أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رشيد بن بيه - المجلات المغربية و-قواعد البحث العلمي-: التزام أم انتهاك؟















المزيد.....

المجلات المغربية و-قواعد البحث العلمي-: التزام أم انتهاك؟


رشيد بن بيه
كاتب باحث في علم الاجتماع

(Rachid Benbih)


الحوار المتمدن-العدد: 2969 - 2010 / 4 / 8 - 23:10
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


من المفترض أن يخضع النشر في المجالات المتخصصة في الميادين الفكرية والقانونية والسياسية والاجتماعية... لضوابط وأعراف تسمى" قواعد البحث العلمي"، وكما هو معلوم تلجأ العديد من المجلات الغربية والعربية في أحد صفحاتها، إما الأولى أو الأخيرة، إلى تذكير القراء والباحثين الراغبين في نشر أبحاثهم في هذه المجلات بقواعد البحث العلمي وشروطه؛ وذلك بحثا عن أفكار أصيلة وتحليلات قيمة تعطي للمجلة قيمتها العلمية، لأن من شأن تبني هذه الإستراتيجية، أن يضخ في الساحة الفكرية والثقافية أفكارا هامة وإشكاليات جديدة. وقد شكلت المجلات فضاءا لتفاعل الباحثين والمفكرين مع ما يصدر وينشر من كتب و مقالات، ذلك أن بعض النظريات الهامة والكتابات البالغة الأهمية تم طرحها في البداية على شكل مقالات في بعض الصحف والمجلات. وبالنظر لما أثارته من إشكاليات وما فتحته من آفاق جديدة للبحث تمت إعادة إصدارها على شكل كتب بعدما خضعت للتعديل والتطوير والتحليل. فهل يخضع النشر في المجلات المغربية لقواعد محددة للبحث العلمي؟ وهل استطاعت المقالات التي تنشر في هذه المجلات أن تثير نقاشات عميقة حول أحد القضايا الهامة كما يحدث في الدول الغربية؟

أولا: في تحديد نموذج المجلات الملتزمة بقواعد البحث العلمي

لقد حددت، مثلا، العديد من المجلات العربية مجموعة من الشروط العلمية والأكاديمية للنشر، وهي الشروط التي يمكن التعرف عليها من خلال الإطلاع على بعض تلك المجلات، وتهدف هذه الشروط إلى ضمان أصالة الإنتاجات والدراسات المقدمة للنشر من جهة أولى، وترسيخ الممارسة السليمة للبحث العلمي الرصين من جهة ثانية، وفتح المجال للباحثين من مختلف التخصصات لنشر انتاجاتهم من جهة ثالثة، وإحداث حراك فكري وثقافي ومعرفي من جهة رابعة. غير أن أهم هدف تصبو إليه قواعد النشر هو وضع تعاقد بين الكاتب أو الباحث والمؤسسة المكلفة بالنشر: تعاقد قائم على أسس موضوعية من شأنها أن تسمح لكل باحث توفرت في إنتاجه الشروط العلمية بنشر أعماله أو تلقي مكافآت مالية في بعض الأحيان، ويكتسي وجود مثل هذه المجلات أهمية كبرى لأن من شأنها المساهمة في تنشيط الحركة الثقافية وطنيا أو إقليميا أو دوليا، والسماح للكتاب والباحثين بعرض أفكارهم للنقاش والمساءلة.
وبالعودة لبعض المجلات الرائجة، نجدها تنص في إحدى صفحات كل عدد على مختلف شروط النشر، فالبحث يجب أن "يكون مبتكرا وأصيلا" وأن "يتتبع الأصول العلمية المتعارف عليها وبخاصة فيما يتعلق بالتوثيق والمصادر" كما أن مقترحات البحث المقدمة للنشر " تخضع للنشر والتحكيم العلمي على نحو سري" يمكن إما من قبول نشرها أو اقتراح إجراء تعديلات" عليها أو رفضها.
بالإضافة إلى ذلك تعمد تلك المجلات إلى تحديد محاور البحث في الأعداد القادمة، بالشكل الذي سيسمح بخلق تنافس بين الكتاب والباحثين لإعداد مساهماتهم عن تلك المواضيع. وهي المحاور أو المواضيع التي تكتسي إما طابعا ظرفيا لما تطرحه من قضايا مستجدة، أو خلافات غير مسبوقة تحتاج للتدقيق، أو في أحايين أخرى تعمد هذه المجلات إلى الاستمرار في البحث في المواضيع القديمة التي مازالت تحتاج للتدقيق والتطوير والفهم كما هو الشأن بالنسبة للقضايا الدينية والفلسفية والحقوقية... فإعلان مجلة عن محاور العدد القادم، يدل على أن لها إستراتيجية ثقافية وفكرية في مجال البحث العلمي. وقد ساهم تحديد كل مجلة لمحاور أعدادها القادمة في تجنب إصدار أكثر من جريدة لأعداد حول نفس الموضوع، كما إن التنصيص على شروط البحث العلمي أدى إلى ترسيخ منهجية البحث العلمي لدى الباحثين كما يشهد على ذلك خضوع المساهمات المنشورة في تلك المجلات لذات القواعد العلمية. وهو ما نتج عنه تقديم مساهمات في غاية الأهمية، أصبحت مرجعا في العديد من القضايا، وهي الانتاجات التي تشكل لامحالة من بين مكتسبات العالم العربي الثقافية.
وإذا كانت هذا الإطار النظري يشكل مثالا لما يجب أن يكون عليه النشر في المجلات الفكرية، فإن هناك العديد من المجلات في مختلف الدول العربية التي لا تحترم أدنى قواعد البحث العلمي. ويعتبر المغرب من بين تلك الدول حيث توجد مجالات يشرف عليها "طاقم أكاديمي" لم يتملك بعد قواعد البحث العلمي وضوابط النشر.

