عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 2972 - 2010 / 4 / 11 - 22:24
المحور:
الادب والفن
التمثال ..
وصل الغرباءُ ، مثل موجة جراد محمولة بهواجس القمح ، ونقلوا عاداتهم ، تماثيلهم ودياناتهم ، ثم تفرقوا في البلدة : مشاة ، عراة ، وعلى الخيول ، فنهبوا العين من الكحل ، البساتين من الشجرة ، الانهار من الماء ، والنور من المصابيح ..
لم أحزن وبقيتُ رابط الجأش ، أنظرُ إليهم ، وهم يشعلون النار في الأسواق والبيوت ، لكن دموعي سالت بغزارة ، فجأة ، حين رأيتهم قد تجرأوا ، وطردوا تمثالي الكبير إلى خارج المعبد ، فسحله الشعبُ بالحبال ، شعب سومر : شعبي سحله بالحبال ، وطاف به الأولاد في الشوارع ، بين الهتافات والصفير..
لأنني إله حقيقي ، إله رحيم ومُنتخب ، لن اعاقبهم بالطوفان ، بالحصار أو بالأمراض ، ولأنهم اكتسبوا مناعة ضد كراماتي وخرافاتي : سأكتفي مؤقتا بهذا الخروج المُذل من حياتهم ، وأتوارى في الأزقة ، بحثا عن أجزاء تمثالي هنا وهناك ، وعندما أجمعه سأقدم له القرابين والأضحية ، عسى أن ينجز انتقامي من ناكري الجميل اولئك .
سأحج إليه كثيرا ، وفي كل مرة سأتفقده ، أدور من حوله ، مرددا التعاويذ والأدعية : سأعطّر ثيابه ، أرشُّ البخور ، وأشعلُ الشموع ، ثم أتسلقُ هامته العالية ، وصولا إلى رأسه شبه المحطم ، بغية أن انظفَ شَعره ، الذي طال ، من القمل ..
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