أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - خواطر حول تجربتي مع القصة القصيرة















المزيد.....

خواطر حول تجربتي مع القصة القصيرة


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 2961 - 2010 / 3 / 31 - 12:35
المحور: الادب والفن
    



أثار مقالي السابق جول القصة القصيرة جدا ردود فعل ثقافية هامة وواسعة جدا ، اعطتني لوحة أكثر اكتمالا لفهم المضمون القصصي عامة ، وكان استنتاجي الأساسي هو عبث اقامة تقسيمات ميكانيكية في اطار الفن الواحد ، بمعنى ان القصة هي فن لا يتجزأ ، اما ان تكتب قصة تُقرأ وتؤثر بالقارئ ، او نصا لا علاقة له بالقصة الا في الوهم الذاتي للكاتب ، مهما كانت صياغة النص اللغوية جيدة. لأن القصة ليست مجرد لغة ومعرفة التركيب القصصي حسب الدراسات المختلفة التي طرحت موضوع القصة من زوايا عديدة ومختلفة . واعجبتني تسمية القصة القصيرة جدا بتعبير " اشراقات " كما طرح ذلك الدكتور الناقد والشاعر والقاص فاروق مواسي في مداخلته حول مقالي المذكور .
لاحظت سابقا ان عددا من كتاب القصة يكتبون حسب المفاهيم التي تطرحها دراسات مختلفة لنقاد او أكاديميين يتعاملون مع فن القص بمباضع تنفع في الجراحة الطبية ، وأظن انهم هم أنفسهم عاجزين عن تحويل "معرفتهم الكبيرة" لفن القص الى ابداع قصصي . وبالتالي لا ينتج الباحثين عن فن القصة في كتب البحث والتنظير ادبا قصصيا ، لأن القصة تتجاوز حتى المفهوم المباشر والأولي للأدب الى مفاهيم أعمق ترتبط بالمشاعر الانسانية والحياة والمجتمع والوعي والفلسفة . وكتب الدراسات أشبه بالمختبرات الطبية التي تنفع في التحليل ولا تنفع في العلاج - أي بتوفير ادوات الابداع !!
المبدع الذي يتوهم ان كتب التنظير ستجعل رضوان يفتح له الأبواب ، ويجلسه في جنة المبدعين ، هو واهم .
هناك شروط لغوية صياغية وفنية تكنيكية ، هي التي تشكل جوهر القص ( الرواية ) بكل فروعه ، وهذه الموهبة برأي تولد مع الكاتب وتتشكل في مراحل وعيه الأولى ، وتكتمل بناء على ظروف تطور وعيه ، وعليه قررت ان اكتب هذا المقال لعلي اوسع النقاش الثقافي الذي بدأ بمقالي السابق عن القصة القصيرة جدا . وقد اعتمدت هنا على تجربتي ، بعيدا عن كل النظريات والتنظير التي لا اراها الا دخيلة ومتطفلة على جوهر الابداع !!
*****
يحاول بعض نقاد القصة القصيرة تقديم لوحة ثقافية تعبر عن الإنجاز التاريخي لمؤسسي فن القصة القصيرة وكتابها وعلى رأسهم الأمريكي ادغار الن بو الذي يعتبر من اوائل كتاب القصة القصيرة ، والفرنسي جي دي موبسان الذي سمي بأبو القصة القصيرة والروسي انطون تشيكوف ، الذي يعتبر أفضل كتاب القصة القصيرة ... او يُنظرون بالإعتماد على مفاهيم اكاديمية ، لم يثبت حتى اليوم انها انتجت مبدعا او نصف مبدع ، ونجد ان الكثيرين من أعظم كتاب القصة والرواية لم ينه بعضهم حتى المدرسة الابتدائية. هذا الأمر أعادني الى تجربتي المتواضعة ،التي لم تعتمد الا على العشق الذي اجتاحني منذ قرأت اول قصة وانا في بداية دراستي الابتدائية ، ولفهم بعض العوامل التي "تفرض" نفسها على مبنى القصة في أعمالي .. والتي أضحت أمرا غير مفكر به حين تحين اللحظة، وكثيرا ما تسائلت عن العوامل التي جعلتني استوعب الجوانب الفنية في تجربتي ، والتي لم استعن بها بأي نص مدرسي او بحثي يتعلق بفن القصة القصيرة ، و ما زلت مصرا على ان كل الأبحاث والنظريات ، لن تستطيع ان تعلم احد صياغة قصة قصيرة جيدة .. او فهم مضمون أهمية اللغة ( ليس من ناحية نحو واعراب ) في الصياغة القصصية ، او ما بدأت أطلق عليه في الفترة الأخيرة تعبير "اللغة الدرامية " .
القصة ، او الفن القصصي بما في ذلك الرواية والمسرح ، كله مر على تجربة واسعة جدا ومتعددة الأشكال .. ورؤيتي مثلا ان فن القصة القصيرة الحديث متأثر أكثر بالكاتب الروسي انطون تشيخوف . ان موهبة تشيخوف في التعبير القصصي عن عالمه ،ومجتمعه وانسانه ،تكاد لا توجد تجربة قصصية بمثل عمقها ، ولا سابق لها في الفن القصصي ، من حيث مبنى القصة ، لغتها ، عناصر الدهشة فيها ، وفكرتها . واساليب كتابته او صياغته للفكرة القصصية ، وفن الحوار في قصصه ، وكيف يتعامل مع اللغة في قصصه ، كيف يحول اللغة نفسها الى نص درامي ، واندماج اللغة المستعملة في النص القصصي بالفكرة الدرامية ، أي كيف يخلق موازي لغوي درامي للفكرة القصصية الدرامية.. وهذه نقطة هامة وحاسمة . كذلك قدرته على اكتشاف أدق التفاصيل ونقلها بتعابيره المفعمة بالبساطة والعمق والسخرية والحدة، كلها وضعته في رأس مؤسسي هذا الفن القصصي : القصة القصيرة ، محدثا نقلة نوعية جعلته أبو القصة القصيرة الحديثة بغير منازع على الإطلاق !!

