|
أكيتو، راس السنة الكلدانية العراقية 7310
سعد توما عليبك
الحوار المتمدن-العدد: 2954 - 2010 / 3 / 24 - 10:47
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
تحتفل كل دول العالم برأس السنة الميلادية و تتعامل مع التقويم الميلادي يومياً ، و بذلك أصبحت رأس السنة الميلادية عيداً عالمياً . بالإضافة الى ذلك ، ما زالت الأمم و الشعوب تحتفظ بتقويمها الخاص و تحتفل به و تعتبره عيدها القومي و الوطني ، مفتخرة في ذلك بتاريخها و حضارتها. وقد ترتبط و تستند أعيادها القومية تلك على اساطيرها القديمة أو حوادث تاريخية مهمة ، كتولي أحد الملوك للعرش ، او عمل قام به ، أو بداية لتقويم قديم ، او بناء مدينة ما او الاستقلال و التحرر من الظلم و غيرها. فمثلاً يحتفل الكورد و الفرس و الأفغان بعيد نوروز، ويعتبرهذا العيد عند الشعب الكردي بداية السنة الجديدة 2710 وفق التقويم الكوردي و الموافق لـ 2010 ميلادية ، وتبدأ السنة في 21 أذار من كل عام، و يحتفلون به كيوم التحرر من الظلم و الإستبداد حسب اسطورة (كاوة الحداد) ، كما هي بداية لربيع جديد ايضاً. أما الفرس فيعتبرون نوروز رأس السنة الفارسية و التي تبدأ ايضاً في 21 آذارمن كل عام ، و يقال ان سبب الإحتفال به هو ان جمشيد(ملك فارسي سمي اول يوم من السنة بنوروز) وفّر ماء الحياة للناس و وعدهم بحياة ابدية، كما يعتبره البعض منهم يوم بداية الخليقة. و السنة الفارسية 2569 تقابل السنة الميلادية 2010. الصينيون ايضاً يحتفلون برأس السنة الصينية و التي تعرف أيضاً بإسم عيد الربيع، و يقيمون الإحتفالات و المهرجانات الكبيرة ، و يعتبرونه بدء لحياة جديدة و موسم الحرث و البذر و تقابل السنة الحالية السنة الصينية 4708. و يحتفل اليهود برأس السنة العبرية الجديدة ( روش هوشانا) ، و ستوافق في يوم 19 سبتمبر2010 القادم مع بداية السنة العبرية 5771. و يحتفل المصريون بالسنة الفرعونية او المصرية في 11 سبتبمبر من كل عام و التي ستصادف هذا العام السنة 6252 فرعونية ، مستندين بذلك على أول شهر توت بحسب التقويم الفرعوني الذي أبتكروه عام 4241 ق.م.
والشعب الكلداني ، هذا الشعب الرافديني الأصيل، كباقي الشعوب الأخرى يحتفل بعيد رأس السنة القومية الخاصة به ، و يطلق عليه (أكيتو) ، و الذي يصادف في الأول من نيسان ، و السنة الكلدانية 7310 تقابلها السنة الميلادية 2010 . وكانت الإحتفالات بهذا العيد سابقاً تبدءاً بالأول من نيسان و لغاية 12 منه ، ويكون الملك و ألآلهة و رجال المعابد لهم الأدوار الرئيسية في مراسيم وطقوس هذا الإحتفال.
كان فكر الإنسان الكلداني و تصوره للحياة في بلاد النهرين يتمحور حول ثلاثة عناصر أساسية وهي : الطبيعة و الآلهة و الإنسان ، و هذا يبدوا واضحاُ من خلال اسطورتي اينوما ايلش و كلكامش ، مع ايمانهم بوجود قوتين رئيسيتين تسّير الكون ، وهما قوى الخير و قوى الشر.لذا نجد ان احتفالات رأس السنة البابلية الكلدانية عبارة عن شعائر و طقوس احتفالية بالطبيعة و الآلهة و الإنسان معاً ، و تتخذ جدلية الموت و الإنبعاث عندهم اشكالاً انسانية واقعية و خاصة في علاقات الحب و الزواج عند الآلهة و من خلال تأليه الملوك و هبوط الآلهة الى العالم السفلي حيث يعيش الإنسان.
لذا فقد كان لهذا العيد و طقوسه أهمية كبيرة لدى الشعب الكلداني و كافة الأقوام التي سكنت بلاد ما بين النهرين ، بصفته رمزاً عظيماً و تعبيراً عن الفكر الإجتماعي و السياسي و الديني في مجتمعاتهم.
و لما كان الإحتفال بعيد أكيتو، رأس السنة الكلدانية يمتد لمدة اثنا عشر يومأً ، بدءاً بالأول من شهر نيسان و الى الثاني عشر منه ، فإن الإحتفال به اليوم بنفس الطريقة السابقة يعد من الأمور المستحيلة نظراً لما طرأ على الإنسان من تغيرات فكرية واجتماعية و دينية و علمية غيرت من طريقة تصور الإنسان لحركة الطبيعة و تفسيراته لتركيبة الكون و طريقة الخلق، بالإضافة الى اختلاف اسلوب و معيشة الانسان وعلاقته الذاتية مع الخالق. لذا فإستذكار العيد و الإحتفال به اليوم يعبر عن احترامنا و اعتزازنا بتاريخنا و حضارتنا الكلدانية البابلية العريقة و إفتخاراً بمنجزات أسلافنا العظام الذين قدموا للبشرية الكثير من العلوم و الفنون ، كما هي فرصة لبث الوعي القومي و الوطني و تقوية الأواصر الإجتماعية بين ابناء هذه الأمة. و لما كان تأريخ العراق و بلاد الرافدين يعود الى العام 5300 ق.م حيث الكلدان الأوائل و السومريين ، فإن الإحتفال به يجب ان لا يكون مقتصراً على الكلدان فقط ، بل لكل الشعب العراقي بكافة قومياته المتآخية ، لأن هذا التاريخ يشمل كل الحضارات المتعاقبة على ارض الرافدين من الحضارة الكلدانية و السومرية و الأكدية و البابلية و الى يومنا هذا ، و هذه الحضارات هي ملك كل العراقيين و مصدر فخره و اعتزازه.
و في الختام وبمناسبة حلول عيد أكيتو ، رأس السنة الكلدانية البابلية العراقية ، 7310 أقدم لكل العراقيين و لأبناء شعبنا الكلداني خصوصاً أحر التهاني وأجمل التبريكات ، داعياً من الرب ان يعيده على الجميع بالخير و السلام.
نيسان/7310 كلدانية – 2010 ميلادية
#سعد_توما_عليبك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكرى مذبحة صوريا ، استذكار لشهداء الأمة الكلدانية
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|