|
الحداثة و تاثيراتها على الهوية الثقافية في منطقتنا
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2971 - 2010 / 4 / 10 - 16:23
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
طبيعي ان تكون لكل مجتمع هويته الثقافية الخاصة المترسخة لديه من ما تنتجه مسيرة التاريخ و الاحداث و يتميز بها عن الاخرين، و تكون له خصوصياته التي تفرضها الظروف الاجتماعية الاقتصادية الثقافية، و الاحداث المتتالية عبر التاريخ، و هذا يمكن ان يصح و يطبق على الفرد كذلك ، كما هو حال المجتمع و هو يتسم من الصفات و يحمل المقومات الاساسية لبروز الهوية بشكل عام و الثقافية منها بشكل خاص. تختلف ظروف انبثاق الهوية الثقافية من منطقة لاخرى و من مرحلة او زمان لاخر ، و تعتمد على الظروف السياسية و ما يملكه اي مجتمع من النظام و الكيان و العوامل الاساسية لبناء البلد سوى كانت القوانين و القدرة و الامكانية الاقتصادية او العقلية المدبرة او درجة تطور المجتمع و مستواه الثقافي، و تكون الهوية بشكل عام معرضة للتغيير المستمر نتيجة المؤثرات و المستجدات و التطورات العالمية و الاحتكاك بين المجتمعات بشكل متواصل. بعدما وصلت اوضاع العالم الى ما نحن فيه من كافة الجوانب، نحس باننا نقترب من بعضنا البعض كمجتمع بشري يوما بعد اخر، فالتطورات العلمية المشهودة و القفزات التي حصلت من الناحية التكنولوجية و الاتصالاتية ازدادت من النقاط المشتركة بين الناس و ازالت من بعض الخصوصيات و اثرت بشكل مباشر على معيشة المجتمعات و وسعت من الساحة المطلوبة لتقارب الشعوب و خصبت الارضية للنجاح و تحقيق الاهداف العامة لما سميت بالعولمة في اكثرية بقاع العالم. اي الهوية كمفهوم و هو اطار لمجموعة من المميزات التي تعرٌف حاملها من كافة النواحي و تفرقها عن الاخر،و يكون هامل الهوية هوحامل للسلوك و العمل بدافع من الخلفية المعرفية و الاخلاقية و الفكرية و هو يتصرف كحامل لهوية معينة تفرقه عن سابقه و لاحقه، و هذا ينطبق على الفرد ايضا . اما بالنسبة لهذه المنطقة التي نعيش ، يمكن ان نعين و نحدد بالذات مجموعة من الركائز الاساسية لتحديد الهوية و منها اللغة و الدين و المذهب و الفكر و العقيدة و العقلية ، و حديثا اصبحت الايديولوجيا من ضمنها ايضا. هذا عدا ما يملكه الفرد و المجتمع من الهوية الاقتصادية و العلمية والاجتماعية و ما يتضمن من الموروثات التاريخية و تفرض عليه جغرافيته الشكل و النوع المعين من الهوية. في حالات يمكن ان تطغي بعض منها على الاخر و تختلف من بقعة لاخرى، ناهيك عن الاختلاف الواسع مع الدول المتقدمة ، و كلما كانت الظروف الاقتصادية مسيطرة على الفرد، و هو يهتم بها اكثر من المجالات الاخرى، اي الاهتمام بالهوية الخاصة، و يمكن ان تخفف الحداثة من سمك و ثقل هوية الفرد سوى كانت اجتماعية ام ثقافية خاصة به، اي تقترب الافراد رغم الاختلافات الكثيرة في كافة الجوانب من شكل و جوهر الهوية الخاصة بهم . في المجتمعات المتخلفة تبرز الاختلافات الخاصة بالهوية بين مكونات الشعب ، و هناك من العوامل المؤثرة على التشدد في الالتزام بالهويات الخاصة و منها الفقر و البطالة و التخلف و في ظل انظمة قمعية، و هذا ما يؤدي الى مجابهة العولمة و ما تفرض و تحصل تناقضات عديدة مما تقف حجر عثرة امام توحيد الهوية الثقافية العالمية . عندما يلتزم الفرد بهويته الثقافية الخاصة يتمسك بوضع نفسي معين، و لابد ان يتاثر بما يلاقيه من الاختلافات في المستويات المعيشية و التطورات التكنولولجية و العلمية بشكل