|
الانقلاب العراقي
جهاد الرنتيسي
الحوار المتمدن-العدد: 2965 - 2010 / 4 / 4 - 21:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ينتقل الزمن العراقي ، من طرح الاسئلة الى البحث عن اجابات ، مع اعلان اسماء الفائزين في الانتخابات النيابية ، وشروع الكتل الكبرى ، في البحث عن تحالفات لتشكيل الحكومة المقبلة .
فهناك صعوبة ، في اخفاء ما كان مخفيا ، قبل توجه العراقيين لانتخاب ثاني برلمانات العراق الجديد .
وبظهور بعض المخفي من جبل الجليد العراقي ، تفقد علامات الاستفهام معناها ، رغم صعوبة قراءة مستقبل الاوضاع ، التائه بين ما يمكن ان تفضي اليه ، توازنات غير مستقرة ، ومتغيرات محتملة في المعادلات الاقليمية والدولية .
فقد اخذت الاصطفافات الداخلية العراقية ، شكلا اكثر وضوحا ، من اي وقت مضى ، وباتت مفاتيح الصراعات ومساراتها ، مكشوفة بشكل لا يقبل اللبس ، امام رجل الشارع العراقي ، التائه في دهاليز عملية سياسية متعثرة .
وتملي موازين القوى الجديدة ، ومتغيرات التفاعلات الاقليمية ، والنظرة الكونية لاوضاع المنطقة ـ التي ساهمت في افراز حالة الانكشاف ـ اساليب عمل مختلفة ، عن التي كانت سائدة ، خلال السنوات الرمادية الاربع الماضية ، او تطوير الاساليب القديمة لتتناسب مع التطورات .
فلم يخرج الصراع ومحركاته ، عن المسارات التي بلورتها تجاذبات الولايات المتحدة وايران ، الا ان استمرار الطرق النمطية لادارته ، لم يعد ممكنا ، مع ظهور عناصر جديدة في المعادلة .
بعض هذه العناصر له علاقة بالادوات ، فهناك اجهزة وسلطات تغلغل فيها حزب رئيس المنتهية ولايته نوري المالكي ، وشركاءه في الحكم ، خلال سنوات وجوده في السلطة ، ويستخدمها في التضييق على خصومه .
ولا يخلو الامر ، من عوامل مرتبطة باتساع المشاركة في الانتخابات ، متمثلة بالدعم الذي لقيه زعيم القائمة العراقية اياد علاوي ، في مناطق العرب السنة .
كما يطفو على سطح المعادلة العراقية ، عناصر مرتبطة باستحقاقات سياسية واقتصادية مقبلة ، بينها الانسحاب الاميركي من العراق ، والاتفاقيات النفطية التي تم توقيعها مع شركات نفط عالمية .
وعلى ضوء النجاح في توظيف هذه المعطيات ، وحرفية استثمارها ، تتحدد فاعلية ادارة القوى السياسية والاجتماعية العراقية ، للصراع الداخلي ، في المرحلة المقبلة ، وامكانيات نجاح مشاريعها.
فالتطورات التي يشهدها عراق ما بعد الانتخابات النيابية الثانية ، لم تكن مستبعدة في جوهرها ، حيث اتجهت الانظار مع بدء العد العكسي لظهور نتائج الانتخابات ، نحو احتمالات قيام المالكي بانقلاب عسكري يبقيه في السلطة .
الا الامور اخذت منحى تكتيكيا اخر مع تسارع اليات استخدام كل طرف من الاطراف لاوراقه السياسية .
وبذلك لم يخل الامر من مفاجآت طرق واساليب تغيير قواعد اللعبة السياسية في العراق .
قد يكون اكثر هذه المفاجآت صخبا الفتوى القانونية التي تحرم رئيس الكتلة الفائزة من تشكيل الحكومة .
مكامن الصخب في هذه الفتوى ، التي اصدرها رئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود ، لا تقتصر على نتائجها المحتملة ، والمتمثلة في امكانية تشكيل الحكومة من ائتلاف يضم الكتل الاقل حظا من الكتلة الفائزة ، ولا في توقيتها الذي جاء بعيد اعلان نتائج الانتخابات ، ومعرفة القائمة الفائزة ، رغم انه كان بالامكان صدورها قبل الانتخابات .
ففي ذروة ماراثون الانتخابات انحاز رئيس المحكمة الى رئيس الحكومة مما ادى الى حرمان رموز مناوئة للمالكي من خوض سباق الانتخابات حتى نهاية الشوط .
ومع تكرار الخطوات ذات الطابع الانحيازي بات القضاء العراقي بحاجة لمن يبرئه من شبهات الانحياز للقوى السياسية المشاركة في السلطة والتي تواجه اتهامات الطائفية والفساد .
كما كان العنف حاضرا في هذه الاجواء المتوترة بمقتل نواب ينتمون الى القائمة صاحبة الحظ الاوفر.
واقل ما يمكن استخلاصه من الحضور الدموي المصاحب لظروف التحول العراقي ان اعمال العنف ليست مقتصرة على تنظيمات خارجة عن القانون .
فالاحزاب المشاركة في السلطة مستعدة لممارسته اذا كان مجديا لارهاب الخصوم وتقليص حظوظهم في توسيع نفوذهم وحضورهم السياسي .