وهناك جانب قد يغمط البعض دوره . جانب التجربة الحياتية للمبدع وقدرته على تطوير ادواته ( آلياته ) الفنية والثقافية . في الأدب هذا الجانب حاسم في تطوير الابداع ونقله من بوتقة ضيقة الى عالم واسع ممتد الأطراف غير نهائي في آفاقة واتساعه المعلوماتي والفكري والفلسفي والتجريبي ( بخوض تجارب حياتية ومغامرات حياتية ) الذي قد يبدو للبعض خروجا عن المألوف ، وأصلا كل الابداع هو خروج عن المألوف ، خروج عن حالة السكون والاستقرار ، ألد اعداء الانتاج الإبداعي ..

ومع ذلك القصة لم تتوقف بحدود تجربة محددة ، بل يمكن القول ان القصة القصيرة تنبض بالحياة والتغيير وتشق طرق جديدة ، قد نستسيغ بعضها وقد نرفض بعضها ، وهناك اضافات هامة للعديد من أبرز كتاب هذا الفن .

لا ثقافة ولا ابداع في عالم الأوهام ... والعقائد الجامدة ، والتخيلات المريضة الوهمية .

الموضوع ليس نظري ، ليس فهم شروط الكتابة الابداعية ، شروط الانشاء القصصي، بل مجمل النشاط الابداعي للإنسان والمجتمع .

الكاتب - المبدع يحتاج اولا الى وعي معرفي اجتماعي واسع وفي جذوره الفلسفة ، التي تغذي العقل بقدرات لا نهائية من المعرفة والقدرة على فهم حقائق الحياة ، والقدرة على الاستفادة من التجارب الذاتية والعامة.

لذلك الأبداع ، بصفته حالة أدبية ، هو شكل من أشكال الوعي الانساني يعبر عنه بطريقة فنية .. انعكاس فني لواقع اجتماعي او ثقافي او سياسي .. الخ .

الفن القصصي هو الد اعداء الفذلكة اللغوية والديباجة والاطناب ، والنحت في المفردات. القصصي يجب ان يقبر سيبويه والكستائي قبل ان يمسك القلم ، وان لا يتعامل مع اللغة ، خاصة العربية ، كلغة ذات شأن وقداسة . لا شأن ولا قداسة للغة في السرد القصصي او غيرة من أصناف الكتابة . جمالية القصة تتعلق بفكرتها واسلوب تنفيذها وقدرة كاتبها على ابداع لغة درامية في السرد حتى لو حطم كل ثوابت الكتابة الانشائية . وان لا يفكر الا بالدراما التي يبنيها ، وباستعمال المفردات بلا وجل الوقوع في فخاخ حراس اللغة.

قد يقود كلامي حول اللغة الى وهم ان اتقان اللغة غير ضروري . لم يكن هذا ما قصدته ، والعكس هو الصحيح ، بدون اتقان ممتاز للغة ، وحس لغوي متطور ، يحرر الكاتب من التفكير بالنحو والإعراب خلال عملية الابداع ، يستحيل الابداع القصصي ، وعندما أقول الحس اللغوي أعني القدرة على اختراق حواجز التقليد اللغوي والقيود المختلفة .

