أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الحاكم العادل















المزيد.....


الحاكم العادل


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2954 - 2010 / 3 / 24 - 00:22
المحور: كتابات ساخرة
    


لم أشاهد في حياتي خطاطاً انكليزياً يخطط آيات من الإنجيل ليهديها إلى رئيس الجمهورية مرصعة بماء الذهب أو مسبحة إلى رئيس الحكومة الفرنسية مصنوعة من الياقوت , ولم أرَ في حياتي رجلاً اسبانياً أهدى رئيس الجمهورية أو الحكومة الاسبانية عباءة من صنع الأسبان القدامى مرصعة خيوطها من خيوط الحرير , ولم أسمع عن يابانياً كتب قصيدة شعر في رئيس الحكومة فقام رئيس الحكومة بتعيينه وزيراً للثقافة والشباب , ولم اسمع في حياتي عن رئيس دولة محترم يجلس على عرشه نصقرن أو ربع قرن لم يخسر خلال حياته ولا معركة انتخابات واحدة , ولم أقرأ عن فيلسوف يوناني قام بتأليف كتاب عن معجزات وأعمال رئيس الجمهورية اليوناني , ولم أقرأ في حياتي عن جماعات تقفُ طابوراً أمام القصر الجمهوري في إسرائيل وهي تتقدم بطلبات مساعدات ماليةٍ ولم اسمع عن متسولين يقفون أمام البيت الأبيض يطلبون مساعدات ماليةٍ لأداء فريضة الحج إلى بيت المقدس,أو مواطناً أمريكياً يهدي الرئيس الأمريكي إنجيلا مرصعاً بالماس وبالذهب , لقد سمعتُ عن بعض رجال الأعمال يقومون بإهداء بعض رؤساء الدول العربية قرآناً مرصعاً بالذهب بقيمة 10آلاف دولاراً أمريكياً , وبنفس الوقت سمعتهم يتهكمون على شخصي لأنني قلت لأحدهم مرة: أعطني أنا 1000دينارٍ أردني لكي أقوم بتأليف رواية عن تاريخ الأردن الاجتماعي والسياسي فنظر لي وقال: هو في حدى هذه الأيام بقرا كتب وروايات ؟!, فقلت له نعم أنا واحد من بين ألوف , والمهم في الموضوع أن ذلك الرجل ليس رجل دين ولكن القرآن أصبح وسيلة للدجل على بعضنا البعض من أجل إثبات صدقه ونواياه الحسنة للحاكم من أنه لا يميل إلى أي منهج فكري أو سياسي أو رومانسي .


ولم أشاهد في حياتي رئيسَ جمهورية يستدعي دجالاً ليقرأ على رأسه آيات من الإنجيل المباركة لطرد الفيروسات أو الجن أو العفاريت , أو دجالاً مسيحياً في الدول العربية يبيع رُقيات من الكتاب المقدس لطرد الأرواح الشريرة وفاتح في داره غرفة بخور وند وجذب وشد للأرواح وللمخلوقات الأخرى التي لا تظهر للعيان ولا حتى تحت الأشعة الحمراء أو البنفسجية أو الكحلية أو الزرقاء , ولم أشاهد حاكماً أمريكياً يعلن عن جائزة حفظ الإنجيل عن ظهر قلب غيباً , ومع ذلك مُدنهم عصرية ومتحضرة , ولم أشاهد طوال حياتي رئيساً لأي دولة غربية يخرج للشارع بعد الحرب العالمية الثانية أو ما بعد حرب الخليج والناس تلاحقه وتهتف باسمه , بل أشاهده مواطناً عادياً يدخل السوق ويخرج منه ويقف أمام محطات الوقود ولا يستمر في منصبه لأكثر من أربع سنوات أو ثمانِ سنوات , والناس لا تهتف بالشوارع بأسماء الرؤساء لأن كل مواطن يأخذ حقه ويعيش حياته الطبيعية , أما في معظم الدول العربية فالحُكام يحرمون الناس من الحياة الطبيعية التي يحبونها وبالتالي يفتقدُ المواطن العربي إلى الحياة الكريمة وحين يشاهدُ مسئولاً أو رئيساً للدولة أو وزيراً يهتفُ باسمه لاعتقاده من أنه سينال رضاه وسيحصلُ على كل ما يريد.

وهل شاهد أحدٌ منك مواطناً إسرائيليا يأت بقصيدة شعر من 100بيت ليمدح بها فخامة الرئيس النتن ياهو أو إسحاق رابين أو موساديان ؟, أو شاعراً جاء في زمانه إلى (ديغول) في الاليزيه مادحاً ؟أو شاعراً انكليزياً جاء إلى (تشرشل) مادحاً إياه ؟ أو رجلاً فرنسياً يقفُ في قاعة المرايا يغني للرئيس الفرنسي أغنية (...) .