وهذه الممارسة ليست الاولى من نوعها فقد سقط ضحايا للقائمة العراقية وغيرها في اوقات سابقة وكانت الدوافع السياسية واضحة على الدوام .
في هذا السياق تندرج ايضا حرب الشائعات التي شنتها الاحزاب المشاركة في السلطة ضد القائمة العراقية .
واللافت للنظر ان محور الشائعات التي تم رصدها يدور حول بدء تفكك الكتلة العراقية وبالتالي عجزها عن تشكيل الحكومة المقبلة .
الا ان الاخطر من ذلك كله استعداد الاحزاب والقوى المتمسكة بالسلطة لرهن ارادتها لايران .
فقد مس تقاطر هذه القوى على ايران ـ للاستفادة من دورها ونفوذها وسطوتها في تشكيل الحكومة المقبلة ـ بروح المواطنة العراقية .
واظهر القوى ، التي انتخبتها فئات وشرائح من الشارع العراقي ، لكي تمثلها في البرلمان اربع سنوات مقبلة ، بصورة ادوات لنظام مشكوك في شرعيته ، ويواجه ازمات في التفاهم مع شارعه ، مما يزيد من احتمالات تأزيم العملية السياسية .
فالتوسع في التعاطي مع ايران بهذه الطريقة يعني رهن المعادلات الداخلية للمصلحة الايرانية وليس لارادة الناخب العراقي .
ويعني من بين ما يعنيه ايضا نقل بعض ملامح الازمة الداخلية الايرانية للواقع السياسي العراقي المأزوم اصلا .
هذه الظواهر وغيرها تقود الى نتيجة واحدة وهي اضاعة القوى السياسية العراقية فرصة سانحة لانتشال العملية السياسية من ازماتها وتخليصها من بعض تشوهات ولادتها .
واللافت للنظر ان محدودية الخيارات فرضت على المتصدين لهذه الظواهر ادوات المواجهة و خوض معاركهم على ارض الخصوم .
فقد اضطرت القائمة العراقية الى وضع طهران على اجندة جولة تشمل عددا من العواصم الاقليمية .
ولا تخلو مثل هذه الخطوة من اثارة لحساسية الناخب الذي منح صوته لهذه القائمة على اساس موقفها من التدخلات الايرانية في العراق .
كما اضطر زعيم القائمة اياد علاوي لارسال تطمينات الى الراي العام العالمي وشركات النفط العالمية بتأكيد التمسك بالعقود المبرمة .
لكن الافق الذي يتحرك فيه علاوي يبقى اكثر رحابة واتساعا من هامش حركة خصومه .
وتوحي رحابة الافق الذي تمتلكه الحركة الوطنية العراقية بوجود قناعة لدى زعيمها وشركاءه بان ايران احد اللاعبين الاقليميين والدوليين في العراق وليس جميعهم .
فهناك توازنات دولية واقليمية تحول دون استفراد الحرس الثوري الايراني بترتيب البيت العراقي واقصاء بعضه .
وعلى ضوء هذه التوازنات وافرازات الصناديق تتحدد تركيبة المعادلة السياسية العراقية المقبلة الامر الذي يدفع القوى الطائفية الى اعادة حساباتها والتفكير جديا بفرملة اندفاعها نحو المنزلق الايراني .
#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مغامرة الانتفاضة الثالثة
-
حفلة -زار- عربية حول -الفزاعة- الايرانية
-
الى سهير الاتاسي .... بلا مناسبة
-
مدار البدائل الملتبسة
-
عزف ايراني منفرد على عروبة الخليج
-
سيناريوهات الحل البديل
-
الاخوان على مفترق طرق
-
فقدان البوصلة الايرانية يربك حركات الاسلام السياسي الشيعي
-
الاخوان يهاجمون القاهرة بخطاب المودودي
-
وصفة تأزيم ايرانية ... للاحتقان العراقي
-
ماراثون اللحاق بالشارع الايراني
-
ايران فوق صفيح ساخن
-
انتحار سياسي عربي على خارطة التحولات الكونية
-
اقتراع عراقي على اعادة انتاج الازمات
-
الوعد الاميركي والقشة الاوروبية
-
عودة فلسطينية الى زمن الاشتباك
-
الخيارات الصعبة
-
ظاهرة الافلاس السياسي
-
حاضنة عربية للمزاج العراقي
-
عقدة وادي عربة !!
المزيد.....
-
بعد تحرره من السجون الإسرائيلية زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى
...
-
أحمد الشرع رئيساً انتقاليا لسوريا...ما التغييرات الجذرية الت
...
-
المغرب: أمواج عاتية تضرب السواحل الأطلسية وتتسبب في خسائر ما
...
-
الشرع يتعهد بتشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبر عن تنوع سوريا
-
ترامب: الاتصالات مع قادة روسيا والصين تسير بشكل جيد
-
رئيس بنما: لن نتفاوض مع واشنطن حول ملكية القناة
-
ظاهرة طبيعية مريبة.. نهر يغلي في قلب الأمازون -يسلق ضحاياه أ
...
-
لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول
...
-
الشرع للسوريين: نصبت رئيسا بعد مشاورات قانونية مكثفة
-
مشاهد لاغتيال نائب قائد هيئة أركان -القسام- مروان عيسى
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|