|
دور المثقف العراقي في الانتخابات البرلمانية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2956 - 2010 / 3 / 26 - 14:46
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
بشكل عام، كما نرى الوضع الاجتماعي العراقي على حال لم يبق مستقرا لمدة معينة الا و السياسة دخلت في كل ثناياه و لم تدع جانب و لم تؤثر فيه و غيرت من طبيعته و معالمه، و به اهتز وتحول اثر الضغوطات المتتالية الى ان وصلنا الى ما نعيشه من الظروف غير الطبيعية التي من المفروض ان لا يعيشها اي مجتمع امن مستقر. و من المحزن ان يكون للسياسة و آليات عمل الساسة و ممارساتهم الدور الاكبر في التاثير على المثقفين و نتاجاتهم و فعالياتهم و ما يطرحونه في الحياة و ما يخص المجتمع بشكل عام . و هذا ليس ثمار الظروف الانية بقدر ما فعلته المراحل السابقة لحكم الدكتاتورية و الحزب الاوحد و المثقف الحزبي و تدخله في شؤون كافة الشرائح و استيعاب اكثريتهم في قالب معين و ترويضهم و دفعهم لاداء مهام خاص تهم السياسة و المصالح الحزبية و الشخصية اكثر من جوهر عملهم و ما يمس اختصاصاتهم ، و للاسف هناك منهم الكثير مستمر لحد اليوم على هذا المنوال و له التاثير السلبي على المرحلة، و منهم من لا ينكر حنينه الى مرحلة ماقبل السقوط . بعد التغيير و سقوط الدكتاتورية و ما كان يلازمها، و مرور اكثر من سبع سنوات لم نلمس ما يعيد وضع و حال المثقف و الثقافة الى نصابه الصحيح و عزله عن الاهداف التي لصقت به دون ان تكون في صميم عمله، لذا لابد ان نذكر ان دور المثقف في الاحداث و العمليات المختلفة الجارية على ارض العراق لم يخرج عن النطاق المحدد الذي رسمه له الاخرون و لم يخرج ايضا من القوقع المصطنع بفعل ايدي الساسة خصوصا . اي لم تكن هناك اصلا ارضية لبيان راي و موقف المثقف و بقت ادوارهم فردية او مختفية لتلك الاسباب الموضوعية و الذاتية التي تخص اخلاق و جوهر المثقف نفسه، و من ثم انخراطهم في العمل السياسي و ما اضطرتهم الظروف الخاصة بهم و صعوبات حياتهم المعيشية ، و حلول الحزب محل الحكومة في توفير ارزاقهم و مأواهم، و طبيعي ان نحس بانهم لم يثيروا اي موقف او حدث ايجابي ليعيدوا لهم دورهم الطبيعي الفعال طيل هذه الفترة من الحرية النسبية التي طغت على الاوضاع في العراق . من جانب اخر، توزيع و تقسيم المثقفين بذاتهم او نتيجة ظروف موضوعية على المكونات الاجتماعية و السياسية بعيدا عن المواقف الثقافية و الاراء و الافكار و العقليات الثقافية العامة المطلوبة في هذه الرحلة الحساسة في العراق، ازداد من اختفاء دورهم و عمٌق من تحويلهم من المثقف السياسي الى السياسي المثقف، و كل حسب فكره و عقيدته و فلسفته و مبادئه التي احس انه عثر عليها ضمن اطار فكر و منهج مكون سياسي قريب منه و مفيد له، لذا مواقفهم لم تخرج من دائرة الطريقة و السنة و الاخلاق و الايديولوجية لتلك الاحزاب سوى كانوا منتمين او موالين لها . و بفعلتهم هذه دمجوا افعالهم و مواقفهم مع ما كان يقوم به عضو حزبي قح اثناء الحملات الانتخابية ، لا بل كانوا اكثر اقناعا و تاثيرا على الاخرين لخبراتهم في طرح الاراء و المواقف و المواضيع و اختيار المكان و الزمان، لكونهم يمتلكون خلفية معرفية و ادبية تؤهلهم للتاثير على المقابل و الاكثرية البسيطة و يعودون باعمالهم الخير و البركة للحزب اكثر من المنتمين له. كم سمعنا و شاهدنا من مثقف بارز و يعد نفسه مستقلا غير منتمي الى جهة معينة و يعتبر التصويت في الانتخابات او لجهة معينة او لمرشح ما بانه واجب وطني و ديني و لم يعطي اي حق لمن يعتبره حقا من حقوقه و لا يريد اخذهه او تنفيذه، لا بل تطاول اخرون الى وصف من لم يصوت بالخائن و المتآمر و عمقوا هذا الراي و حددوا الجهة التي من الواجب اختيارها. ليس هذا الا خروج عن كل ما يمت بالمثقف والثقافة ما يخصه و تحويل الذات الى دمية بايدي الساسة حصرا. و هذا لا يعني ان المثقفين المنتمين