|
الكورد والعرب وجدلية الزمن ( مفهوم الثورة )
هيبت بافي حلبجة
الحوار المتمدن-العدد: 2963 - 2010 / 4 / 2 - 23:08
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
الخاصية الأولى : في وثبة من وثبات الزمن تغدو الشعوب خارج نطاق التاريخي ، يترهل سيلان الإدراك ، ويتكلس الوعي إلى درجة إن أي عملية في مفهوم التغيير تضحو ضرباً من التأمل التخيلي ، لإن ما قد ترتب في فترة الخمود والهمود لايرضي بمنطوق التغيير التدرجي ، ويلغي كل فحوى للتراكمي ، لسبب دياليكتيكي صارخ أكيد هو إن هذه الفترة قد أفرزت حيثيات تعارض نقائضها لتقمعها وتمنعها أصلاً من النمو . وهذه الحيثيات لاتستشاط حنقاً وغضياً في وجه كل ما هو نقيض ، إنما هي تشوهه لتضفي إليه مراهقة تاريخية ، مراهقة فريسة للتقوقع والأنهيار ومن ثم الذوي إلى الأبد . في وثبة من وثبات الزمن يمسي الواقعي هو السيد المطلق ، هو المقدس الأوحد الصمد ، هو المحراب الذي على أصنامه ينحر ( بضم الياء ) الفرد ، المجتمع ، البكارة ، النواميس ، المستقبل ، الطبيعة ، والشمس والقمر . في وثبة من تلك الوثبات ، يلفحنا سبات تاريخي ولا نهجع ، نغدو أشباهاً وأشباحاً لا نرقد ولا نفيق ، إنما نسدر في ضباب كثيف ، نهيم في خارج التاريخي ، خارج القوانين المتأصلة في الطبيعة وزرقة السماء .. الخاصية الثانية : إذا مايز المفكر ( لالاند ) ما بين العقل الفاعل والعقل المنفعل ، وجاراه المفكر محمد عابد الجابري من حيث المبدأ ، فأننا لانشاطرهما هذا التوجه ، فالعقل هو واحد ، مادة واعية ، تمتلك وظيفة محددة ، هي تدرك أدراكها ، تتطور كلما تخمرت ، تسمو كلما تحررت من مشاكلها ، لذا نحن نسمي تلك المادة ( العقل ) بالمادة المدركة الواعية . ونعتقد إنهما لم يمايزا ما بين الشيء ووظائف الشيء ، فالإنفعالية والفاعلية هما من الوظائف ، ولإنهما كذلك ، هما مقيدان بمفاهيم عديدة منها الذكاء والغباء ، ولإنهما هكذا ، يهمنا أمر صاحبهما ، أي أمر المادة المدركة الواعية ، التي في وثبة من تلك الوثبات تبيت مريضة في وظائفها ، تغدو أسيرة في محتواها ( ثقافتها ، تاريخها ) ، ذليلة في الأبداع ، كسيحة في السلوك ، بحاجة ، كي تستقيم وتحبو من جديد ، أن تتحرر من الصدأ والورم .. الخاصية الثالثة : إشكالية الخطاب العام ( السياسي ، الأصولي ، الثقافي ) تلج كل المعطيات السوسيولوجية ، الأقتصادية ، العلائقية ، المعتقدية ، بأبشع وأمقت صورها ، ليس لإنها تقتات من الخطاب الرسمي ، وليس لإنها تنافح عن خصوصياته ، وليس لإنها تغتال كل خطاب مواز ، كل خطاب آخر، كل خطاب ناقد ، وليس لإن نوعية هكذا خطاب قد تخطاها التاريخ ، في النشوء ، في الأسباب ، في الطبائع ، بل لإن مايسمى بالخطاب العام لايتمتع بأي مقومات ( جزئية أم كلية ) تليق بمضمون ( الخطاب ) ، بل الأنكى من ذلك ، لكنا تجاوزنا هذه المعضلة أيضاً لو لم يكن هذا ( الخطاب ) مزوراً ، مفبركاً ، مدقعاً في فحواه ، ضحلاً في سيولته ، يعتوره النفوق والنفاق ، تعوزه المصداقية والتصديق .. الخاصية الرابعة : إشكالية جوهر اللافرد واللامجتمع تنخر في غياهب صميم أنطولوجية البرهان ، البيان ، الفكر ، طريقة التفكير ، القوى المعنوية الإجتماعية ، القوى المعنوية السياسية ، وليتها تغذت من إحدى المقولتين ( الفرد ، الجماعة ) على حساب المقولة الأخرى كما هي الحال في الغرب ( حيث التقني ، جوهر الفرد ، سطوة الحرية ، قوة القانون ، البراجماتية ، الموضوعي التاريخي ) ، إنما هي تغدر بالأثنتين ، وليتها ( لو على حسابنا في الوجع و الكرامة والشرف والفكر والوجوديا ) تمتعت فعلاً بالثالوث ( المال ، السلطة ، النفوذ ) ودافعت