أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - حتى الزبالة عزيزة















المزيد.....


حتى الزبالة عزيزة


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 2975 - 2010 / 4 / 14 - 09:10
المحور: كتابات ساخرة
    


يحكى في قديم الزمان وسالف العصر والاوان ان شابا طموحا، ذكيا، لايشق لتألقه غبار يسكن في ضاحية من ضواحي مدينة دبي قريبا من برج دبي. وحين اكمل دراسته الثانوية تقدم بطلب الى حكومته لاكمال دراسته في امريكا، فتم قبوله في الحال كدارس للهندسة الكهربائية.
وهناك استطاع ان يغير منهج دراسته الى تخصص آخر طالما كان يحلم به... الزبالة! نعم الزبالة ايها السادة. فحين كان طالبا في الثانوية كان عليه ان يصل الى مدرسته عبر جبل من دخان الزبالة يفترش قطعة كبيرة من الارض، وقد حاول عدة مرات ان ينبه من يلتقيهم في الدوائر الرسمية عن مخاطر هذا التلوث الا انه لقي اذنا صماء، فاتكل على الله واشترى كمامة سوداء على غرار كمامات الصينيين الذين يلبسونها في انظف دول العالم مخافة العدوى او المرض. ولم يبال بسخرية اقرانه والنكات التي اطلقوها عليه.
في امريكا – ايها السادة – اختار تخصص تدوير الزبالة وهو علم اخذت به معظم الدول حفاظا على البيئة ثانيا واعادة تصنيعها وبيعها في الاسواق العالمية " ورق من مختلف الاشكال والالوان والمقاييس،صحون البلاستيك للاكل والزينة، انتاج العديد من المكائن الصناعية التي لا تتأثر بالحرارة، اضافة الى السماد الكيمياوي المستعمل في الزراعة،و... صناعات اخرى لامجال لذكرها احتراما لطول بالكم.
مرت السنوات ونبغ هذا الطالب الشهم في تخصصه ونال شهادة الدكتوراه في علم تدوير النفايات وقدمت اليه عروضا من جامعات عالمية عديدة للتدريس فيها لكنه رفض كل هذه العروض وقرر ان يرجع الى مدينته دبي لتستفيد من تخصصه.
كان متحمسا جدا حين التقى رئيس بلدية دبي آنذاك – وحاليا، فقد مرت عليه 35 سنة وهو بهذا المنصب – وقال له وهو يكاد يلهث من الانفعال : لقد عدت من امريكا قبل ايام بعد ان درست ونلت شهادة الدكتوراه في كيفية ان تصبح المدن نظيفة.
لم تعجب رئيس البلدية – وهو خريج المتوسطة آنذاك – هذه المحاضرة القصيرة فرد بنفاذ صبر: وماهو المطلوب مني؟؟ اجاب الشاب المتحمس: لا اريد وظيفة ولا مكتبا كالمكاتب التي يجلس عليها بقية زملائي ، كل الذي اريده هو الزبالة.
عبس رئيس البلدية ونط عينيه الى الامام وشرب ما تبقى من كوب الماء الذي امامه: ماذا تقول؟؟.
رد الشاب بهدوء: لديكم مئات السواقين الذين يعملون طيلة النهار في جمع الزبالة من الاحياء السكنية وغيرها وهذا بالتأكيد يثقل ميزانيتكم، والذي اريده هو اعفاءكم من هذه المصاريف والمخصصات الاخرى وموافقتكم على نقل اقامة هؤلاء السواقين الى شركتي التي ستتولى جمع الزبالة من كل انحاء دبي مجانا.. اترى ان الامر في منتهى السهولة؟.
قال رئيس البلدية وهو مايزال ناطا عينيه: اي سهولة هذه التي تتحدث عناه، هل انفقت عليك حكومة دبي كل هذه المصاريف لتعود مختصا في "لم" الزبالة؟؟
رد اشاب بهدوئه المعتاد: نعن ،"الم" الزبالة واجعل مدينتي نظيفة لادخان اسود ينتشر في ارجائها. وانا بذلك اوفر عليكم رواتب العمال الهنود والباكستانيين واراض يمكن استخدامها لاغراض مفيدة.
وهنا قام رئيس البلدية من على مكتبه غاضبا:
اسمع يابني، انت تعرف اني كثير المشاغل ولدي مواعيد لاحصر لها ولاوقت لي لمثل هذه الاحاديث فارجو ان تنسى الامر و"تدور" على وظيفة اخرى.
خرج الشاب حزينا وهو بالكاد يرى طريق الخروج.
نقطة نظام لابد منها: قيل ان رئيس البلدية طلب مدير مكتبه وهو يكاد يغمى عليه من الضحك، وحين حضر مدير المكتب مهرولا بكرشه وصلعته الحمراء قال له الرئيس:
