|
جاك رُنْسْيَارْ:الاشتراك في المحسوس
صلاح الداودي
الحوار المتمدن-العدد: 2970 - 2010 / 4 / 9 - 21:22
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إستطيقا وسياسة. منشورات لا فابريك، باريس 2000 .ص. ًً12. ص. 25.
1 . حول الاشتراك في المحسوس والعلاقات التي يقيمها بين السياسي والإستطيقي. في الخلاف (La Mésentente)1، سوئلت السياسة انطلاقا مما سميته " اشتراكا في المحسوس". فهل توفر هذه العبارة في نظرك مفتاح الالتقاء الضروري بين ممارسات استطيقية وممارسات سياسية؟
أسمّي توزيعا (اشتراكا) للمحسوس ذلك النظام الذي يخص البداهات الحسية التي تبيّن في نفس الوقت وجود مشترك وعمليات التقسيم التي تعيّن المواضع والأجزاء المتتالية. يحدد توزيع المحسوس إذن مشتركا موزعا وأنصبة حصرية في آن واحد. ويقوم هذا التوزيع للأنصبة وللمواضع على اقتسام للفضاءات، للأزمنة ولأشكال النشاطات التي تحدّد الطريقة التي يفتح بها المشترك مجالا للاشتراك والتي يكون فيها لهؤلاء ولغيرهم نصيب من هذا التوزيع. المواطن، يقول أرسطو، هو الذي يكون طرفا في أمر أن يحكم وأن يُحكم. ولكنّ شكلا آخر من التوزيع يسبق هذا الاشتراك: ذلك الذي يحدد من له الحق في ذلك. الحيوان الناطق، يضيف أرسطو، هو حيوان سياسي. ولكن العبد، عندما يفهم اللّغة، لا "يمتلكها". وأما الحرفيّون، يقول أفلاطون، فلا يستطيعون الانشغال بالأشياء المشتركة لأنه لا وقت لديهم للتفرغ لشيء آخر غير عملهم. إنهم لا يقتدرون على التواجد خارج عملهم لان العمل لا يقبل التأجيل. يُظهر الاشتراك في المحسوس من يريد أن يساهم في المشترك على قاعدة نشاطه أي في الزمان والفضاء الذي يمارس فيه هذا النشاط. وهكذا يُوضّح تملك هذا "الشغل" أو ذاك وجود كفاءات في المشترك من عدمه. وذلك ما يوضّح الكون مرئيا أو غير مرئي في فضاء مشترك،[ مأهول ] بموهبة الخطاب العمومي، الخ...ثمة إذن، في أساس السياسة، "استطيقا" لا صلة لها "بأستطقة السياسة" ،هذه التي يتكلم عنها بنيامين (Benjamin). لا يجب أن نفهم هذه الإستطيقا بمعنى التناول المحرّف للسياسة من خلال إرادة الفن ومن خلال تفكير الشعب كعمل فني.إنه يمكننا، لو نتمسك بالتماثيل، أن نفهمها بمعنى كانطي ـ وبقراءة فوكو عند الاقتضاء ـ ، كنظام الصّور الماقبلية المحدّدة لما يُحسّ. إنه تقطيع للأزمنة وللفضاءات، للمرئي وللاّمرئي، للكلام وللضجيج الذي يحدّد في نفس الوقت حيّز ورهان السّياسة كشكل من أشكال التجربة. وتُحمل السّياسة على ما نراه وما نستطيع التكلّم عنه، على من له كفاءة النظر حتى يرى وميزة النطق [حتى يتكلم]، وعلى خصوصيات الفضاءات وإمكانات الزمان. إننا نستطيع طرح مسألة "الممارسات الاستطيقية" إنطلاقا من هذه الاستطيقا الأولى، بالمعنى الذي ندركها به، يعني أشكال رؤية الممارسات الفنيّة، الحيّز الذي تحتلّه وما "تُحدثه" تحت أنظار المشترك. الممارسات الفنية هي "كيفيات خلق" تتدخل في التوزيع العام لأنماط عمل وفي علاقتها بأشكال الوجود وأشكال الرؤية. وقبل أن تتأسس على المضمون اللاأخلاقي للخرافات،الإبعاد الأفلاطوني للشعراء فهي تقوم على استحالة فعل شيئين في وقت واحد. إن مسألة القصّة الخيالية هي أوّلا مسألة توزيع الفضاءات. فمن وجهة نظر أفلاطون يشقّ مسرح التمثيل الذي هو في نفس الوقت فضاء نشاط عمومي ومكان عرض الإستيهامات، الاشتراك في الهويّات