|
المجتمع العربي . .قراءة في الدوران في الفراغ خارج مسار التاريخ
أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 2958 - 2010 / 3 / 28 - 23:24
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
إن النخب العربية – المحكومة بكونها صاحبة الوعي الرفيع أو المنظم مقارنة بالعامة – تتجزأ إلى أربعة نماذج شديدة العمومية – كافتراض شخصي – يتفرع عن كل منها مجاميع متمايزة عن بعضها في الخصوصيات الضيقة المفرقة فيما بينها ، أولى تلك النماذج وهي التي تحتل المساحة الأوسع من النخبة والتي تتمثل بالدارسين – من أنصاف المتعلمين وحتى حملة الشهادات العليا – المعرفة لاتعني لهم سوى وسيلة اعتيادية للعيش ( لنيل وظيفة أو عمل ) أو تحسين الدخل المعيشي أو الوضع الاجتماعي ، ومن هنا فالفكر في حقيقة المعرفة لدى هذا النموذج يعد ترفا ومصدرا إستعراضياعند بعضها ولا يمنح مستخدمه سوى الكبر والتعالي فيسبب إنقاصا لحب الآخرين وقبولهم له ، ويعد عند بعضها الآخر مكونا ملغيا لكونه مصدرا ضريا يعود بالسوء على من يستخدمه ، ولذا فإن هذا النموذج لايكترث بالفكر إن لم يحقره ، أما النموذج الثاني فالمعرفة تتحرك تلقائيا في معنى النموذج الأول ، ولكن يحضر الفكر أداة غرضيه محورية للنفعية الانتهازية الضيقة أو أداة للتغليف الأيديولوجي العقائدي المستغلة بطرق متعددة تتعدد وفق الحاجة والضرورة ، النموذج الثالث يتجلى الفكر لديها كأداة معرفية مترجمة كموقف ظاهره نقد انفعالي غاضب تجاه كل شيء محمولا بتعبيرات تحقيرية للفكر ، أما باطن هذه الأداة المعرفية عند هذا النموذج فالفكر يمثل بؤرة عقلية – نفسية تفرض عليه الانهزامية والاستسلام والخنوع ومن هذا النموذج كثيرا من يسقط في الأمراض النفسية والعصابية والإعياء المرضي الذي سريعا ماتبرز فيه ظهور للأمراض الجسدية الفسيولوجية الخطرة ، ونجد في النموذج الأخير حضورا للفكر كمعادل للمعرفة – وليس كجزء منها – ويتمزق هذا النموذج إلى ثلاث مجموعات أساسية ، الأولى والتي تمثل الغلبة من حجم النموذج ، ويوسم الفكر لديها كمغذ للعقل العاطفي – الانفعالي ، أما الثانية فالفكر يعد أداة منتجة للذكاء – كما تعتقده هذه المجموعة – وهو مايو صف بالعقل السياسي ، الذي يجد في الفكر محتوى ادواتيا للتكتيك والمراوغة واستغلال إعادة إنتاج معرفة جمعية لإدراك الظواهر وفهمها والحكم عليها بما ليست هي أساسا في اصل الظواهر – كاستغلال تعميم المترائيات والانبعاثات كحقائق لوجود الظاهرة بذاتها ، أما المجموعة الأخيرة إذا كان الفكر يعد معادلا للمعرفة بالنسبة لها ، فإنه يصبح معادلا لمفهوم الإمكانية الموضوعية لوجود كل شيء وحركته الأمامية ، وهو ذاته يتجلى كمعادل ذاتي للإرادة واستقراء الظواهر في منتج معرفي لإدراك حقيقتها . إن هذا الاستهلال ألغرضي لبناء فكرا علميا منهجيا معاصرا ، مغايرا لما نكرره من مفاهيم معرفية قاصرة أو مشوشة أو خاطئة حول أنفسنا وحقيقتنا ومجتمعاتنا وواقعنا وتخريجاتنا المعرفية المملوءة كثيرا بالحشو والنقلية المسخية التي نكسرها على واقعنا أو تصوراتنا أو مواقفنا ، وهو ماسنأتي عليه من اكتشاف يتماها مع العنوان لأصل هذه المقالة ، اكتشاف لحقيقتنا الوجودية المركبة بين وجود معاصر فعلي موضوعي ووجود اجتراري ماضوي لحقيقة وجود الإنسان العربي في بيئته المحلية والإقليمية ( كوجود ثقافي فارض ) ووجود متشظ بين التعبيرات التاريخية من محتوى الاثنين ، بين واقع راهن منتج لأنظمة سياسية حاكمة بجوهرها القديم تقيم معادلة إعادة إنتاج القديم