مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 905 - 2004 / 7 / 25 - 11:53
المحور:
الادب والفن
وداعا... يا حبيبتي
يا حقول ... سمرتي
وداعا..
يا شعاب التين
والعنب..
والملعب ,
كحلت عيوني
بوجوه أحبتي
ورفاقي دربي
ورفاق
دربي
وارتحلنا .
ملأت سلة السفر..
زينت دفتر العمر..
بعشب الكرم
وغلال البيدر
والسهل..
والجبل..
وارتحلنا .
شوكا ... ووردا
حملت بيدي..
دمعة .. وابتسامة
زرعت على وجهي وخددي
وارتحلنا .
حرقت كل بخوري
وارتحلنا...
حرقت تقاعدي..
ووظيفتي
شهاداتي..
وكل رواتبي..
مكتبتي.. وطاولتي
وارتحلنا .
دخلت كهوف الغربة
مع .. قافلة اللاجئين
والمبعدين..
مع المهددين
والمنفيين ..
وارتحلنا ,
دخلنا ... تشابكنا
تجاورنا ..
مع الوجوه .. والدموع
والمعاناة ,
تناثرنا ...
وارتحلنا .
أوصدت باب بيتي
ونوافذ صدري ..
على ... كتبي
خبأت .. تحفي
وأشياء أحببتها
من يوم عرسي ...
وهدية جدتي
وأمي ... وأختي
وصديقتي
من صدر النحاس
الى المعجن ,
ومن المزهرية
للشرشف ..
الى اللوحة ..
وارتحلنا .
ضميتها...
في صناديق أثرية..
خشبية – صدفية
الصمت .. الصمت..
الصمت .. الصمت الصمت ..!!
خبأت أشيائي..
ووجه أمي..
والدي .. وإخوتي
وعمي
وارتحلنا .
ضميت أشغالي
وتطريزي .. وإبرتي
وجهاز عرسي
وارتحلنا ,
وجنى عمري وارتحلنا
عرقي .. وتعبي
النبيذ .. والدبس
وخوابي الطحين .. والزيتون
والقمح
في سلة القش
والطبق
وعلى رفوف الموقد
نامت ألعاب أولادي
فرح أكبادي ..
وارتحنا ..!
وانصهرنا..
وانصهرنا في الدروب
ما وصلنا ..!
في قريتي ..
في بلدتي الجبلية
ركعت..
قبلت صليب نضالي وأتعابي
ولعب أطفالي
هوايات أبنائي
وصليت
صليت في الدير
المجاور المطل
كالقلعة فوق الصخر
كالسفينة في البحر..
ودعت سوره
أدراجه .. أجنحته
طعم قربانه
وما سكرت..
وتراتيل راهباته
وأيتامه..
وما اكتفيت –
تباركت
بأيقوناته العجائبية..
ونذوره الذهبية .. الفضية
أيقوناته القديمة .. العتيقة
الزيتية
الأثرية..
بكيت .. بكيت
وبكيت وبكيت
أدراجه .. ومدرستي
بيت جدتي
صديقتي .. وجارتي
أختي .. وخالتي .. وعمتي
مسجدي .. وكنيستي
ملعبي .. وحريتي
ذكرياتي.. وطفولتي
وارتحلنا .
مسحت جروح أمس
بزيت الكأس .. المشتعل
بنار الحب
ونار الوطن.. نار الوطن
وارتحلنا
وارتحلنا
وارتحلنا ...! ؟
لبنان – 1993 – من مؤلفي : لصيدنايا الصباح –
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