و النشاطات والفضاءات. وقس على ذلك الكتابة: وهي تتمايل يمينا ويسارا، دون أن تدري إلى من يجب أن تبوح ومع من يجب أن تلتزم الصّمت فهي تدمّر أسّ شرعية سيلان الكلام بأكمله، أسّ علاقة تأثيرات الكلام و وضعيات الأجساد في الفضاء المشترك. وهكذا يستخلص أفلاطون نموذجين هامّين، هيأتي وجود مهيمن وفعالية حسيّة فعليّة هما المسرح والكتابة الذّين سيصيران كذلك أشكال تدبير لنظام الفنون بشكل عام. وهذه الأخيرة تظهر في الحال متّفقة مع نظام سياسة معيّن، نظام غموض الهويّات، نظام نازع لشرعيّة القدرات الكلامية، نظام إفساد تشاركات الفضاء وتقاسمات الزمان. هذا النظام الاستطيقي للسياسة هو على نحو ملائم ذلك الذي يخصّ الديمقراطية، نظام مجمع الحرفيين والقوانين المكتوبة غير القابلة للمساس والمؤسّسة المسرحية. يقابل أفلاطون المسرح والكتابة بنوع مميّز من الفن هو الشكل الكوريغرافي للجماعة التي تغنّي وتحتفل بواحديّتها. ويستخلص بالجملة ثلاثة أساليب تقترح فيها ممارسة الكلام والجسد وجوه جماعة. ثمّة سطح العلامات الصّامتة: التي هي كالرّسوم على حد قوله. وثمة فضاء حركة الأجساد الذي ينقسم هو ذاته إلى نموذجين متضادين. ثمة، من جهة، حركة نُسخ نُسخ (simulacres) المسرح المعروض لتكهّنات الجمهور. ومن جهة أخري، الحركة الخاصّة للأجساد الجماعوية. وقوله عن مساحة العلامات "المرسومة"، ازدواج المسرح ونسق الجوقة: لدينا هنا أشكال قسمة للمحسوس تنظّم الطريقة التي تستطيع بها فنون أن تكون مدركة ومفكّر فيها كفنون وكأشكال تسجيل لمعنى الجماعة. و تحدّد هذه الأشكال الطّريقة التي تمارس بها أعمال أو تجليّات performances )) السّياسة مهما كانت وتنضاف إلى ذلك المقاصد التي تسود أنماط الإدماج الاجتماعية للفنانين أو الطريقة التي تُفكّر بها الأشكال الفنية في البنى أو الحركات الاجتماعية. عندما ظهرت مدام بوفاري Madame Bovary أو التربية العاطفيّة، أدركت هذه المؤلفات للتوّ كـ"الدّيمقراطية في الأدب"، رغم الوضعيّة الأرستقراطيّة واللاّإمتثالية السياسيّة لفلوبيرFlaubert . وحتى رفضه أن يُعهد للأدب أيّة رسالة يعتبر بمثابة دليل على المساواة الديمقراطية. انه ديمقراطي، يقول منافسوه، لاتخاذه موقف من يرسم بدلا من أن يعلّم. ومساواة اللامبالاة هذه هي نتيجة موقف شعري: مساواة كلّ الذوات. انّه نفي لكلّ علاقة ضرورة بين شكل ومضمون محدّدين. ولكن، بالنهاية، هل تكون هذه اللامبالاة شيئا آخر غير معادلتها كل ما يطرأ على صفحة كتابة، في متناول كل نظرة؟ تنهي هذه المساواة كل تفاضليات التمثيل (La représentation) وتؤسّس كذلك جماعة القرّاء كجماعة بلا شرعية، جماعة مشكّلة بالحركة الاتفاقية للخطاب. توجد كذلك سياسيّة (Politicité) حسيّة تُحمل في الحال على أشكال كبرى للاشتراك الاستطيقي كالمسرح أو الكتابة أو اللّحن الجماعي. تتّبع هذه السياسات منطقها الخاص وهي تعيد عرض خدماتها في عهود وفي سياقات جد مختلفة. لنفكّر في الطريقة التي إشتغلت بها هذه النماذج في العلاقة فن/سياسة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. لنفكر مثلا في الدور الذي يضطلع به نموذج الصفحة في مختلف أشكالها التي تُجاوز مادية الورقة المكتوبة: ثمة الديمقراطية الروائيّة و الديمقراطية اللاّمبالية بالكتابة التي يرمز إليها فن الرّواية وجمهوره. ولكن ثمة كذلك الثقافة