بأردية حديثة معاصرة ، وبين قوى سياسية علمانية معاصرة الفكر والخطاب وممارسة واقعية تمثل القناع للوجه الأول ، بحيث تنتج معادلة خطية متماهية مع الأول لفرض حقيقة استمرار المجتمع العربي في دورانه الفراغي خارج التاريخ ، لكون نضالاتها تتمثل بالحصول على السلطة السياسية وفق القسريات المعاصرة الخارجية المملاة عليها كشرط لممارسة اللعب السياسي على الصعيد الداخلي وهي نضالات الصورية الظاهرة لتعبير المعارضة السياسية وفق المخطط الديمقراطي المرسوم خارجيا ، لا نضالات تنزع عن فرد المجتمع عبوديته الطوعية وتشاركه فعل المقاومة الواقعية الحسية في التصدي للفساد ونهب الثروة والمال العام ومقاومة مصادرة الحقوق والحريات ، إننا بحاجة لفكر تحريري للعقول قبل تحرير الواقع المستلب ، فكر غير نقلي بطريقة تلقنيه مسخية ، فكر – في ظل راهنتينا – يوصلنا لمفاصل الأشياء لنقيم معادلات صحيحة للخروج من دوائر الفراغ في مسارنا التاريخي ، فكر علمي يجعلنا نمسك إدراكا معرفيا بأصل من أين نبدأ ، من من مكونات الواقع تمثل روافع التغيير ، ومن هو الممتلك تاريخيا لخصائص التغيير ، وكيف لمالكي المقدرة الذاتية للتغيير إن يملكوا قوة التغيير الواقعية ، وهل للواقع العربي بمجزاته القطرية إن يتحقق له الانعطاف التاريخي والعودة للمسار الطبيعي في حركة التاريخ دون التفجرات ، وماهي حجم التفجرات التي نقرأها مسبقا التي تنشئ قطيعة مع الماضي وإعادة إنتاجه بواقع متجدد ، ماهي الممثليات المعيدة إنتاج القديم وإنتاج الجديد ألمسخي من السلطة والمعارضة ، ماهي درجات التعامل المتفاعل معها وضدها ، ماالفرق بين فقه الواقع وفقه التاريخ ، أين تكمن مفاصل الاختلاف بيننا في هذين المعادلين الأخيرين وكيف نقرأ العلمية في الاستقراء للظواهر وعلائقها بين الانعكاس والتعاكس والشرطية من محتوى الاثنين ، ماهي خصوصيتنا الاجتماعية والقومية – خارج المفهوم الشوفيني – هل لنا إن نخرج من عباءة الأبوية التاريخية في كل أبعادها – ومنها الحكم العسكري – أم انه قدر مستمر بفعل قسرية التاريخ الإسلامي وتاريخ الفكر الإسلامي الذي يفرض فهما فارضا في إدارة المجتمع وصناعة تاريخه عبر الحكام .... إن هناك الكثير والكثير للتشارك في الجدل ، وسنواصل عمل ذلك تدريجيا ، ويكون أول مدخل لنا في الجزء القادم مناقشة : المجتمع العربي . . بين القاتل واقعا والقاتل تاريخيا ، والجزء الذي يليه حول: فقه الواقع وفقه التاريخ ، ويليه : الضرورة حتما والضرورة منتجا . . بين الإمكانية فعلا والإمكانية منطقا . . الخ ، وهو ماأتمنى التفاعل معه من قبل كل مهتم بالفكر .
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجموعة أغنيات مرتبكة . . لبغداد 2000 - 2004 م. نثر شعري
-
بيعة . . لباحث عن ثمن نثر شعري
-
وحدك . . ايقونتي نثر شعري
-
اغاني حزينة في المقابلة اقصوصات نثر شعري
-
حين . . . نثر شعري
-
القادم مع الشروق قصة قصيرة
-
بغداد . . اغنيات مرتبكة ( 1 )
-
صاحبي يفتقر للعروس - قصة قصيرة
-
ماذا لو ؟ ! . . قصة قصيرة
-
في رداء امرأة . . لن يغادر المسيح قصة قصيرة
-
أغنية مرتبكة . . لزهرة الاقحوان نثر شعري
-
السياسي .. قصة قصيرة
-
تسريب
-
حلم الورد المتعب قصة قصيرة
-
احلام الفراشة قصة قصيرة
-
وعد قصة قصيرة
-
المعذبة قصة قصيرة
-
غرباء – نحن – في بلد الجنرال ( قصة قصيرة )
-
المدنية .. وحلم الفلاح قصة قصيرة
-
مؤتمر لندن - مكشاف عورة العقل السياسي اليمني ( الجزء الاول )
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|