|
تحليل نتائج الانتخابات .. دهوك نموذجاً
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2957 - 2010 / 3 / 27 - 14:06
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
إذا كان الحزب الديمقراطي الكردستاني له نفوذ ملحوظ وشعبية واسعة في " اربيل " ، فان " دهوك " تبقى معقلهُ التقليدي الرئيسي . وإذا كان الإتحاد الوطني الكردستاني قد شاركَ في إدارة محافظة اربيل لفترات متقطعة ، فان السلطة الحقيقية في محافظة دهوك هي حكرٌ على الحزب الديمقراطي الكردستاني فقط منذ تسعة عشر عاماً . فالمُحافظ والمدراء العامون ورؤساء الدوائر والشرطة والامن والبيشمركة ، كلهم منتمون للحزب و كلهم يأتمرون بأمرهِ . وعلى إفتراض ان طفلاً كان في السادسة من عمرهِ في 1991 ، وتربى في المدرسة منذ نعومة أظفاره على مباديء وأفكارالحزب الحاكم الى ان تخرج من الجامعة وأصبح هو نفسهُ مُدرساً او موظفاً في احدى الدوائر ، فمن المنطقي والطبيعي ان يكون اليوم مؤيداً قوياً وراسخاً لسياسة هذا الحزب الذي شَّبَ عليهِ ، علماً ان هنالك عشرات الآلاف من جيل ما بعد الانتفاضة الذين يحق لهم التصويت . عدد الناخبين في محافظة دهوك حسبَ المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والذين كان يحق لهم المشاركة في انتخابات 7/3/2010، بلغ [ 574138 ] ، قام بالتصويت الفعلي [ 424715] ناخباً ، لإختيار عشرة مُرشحين من بين "72" تنافسوا على المقاعد العشرة ، و [12671] ناخباً في التصويت الخاص بالمسيحيين للمنافسة على مقعدٍ واحد . أدناه بعض الملاحظات حول نتائج الانتخابات قد تساعد على تحليل أولي لهذهِ النتائج : - شارك الحزب الديمقراطي الكردستاني ب (13) مُرشحاً ، والاتحاد الوطني الكردستاني ب (4) مُرشحين ، وكُل من الحزب الشيوعي الكردستاني وحزب كادحي كردستان والحزب الاشتراكي الكردستاني بمُرشحٍ واحد لكل منهم . كُل هؤلاء كانوا ضمن " قائمة التحالف الكردستاني " ، والتي حصلتْ على (332951) صوت من ضمنهم (10462) أشروا على القائمة ولم يؤشروا على المُرشحين . حصل مُرشحو الحزب الديمقراطي الكردستاني على (283609) صوت ، ومُرشحي الاتحاد الوطني الكردستاني على (34229) صوت ، ومُرشح الحزب الشيوعي الكردستاني على (2056) صوت ، ومرشح حزب كادحي كردستان على (1233) صوت ، ومرشح الحزب الاشتراكي الكردستاني على (1365) صوت . - شارك الاتحاد الاسلامي الكردستاني ب (20) مُرشحاً ، وقائمة التغيير ب (15 ) مُرشحاً . - أعتقد ان الاتحاد الوطني الكردستاني لم يكن مُوفقاً في ترشيحهِ لأربعة مُرشحين في محافظة دهوك ، لأنه بذلك لم يكن واقعياً بل بعثَرَ أصوات مؤيديهِ الذين أثرتْ عليهم " شأن معظم الناخبين " الولاءات العشائرية والمناطقية ، بحيث لم يستطع أي واحدٍ من المرشحين كسب اصواتٍ كافية وبالتالي لم يجمعوا ما يؤهلهم من تجاوز القاسم الانتخابي ، ربما لو كان هنالك مُرشحٌ واحدٌ فقط ذو شعبية مقبولة ، لكان بالإمكان الحصول على اصواتٍ أكثر