ان عرض تطور الابداع ( القصة القصيرة في حالتنا) هو أمر هام ومثمر ومحفز لتوسيع المعرفة.. ولكن مميزات الفن القصصي هي الارتباط بالتجربة الحياتية الواسعة الى جانب الالمام بهذا الفن عبر المعرفة العميقة لمختلف الأساليب التي تطورت منذ ادغار الن بو وصولا الى تشيخوف وموبسان وغيرهم ، تماما كما تحتاج السيارة الى وقود .. لا يمكن الابداع بدون غذاء ، وقود - وقود فكري ، واتساع المعرفة والقدرة على الخوض في تجارب الأخرين بدون مرجعيات ومواعظ ، انما بالاعتماد على الذات المجربة والقادرة على هضم تجارب الآخرين وشق طريق يعطي للنص هوية مميزة .

ولا يمكن ان أتجاهل ان القصة العربية القصيرة ، هذا الفن الجديد نسبيا في الأدب العربي ، ساهم الكاتب العبقري يوسف ادريس في تثبيت جذوره الفنية ، بحيث أضحت تجربته مدرسة للقصة العربية القصيرة.. وللقصة القصيرة بشكل عام . ورغم حداثة هذا اللون نسبيا في الأدب العربي الا ان ادريس نجح بايصاله الى مستويات فنية راقية للغاية ، والأهم انه طور لغة قصصية بالغة التميز والثراء .

هناك من يشدد على ما يسمى "وحدة الانطباع و لحظة الأزمة واتساق التصميم" ربما نقاط هامة عُبر عنها بشكل مركب ، لن اعترض مع اني لم أفهم المعنى ، ولكنها لا تقدم أمرا ملموسا يمكن فهمه من الكتاب الناشئين ..

لا بد من ملاحظة : ان الكاتب الذي يجتر قصته بالقوة ، لا يقدم الا فذلكة لغوية ، وترهات ، وفكرة مشوهة ناقصة أو مرتبكة ، وما أكثرها في ادبنا . نفس الأمر يمكن ان نرى تواصله في المقال السياسي .

الفكرة القصصية يجب ان تنمو على نار هادئة في ذهن الكاتب ، ان يتحاور معها بذهنه ،انمن يعيش تفاصيلها ، يهلوس بها ، ان يبنيها ويهدمها مرات قبل ان يعيد بنائها وتشكيل أطرافها وشخصياتها ، ان يفلسفها ليفهم ابعادها .. ، ان يعرف الى أين يريد ان يصل قبل ان يبدأ بالخربشة على الورق.. هل أقول لكم اني أحيانا أغرق بعدة أفكار قصصية وعندما تكتمل استطيع صياغتها تباعا بسرعة وبلا توقف ؟

الفكرة القصصية او السياسية او النقدية ، حين تكتمل تفرض نفسها واسلوبها .. مئات القصص التي أقرأها على الانترنت او في الصحافة المطبوعة ، لا أواصل قراءتها بعد الفقرة الأولى أو الثانية منها ..اكتشف انها كتبت بطريقة استمنائية . تفتقد للعناصر الأهم في النص القصصي ،التدفق والتلقائية بلا تصنيع واللغة التي تشد القارئ للفكرة والقدرة على اثارة انتباه القارئ ( الدهشة ) ،خلق شخصيات تنبض بالحياة وليس مجرد رسومات ورقية .
ان ضعف عنصر الدهشة القصصية التي تشد القارئ من السطر الأول ، او اللغة الدرامية المعيارية التي لا قصة بدونها ، والا تحولت القصة الى مادة اخبارية بلغة فذلكة وتشاطر مملة، تقتل عناصر القص الهامة كلها .

كذلك لا قصة جيدة الا بمعرفة اسرار اللغة وطرق الصياغة ( سيقولون يناقض نفسه لأنهم لم يفهموا القسم الأعلى من مداخلتي) ، ولا أعني القواعد والنحو والصرف.. انت عزيزي الكاتب تحتاج الى معرفة الصياغة الفنية للغة ، وليس علوم الصرف والنحو.. التي تجعلك حارسا للغة وليس مبدعا للأدب !!

فن القص هو ايصال المعاني مباشرة أحيانا ، وبالتورية أحيانا أخرى، وبتطوير حس لغوي مثل البارومتر شديد الحساسية لوقع الكلمة ومكانها في النص.. ولنترك بعض الهنات للمحرر اللغوي ، ولا تقلق من خطأ يفرض نفسه عليك ضمن سياق النص والفكرة. واذا بقيت متمسكا بفكرة قداسة اللغة بصفتها هدفا بحد ذاته ، فاذهب لتعيش مع سيبوية والكسائي . واترك فن القص والرواية ، لأنه فن انتفاضي على المسلمات اللغوية وقيود التزمت الفكري واللغوي والاجتماعي ، وكله يشكل حالة مترابطة واحدة.