التيبوغرافية (typographique) والايكونوغرافية (iconographique)، إنشباك سلطات الحرف والصورة، الذي لعب دورا جدّ مهمّ في عصر النهضة والذي ايقضته الزخارف، حطام وتوهّج الابداعات المتنوّعة للتّيبوغرافيا الرومنطيقيّة. يفسد هذا النموذج قواعد الانسجام عن بعد بين المنطوق (Dicible) والمرئي اللذين يخصّان المنطق التمثيلي. ويفسد كذلك الاشتراك بين آثار الفن المحض وزخارف الفن المطبّق ـ و قلّة التدبير بشكل عام ـ . ولذلك فقد لعب دورا مهمّا في قلب البراديغم (Paradigme) التمثيلي وفي تضميناته السياسيّة. أفكّر بخاصّة في (Arts and crafts) وفي كل متفرّعاتها (الفنون الزخرفية، الباوهاوسBauhaus ، البنائيّة) أين تعيّنت فكرة عن الأثاث المنقول ـ بالمعنى الواسع ـ للجماعة الجديدة التي ألهمت كذلك فكرة جديدة عن السّطح الرسميّ كسطح كتابة مشتركة. يقدّم الخطاب التحديثي الثورة الرسمية التجريدية كإكتشاف "صلتها" الخاصة من طرف فن الرّسم: السطح ذو البعدين، العدول عن الوهم المنظوري للبعد الثالث الذي يعيد إلى فن الرسم السيطرة على سطحه الخاص. إن "سطحا" ما ليس ببساطة تركيبا هندسيّا لخطوط. بل هو شكل اشتراك في المحسوس. كانت الكتابة وفن الرّسم بالنسبة لافلاطون سطوح علامات صامتة متكافئة و مسلوبة النفس الذي يحرّك ويحمل الكلام الحيّ. لا يعترض المسطّح (Le plat)، بهذا المنطق، على العميق، بمعنى ثلاثيّ الأبعاد. انه يعترض على "الحيّ". إن السّطح الصّامت للعلامات المرسومة يعترض على فعل الكلام "الحيّ" الذي يوصله المتكلّم إلى المخاطب المتلقّي الملائم. فمثّل تبنّي البعد الثالث من طرف فن الرّسم كذلك إجابة على هذا الاشتراك. ارتبطت إعادة إنتاج البعد البصري بإمتياز التاريخ. وقد ساهم زمن النهضة في إضفاء قيمة فن الرّسم في إثبات قدرتها على فهم فعل الكلام الحيّ و اللّحظة الحاسمة لحركة ما ولمدلول ما. وشاءت شعريّة التّمثيل الكلاسيكيّة، ضدّ الحطّ الافلاطوني الخاصّ بالمحاكاة، أن تهب "مسطّح" الكلام أو "اللّوحة" حياة ذات عمق نوعي، كدليل فعل أو تعبير عن سريرة أو تبليغ لمدلول. لقد ركّزت علاقة اتصال عن بعد بين الكلام والرسم وبين المنطوق والمرئي مانحة لل"محاكاة" فضاءها الخاص بها. إن هذه العلاقة هي محلّ تساؤل في التّمييز المزعوم بين ثنائيّ الأبعاد وثلاثيّ الأبعاد كـ"خاصة بهذا الفنّ أو بذاك. انه إذن على مسطّح الورقة، في تغيّر وظيفة "صور" الأدب أو تغيّر الخطاب حول اللوحة، ولكن كذلك في تشبيكات التيبوغرافيا و فن الإعلان وفنون الخزف تتهيأّ إلى حد كبير ثورة الرّسم المضادّة للتمثيلية". و هذا الرّسم ، المسمّى بشكل جدّ سيئ تراجيديّا مزعوما مردودا لوسيطه الخاص، هو جزء من نظرة شاملة لإنسان جديد يسكن صروحا جديدة و محاطا بأشياء مختلفة. إنّ تسطّحها مرتبط بتلك التي تخصّ البساطة. انّه سطح فاصل. ينخرط طابعه "المحض" المضادّ للتمثيل في سياق إنشباك الفنّ الخالص والفنّ المطبّق الذي يشحنها على الفور بمدلول سياسيّ. ليست الحمّى الثورية المحيطة هي التي تجعل في نفس الوقت ماليفيتش (Malevitch) صاحب "مربّع أسود على سطح أبيض" والمدّاح الثوري لل"أشكال الجديدة للحياة". إن ما يُنهي التحالف المؤقت بين السياسيين والفنانين الثوريين ليس شيئا من المثال الثوري للإنسان الجديد. وإنّما في بداية الأمر في الحدّ المشترك (Interface) المبدع