والوصول الى العتبة الانتخابية والفوز بمقعَد . - الشيء نفسهُ ينطبق على الاتحاد الاسلامي الكردستاني ، فأرى ان كثرة المُرشحين أضّرتْ بهِ ولم تنفعهُ . فلو انه رّكزَ على مُرشَحَين او ثلاثة فقط ، لكان ضمنَ الحصول على مقْعَدَين بدلاً من مقعدٍ واحد . من الجدير مُلاحظة ان الاتحاد الاسلامي الكردستاني قد رّسخَ لنفسه قدماً ثابتة في محافظة دهوك رغم التكهنات السابقة لعديد من المُراقبين الذين توقعوا إنحسار شعبية الإتحاد الاسلامي بصورةٍ واضحة في هذه الانتخابات ، ولكن حصده لستين ألف صوت اي حوالي (14.1%) من مجموع المصوتين ليس بالشيء القليل او الهّين . يبدو ان الاسلاميين إكتسبوا خبرةً كافية للتأقلم مع الوضع السياسي في الاقليم والقدرة على إمتصاص التأثيرات الناتجة عن الضغوط ومحاولات التهميش . - أعتقد ان قائمة حركة التغيير " كوران " ، ومع عدم حصولها على مقعدٍ في دهوك ، فانها كانتْ الرابح الأكبر ، فعلى الرغم من ان الحركة حديثة الظهور على الساحة السياسية في اقليم كردستان عموماً ومحافظة دهوك خصوصاً ، وعلى الرغم من عدم وجود مقرات ( فعلية ) لها في دهوك ومجال تحركها محدوداً ، فان حصولها على ( 23775 ) صوت والتي تُشكل حوالي (5.6%) من مجموع المصوتين في المحافظة ، يُعّدُ إنتصاراً ! ، لاسيما إذا أخذنا بنظر الإعتبار بان معظم الذين صوتوا لحركة التغيير في دهوك هم اما من المستقلين او من جمهور الحزب الديمقراطي الكردستاني سابقاً وليس ( مثل بقية المناطق ) حيث ان غالبية المصوتين لصالح الحركة هم من المنتسبين السابقين للإتحاد الوطني الكردستاني . - من الممكن تَقّبُل ان لايحصل الحزب الاشتراكي الكردستاني و حزب كادحي كردستان على نسبةٍ عالية من الاصوات في محافظة دهوك ، فمن المعلوم ان هذين الحزبَين لايمتلكان قاعدة جماهيرية ذات جذور في المنطقة ، ولكن ان يحصل مُرشح الحزب الشيوعي الكردستاني على قرابة الألفين صوت فقط ، فعلامة لا ينبغي القفز من فوقها او تجاهلها ، فليستْ هذه هي المرة الاولى التي يحوز فيها الحزب الشيوعي على نسبةٍ متدنية جداً من الاصوات . وينبغي الوقوف طويلاً امام هذا الامر ومُراجعة واقع الحزب وسياساته ونهجهِ وعلاقاته وتحالفاته ، بكل جدية وجرأة ، فالمسألة تتجاوز كونها فشلاً إنتخابياً ، وتتعدى الإهمال او قلة الإمكانيات ، فالمشكلة كما يبدو أكبر من ذلك وأعمق وبحاجة الى علاجاتٍ جذرية وليست ترقيعات بائسة او تبريرات لم يعد احد مُقتنعاً بها . - من الجيد انه ليس هنالك في محافظة دهوك مُرشحٌ ( سوبر ) مثلما حدث في بعض المحافظات حيث حصد مرشحٌ واحد مئات الآلاف من الاصوات لوحدهِ ! كما في بغداد والموصل . ففي دهوك بالكاد إستطاع مرشحٌ واحدٌ فقط الوصول الى القاسم الانتخابي ، وكان التنافس شديداً بين مرشحي الحزب الديمقراطي الكردستاني والفارق ليس شاسعاً بين معظمهم . - من المُلاحظ ان " النساء " حصلنَ على اصواتٍ كثيرة ولا سيما في قائمة التحالف الكردستاني ، إذ ان مرشحة واحدة