ثانيا: أشكال انتهاك قواعد وشروط البحث العلمي في المجلات المغربية

وإذا كانت بعض المجلات العربية السابقة تحدد في أحد صفحاتها قواعد النشر ومحاور البحث، فإن العديد من المجلات المغربية الرائجة التي يصدرها أكاديميون مغاربة، جلهم أساتذة جامعيون ينتمون للجامعة والبحث العلمي، تغيب فيها شروط الكتابة العلمية، فأثناء تصفحنا لتلك المجلات لا نجدها توجه أية دعوة للكتاب والباحثين للنشر في هذه المجلات، ولا تحدد أية شروط للنشر، ولا تعلن عن محاور العدد القادم بما يعنيه ذلك من غياب استراتجبة للنشر والبحث بالنسبة لتلك المجلات.
قد يكون الرد على هذه الملاحظات بأن تلك المجلات يمكن أن تخضع المقالات المنشورة لقواعد التحكيم دون أن تعلن عن ذلك؛ لأن الأمر يتعلق بمسألة بديهية يجب أن تتوفر في كل بحث. لكن الإطلاع على ما ينشر في هذه المجالات يبين لنا إلى أي حد تغيب أبسط شروط البحث العلمي مثل التوثيق والإحالة على المصادر، ودون الإشارة إلى مجلات بعينها، يكفي الرجوع إلى بعض إصدارات بداية سنة 2010، حيث سنجد أغلب المساهمات المنشورة في أعداد تلك المجلات، لا تولي أهمية تذكر لشروط الكتابة العلمية، كما أن البعض الآخر منها قد نشر بالفعل أبحاثا مسروقة في أحد إصدارات 2009. بالإضافة إلى ذلك، فإن أغلب المجلات المغربية لا تحدد مسبقا محاور العدد المقبل، ذلك أن القارئ والباحث نفسه يفاجأ دائما بمجلات تضم مساهمات حول مواضيع مكرورة ومستهلكة ومتقادمة وهامشية؛ مما يطرح سؤال غياب إستراتيجية البحث والنشر لدى تلك المجلات، فتحديد ملف العدد القادم يؤجل دائما إلى
آخر لحظة و يبقى خاضعا لمزاجية المشرفين على المجلة. وقد نتج عن ذلك تدهور حالة البحث العلمي وتكرار ذات العناوين، فالمواضيع التي تناقش وتبحث في المجلات المغربية في مطلع 2010 هي نفسها المواضيع التي تمت مناقشتها أواسط التسعينيات مثل: "التناوب" و"الأمازيغية"، و"الإصلاح الإداري" دون أن تتمكن تلك الكتابات من طرح الأسئلة الحقيقية وتقديم الإجابات الواضحة ...
إن أهمية مجلة ما لا تنبع من الشواهد والأختام الأكاديمية التي يتوفر عليها مؤسسوها، ولا في انتظام إصداراتها. وإنما في مدى قدرتها على طرح أسئلة جديدة، وفتح مجالات أرحب للتساؤل والبحث وإنتاج أفكار جديدة، فبالرغم من تداول ذات الأفكار لأكثر من عقد من الزمن مازلنا مثلا نقرأ خلاصات متخلفة من قبيل ضرورة اعتماد "خصوصية حقوق الإنسان"، و في أننا مازلنا نعيش تداعيات "الظهير البربري" وفي أن المغرب يعيش "بيئة ما بعد سلطوية"، وفي أن "حقوق المرأة قد تحققت"،...
كما أن إحجام بعض المجلات المغربية عن توجيه الدعوة للباحثين من خلال أحد صفحاتها للمساهمة في بحث قضايا الأعداد الصادرة، يعني أن تلك المجلات أنشئت من أجل نشر مساهمات المشرفين عليها ومساهمات أصدقائهم ومعارفهم فقط. فهذه المجلات ليست سوى دائرة لصناعة رأسمال ثقافي لمؤسسي المجلة، وبالتالي نجد أن الهدف من إنشائها ليس هو المساهمة في الثقافة وأسئلتها واشكالياتها، وإنما صناعة العلامات الثقافية لأعضاء اللجنة المشرفة على المجلة. ويدل على ذلك كون الذين ينشرون في تلك المجلات بشكل مستمر ليسوا سوى أعضائها، ولا يقتصر الأمر على عدد واحد وإنما على جل الأعداد تقريبا، فبالاطلاع على تلك المجلات سيكتشف القارئ أن أعضاء الإشراف على اللجنة هم أنفسهم الكتاب الدائمون في جميع أعداد تلك المجلات.
إن مثل هذا السلوك "الفكري" لا نجده في بعض المجلات العربية المحكمة؛ حيث تكتفي اللجنة المشرفة على المجلة بقراءة الأعمال التي تتوصل بها والسهر على تنفيذ برنامج المجلة وسياستها في مجال النشر والبحث. ففي هذا النوع من المجلات لا نجد نفس الحضور القوي والاستبدادي لكتابات أعضاء اللجنة المشرفة في الأعداد التي تصدرها كما هو الشأن في العديد من المجلات المغربية.
لقد عملت أغلب المجلات المغربية على إغلاق دائرة النشر، وحصرها في أعضاء اللجنة المشرفة على المجلة وفي بعض معارف أولائك الأعضاء. فإذا كان بعض المشرفين على تلك المجلات ينتقد، مثلا إغلاق المخزن للمجال السياسي، فإنه هو نفسه وبمجرد أتيحت له إمكانية تدبير مؤسسة للنشر قام بإغلاقها في وجه عموم الباحثين والكتاب. وحصر مجال الولوج إليها لفائدة أعضاء اللجنة المشرفة ومعارف هؤلاء الأعضاء. كما أن هؤلاء "الأكاديميين" الذين ينددون بسياسة التقرب والصداقة والولاء يتوسلون بنفس الخطاطات لتدبير تلك المجلات وإنجاز أعدادها.
وتكشف مثل هذه المسلكيات على أن "المثقف" أو "الباحث" يعيد إنتاج الخطاطات التي ينتقدها، وتأسيسا على هذه الخلاصة، فإن فالمسؤول عن الجفاف الثقافي الذي يعرفه المغرب، وعن أزمة نخبه هم أهل الثقافة والفكر والفن والسياسة وبعض "اللجان العلمية" المشرفة عن بعض الإصدارات الدورية.