بين "أسندة" مختلفة، في الروابط المنسوجة بين القصيدة وتيبوغرافيتها أو رسمها، بين المسرح وصانعي مناظره أو فناّني إعلاناته، وتتشكل، بين الموضوع الزخرفي (Décoratif) والقصيدة، هذه "الحداثة" (Nouveauté) التي ستصل الفنان الذي أبطل التصوير (Figuration) بالثوري الذي أبدع الحياة الجديدة. هذا الحدّ المشترك هو سياسيّ من جهة كونه يُبطل السّياسة المضاعفة الملازمة للمنطق التمثيلي. فمن ناحية، تفصل هذه الأخيرة عالم محاكاة الفن وعالم المصالح الحيوية والعظمة السياسيّة ـ الاجتماعيّة. ومن ناحية أخرى، كان التنظيم التفاضلي ـ وبالخصوص أولويّة الكلام/الفعل الحيّ على الصورة المرسومة ـ يناظر النّظام السّياسي ـ الاجتماعي. ومع صعود الصفحة الروائيّة على المشهد المسرحي والإنشباك التعادلي للصور والعلامات على السّطح الرسمي أو التيبوغرافي، تمّ إعلاء فن الحرفيين إلى مستوى الفن الكبير نشدانا للجديد بتحقيق الفن في زينة كل حياة، وذلك تقطيع منظّم للتجربة الحسيّة وهي تتهالك. كما ان "مُسطّح" (Plat) العلامات المرسومة، هذا الشكل من القسمة الأفلاطونية المتساوية للمحسوس، يتدخّل في نفس الوقت كمبدأ ثورة "شكلية" لفنّ ما ومبدأ إعادة قسمة سياسيّة للتّجربة المشتركة. كنّا نستطيع التفكير بنفس الطّريقة في الأشكال الأخرى، شكل الجوقة وشكل المسرح الذي كنت ذكرته وغير ذلك من الأشكال الأخرى. بهذا المعنى، يجب أن يأخذ تاريخ السّياسة الإستطيقية في اعتباره الطريقة التي تجعل من هذه الأشكال الكبيرة تتعارض أو تتداخل. أفكّر على سبيل المثال في الطريقة التي عارض بها باراديغم سطح العلامات باراديغم الحضور المسرحي وعارض الأشكال المتنوّعة التي تمكّن هذا الباراديغم من أن يحوز عليها، من التشكيل الرّمزي للأسطورة الجماعيّة إلى التلحين الجماعي الحيّ للناس المُحدثين. هذا مدار تلعب فيه السياسة كعلاقة المشهد المسرحي بجمهور قاعة العرض ودلالة جسد الممثل، ألعاب القرب أوألعاب البعد. تلعب النثريات النقدية لملاّرمي (Mallarmé) لعبة الإحالات بشكل نموذجي، لعبة ممانعات أو تمثلات بين هذه الاشكال منذ مسرح الصفحة (الورقة) الحميمي أو الكوريغرافيا الكالّيغرافية (calligraphique) (النَّسخيّة) حتى ال"وظيفة" الجديدة للحفل. فمن ناحية تظهر إذن هذه الأشكال كحاملة لوجوه مساوية لذاتها في سياقات مختلفة جدّا. ولكن عكسيّا هي أشكال يمكن أن تعزى لباراديغمات سياسيّة متناقضة. لنأخذ مثال المسرح التراجيدي. انه بالنسبة لأفلاطون، حامل للتزامن الديمقراطي في نفس الوقت الذي يحمل فيه قوّة الوهم. ويعيد أرسطو تعريف سياسيّة التراجيديا، وإن لم يكن ذلك مدار اهتمامه، يحصرها في منطق أجناس ويحصر المحاكاة في مجالها الخاص. فيكون المشهد التراجيدي، في النسق الكلاسيكي للتمثيل، مشهد رؤية عالم منظّم، محكوم بتفاضليّة الذوات وإقتباس الوضعيات وأساليب مخاطبة هذه التراتبيّة. وعندها يصير الباراديغم الديمقراطي باراديغم مونارشي. لنفكّر كذلك في التاريخ الطّويل والمتناقض لفنّ الخطابة ولنمط "الخطيب الجيّد". عنت الفصاحة الديمقراطية الديموستينيّة (Démosthénienne)، طوال العصر المونارشي، تميّز الكلام المطروح هو نفسه كخاصيّة خياليّة للقوّة العليا، ولكن جاهزة على الدوام لاستعادة وظيفتها الديمقراطية وذلك بأن تعزي أشكالها القانونية (Canonique) وصورها المخصّصة للظهور