لا يمكن ان تكون لغة حديثة ، قصصية خاصة ، يحكمها نحو وضعوه قبل مئات السنين، هل سنبدع قصصا حديثة بلغة العرب القدماء ؟ وحتى لا يفهني أحد خطأ ، كلامي هو مجرد مقارنة لفهم ان اللغة أداة حية تخلق مفرداتها وصياغتها بناء على المناخ الثقافي السائد في عصرها. ان لغات عصر التنوير الأوروبي اختلفت جذريا عن لغة القرون الوسطى ، واعتقد ان الأدب الروائي الذي انتعش مع فترة عصر النهضة والاستعمار لعب دورا كبيرا في احداث انتفاضة لغوية حداثية في اللغات الاوروبية .
قصور مجامع اللغة العربية وانغلاقها على القديم ، وعدم فهمها لحيوية احداث نقلة نوعية في لغتنا ، ثقافية وعلمية وتربوية ، يضر بمكانة اللغة ولكن لا يمكن ان يوقف التطور ، ربما يعيقون في اتجاهات معينة ، ولكن من المستحيل وقف تطوير لغة القصة والرواية والمسرح والشعر والسياسة لشدة ارتباطهم بالمناخ الثقافي السائد ، ان ما يحدث هو شرخ لغوي .. الكثير من الصياغات التي نستعملها اليوم في كتاباتنا يعتبرها حراس اللغة أخطاء يجب تصليحها. ولكنها أضحت مستعملة ومتفق عليها وغير قابلة للتغيير . الشارع والثقافة في جانب والمجامع بعيدة قرن كامل او أكثر عن لغتنا الحديثة. ان التجديد في اللغة يتجاوز التقييد والكثير من التعابير العامية أضحت جزءا من الفصحى ، وهو امر طبيعي في كل اللغات التي تتشابه لغتها الفصحى مع لغتها المحكية. ان احدى مشاكل الابداع التي واجهتني في تجربتي القصصية ، كانت اللغة العربية المزدوجة والمرهقة في قيودها ، وعندما وصلت لقناعة التحرر ، وكتابتها بحرية مطلقة ، شعرت اني أمسكت طرف الابداع من المكان الصحيح.

الناحية الفنية

من تجربتي الذاتية ارى ان أهم مركبات القصة يمكن تلخيصهما بمسارين او خطابين ، الأول : المسار او الخطاب التاريخي ،أي خطاب فكري أيديولوجي ، وهو الحدث ، الخبر ،الفكرة القصصية ، المضمون القصصي ، المادة الخام .
الثاني :المسار او الخطاب الفني ، وهو يتعلق بقدرة الكاتب على الصياغة اللغوية الادهاشية أي التي تخترق احاسيس القارئ ،وتدمجه عاطفيا مع الفكرة القصصية ، وتثير دهشته من البداية حتى النهاية ، وهي تتعلق أيضا بالتكنيك القصصي الذي يتبعه الكاتب.. وانا اؤمن ان الفكرة تفرض اسلوبها ولغتها ومفرداتها ، والكاتب عليه ان يعرف كيف يفكك الحدث ويعيد بنائه من جديد ، ليبقي المفاجأة الدرامية للسطر الأخير... تماما مثل لعبة البوكر.. ممنوع كشف الأوراق ، اذ قد تكون اوراقك ( قصتك ) ضعيفة ، ولكن معرفة اصول اللعبة القصصية ( البوكر ) تجعلك تنجز انتصارا حتى على الذين اوراقهم ( افكارهم القصصية) أقوى من أفكارك ..

ويجب الانتباه بعدم المبالغة في أحد الخطابين على حساب الخطاب الآخر .. ولا اعني خلق تعادل بينهما ... انما معرفة أين يجب ابراز جانب على الجانب الأخر ... في فترة ظننت ان التعادل بين الخطابين هو الكود الصحيح . اليوم ، بعد تجربة طويلة ارى ان التعادل مضر ، ومقيد ، وينتج حالة من التقييد والتأطير والدوغماتية الثقافية . صحيح ان الخطابين هامين ، وان ابراز خطاب ما بشكل مبالغ ينسف القاعدة الحساسة للبناء القصصي. ولكن هذا لا يعني ان نقيم التعادل الميكانيكي بين الخطابين ، بل اعتماد التناقض الديالكتيكي بين الخاطبين ، أي التناقض الذي يدفع دائما لتطوير الحدث واللغة والتكنيك وعناصر الدهشة .. وهنا يجب ان يتحكم الحس الانساني والابداعي لدى الكاتب ، في معرفة اين يعطي لأحد الخطابين قوة أكبر...او العكس !!