#رشيد_بن_بيه (هاشتاغ)       Rachid_Benbih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوضى تدبير الموارد البشرية بقطاع التربية الوطنية بالمغرب: ظا ...
- حالة المغرب في تقارير بعض المنظمات الدولية
- الدليل البيداغوجي: قراءة نقدية
- الصحافة المغربية ومراقبة العمل الحكومي - الجزء الأول-
- الصحافة المغربية ومراقبة العمل الحكومي - الجزء الثاني-
- أزمة الديمقراطية التمثيلية بالمغرب
- قراءة نقدية في- تقرير المغرب الاجتماعي-


المزيد.....




- -حالة تدمير شامل-.. مشتبه به -يحوّل مركبته إلى سلاح- في محاو ...
- الداخلية الإماراتية: القبض على الجناة في حادثة مقتل المواطن ...
- مسؤول إسرائيلي لـCNN: نتنياهو يعقد مشاورات بشأن وقف إطلاق ال ...
- مشاهد توثق قصف -حزب الله- الضخم لإسرائيل.. هجوم صاروخي غير م ...
- مصر.. الإعلان عن حصيلة كبرى للمخالفات المرورية في يوم واحد
- هنغاريا.. مسيرة ضد تصعيد النزاع بأوكرانيا
- مصر والكويت يطالبان بالوقف الفوري للنار في غزة ولبنان
- بوشكوف يستنكر تصريحات وزير خارجية فرنسا بشأن دعم باريس المطل ...
- -التايمز-: الفساد المستشري في أوكرانيا يحول دون بناء تحصينات ...
- القوات الروسية تلقي القبض على مرتزق بريطاني في كورسك (فيديو) ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رشيد بن بيه - المجلات المغربية و-قواعد البحث العلمي-: التزام أم انتهاك؟