الى الاحزاب القومية و الدينية تميزوا بذلك عن غيرهم ، لا بل تبين بشكل جلي ان المثقفين العلمانيين في هذه الانتخابات لم يدخروا جهدا في الترويج و التحليل و اتخذ بعض منهم الخنادق و المتاريس امام الاخرين و انتقلوا بحالهم الى جبهات الدعاية الانتخابية و غيروا من طورهم و كأن المرحلة هذه فرضت عليهم تاييد جهة معينة دون اخرى ، و نسوا بان هذا العمل ليس من واجبهم و اختصاصهم اصلا، و لم يبق منهم الا القلة القليلة و ظل ينظر الى الاحداث و ينتظر تصحيح المسار و الاوضاع و عودة الاختصاص اليهم و فصلها عن يعضها ، و اعادة لحم الى القصاب و الخبز الى الخباز و هو يعلم بانها تحتاج الى بداية صحيحة و من الطبيعي ان يكون المثقف في طليعة من يؤدي هذا المهام لاعادة النصاب للمجتمع الذي اختلط فيه الحابل بالنابل، و تحولوا جميعا الى الساسة من الدرجة الاولى بكافة اعمالهم و مهنهم و في مقدمتهم و للاسف المثقفون الذين كان من الواجب ان ينوروا الطريق الصحيح للجميع، و هذا لا يعني ان لا تكون لديهم افكار و عقائد و يؤمنوا بايديولوجيات سياسية معينة، و تكون لهم اراء و مواقف يعبرون بها عما يجول في خاطرهم، بل من يودع و يترك الاهم و يهتم بالمهم في لحظات حرجة سيعقٌد الامور و يُبقي الفوضى لمراحل طويلة اخرى، لذا يمكننا ان نقول ان دور المثقف و ما اقدم عليه في هذه المرحلة لم يكن مشرٌفا بل اصبح خارج المسار الذي من المفروض ان يلتزم و يهتم به، و هنا يجب ان لا نتكلم بشكل مطلق و هناك استثناءات تحملت الصعاب و بقت في الموضع الحقيقي للمثقف حتى هذه اللحظة، الا ان الاكثرية الساحقة تركت مواقعها الاصلية الخاصة بها و حولت نفسها الى ما تتطلبه الصراعات السياسية و منها السلبية ايضا .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل من متضرر في العملية الانتخابية العراقية ؟
-
ما يحصده المواطن من التعقيدات السياسية في العراق
-
دروس الانتخابات تدفع العملية الديموقراطية الى الامام
-
من اخفق في الانتخابات النيابية العراقية؟
-
ما الضير في اعادة عملية العد و الفرز للاصوات ؟
-
نتائج الانتخابات كشفت المستور للجميع
-
هل تُستغل نتائج الانتخابات النيابية لتنفيذ الاجندات المختلفة
...
-
الانتخابات كمحطة لتقييم الذات و اتخاذ القرارات المصيرية
-
من يفوز في الانتخابات البرلمانية العراقية ؟
-
البرلمان القادم يثبت الشرعية ام يكرس الحزبية؟
-
لماذا التلكؤ في حل القضية الكوردية باسم تعقيدات المسالة في ت
...
-
لمن تكون تبعية البرلماني العراقي في المرحلة المقبلة ؟
-
نقطة تحول لدور الاطراف المختلفة في العراق
-
من يدير دفة الحكم بعد الانتخابات البرلمانية في العراق؟
-
هل ستكون الحكومة المقبلة كفوءة ام ستولد من رحم المحاصصة ايضا
...
-
كيف تكون الاوضاع الامنية بعد الانتخابات النيابية المقبلة في
...
-
يشمل التغيير كافة جوانب الحياة اينما كان
-
الانتخابات تحدد توجه العراق نحو المركزية او الفدرالية
-
ارتباك واضح في تحضيرات العملية الانتخابية في العراق
-
لم تترسخ المهنية في عقليتنا و عملنا بعد
المزيد.....
-
أم سجنت رضيعتها 3 سنوات بدرج تحت السرير بحادثة تقشعر لها الأ
...
-
لحظات حاسمة قبل مغادرة بايدن لمنصبه.. هل يصل لـ -سلام في غزة
...
-
فصائل المعارضة السورية تطلق عملية -ردع العدوان- العسكرية
-
رياح عاتية في مطار هيثرو وطائرات تكافح للهبوط وسط العاصفة بي
...
-
الحرب في يومها الـ419: إسرائيل تكثف قصفها على غزة ولبنان يتر
...
-
مبعوث أوروبي إلى سوريا.. دعم للشعب السوري أم تطبيع مع الأسد؟
...
-
خريطة لمئات آلاف الخلايا تساعد على علاج أمراض الجهاز الهضمي
...
-
وسائل إعلام: على خلفية -أوريشنيك- فرنسا تناقش خطط تطوير صارو
...
-
مصدر: عمليات استسلام جماعية في صفوف القوات الأوكرانية بمقاطع
...
-
مصادر تتحدث عن تفاصيل اشتباكات الجيش السوري مع إرهابي -جبهة
...
المزيد.....
المزيد.....
|