|
أمام الشاشة الكبرى
عمر الفاتحي
الحوار المتمدن-العدد: 2956 - 2010 / 3 / 26 - 19:28
المحور:
الادب والفن
على إمتداد الوطن العربي ، وبإستثناء دول عربية قليلة ، ومنذ مطلع التسعينات تزايد عدد المهرجانات السينائية ، قطرية ودولية ، عامة ومتخصصة ، في الفيلم الطويل والقصير أو الوثائقي ، هذا فضلا عن الملتقيات والاسابيع السينمائية ، التي لاترتفي إلى مستوى المهرجانات ، من حيث التنظيم والمشاركة والميزانيات المرصودة. فهل نحن كعرب ، نعيش فعليا تهضة سينمائية حقيقية ، على غرار ما عرفته الدول الغربية ودول المعسكر الاشتراكي سابقا ، أم أن الآمر لابعدو أن يكون نوعا من التماهي مع هذه الدول!! حينما نرجع إلى تاريخ السينما العالمية ، نجد أن المهرجانات السينمائية ، لم تؤسس من فراغ ، بل هي نتاج طبيعي ، لنهضة سينمائية عرفتها هذه الدول منذ مطلع القرن الماضي تحولت مع الزمن ، ليس فقط ، إلى مجرد فرجة كما إخترعها الآخوين الفرنسيين لوميير بل إلى صناعة حقيقية قائمة الذات وفطاع منتج ، يشغل الملايين من المختصين ، على مستوى الانتاج وتوظيف رؤوس أموال ضخمة ، وعلى مستوى باقي المشتغلين بالسينما كمخرجين وممثلين وتقنيين في الصورة والصوت ، سينما صامتة باللون الأبيض والأسود ثم ناطقة ملونة ، ثم ذات الأبعاد الثلاثة ، يتحول معها الجمهور إلى مشارك وليس مشاهدا فقط ! فهل نحن كعرب ،مررنا بنفس الصيرورة التاريخية للسينما ، قبل أن ندخل إلى مرحلة تأسيس المهرجانات في بعدها القطري والدولي ، الجواب بطبيعة الحال لا. نحن كسرنا هذه القاعدة المألوفة في تاريخ السينما ، أسسنا مهرجانات قبل أن تكون لنا صناعة سينمائية وتقاليد سينمائية ، اللهم إلا من بعض الاستثناءات العربية، كمصروالمغرب وسوريا .وتونس . والجزائر. المالكون للقرار الرسمي المعنيون بالسينما، لهم وجهة نظر أخرى في الهدف من تأسيس المهرجانات ، رغم عدم وجود صناعة وكوادر سينمائية كفؤة في بلدانهم ، فهي بالنسبة لهم وسيلة للتعريف بدولهم على المستوى الاقتصادي والسياحي والاجتماعي وإحدى الوسائل المفضلة للدعاية الايجابية لطبيعة الاختيارات السياسية والاقتصادية السائدة في البلد المضيف للمهرجان .وفي ولتحقيق هذا المبتغى ، لابد من رصد ميزانيات ضخمة لتنظيم المهرجانات بإشراف طاقم أجنبي ، يتكلف بالتنظيم والادارة والتسيير ، بل وحتى إنتقاء الافلام المشاركة في المسابقات الرسمية ونوعية الضيوف الاجانب الموجهة لهم دعوات الحضور للمهرجان في سياق ما أصبح يعرف في الوسط السينمائي ، بديبلوماسية المهرجانات التي تشتغل على الواجهة السينمائية ، لكن لخدمة أغراض سياسية وإقتصادية وتجارية وسياحية لاعلاقة مباشرة لها بالسينما .! إن السؤال المطروح لدى كل المهتمين بالسينما في ظل تناسل عدد المهرجانات السينمائية في العالم العربي ، هو ما إستفدنا كعرب من هذه المهرجانات ، هل ساهمت فعلا في النهوض بالسينما العربية ?، هل عملت على خلق تقاليد سينمائية ، من شأنها دفع الشباب إلى التعاطي للسينما كفن ومهنة? ، هل حفزت رجال الاعمال والمستثمرين العرب ، على توظيف أموالهم في خلق صناعة سينمائية عربية? ، هل وبفعل الاحتكاك واللقاءات المباشرة في هذا المهرجان أوذاك، نؤسس فعلا لبروز جيل جديد من المخرجين السينمائيين العرب قادرين على طرح قضايا تهم تاريخنا وثراثنا ومجتمعاتنا ، يتطلع الأخرإلى معرفتها بالصوت والصورة وبوجهة نظرنا نحن لاوجهة نظر الغرب .? نعم لاننكر أن هناك روائع سينمائية عربية ، كان لها حضور قوي في المحافل السينمائية الدولية وحظيت بإهتمام وتقدير كل المهتمين بالشأن السينمائي في بعده الوطني والدولي ، ولكن هذه الروائع ،تبقى مجرد إستثناءات ، في ظل القاعدة العامة السائدة في العالم العربي ، وهي أننا ننتج أفلام بدعم كلي من الدولة أوبتمويل أجنبي ولكن حضورها يكون باهثا في المهرجانات ولاتشكل قيمة مضافة حقيقية للسينما ، لانها إما أنها تطرح قضايا هامشية ، بعيدة عن إهتمامات الشارع العربي وهمومه اليومية أو تلجا إلى الاقتباس المبتدل من خلال ما تتنتجه الشركات الاجنبية من افلام .