إن الحاكم الديمقراطي هو الحاكم الذي لا يستعمل الدعاية لنفسه في تسيير أمور شعبه وفي فرض نظامه بالدعاية المضللة وبقوة السلاح, وهو الذي لا يلجأ إلى بث الفتن والمشاكل بين صفوف شعبه وهو الذي لا يتجسس على المثقفين وعائلاتهم لاستثمار معلومات التجسس لإثارة القلاقل من خلال أجهزته الأمنية لكي يعرقل أعمالهم من خلال إثارة الفتن العائلية , والحاكم الديمقراطي هو الحاكم الذي لا ولن تجده في الدول التي تنطقُ باللغة العربية .
الحاكم الديمقراطي هو الذي يمشي في السوق كما يمشي أي مواطن عادي أو كما يمشي أي حاكم إسرائيلي في تل أبيب أو باريس أو لندن ,والحاكم الديمقراطي هو الحاكم الذي يتمتع بمزايا المواطن العادية والذي يتعرض للسين وللجيم في حالة وقوع أي مشكلة مالية كما يحدث لأي حاكم إسرائيلي في أي حكومةاسرائيلية سواء أكانت ليكودية أو عَمَلية, وكما يحدث لأي حاكم في لندن أو باريس.

والحاكم الديمقراطي هو الحاكم الذي تجد في مدينته ملاهٍ ليلية وحرية للنساء وللرجال وحياة طبيعية وتربة خصبة في أرضه للحب وللعاطفة وللحنين كما يحدث في أي مدينة إسرائيلية .

والحاكم الديمقراطي هو الحاكم الذي تجد في دولته عشرات المعابد لكافة الأديان والمعتقدات الفكرية على شكل أندية ثقافية أو حزبية سياسية ,ومئات المؤسسات المدنية الحاكمة كما هو الحال في تل أبيب, أو أي دولة في أوروبا من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها.

والحاكم الديمقراطي هو الحاكم الذي تجد في دولته عشرات النشرات الثقافية كما هو الحال في حيفا ويافا والمدن الأوروبية , والحاكم الديمقراطي هو الحاكم الذي يدعم البحث العلمي أكثر من دعمه للحبوب المقوية للجنس, وهو الذي يستعمل العلم النافع أكثر مما يستعمل البخور وأعواد الند وهو الحاكم الذي يخرجُ من بيته إلى أي بيت ومنزل دون أن تجده الناس بالتحية والسلام والهتافات الكاذبة كما هو الحال في تل أبيب وضواحيها وكما هو الحال في أي مدينة أوروبية .

والحاكم الديمقراطي هو الحاكم الذي يجلس على كرسي الحكم أربع أو خمس سنوات ومن ثم يصبح مواطناً عادياً بعد نتيجة الانتخابات أو أن يصبح رئيساً من جديد لفترة لا تتجاوز الفترة السابقة وهو الحاكم الذي ينجح نجاحاً عادياً في الانتخابات وبفوارق معقولة وليس الذي ينجح بنسبة 99% أو 96% أو95% من أصوات الشعب بل الذي ينجح بنسبة 52% 70% 60% كما يحدث في الدول المتقدمة أو في كل دول العالم ما عدى الدول العربية.

والحاكم الديمقراطي هو الحاكم الذي يعرف حدوده ومؤسساته المختصة فلا يتدخل في ما لا يُعنيه , فلا يتدخل في الفنانين والفنانات ولا في انتخابات النقابات واتحاد الكتاب ولا يتدخلُ في الشؤون الرياضية , ولا في أقلام الكُتاب فلا يبيع ولا يشتري في سوق الكُتّاب والمبدعين ولا يبيع ولا يشتري في أسواق النخاسة الحديثة ولا يتدخل في شؤون غيره من الناس ولا يعطي أوامره للكلاب لتبدأ بالنباح أو الذئاب لتبدأ بالعويل.

والحاكم الديمقراطي هو الحاكم الذي يعمل من أجل مصلحة الشعب ولا يعمل من أجل زيادة مركزية حكمه , والحاكم الديمقراطي هو الحاكم الذي يسكن في شقة عادية وله مخصصات عادية , والحاكم الديمقراطي هو الحاكم الذي لا يهتف باسمه أحد لا في الشوارع ولا في ملاعب كرة القدم وهو الذي يدير دولته كما يدير أي مدير مؤسسة مؤسسته.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحاكم الفردي القمعي الجلاد المستبد العادل
- لو أن بني أمية انتصروا على الهاشميين
- ملح وسُكر
- إلى كل أم في عيد الأم1
- رجل من أهل النار
- المجتمع المدني الاسلامي
- بيته مقابل مسجد الأبرار
- الجيوش العربية1
- توقفوا عن بناء المساجد
- أنا غيور على الاسلام
- الطفل الذي ابتلع عشرة قروش
- الاسلام يُفرّق بين الأخ وأخيه
- الاسلام ضد كل شيء
- امرأة وأربعة رجال
- الختيار والختياره
- النجاح في التعليم والفشل في التربية
- هذه كنيسة أم مركز مساواة أم صالون تجميل سيدات
- الاسلاميون يراقبون الإنترنت والشارع العام والفضائيات
- الاسلام دين العاطلين عن العمل
- الدين الإسلامي دين العاطلين عن العمل


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الحاكم العادل