عبدالله العقيل
الحوار المتمدن-العدد: 905 - 2004 / 7 / 25 - 10:55
المحور:
الادب والفن
أخذت الكاميرا تتحرك بشكل انسيابي للأعلى كي تعطي فسحة واسعة للمكان .
بدا جهاز التلفزيون في منتصف غرفة كبيرة، يجلس أمامه رجل يطل رأسه من خلف سُحب دخان سيجارته الكثيف, ويغوص باقي جسده في كومة من الأوراق يقرؤها بطريقة جادة .
على الأريكة المجاورة له, تجلس زوجته شاردة الذهن, ظهر عليها قلق عريض.
تنزلق الكاميرا خلف الرجل, وترتفع للأعلى بطريقة هادئة حيث تظهر إنارة خافتة فوق طاولة صغيرة على يمينه، ينعكس ضوءها الخفيف على الجانب الأيسر للزوجة مبيناً عمقاً أكثر لتفاصيل التوتر الناتج من ضغطها الحاد على أسنانها مع حركة سريعة لعضلات فَكْيّها.
وضعت كفيها على ركبتيها بطريقة مُرتبِكة وقالت :
-هل لي أن أتحدث معك؟
بزغ من الخلف صوت ناي طاغ, تزيد بحته مع ازدياد قلق الزوجة وارتباكها..!
-رجاء, اسمعني، هناك أمر مهم أريد التحدث معك بشأنه، ألا يمكنك ترك هذه الأوراق اللعينة لدقائق؟
يختلط صوت توسلها الحزين والغاضب, بصوت حركة الأوراق التي تراكمت بجوار الزوج، وينشغل عن توسلاتها أكثر, بالتدخين و توقيع بعض الرسائل.
-تركت رائحتي معلقة على صدر رئيسي في العمل هذا الصباح!
رفع الرجل رأسه قليلاً، ونظر إليها نظرة مُتعَبة بعد أن غفت على شفتيه ابتسامة ماكرة, وعاد إلى أوراقه غير مكترث بهذا الفضاء الحارق الذي زفرته زوجته مع كلماتها.
حل بينهما صمت ساخن فاحت منه رائحة قلق ومرارة قاتلين، ازدادت على أثرهما سرعة حركة فخذيها وهي تتكئ على الأرض بأطراف أصابع قدميها.
أشعلتْ سيجارتها بعنف, ومن ثم رمقته بنظرة خبيثة وأردفت قائلة:
- لقد كان رائعاً معي، هل يقلقك ذلك؟
لملم الرجل أوراقه وخلع نظارته بهدوء وقال بعد أن دعك عينيه بخدر:
- نعم، نعم! سمعتُ ما قلتِ يا عزيزتي، أنا الآن مُتعب قليلاً...
نهض بعد أن طبع قبلة طويلة على كفها الأيمن وذهب لينام.
#عبدالله_العقيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