثر، في إتجاه الإنفصال بين الدولة الجديدة والمؤسسات المنبثقة عنها من جهة، وبين المجتمع العراقي من جهة أخرى، هو ما أحاط بظروف توليدها من ملابسات وتعقيدات صاحبت الإحتلال والإرهاب الوافد بالإضافة للتحّديات والتدّخلات الإقليمية والدولية المستمرة، والأهم من ذلك هو إرتضاء النخب السياسية العراقية ذاتها، للمكاسب الآنية والإمتيازات الضيّقة والناجمة عن تلك الأوضاع الإستثنائية على حساب الأوساط الشعبية المحرومة والمتضررة من تلك الأوضاع بما فيها قطاعات واسعة ممن تدّعي وتزعم تلك النخب تمثيلها سياسيا، وهذا الأمر يمهّد بالضرورة لإعادة إنتاج مفهوم الدولة التقليدية من الناحية العملية، وتطابقها المعروف مع مفهوم القوّة والجيش والعسكرة والمخابرات والأمن الوطني وبصورة يعتريها الكثير من التشويه والمسخ والإلتباس والتداخل في حدود الصلاحيات والوظائف، حيث السيطرة والهيمنة موزّعة ومفتتة حسب المناطق والمكوّنات الإجتماعية المختلفة، وبالتالي أدّت هذه الأوضاع بمجملها مرّة أخرى، إلى حرمان المجتمع الواسع من التوّصل إلى القواعد السليمة للتعامل مع هذه الدولة الجديدة والغريبة في نفس الوقت .

فهي نظريا وشكّليا، دولة قانون ومؤسسات دستورية ويسمح نظامها السياسي بالتعددية وضمان الحريات العامّة والتداول السلمي للسلطة الصادرة عن الإرادة الشعبية، وعمليا تحوّلت تلك المضامين العميقة إلى شعارات مستهلكة في الصراع والتنافس على السلطة بدلا أن تكون قيما مرتبطة وموّجهة للممارسة اليومية في أوساط النخبة السياسية والأغلبية الإجتماعية على حدّ سواء، وتحوّلت معها السياسة كميدان للتوافق وتجديد النخب الإجتماعية، إلى مجّرد مناورات سياسية متناقضة ومتضاربة في كل الإتجاهات بلا بوصلة ولا هدف واضح يسمح لها بالخروج من حالة ردّ الفعل على الأفعال القادمة من وراء الحدود منذ عام 2003 .

هكذا يبدو المجتمع وكأنه محروم عمليا من القيادة السياسية، ليس بمعنى الغياب لرجال الحكم والسياسة، وإنما لغياب نخبة متماسكة ومسؤولة وقادرة بالفعل على القيام بالوظيفة السياسية، وتوّحدها روح القيادة الجماعية والعمل المشترك، بالرغم من الصراع والتنافس وتعدد الأصول والعقائد والتوّجهات الفكرية، ومن منطلق الحفاظ على المصالح الوطنية العامّة وفي سبيل حمايتها وتنميتها . ومن المستحيل أن تتحققّ هذه المهمّة لوحدها وتنشأ من الفراغ أو من مجرّد تسطير القيّم القانونية والدستورية على الورق وكفى المؤمنين شرّ القتال، بل هو ثمرة لصيرورة مستمرة تتحوّل مع الزمن إلى أعراف وتقاليد سياسية تتوارثها القيادات والنخب السياسية الجديدة وتعمل على تراكمها وتعديلها وتحسينها جيلا بعد جيل من خلال التفاعل والتواصل الإيجابي بين الدولة والمجتمع .

إنّ توطين تلك القيّم وما يرتبط بها من رؤى وتصورات وأفكار ومعايير هادفة إلى بناء فكرة المواطنة وتجاوز حالة الإنقسامات والولاءات الثانوية المدمّرة والتي لا تمثّل في حقيقتها الاّ واجهات للتغطية على الأنانية السياسية والمنافع الفردية الضيّقة وتهّدد في حالة إستمرارها إلى القطيعة الحتمية وفقدان الثقة من قبل المجتمع بسلطته الحاكمة، ليست بالمهمّة السهلة على الإطلاق، ولكنها ستكون أصعب إن كانت السنوات الأربع المقبلة هي صورة مكررة لما سبقها من سنوات .



#عبد_الرحمن_دارا_سليمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق الجديد : مصير التحوّلات الديمقراطية
- العراق الجديد : الصراع بين القديم والأقدم
- حول الإنتخابات العراقية المقبلة وهمومها الكثيرة
- العراق الجديد والطريق الطويل الى الديمقراطية
- العراق الجديد : مرحلة جديدة على الأبواب
- الديمقراطية والمدنية في العراق الجديد
- الأزمات المستعصية القديمة في العراق الجديد
- ساسة وأحزاب في عراق العجائب
- ديمقراطية مقابل الدماء
- العراق الجديد يجرب كل الحلول الخاطئة قبل الحل الصحيح
- العلمانية والديمقراطية ومأزق العراق الجديد
- في الدين والدولة والعلمانية
- في اشكالية الدين والعلمانية
- التعصب الديني والعلماني وجهان لعملة واحدة
- العلمانيون القدامى والمتعلمنين الجدد
- علمانيون ضد العلمانية
- العراق الجديد الى أين ؟
- العراق الجديد : يعود البعث..لا يعود البعث
- محنة العراق الجديد وسط الذئاب الاقليمية الهرمة
- ماالمطلوب بالضبط من التحالف الكردستاني ؟


المزيد.....




- -معاوية-.. خالد صلاح كاتب المسلسل يوضح الغاية منه
- وزير الدفاع الأمريكي يرد على هيلاري كلينتون بصورة لها مع لاف ...
- ممثل شهير يعلق شعار -فلسطين حرة- على صدره خلال حفل -أوسكار- ...
- زيلينسكي يرد بحدة على سيناتور جمهوري طالبه بالاستقالة
- ستارمر يرفض إلغاء الدعوة الموجهة لترامب لزيارة بريطانيا
- بعد المشادة مع ترامب ونائبه.. زيلينسكي يُعلق على موقف أوكران ...
- ابتكار بخاخ أنفي لمساعدة المصابين بإصابات دماغية رضية
- رئيس وزراء اليابان حول المشادة بين ترامب وزيلينسكي: لا ننوي ...
- مسؤول إسرائيلي: المفاوضات ستبدأ بمجرد موافقة -حماس- على مقتر ...
- أزمة كهرباء وانهيار العملة.. احتجاجات في حضرموت تعكس معاناة ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرحمن دارا سليمان - العراق الجديد : الدولة الحديثة والمجتمع القديم