شفت ياراشد.. شفت هذا الشاب الذي قابلني قبل قليل
رد مدير المكتب المكروش:
نعم استاذ رأيته "شو قصته"؟.
يريد الاخ ان يلم الزبالة من كل احياء المدينة مجانا ولا يدري ان هناك اناسا اذكى منه، انها طريقة تآمرية واضحة.
مسد مدير المكتب على كرشه كعادته حين يستعصي عليه فهم ما يجري امامه وسأل: الزبالة مجانا؟؟ لاول مرة اسمع بذلك ... انها استاذ من علامات يوم القيامة.
مازال رئيس البلدية يضحك ومن بين اسنانه البيضاء جدا قال:
انه طامع في مركزي، فانا حين اوافق على طلبه سيصل الخبر الى المسؤولين، وسرعان ما ينتبهوا الى شطارة هذا الشاب ويصدروا امرا بتعيينه مكاني واحالتي على التقاعد.. افهمت الان؟؟.
في الليلة الثانية من الليالي الالفية الثالثة قالت الحكاية:
في سبعينات القرن الماضي كان هناك منصب امين العاصمة في بغداد.. وهذا المنصب يحتله في ذلك الوقت رجل كهل تجاوز سن الخرف وهمه الوحيد ان ينام في السابعة مساء من كل يوم. في ذلك الزمن وفي يوم شتائي منه التقى عدد من الخبراء الامريكان بهذا الامين بناء على موعد مسبق. وقال له المتحدث الرسمي باسم الوفد: جئناك من اقصى الارض لنعرض عليك مشروعا استثماريا نتكفل نحن بكل تبعاته.
صمت الرجل الامين محتارا فهو لم يسمع من قبل بالاستثمار المجاني، وسمع احد اعضاء الوفد يقول: من المؤسف ان نرى يغداد حاضرة الماضي والحاضر غارقة بالطين شتاء وبالغبار صيفا.. لقد رأينا ونحن في الطريق اليكم ان الرجال الانيقين ببدلاتهم السوداء والزرقاء يرفعون "اكمام" بناطيلهم الى الاعلى ويمسكون احذيتهم خوفا من البلل وهم يقفزون فوق الارصفة حفاة فيما كانت مياه الامطار تغطي الشوارع، ومجلس ادارة شركتنا المعنية في استثمارات المجاري رأت ان تطرح عليكم مشروعها الذي سيعود عليكم بفائدة عظيمة بالتأكيد.
لم ينطق امين العاصمة باي كلمة فقد كان ينظر الى ساعته بين الحين والاخر تعبيرا عن نفاذ صبره.
عاد المتحدث الرسمي باسم الوفد الزائر الى القول: مشروعنا بسيط جدا لانريد سوى موافقتكم على اعطائنا مياه مجاريكم و"غائطكم" ونتكفل نحن ببناء مجار جديدة لاتجدون معها اي قطرة ماء على الارض في الشتاء الممطر.
اصابت الامين بحة في صوته وبالكاد استطاع هو فقط ان يسمع صوته:
كل هذا مجانا؟؟؟
نعم مجانا شرط ان يسري عقدنا لمدة 10 سنوات.
قال الامين منهيا الزيارة: انتم تعرفون ان هذا الامر ليس من السهل البت فيه لوحدى ولابد من استشارة وموافقة رئيسي المباشر واعضاء قيادة الدولة.
انتهت الزيارة فيما اسرع الامين لمقابلة الرئيس الاعلى الذي صرخ بوجهه بعد ان عرف تفاصيل الحكاية: ايها الغبي الا تعرف ان امريكا لاتعمل شيئا لوجه الله، الاتعرف انهم وصلوا الى اعلى السلم في التكنولوجيا ويمكنهم الان ان يصنعوا من "خرانا" صواريخ يقتلون بها ابنائنا.. اغرب عن وجهي حالا واستبدل مخك هذا بمخ متفتح تكنلوجيا.



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذيان
- برلمان ام حمام نسوان
- لماذا لايقرأ هؤلاء التاريخ ؟ هل من مجيب
- انقلاب في السماء السابعة
- جريحان في بيتي
- حمار اسمه -ذات الاهتمام المشترك-
- عقول تآمرية
- الهاجس الملعون
- صدام حسين يحضر احتفالات نوروز في ايران
- طفشان يكتب رسالة ثالثة الى رب العزة
- رجل الدين وانا
- في ابو ظبي ... القرآن في المزاد العلني
- ياللمهزلة في دبي
- مابين هذا الرميثي وذاك الامريكي الآفاك
- دجاجة -المرجعية- ليست لها مؤخرة
- ارجوكم اقرأوا هذا الايميل
- اسمر بو شامة
- ولكم مو هشكل ياعمار وبحر العلوم
- -هلهولة - للتعداد السكاني
- اغبياء اذا اردتم تكرار مافعلوه


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - حتى الزبالة عزيزة