عام في مسيرته، و من جراء امتداد ما تبرزه العولمة و النظام العالمي الجديد و ما تتجسد من الحداثة و التنوير ستتاثر الهويات المختلفة للافراد و المجتمعات في العالم، و هذا ما يبرزحالة تقلل من تداعيات الثقافة السائدة و ما افرزته الحضارات المختلفة ،و ما تنسجم من حالات ، يمحي الملائم الاصح الاخر الشاذ و الطاريء من الصفات. تلتزم منطقتنا بعدة هويات تجبرها الالتزام بها ما يمتلك من العاطفة و الروحانية او المثالية المسيطرة في الفكر و العقلية و العمل، و تحتاج لمراحل متعاقبة من اجل فهم ماهية هذه الهويات التي اكتسبتها وراثيا دون ان يحللها عقليا ، و لا يعتمد على ما يفرضه المنطق من التحليل و التفسير العلمي، و فرزت هذه الهويات الظواهر العديدة و انتجت حوادث و اثبتت نفسها و اوثقت بقوة ما تميزت بها، و صعبت الانتزاع منها او التخفيف من سعتها و اثرها على الجميع. ما يفرح النفس في هذا القرن ، ان الحداثة و العلوم و التقدم التكنولوجي لم يختزل الهوية الخاصة بكل مجتمع فقط و انما قرب من المجتمعات في الحياة و شكل و نوعية المعيشة و لم يحصر ثقافة معينة بمجتمع ما بل سبب في انتشار كل جديد مما فرض الاصلاحات في جميع انحاء العالم بشكل مستمر مما اثمرت التغييرات العالمية المفيدة و جسدت الحداثة و ما بعدها بشكل نهائي و هي في تطور دائم لحد اليوم، و سببت في التخفيف في الالتزام بالهوية القديمة او متهية الصلاحية.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا يقدم الاعلام لما يحتاجه العراق في هذه المرحلة
-
بعد ترسيخ المواطنة تتفاعل العقلية المدنية
-
هل بالامكان اختزال الديموقراطية في العملية الانتخابية فقط؟
-
من يتحمل مسؤولية عبور المرحلة القادمة في العراق؟
-
ما يرن باستمرار في اذاننا هو العراق الى اين ؟
-
الى متى تطول مخاض ولادة الديموقراطية الحقيقية في هذه المنطقة
...
-
هل ما نحن فيه ازمة ام صراع مصالح القوى؟
-
هل هناك ازمة الشرائح المؤثرة في تنوير المجتمع ؟
-
الامن القومي لمجتمع موزائيكي الشكل و التركيب
-
مابين الاصلاح و التغيير في اقليم كوردستان
-
احذروا تبجح البعث باسم العلمانية
-
دور المثقف العراقي في الانتخابات البرلمانية
-
هل من متضرر في العملية الانتخابية العراقية ؟
-
ما يحصده المواطن من التعقيدات السياسية في العراق
-
دروس الانتخابات تدفع العملية الديموقراطية الى الامام
-
من اخفق في الانتخابات النيابية العراقية؟
-
ما الضير في اعادة عملية العد و الفرز للاصوات ؟
-
نتائج الانتخابات كشفت المستور للجميع
-
هل تُستغل نتائج الانتخابات النيابية لتنفيذ الاجندات المختلفة
...
-
الانتخابات كمحطة لتقييم الذات و اتخاذ القرارات المصيرية
المزيد.....
-
تركيا توضح ملابسات الهبوط الاضطراري لطائرة إسرائيلية بمطار أ
...
-
صحيفة: قاعدة في أوروبا توعز لطيارين أمريكيين بخلع زيهم الرسم
...
-
مهاجمة متاجر وممتلكات تعود لسوريين في تركيا إثر مزاعم -تحرش-
...
-
قصف مكثف على غزة والمقاومة تواصل استنزاف الاحتلال بالشجاعية
...
-
مهاجمة ممتلكات تعود لسوريين في تركيا إثر مزاعم عن تحرش شاب س
...
-
??مباشر: عشرات الآلاف يفرون من معارك الشجاعية قبل أسبوع من د
...
-
الكشف عن عوامل خطر الإصابة بـ-كوفيد طويل الأمد-
-
محادثات أممية ودولية غير مسبوقة مع طالبان تثير انتقادات جماع
...
-
ثلاثة أعشاب طبيعية لتعزيز قوة الدماغ
-
ديمقراطيون بارزون يستبعدون استبدال بايدن وسط دعوات لانسحابه
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|