حقاً عن مضمون ( المطلق ، السيد ، الأبدي ) ، إنما هو هدر للكل ، تنكيل بالجميع ، هو غياب سرمدي للعربي ، الكوردي ، ومن ثم للآشوري ، والماروني ، والقبطي . فاللا ( فرد والجماعة والإقتصاد والشيء ) هي التي تستبد بنا كلنا ، حيث ( اللا ) هي هنا جوهر فلسفي في جدلية مبدأ التناقض ( الوجود واللاوجود ، العدم واللاعدم ) المقتبس من الفكر الماركسي ، الهيجلي ، السارتري حصراً وتحديداً .. الخاصية الخامسة : إن المثقف النقيضي ( ناهيكم عن المدرسة النقيضية أو التيار النقيضي ) هو وجود مفقود ، ضائع ، يتلمظ مجد إبداعه الخاص الفردي في فحوى التعارض ، يسلو منطوق شخصانيته في الموضوعي والخاص ، ليضرب مفهوم مقولتي الدور والتاريخ عرض الوهم والجدار . فالمثقف في الشرق الأوسط هو بيدق على رقعة شطرنج جاهل ، يجنح إلى المصالحة إذا ما جنحوا إليها ، وهل يصالح الجسد السقم !! . ومن سخرية الأقدار إن المثقف ( المعارض ) هو الوسيط اللاشرعي ما بين الحقيقي والوهمي ، ما بين الفعلي والخيالي ، بل الأنكى من هذا هو يكمل الدور في أداء الوهمي والخيالي في منطقة الشرخ ما بين الوجود واللاوجود ، ويعرض ثقافته ودوره والتاريخ بأبخس الأسعار ( والأمثلة لاتعد – بضم التاء – في سوريا ولبنان ) ، في حين إن الشعوب مستعدة أن تشتري تلك الثقافة والدور والتاريخ بوسام أستحقاق من الدرجة الأولى ، وسام أستحقاق من درجة عمر المختار ، غاندي ، واليس ، سبارتاكوس .. الخاصية السادسة : إن الشعوب التي لاتنتج المعرفي ، أو على الأقل لاتعيد صياغته في أنتاج جديد ، أو على الأقل لاتعيد( المعرفي الآخروي ) وفقاً لخواصها وحيثيات مجتمعها لايمكن أن تتمتع بمقومات الوجوديا ( البونياديا ) ، ولايمكن أن تكون رقماً في التاريخ ، إنما على الأكثر رقماً في الجغرافيا ، ولكنا رقماً في الجغرافيا المائتة ( الخاصية السابعة ) لو لم نكن في الشرق الأوسط . والأنتاج المعرفي هومفهوم مركب معقد لايقتصر على المحتوى الضيق للمعرفة والنظريات العلمية والأكتشافات والأختراعات وتجديد الفكر والسلوك وتحديث الإقتصاد والسوسيولوجيا ، والنشاط الأبداعي والفني والأدبي واللغوي ، إنما غدا مقدمة أكيدة في نسق ( ذهنية الدمقرطة ) ، وفي التماثل ما بين الموضوع والمحمول ، وفي منح مبدأ التناقض جوهره التاريخي ، وفي جعل التناقض الأساسي هو مرتكز الصراع في التطور والتقدم .. الخاصية السابعة : مفهوم الشرق الأوسط وضرورته للرأسمال المالي البنكي الربوي يتجاوز البناء التاريخي والواقعي المرصودان له ، في الفعل إن ( الشرق الأوسط ) هو دينامو تاريخ الأرض وهو الذي يسيطر على مفهوم الحركة الجدلية فيه ، وبدونه يضحو الرأسمال المالي البنكي الربوي هزيلاً سقيماً ، بل مفهوماً سياسياً كسيحاً كسيخاً ، وأرجو ألا يفهم ( بضم الياء )هذا الأمر من الناحية الإقتصادية ، أو من ناحية المصالح ، كما يحلو للبعض في الشرق الأوسط إقحام نظرية المؤامرة في مصيره .. الخاصية الثامنة : أولوية التاريخي على الجغرافي هي السمة الأقوى والأصعب في هذه الحقبة من التاريخ ، فالتاريخي لايؤصل للواقعي والموضوعي ومن خلالهما للإقتصادي والفكري ، إنما يرسم خطوات شديدة الخصوصية في محتوى القوانين وحيثيات المبادىء والمسلمات الأولية . وللتاريخي مدلولات ثلاثة ( في هذا المعنى طبعاً ) ، إنتهاء المسألة القومية لصالح مضمون المختبر الواحد ، الحفاظ على هوية الثقافة والتراث ، ضمان المستقبل في العيش المشترك ( إجتماعياً ، إقتصادياً ) . لذا فإن الذين يركزون على مفهوم الجغرافيا هم ألد أعداء بناء الشرق الأوسط الحديث ، بل هم يغمطون عليه حقه في مواجهة الرأسمال المالي .. الخاصية