|
قصيدة ( أهنا يمن جنه وجنت) ما قيل فيها وتداعياتها
حامد كعيد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 2971 - 2010 / 4 / 10 - 21:37
المحور:
الادب والفن
المتتبع للادب الشعبي وقصائده وطرائفه يقف كثيراً ازاء ما ترك لنا مبدعونا الراحلون ومن نتاج تتحدث به الذائقة الشعبية ليومنا هذا، ونحن صغار وربما ما نزال في المراحل الاخيرة من الدراسة الابتدائية نسمع ممن هو أكبر منا سناً وتجربة قصيدة ( أهنا يمن جنه وجنت) وقصة هذه القصيدة كما يروونه لنا ان رجلاً من الريف العراقي الجميل من الفرات الاوسط تحديداً عشق امراة من ( ديرته) كما يقولون وبادلته المراة بنفس ذلك الشعور الجميل وكان لهما اكثر من لقاء بريء في بساتين منطقتهم الغناء واقسما على ان لايترك أحدهم الاخر مهما كانت الظروف وحددا موعداً لزيارة أهل العاشق لوالد المعشوقة ولم تحصل موافقة الوالد على الزواج ، وتكررت محاولات عدة والنتيجة ذاتها عدم موافقة والد المعشوقة على الزواج ، تدخل وجوه القوم وشيوخ عشائر وسادة اجلاء ولم تفلح المحاولات وباءت بالفشل وكان من اصرار والد المعشوقة ان زوجها لاحد اقاربه، ومرت السنون تتلوها السنون ونار العشق تلهب قلب العاشقين، في احد الايام والعاشقة تتبضع من أحد اسواق المدينة فاذا هي امام محل عاشقها ، منهم من يقول انه عطاراً ومنهم من قال بزازاً، وهكذا وقفت امامه وسألته عن بضاعة ما واطالت معه الحديث ، كل ذلك ولم يتعرف عليها فاستهجنت موقفه وثارت ثائرتها وأنشأت تقول: أهنا يمن جنه وجنت جينه اوكفنه ابابك ولف الجهل ما ينسه اشمالك نسيت احبابك بعد تلاوة ابياتها هذه صفق العاشق بيده ندماً واراد الاعتذار الا ان العاشقة المنكوبة سرعان ما تركت المحل واختفت بين الناس في سوق المدينة المكتظ ، هكذا تقول الراوية ومنهم من يذهب الى أنها من نسج اخيلة الذائقة العامة لاكتها الالسن واضافت لها الكثير ، ومنهم من قال ان صاحب الدكان - العاشق - نقل هذه الحكاية للشاعر الكبير المرحوم محمد آل جبار وصاغ قصيدته مكملاً ما قالته المراة - العاشقة- والقصيدة اياها اوردها الباحث الخاقاني في موسوعته الشهيرة فنون الادب الشعبي ، وكما اوردها الشاعر المرحوم عباس هجيج في معجمه للشعراء الشعبيين، ولم يروي احدٌ منهم قصة القصيدة وما قيل عنها. حملت كل هذه الروايات والقصص صوب الباحث والشاعر الشيخ سليم شاكر العزاوي مستفسراً منه عن تداعيات قصيدة الشاعر محمد آل جبار فافادني بمعلومة جديدة قائلاً: ان القصيدة هي للشاعر محمد آل جبار وهو شيخ لعشيرة آل ابراهيم المستوطنه ريف قضاء المشخاب ومن الجدير ذكره وكما يقول الباحث الشيخ سليم العزاوي ان الشيخ محمد آل جبار انتقل بافراد عشيرته لاسباب قد يكون أولها التقرب لمصدر الماء قريباً من مركز قضاء المشخاب وسميت المنطقة باسمة ( خان محمد) وقصيدة ( هنا يمن) حقيقية وقعت للشاعر محمد آل جبار والمرأة التي قالت مطلع القصيدة تعرف باسم ( حكمة الجبرية) واكمل بقية القصيدة الشاعر محمد آل جبار وتناقلتها المحافل الادبية بإسمه محمد آل جبار ويقول الباحث الشيخ سليم شاكر العزاوي ان القصيدة اياها نشرت في جريدة كل شيء بداية الستينات باسم الشاعر حميد الفتلاوي صاحب الاغنية الريفية يديار الولف حلوه وزهية يحيها الكلب صبح ومسيه ولا اقول ان الشاعر حميد الفتلاوي انتحلها لكن الناشر - جريدة كل شي - هو الذي أخطأ ونسبها للشاعر الفتلاوي مما أثار حفيظة الشاعر المرحوم عبد الصاحب عبيد الحلي فاستدعى الشاعر والباحث سليم العزاوي ليسأله عن كيفية نشر هذه القصيدة منسوبة للفتلاوي وشاعرها حي يزرق، علماً ان القصيدة نشرت منقوصة رباط كامل ، فشد الشاعر عبد الصاحب عبيد الرحال صوب العاصمة بغداد للقاء الشاعر محمد آل جبار وفعلاً تم اللقاء، حيث ان الشاعر محمد آل جبار كان قد ترك المشخاب استوطن بغداد منطقة الكاظمية وافتتح فندقاً لايواء المسافرين فيها. وعند سؤاله عن سبب نشر القصيدة باسم آخر قال له الشاعر محمد آل جبار ، كنت اصلي في احد المساجد القريبة لفندقي فوجدت صحفياً بانتظاري وطلب مني ان يكتب قصيدة ( هنا يمن جنه) وفعلاً كتبها كما رددتها عليه ولكنني لا اعرف انه قد نشرها منسوبة لشاعر آخر، ويؤكد هذه الرواية الشاعر والباحث الشيخ كامل سعود الحسناوي والذي يسكن منطقة آل شبل وهي من أعمال قضاء طويريج. ومن الطريف ذكره ان حكمة الجبرية صاحبة مطلع قصيدة ( هنا يمن جنه) بقيت متابعة لشاعرها محمد آل جبار وترسل له الدارميات والابوذيات بين فينة وأخرى الى ان وردها الدارمي الذي يقول محمد آل جبار كلبي ابفرد بتين انكطعن وضاع واحد ابحدي العيس واحد بالوداع ومرة أخرى بدارمي آخر يقول:
بت بعد بالدلال ناحل بالاشواك عايزله حدية عيس لو طاري افراك وهنا تستهجن حكمة الجبرية مرة اخرى مما يقوله الشاعر ففي الدارمي الاول قال كلبي ابفرد بتين فلطالما قطعا هذان البتان فكيف يجرؤ مرة أخرى ويقول ( بت بعد بالدلال) فكتبت اليه مستفسرة هذا الدرامي:
ابتوت ابن جبار اشردهن ردود والحادي والتوديع اعليهن شهود
فانتبه محمد آل جبار لهذه المفارقة معترفاً بخطأ ما وقع فيه فأجابها بهذا الدارمي توه انتهه الدلال خلصن ابتوته كل اليجيني يصيح ابعالي صوته
ومن الجدير ذكره ان قصيدة ( أهنا يمن) للشاعر المرحوم محمد آل جبار عارضها كثير من الشعراء وكتب على غرارها واغلب ذلك مدون بالمجموعة الكاملة من فنون الادب الشعبي للباحث المرحوم علي الخاقاني والقصيدة من وزن المجرشة وساورد ما كتبه المرحوم محمد آل جبار. إهنا يمن جنه وجنت جينه اوكفنه ابابك ولف الجهل ما ينسه اشمالك نسيت احبابك *** ولف الجهل ما ينسه جنك صدك ناسيني وسنين مرن بالهجر وأنه الهجر ياذيني حالن دواليب الدهر ما بينك وما بيني موش ابدواليب الدهر مدولشة ابدولابك *** ويّه دواليب الدهر يفترعكس دولابي هايم ودور خلتي ما مش ذجر لحبابي كلما ارد افك باب العتب بلجن يفيد عتابي تأخذني رجفه هيبتك واتلجلج من عتابك *** شيفيدني بعد العتب راحن ضياع ايامي ومن اذكر ايام المضن ترجف تكوم اعظامي آ.. من توادعنه وسره حادي الظعن جدامي من حيث روحي فرفرت مني وسرت برجابك *** لو ما نحولي من المرض وترضرض البعظامي جنت اركض أبتالي الظعن ونهض وشد أحزامي بالسير حاديكم عجل ونه ثجيله اجدامي حادي الظعن ساك الظعن لاهابني ولا هابك *** حادي الظعن غاد الجده كل ظنتي ايتانيني ردتك تنشف مدمعي واشجيلك اشماذيني عيني العمَه لو هومت للنوم بعدك عيني من حيث يدرج بالجفن ميل السهر لغيابك *** هذي سواني أهل الهوه ولف الجهل يتباره بحر الهوه غب اورهج لجه وصعب معباره من كون ما تكدر تطر موج الهوه وتياره اشلون هاي اتوهدنه من جابني ومن جابك *** ختاماً لموضوعتي اتمنى ان اكون وقد وفقت لنقل حقيقة بحثت عنها طويلاً لاضعها بين يدي القراء واتمنى على من يمتلك الحقائق الاكثر وضوحاً ان يرفد بها الذائقة الادبية بما غيب عنا وعنهم.
* ملاحظة : ما أن اتممت الموضوعة عرضتها على الدكتور خليل ابراهيم المشياخي (لغة عربية ) وهو المهتم بالتراث الشعبي ونوادر الشعر ، ففأجاني براي آخر يقول ان صاحبه المطلع( هنا يمن ) هي من اهالي الناصرية وهذا الرأي لم اسمع به او أقرأه او متناقل عن الاخرين ولربما أهل الناصرية أدرى بشعابها.
#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الظاهرة الغيلانيه
-
متابعة نوابية
-
محطات أستذكارية / الشاعر المرحوم رياض أبو شبع
-
الجسر ...الخورنق والجنائن المعلقة!!!!
-
ضيف فقره
-
السكوت أمن الذهب
-
هروب جسر الحلة
-
دفيني أبعباتج
-
حمَد
-
إيكولون غني أبفرح
-
حلم الماضي وخيبة الحاضر وأستشراق المستقبل في رذاذ على جبين غ
...
-
رؤى ورقَةُ القوافي في زمكانية (وتَر المنافي)
-
يومية أنتخب
-
صبر مفطوم
-
روض
-
مشهد الشمس وطقوسه الحلية
-
العراق الفاز / مهداة للحزب الشيوعي
-
أوتارٌجبهويه *
-
واقع أم خيال حلاق بيد واحدة
-
الحلة الفيحاء وأعياد أيام زمان
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|