وحيد كوريال ياقو
الحوار المتمدن-العدد: 2963 - 2010 / 4 / 2 - 23:16
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
كلمة لابد منها بعد انتهاء الانتخابات وبغض النظر عن النتائج
لقد انتهت الانتخابات التشريعية في العراق بأيجابياتها وسلبياتها وانتهت معها كل الدعايات والادعاءات وكل والصراعات والمخاصمات وكل القيل والقال وكلها ستصبح في ذكر الماضي حيث سيبدأ المتخاصمون والمتنازعون والمتصارعون الفائزون الاشداء بالتنازل والتحاور والتشاور مع بعضهم البعض لعقد الصفقات من اجل مصالحهم الخاصة وحصصهم الدسمة ومكاسبهم الثمينة لاربع سنين معطاء سيتربعون خلالها من جديد على صدور العراقيين التي ضاقت بهم كثيرا في هذا الزمن التعيس ومن دون ان يقدموا شيئا مما وعدوا به او ادعوا به لا للعراق ولا للعراقيين , ولكنهم حتما سيذهبون وبلا رجعة في نهاية المطاف لامحال ...
وبغض النظر عما جاء في نتائج هذه الانتخابات وعمن فاز فيها , سواء كان يستحق ذلك ام لم يكن , حيث من الواضح ان من فاز فيها ما زال يحمل صفة المخاصصة الطائفية والمذهبية اللعينة , وقد فاز اصلا لانه يحمل هذه الصفة او انه قد فاز لهذا السبب فقط ولا شيء غير ذلك , وهذا طبعا هو ما يؤسفنا ويؤلمنا كثيرا , ولكنه الواقع المرير الذي لا بد منه ولا بد من القبول به حاليا لتغييره في المستقبل , ولان العراق سيبقى بقيادة هؤلاء في دوامة المخاصصة الطائفية والمذهبية التي اطلقوا عليها مؤخرا اسم التوافقية اي بمعنى الاتفاق على مصالحهم الضيقة ومكاسبهم الخاصة ...
وبالرغم من انه لم يفوز في هذه الانتخابات اي من القوى الوطنية او الديمقراطية او العلمانية التي تسعى لبناء الدولة الديمقراطية العلمانية في العراق , دولة الحداثة والمواطنة والعدالة , دولة الدستور والمؤسسات , دولة ضمان حقوق الانسان ودولة توفير الامن والامان والرفاه لجميع ابناء الشعب من دون تمييز او تفرقة بسبب الدين او المذهب او الطائفة او القومية او العرقية او الجنس او العقيدة السياسية او غيرها من الاختلافات التي يزخر ويزدهر بها العراق من دون غيره من دول المنطقة , هذه القوى التي تسعى الى جعل صندوق الاقتراع هو الذي يقرر بحق واستحقاق من يمثل الشعب ومن يقود الشعب , وهو الذي يجب ان يقرر شكل الحكومة وفقا للمصلحة الوطنية والمهنية وليس وفقا لمصالح المخاصصة القومية والطائفية والمذهبية المقيتة ...
وبغض النظر ايضا من ان الكثير من العراقيين لم يشاركوا في هذه الانتخابات هذه المرة ولاسباب كثيرة وعديدة لسنا بصددها الان , ولكنهم حتما سيشاركون فيها في المرات القادمة لو استمرت وتكررت هذه التجربة واصبحت انظف وانزه , وسيدلون باصواتهم وسيختارون من يمثلهم وسيجدون عندها من يستحق صوتهم وسيصبحون بذلك هم الذين سيقررون شكل الحكومة التي ستعمل لبناء الدولة الديمقراطية الحقيقية التي تضمن حق المواطنة لجميع المواطنين وتوفر الامن والامان لجميع ابناء الشعب وتعيد كتابة الدستور لتفصل الدين عن الدولة لتحقيق العدل والعدالة للجميع ولضمان حقوق الانسان واعادة سيادة العراق وغير ذلك من متطلبات بناء الدولة المعاصرة التي يتمناها الجميع ونأمل ان يكون ذلك قريبا ...
وبغض النظر ايضا ان كانت هذه الانتخابات قد جرت بالشكل الذي كنا نتمناه ام لا , وان كان قد فاز فيها من صوتنا له ام لا, ولكننا نرى انها تعتبر خطوة نحو المستقبل ولا بد منها ولا بد من القبول بنتائجها التي لا بد انها ستتغير بالاستمرار في ممارسة هذه التجربة والمشاركة الفعالة فيها وضمان تكرارها وتطويرها في المستقبل , وعند ذلك نستطيع ان نقول وبكل ثقة واعتزاز ان العراق هو الذي فاز في هذه الانتخابات لانه بدأ يمارس هذه العملية الحضارية الحديثة والمعاصرة التي تتبعها معظم الدول المتحضرة والمتقدمة والمتطورة في العالم اليوم ...
وبالرغم ايضا اذا ما كانت هذه الانتخابات نزيهة ام لم تكن هذه المرة , ولكنها حتما ستصبح انزه في المرات القادمة واللاحقة اذا ما استمرت وتكررت في المستقبل , وبالرغم من كل ما قيل وما زال يقال من ان ممارسات غير ديمقراطية وغير حضارية قد مورست خلال هذه الانتخابات , لكنها حتما ستزول كلها في المرات القادمة اذا ما استمرت وتكررت هذه التجربة التي انفرد بها العراق من دون غيره من دول المنطقة .
وكحاصل تحصيل نستطيع ان نقول انه مجرد ممارسة هذه التجربة او اتباعها في الوقت الحاضر مع ضمان استمرارها وتكرارها في المستقبل لهو ضمان لتطويرها ولكي تصل الى الحد الادنى من المقاييس الديمقراطية المتبعة في الدول المتقدمة في العالم , وعندها سيكون العراق بحق هو الفائز الاول وسيبقى هو المنتصر الاول على كل من لا يريد له الانتصار , وعلى كل من لا يريد لهذه التجربة النجاح والاستمرار , وعلى كل من يخاف هذه التجربة الحضارية المعاصرة , وعلى كل من لا يؤمن بهذه التجربة الديمقراطية , وعلى كل من يحاول اجهاض هذه التجربة الفتية في العراق ...
وبهذه المناسة لا يسعنا الا ان نهنيء العراق اولا واخرا كدولة اصبحت تمارس هذه التجربة الحضارية المعاصرة التي انفرد بها في المنطقة , وبعد ذلك نهنيء الشعب العراقي كافة بكل مكوناته القومية والعرقية المختلفة وبكل اطيافه الدينية والمذهبية المتعددة وبكل تنظيماته السياسية التي شاركت في هذه الانتخابات , ومن ثم نهنيء كل الذين شاركوا في هذه الانتخابات ممن رشحوا انفسهم لها سواء فازوا ام لم يفوزا , وبالاخص من كان يستحق الفوز ولكنه لم يفوز هذه المرة , ولكنه حتما سيفوز في المرات القادمة عندما تصبح انظف وانزه في المستقبل لا محال , وايضا يجب ان نشكر كل من ساهم في هذه التجربة الحضارية وكل من ادلى بصوته فيها واختار من اختار وبغض النظر عمن اختار سواء اجاد الاختيار هذه المرة ام لم يجيده , ولكنه حتما سيجيد ذلك في المستقبل , وسواء استحق من صوت له ام لم يستحق ولكنه بالتأكيد سوف لن يصوت الا لمن يستحق صوته في المستقبل ... وسوف لن يصح الا الصحيح ...
وحيد كوريال ياقو – نيسان 2010 – مشيكن
#وحيد_كوريال_ياقو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