بوليسية وعاطفية ، مع إضفاء سحنة محلية عليها ،حتى نسميها فيلما وطنيا .! لقد تحولت أغلب المهرجانات السينمائية في العالم العربي ، إلى مجرد نوادي خاصة تستضيف نفس الوجوه وتستنسخ نفس الافلام ، التي يطوف بها مخرجوها بكافة البلدان المضيقة في العالم العربي ، كل شئ حاضر فيها ، إلا الثقافة السينمائية ، نأخد مقاعدنا كمتفرجين سلبيين ونستهلك ما ينتجه الاخرون ، ونتطلع إلى الدعم الرسمي لانتاج أفلام لاتجد طريقها إلى قاعات العرض في مدننا العربية ويبقى منفذها الوحيد هو عرضها في المهرجانات ، سواء في إطار المسابقات الرسمية أو من خلال الآنشطة الموزاية في بعض بلداننا العربية ، نؤسس مهرجانات وهي لاتتوفر حتى على قاعات سينمائية صالحة للعرض! نرصد ومن المال العام ميزانيات ضخمة لاقامة مهرجانات ، في الوقت الذي نفتقر فيه إلى كوادر فنية في مجال الصورة والصوت التي تعتبر اللبنة الأولى في كل صناعة سينمائية . نؤسسس مهرجان تلو المهرجان ، في حين تتناقص صلات العرض سنة عن سنة ، ويتم هدم الكثير منها وتحويلها إلى عمارات وشقق للسكنى ، لان أغلب المستثمرين في العالم العربي يتوجسون خيقة من توظيف أموالهم ، في السينما . مخرجون سينمائيون يعيشون في المهجر ، ينتجون أفلاما عربية ، لكن بمقاييس بلد الاقامة وبدعم من أجنبي ، كجواز مرور للمهرجانات السينمائية العالمية. مخرجون سينمائيون عرب لانجاز أشرطتهم ، يضطرون إلى الاستعانة بطاقم فنية أجنبية مختصة في التصوير والصوت ، لان أغلب بلداننا العربية ، تفتقد إلىالمدارس العليا المختصة . ويبقى الملاذ الوحيد هودراسة هو دراسة هذه التخصصات في الخارج ، وهي إمكانية غير متوفرة في أغلب الدول العربية بسبب غياب المنح الدراسية اللازمة للدارسة . لقد عايشنا عن قرب وتابعنا أخبار مهرجانات سينمائية عربية دولية ، ترصد لها ميزانبات ضخمة ، لكن خارج أفلام المسابقات الرسمية والندوات الصحفية وحفلات الافتتاح والاختتام لم نسمع أبدا أن هذا المهرجان أو ذاك ، نظم أنشطة موازية وورشات تكوينية تشجع شباب البلد المضيف على تعلم المبادئ الأولية في تقنيات التصوير والصوت ـ أوكيفية كتابة سيناريو فيلم طويل أو قصير وحتى فيلم وثائقي او تسجيلي ! الحديث عن المهرجانات السينمائية في العالم العربي ، له صلة بموضوع أخرى ، على جانب كبير من الأهمية ، وهو أن السينما العربية ، تعاني من أزمة مضامين ، بسبب غياب كتاب سيناريو متمكين ،اللهم إلى من بعض الأسماء القليلة في العالم العربي ، ولعل هذا ما يفسر رادءة أغلب الافلام العربية التي تمطرنا بها القنوات الفضائية العربية ، سواء كانت عامة أو خاصة بالسينما . ظاهرة تناسل عدد المهرجانات في العالم العربي وتزامن إنعقادها في أوقات متقاربة أفرز معطى سينمائي جديد وهوعجز الانتاج السينمائي العربي عنً اللحاق ً بهذه المهرجانات ، وهو ما يسفر كون الأقلام المنتجة سنويا ، تعرض نفسها وعلى مستوى أكثر من مهرجان ، فقد نشاهد فيلما في مهرجان دبي ، ونراه كذلك في دمشق أو القاهرة أو وهران أو قطر ، يحصل هنا على الجائزة الكبرى ـ ويحصل هناك على جائزة أحسن سيناريو أو أحسن دور رجالي أودور نسائي ، حسب تقدير لجان التحكيم ، التي تختلف معايير تشكيلها وحتى ادائها حسب هذا المهرجان اوذاك في العالم العربي!
#عمر_الفاتحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البيئة العربية
-
نحو تأسيس المرصد المغربي للثقافة
-
المعوقات التي تحد من ابداعات المثقف العربي
-
ظاهرة العنف الممارس ضد الاطفال
-
ليبيا والقمة العربية المنتظرة بها
-
فيلم بنت مريم ً للمخرج الاماراتي سعيد سالمين .هل اصبح أسطورة
...
-
مهرجان الفيلم الوطني بطنجة في دورته الحادي عشر
-
أزمة إتحاد كتاب المغرب
-
فضاء الأنترنيت
-
مشروع قانون أمريكي لمعاقبة الأقمار الصناعية التي تبث قنوات ف
...
-
الاصلاح السياسي كمطلب وكحقيقة
-
مهرجان سينمائي عربي جديد قيد التأسيس!
-
عن التلفزيون العربي وأشياء أخرى!
-
تأسيس نقابة مستقلة للمحامين بالمغرب
-
مهرجانات سينمائية عربية ولجان تحكيمها
-
دعوات الفيس بوك
-
الأنظمة الشمولية والحريات الاعلامية في العالم العربي
-
نقد سينمائي وخبز وديمقراطية
-
ماهي الأسباب الأزمة المالية في دبي ، وتداعياتها المستقبلية ?
-
الصحافة المغربية المكتوبة
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|