حصلتْ على أكثر من عشرين الف صوت ، وان المرشحات الخمسة في القائمة حصلن على (59334) صوت ويشكل هذا اكثر من (18%) من مجموع اصوات القائمة ، وهي اعلى نسبة تحصل عليها النساء في كل القوائم على مستوى العراق كله . - رغم ان الحزب الديمقراطي الكردستاني فاز ب تسعة مقاعد من مجموع عشرة في محافظة دهوك ، اي (90%) من المقاعد ، وهي نسبة لم يحصل عليها اي حزب [ منفرداً ] في اي محافظة في العراق . ينبغي ان لا ننسى ان مجموع الاصوات التي حصل عليها مُرشحو الحزب الديمقراطي الكردستاني الثلاثة عشر بلغت ( 283609) صوتاً وهي تُشكل ( 66.7% ) فقط من مجموع المصوتين في المحافظة . اي بتعبيرٍ آخر ان ( 33.3% ) من المشاركين لم يصوتوا للحزب . وهذا مؤشرٌ الى أمرَين مختلفَين : الاول هو انه رغم الإنتقادات الواسعة لأداء الحزب الديمقراطي الكردستاني في الاقليم عموماً وفي محافظة دهوك خصوصاً ، ورغم الإستياء الجماهيري " المُفتَرض " بسبب الفساد واللاعدالة في توزيع الثروات وغياب الشفافية ، فان الحزب لازال يحوز على شعبية واسعة وتأييدٍ كبير والدليل على ذلك هو حصوله على (66%) من الاصوات . والثاني هو رغم سيطرة الحزب المُحكمة على معظم مفاصل الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية في عموم المحافظة طيلة تسعة عشر عاماً ، ورغم الإغراءات والضغوطات المباشرة وغير المباشرة ، فان اكثر من (33%) من مجموع المشاركين في الانتخابات الاخيرة لم يصوتوا للحزب الديمقراطي الكردستاني . أعتقد ان الوقت الان مُناسب لكي يُراجع الحزب الديمقراطي الكردستاني حساباته بصورةٍ بالغة الجدية ، فان عشرات الآلاف من المواطنين الذين لم يصوتوا له بصورةٍ [ واعية ومتعمدة ] اليوم ، ليسوا كلهم إسلاميين او من مؤيدي الاحزاب الاخرى ، بل هُم من الجماهير العادية الغير راضية عن السلبيات والفساد والتواقين الى التغيير الايجابي في مجمل حياتهم ، وهؤلاء مُرشحون للزيادة بإضطراد في المرحلة المُقبلة إذا إستمرتْ الامور على ما هي عليهِ .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نتائج إنتخابات بغداد .. عجيبة غريبة !
-
نوروزٌ دامي في سوريا
-
أيهما أهَم : المُتنزَه أو الحُسينية ؟!
-
الكرد وبغداد في المرحلة القادمة
-
سائق التكسي والإنتخابات
-
المعارضة الكردستانية والموقف من بغداد
-
حذاري من الغرور
-
النجيفي وحركة التغيير
-
المطبخ السياسي العراقي
-
قفشات إنتخابية
-
لو .. إعتذرَ نوشيروان وطلبَ الصفح
-
الشوفينيون الجُدد في الموصل والحافات الخطِرة
-
الحكومة القادمة برئاسة - رائد فهمي - !
-
الإنتخابات العراقية : محافظة البصرة
-
الإنتخابات العراقية : محافظة دهوك
-
الإنتخابات العراقية : محافظة كركوك
-
الإنتخابات العراقية : محافظة نينوى
-
الإنتخابات العراقية ، محافظة بغداد
-
أخلاقية موظفي الدوائر الحكومية
-
متى سيُزّين نُصب - سلام عادل - إحدى ساحات بغداد ؟
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
|