التجاوزي على المشهد العمومي للمتكلّمين غير المرخّص لهم. ولنفكر كذلك في المصائر المتناقضة للنموذج الكوريغرافي. ذكّرت أعمال حديثة مصائب كتابة الحركة التي أعدّها لابان (Laban) في سياق تحرير الأجساد أصبحت نموذج المظاهرات النازيّة الكبرى، قبل أن تجد في السياق الرافض للفن التفوقي (Performantiel)، عفويّة تدميريّة جديدة. لربّما يُغفل التفسير البنياميني من خلال الأستطقة المحتّمة للسياسة في "عهد الجموع" الرابط القديم جدّا بين الإجماعيّة المواطنيّة وهيجان الحركة الحرّة للأجساد. يوصي أفلاطون بالغناء المنوّم بلا انقطاع للأطفال الرضّع. استحضرت هذه الأشكال الثلاثة بسبب وضعها المفهومي الأفلاطوني ولأجل استقرارها التاريخي. فمن البديهي أنّها لا تحدد كلّية الطّرائق التي تتيح لوجوه الجماعة أن تصبح مرسومة إستطيقيّا. المهمّ انه في هذا المستوى الذي يخص التقطيع الحسي لمشترك الجماعة، لأشكال رؤيته وانتظامه، يطرح سؤال العلاقة إستطيقا/سياسة. إنّه بمستطاعنا التفكير في التدخّلات السياسيّة للفنّانين إنطلاقا من هنا، ومنذ الأجناس الأدبية الرومنطيقيّة للمجتمع وحتى الأنماط المعاصرة الخاصّة بالتجلية والنُّصبة مرورا بالشعرية الرمزية للحلم أو الحذف الدادايستي (Dadaïste) أو البنائي للفن. ومن هنا يمكن أن يعاد التساؤل عن عديد القصص الخيالية عن "الحداثة" الفنيّة والمجادلات غير المجدية حول استقلالية الفن أو خضوعه السّياسي. لا تهب الفنون أبدا لمشاريع الهيمنة أو لمشاريع الإنعتاق إلا ما تستطيع أن تُقدمه لها، فليكن، بكل بساطة، ما نشترك فيه معها: هيئات وحركات الأجساد، وظائف الكلام، توازيع المرئي واللامرئي. وان الاستقلالية التي تستطيع التمتّع بها أو الهدم الذي تستطيع أن تختص به ليقومان على نفس القاعدة. 1Jaques Rancière, la mésentente. Politique et philosophie,Paris,Galilée,1995. صلاح الداودي،
تونس،2007
#صلاح_الداودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
همّ أهمْ1
-
أنا دونك ناقص نثرٍ وشعرْ
-
اذهبْ إلى الشعرْ
-
يوجد في قلبي ما لا يوجد في الشعر
-
شتاتْ
-
في الجميل
-
بيان
-
صَوْتْ
-
في ما بعد المحدث
-
شريط حبْ1
-
في المسرح الكبير
-
حقّ الشعر1
-
نصف اللّيمونة البيضاء؛ ونصفها
-
كالرّواية
-
لحم الهويّة: رسالة إلى إسرائيلي من أصل كوني
-
البكاء الحر من أجل الحب (تنضيد 2)
-
البكاء العام1 على الحبْ (تنضيد)
-
البكاء العلني على الحبْ
-
-ك-
-
سائق الأرض 1
المزيد.....
-
-حالة تدمير شامل-.. مشتبه به -يحوّل مركبته إلى سلاح- في محاو
...
-
الداخلية الإماراتية: القبض على الجناة في حادثة مقتل المواطن
...
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: نتنياهو يعقد مشاورات بشأن وقف إطلاق ال
...
-
مشاهد توثق قصف -حزب الله- الضخم لإسرائيل.. هجوم صاروخي غير م
...
-
مصر.. الإعلان عن حصيلة كبرى للمخالفات المرورية في يوم واحد
-
هنغاريا.. مسيرة ضد تصعيد النزاع بأوكرانيا
-
مصر والكويت يطالبان بالوقف الفوري للنار في غزة ولبنان
-
بوشكوف يستنكر تصريحات وزير خارجية فرنسا بشأن دعم باريس المطل
...
-
-التايمز-: الفساد المستشري في أوكرانيا يحول دون بناء تحصينات
...
-
القوات الروسية تلقي القبض على مرتزق بريطاني في كورسك (فيديو)
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|