وهناك موضوع هام لم يتطرق اليه النقد العربي على حد علمي، واذا تعرض فمن زاوية تقليدية مدرسية ، وهو موضوع اللغة المستعملة في القص..
واضح ان لغة القصة تختلف باسلوب صياغتها عن لغة الخبر او الريبورتاج اوالمقال او البحث.. صحيح اننا نستعمل نفس المفردات . ولكن وضعها في السياق، ترتيبها،هو ما يخلق الفرق . وهذا ليس كل شيء، بل لا بد من ان يطور الكاتب لغة درامية.. واجد صعوبة في شرح فكرتي ، ولكني أقول ان اللغة مترابطة بالحدث ومتفاعلة معه ، وتنبض بنبضه، عندما أكتب قصة اوظف قدراتي في صياغة لغة درامية تندمج مع الحدث الدرامي ( القصة في حالتنا) بلغتها أيضا ، مبناها اللغوي ، نبضها المتفاعل والمندمج مع الحدث نفسه ،وهذا يتعلق بالحس اللغوي للكاتب ، وفهم أولي للبسيخولوجيا الاجتماعية ، لفهم شخصية ابطاله والدور الذي من المفترض ان يرسمه لهم بدون مبالغة تجعل البطل غير حقيقي ومتخيل لا منطق في كينونته .

الممارسة واتساع الادراك لفن القص عند الكتاب الآخرين يثري الكاتب ،وذلك عبر قراءة واعيه ومنتبه لأعمالهم ، ليس كقارئ عادي ، بل كدارس لأساليب توظيفهم للغة ، بناء الشخصيات ، الحوار ، اسلوب الدخول للفكرة ، وطريقة وضع النهاية، وبالطبع لا شيء مقدس ، بل كله يجب ان يخضع للمعمل القائم داخل الرأس ، لذلك الكاتب يحتاج الى ثقافة موسوعية ومتعددة الاتجاهات ، تماما مثل الحياة ، الحياة ليست بلون واحد ، بل متعددة الألوان .

النهاية في القصة لا بد ان تعبر عن فهم فلسفي للحدث وليس فهما اخباريا او مباشرا . وهذا يعني ان مبنى اللغة يفرض مميزات بالغة الحساسية .. قد لا يلمسها القارئ العادي ، ولكن عدم اتقانها يبعده عن الاندماج بالنص ، حتى لو كان نصا بحثيا او سياسيا .

أرجو عدم فهم موقفي بأني ارى باللغة ما يتجاوز كونها اداة او وسيلة للتواصل فقط ، وكونها اداة لا يعني نفي القدرات التعبيرية الهائلة التي تخضع لمن يتقن الاحساس بكلماتها وصياغاتها.



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنت صادق أيضا ..!!
- اضمحلال الثقافة من مجتمعنا العربي - اضمحلال للمجتمع المدني ! ...
- كيف يمثل اسرائيل من يعامل كارهابي ؟
- ملاحظات ثقافية حول القصة القصيرة جدا
- قصة- نهاية الزمن العاقر- لنبيل عودة كمخاض الوطن الفلسطيني ال ...
- عشية 8 آذار يوم المرأة العالمي – ماذا تغير من واقع المرأة ال ...
- الندوات السرية والأسماء التي لا بديل لها
- الذي لا يفهم بالكلام يفهم بالحجر :الانتفاضة... كثورة إنسانية ...
- أضف الى رجائك ورقة ياناصيب
- قراءة في قصة الحاجز...لنبيل عودة
- القدود الحلبية تصدح في سماء الناصرة
- مفارقات ثقافية في الثقافة العربية داخل اسرائيل ..!!
- - على هامش التجديد والتقليد في اللغة العربية المعاصرة -.
- رسالة شخصية الى رامز جرايسي وعبره الى كل رؤساء السلطات المحل ...
- نبيل عودة يروي قصص الديوك
- أذواق سيئة وأذواق جيدة
- الكتورة وفاء سلطان تحاور الكاتب نبيل عودة
- سهرة من العمر مع فن محمد عبد الوهاب الخالد
- الجسر
- المعارضة من الداخل ...لعبة سياسية قديمة لحكومات اسرائيل !


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - خواطر حول تجربتي مع القصة القصيرة