أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - جعفر حسن - من ثقافة الإجابة إلى ثقافة السؤال














المزيد.....

من ثقافة الإجابة إلى ثقافة السؤال


جعفر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 903 - 2004 / 7 / 23 - 12:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


لكل سؤال جواب، و لكل داء دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله، إن العبارة السابقة تلخص لنا عقلية امتلاك الإجابات الجاهزة على كل الأسئلة، وهي سمة من سمات ثقافتنا الراهنة، ويمكننا النظر إلى تلك السمة باعتبارها إطارا يشتغل داخل ثقافتنا العربية الإسلامية المعاصرة، انه تلك السمة التي تضفي حالة معرفية شمولية على الإجابة وتدخلها تحت حد المقدس، تميل إلى اعتبار الإجابة حقيقة مطلقة صالحة لكل زمان ومكان، و تنفي عنها صف التغير والتبدل ضمن متخيل ثقافي عن تلك الإجابات، وهي بطبيعتها مضادة لطرح الأسئلة.

نعم هناك إجابات تصلح كرد على كل الأسئلة المطروحة ، لكن هل نستطيع التأكد من تلك الإجابات و فحصها بحيث نتبين من أنها ليست مظللة أو تبريرية في احسن تقدير ، انه ما لا يسمح به إطار ثقافة الإجابة.

إن عقلية استنساخ الإجابات الجاهزة و تكرارها تخرج ذاتها من عنق الزجاجة عندما تعتبر أن (لا اعرف) إجابة في ذاتها ، و بذلك يمكن إيجاد فيمات تجيب على كل التساؤلات المطروحة ، حول لماذا و كيف و أين ، دون أن تكون تلك النمطية من الإجابات تقدم في ذاتها أي معرفة حقيقية قابلة تحسين شروط الحياة في داخل المجتمع ، و بالتالي تكون بلا قيمة في حل مشكلاتنا المعاصرة ، وهي تميل إلى إبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه لأطول فترة ممكنة .



ثقافة الإجابة والسلطة
و عادة ما يتحالف إطار ثقافة الإجابة الجاهزة مع القمع ، الذي يعبر عن نفسه بالملاء المطلق ، و السيطرة المطلقة ، فيميل إلى عدم قبول الاختلاف، وهو الذي يتمترس وراء المراقبة المطلقة ، و يميل إلى الوقوف بشدة ضد الأسئلة المحرمة التي يحددها إطار ثقافة الإجابة من خلال تصوير ما نعيش فيه باعتباره فردوسا ارضيا خاصا من نوعه لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه ، وينظر بالتالي لبروز الأسئلة على انه نوع من الكفر و التجديف ، مما يستتبع استخدام وسائل العنف المجتمعية كما تبرز في نظام المراقبة و المعاقبة ضد من يجرؤ على اختراق هذا لإطار بطرح الأسئلة .

و تكون حالة الإقصاء و المحاربة عبر وسائل الضبط الاجتماعي ، والتعصب ضد الرأي الآخر هي التي تترك مجالا لهذا الإطار في ثقافتنا للامتداد والهيمنة على مجمل الثقافة ، و لذلك فإن هذا الإطار في داخل الثقافة متحالف مع السلطات في مستوياتها المختلفة (سياسية ، اجتماعية ، اقتصادية ، دينية ، تقاليد ، عادات ..الخ) ، وتراه يستفز حين يواجه بالأسئلة الصعبة التي يعتبرها تشويها للفردوس الأرضي الذي يقيمه في متخيل عامة الناس .

و هو يقدم إجابات ترتكز على مصادرة وحيدة كامنة في كل إجاباته من الداخل تتمثل في المعرفة المطلقة و المقدسة ، وتحيل إلى استخدام السلطة التي تصادر عبر القمع كل إمكانية لحركة الفكر الحر ، إن إطار ثقافة الإجابة يرتكز على التعصب و العصبية القائمة في ثلاثية القبيلة والغنيمة و العقيدة كما يشير الجابري .



ثقافة الإجابة والتربية
و السؤال الذي يبرز أمامنا كيف يتمدد هذا الإطار ليحكم الثقافة الراهنة ، و يمكن أن نلحظ هنا لجوء هذا الإطار إلى الهيمنة على الفرد من خلال وسائل التنشئة الاجتماعية ، تلك التي تعمل على خلق مواطن (صالح) أي مواطن يقبل تلك الإجابات الجاهزة و لا يرفضها كما لا يفكر فيها أيضا ، كما انه لا يطرح أسئلة عليها ، فنجد وسائل التنشئة الاجتماعية والتربية و التعليم تعمل على هدم الهوية و تخريبها من خلال تكرار عبارات على طريقة (أنا عامر) ، وهي التي تحمل في داخلها معنا مضادا لفرز الهوية الفردية لصالح قبول فرض الآخر لإجاباته ، و بالنتيجة فأن الشخص الذي بلا هوية هو شخص قابل للقمع و استقبال الإجابات الجاهزة ، فمشكلة المرور تتلخص في ثنائية (السائق والمشاة)، و يتم تبرئة كل من مهندس الشارع ، والمقاول المنفذ ، ونوع المواد المستخدمة في بناء الطريق ، وصانع السيارة و نوع الإطارات المستوردة .. الخ .

إن ثقافة الإجابة اقتصادية و سهلة و مريحة لأنها ببساطة تعفينا من التفكير الحي المتفاعل مع مشكلاتنا الحياتية اليومية ، و كذلك تطرح نقطة للسيطرة على الذات خارجة عنها ، و لذلك نجدها مريحة ، وهي تستمد كل معرفتها من منجز ثقافي توقف في نقطة ما صارت خارج الزمن المعاصر ، ولذلك هي سهلة واقتصادية .

انه إطار من أطر ثقافتنا ينتج لنا حالة من اليقين الدائم الذي لا ينكسر وإن عارضته الوقائع و الحقائق ، إن ثقافة الإجابة تؤكد على مسؤولية المواطن وتسكت عن حقوق المواطنة ، وتخرب المواطنة عن عمد فتضع أمامها انتماءات متعددة (طائفية ، عرقية ، لونية، عائلية ، قبلية .. الخ) و تعليها على حساب الانتماء إلى الوطن لسد الأبواب في وجه الأسئلة التي تزلزل وجودها وتدفعها إلى الانكسار .



#جعفر_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن ...
- مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية ...
- انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
- أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ ...
- الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو ...
- -يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2 ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
- عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم ...
- فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ ...
- لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - جعفر حسن - من ثقافة الإجابة إلى ثقافة السؤال