التاسعة : المسألة الفلسطينية وأولوية الديمقراطية عليها . يجمع المثقفون والسياسيون والمفكرون على إن المسألة الفلسطينية هي المركزية الأولى في قضايا المنطقة ، وهذا تناقض ليس بعده تناقض ، بل مصادرة على المطلوب ، فالديمقراطية هي أساس كل تحرر ، الجغرافي ، التاريخي ، الإنساني ، الفردي ، كونها جوهر خاصية الكل . أضف إلى ذلك ، إن مفهوم المقاومة قد تبدل وأنبطل منطوق ( ما أوخذ بالقوة لايسترد إلا بالقوة ) ، فالمقاومة ضائعة إذا ما قورنت ببناء الأنسان ، الدماغ ، القانون ، الداخلي ، ودليلنا في هذا بسيط وجلي ، فالمنافحون المزعومون عن فلسطين ولبنان هم المقاولون الكبار لبيع المنطقة وزرع الألم والوجع والمآسي فيها .. الخاصية العاشرة : تجديد الفكر الماركسي .إن الفكر الماركسي يتمتع بخواص في التحليل البنيوي لايضاهيه في عظمته ، نبوغه ، عمقه ، شموليته ، أي فكر عالمي آخر ، وهو لايحتسب ( بضم الياء ) من أقوى النظريات في هذا المضمار ، إنما هو ، بلا إرتياب ، الفكر العالمي الوحيد حتى الآن في تحديد ميزات التاريخي وقوانين الطبيعة وتجليات المادة والوعي . من هنا تحديداً ، نحن نؤمن ، أيما إيمان ، إن الوظيفة التاريخية الأساسية تكمن في إعادة الأعتبار الموضوعي لهذا الفكر العملاق ، ماركس وأنجلس ، بعيداً عن السياسة اللينينية السوفياتية التي أقحمت نفسها عنوة وبكثير من السطوة والأستبداد في ثنايا الفكر الماركسي الأنجلسي . والمجتمع الشرق الأوسط أحوج إلى إحياء هذا الفكر من أصوله المعتمدة لتؤوب القوانين الموضوعية إلى تجلياتها السامية وليس إلى محاكاتها .. ( في الحلقة الثانية سنوضح مفهوم الثورة لدى الجماهير) ..
#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لعبة الأمم الجديدة ( صناعة أيران )
-
الشيخ سعد الحريري ما بين العملية السياسية والدهنية الديمقراط
...
-
الدالة الفارغة ما بين هوبز وأفلاطون ( الحلقة الثانية )
-
الدالة الفارغة ما بين هوبز وأفلاطون ( الحلقة الأولى )
-
الدكرى الثامنة لإنطلاقة الحوار المتمدن
-
البيئي والجسمي مابين الفلسفة والعلم
-
المعارضة السورية مابين الإشتقاق والبنيوية
-
فلسفة ديكارت ... مابين السقوط والتساقط
-
فلسفة كانط ... ما بين السقوط والتساقط
-
فلسفة هيجل ... ما بين التهافت والنقض
-
الفكر ما بين الإشكاليات والتصور الغائب ( رؤية جديدة في تصور
...
-
الشرق الأوسط ....ما بين مخلبين الفارسي والرأسمالي
-
نقض نظرية الأخلاق لدى سقراط
-
مابعد غزة .... ما بين الوهم والتوهم
-
الرد على الدكتورة واثبة داود السعدي
-
الرد على الدكتور طارق علي الصالح
-
شيء من العقل .... شيء من النعال
-
إستقالة رب العالمين ... كل عام وأنتم بخير
-
نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ... الحلقة الأخيرة
-
القيم .... ما بين الصاوي و القمني
المزيد.....
-
قبّل السيسي رأسه في حفل المولد النبوي.. من هو الدكتور أحمد ع
...
-
مجندات إسرائيليات على حدود مصر بقيادة جنرال أمريكي
-
الكابينيت يضع -إعادة سكان الشمال- ضمن الأهداف الرسمية وهوكشت
...
-
-النظام البدائي للرسائل المشفرة يُبقي السنوار على قيد الحياة
...
-
الحكومة البرازيلية تطلب المساعدة الدولية لمكافحة الحرائق في
...
-
أسباب نزف اللثة
-
دب روسي يعانق مؤثرة سعودية شهيرة في إحدى غابات موسكو (فيديو)
...
-
-سقطت بالتقادم والجاني اعترف-.. جريمة قتل الوسيط الدولي برنا
...
-
جهاز الخدمة السرية الأمريكي يقول إن المشتبه به في محاولة اغت
...
-
أميركا تعتقل روسيًا بتهمة تهريب تقنيات مسيّرات
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|