أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - موسم الهجرة إلى الشام














المزيد.....


موسم الهجرة إلى الشام


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2953 - 2010 / 3 / 23 - 11:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


قصة طريفة دائما ما أتذكرها حين يلوح أمامي الوضع اللبناني، إذ يحكى أنه، وذات مرة أن شاباً ألقى القبض على لص داخل "حوش" منزله، فنادى على أبيه: أبي... أبي لقد أمسكت بحرامي، فماذا أفعل به، قال له اضربه، فقال الشاب، لا أقدر عليه فهو قوي، فقال له هاته إلى هنا، وأنا سأتدبر أمره، فقال له إنه لا يأتي معي، فقال له أذن اتركه وشأنه، فقال له إنه لا يتركني.

وهذا هو حال لبنان مع سورية، أو حال سوريا مع لبنان. فلبنان البلد "الحر المستقل" متمسك بسوريا، لا يريد ترك سوريا، ولا يعرف كيف يعيش، ويبدأ يومه من دون الشام، ودائما "مرجوعه" إلى الشام. وإذا ترك سوريا، أو تركته سوريا فهو يتخبط ولا يعرف كيف يعيش، وتبدأ المشاكل والقلاقل. هذا الارتباط العضوي اللبناني بسوريا يجب أن يدركه فقهاء الصوت السياسي العالي في لبنان، بكل واقعية وبراغماتية سياسية، كي لا يقع البعض في أية حال من الإحراج، والتراجع عن مواقف لم يكن بمستواها في يوم من الأيام، والكلام أمام الميكروفونات والكاميرات، يختلف كثيراً، عما هو متوفر، على أرض الواقع من أوراق ومعطيات.

لقد خرجت سوريا من لبنان، بمحض إرادتها في العام 2005، على أمل الراحة والخلاص من الهمّ اللبناني، لكن بعض اللبنانيين، أصر مستقوياً بالعم بوش، على ألا يترك سوريا بحالها، وأصر على وضع رأسه برأس السوريين، فماذا كانت النتيجة؟ مهازل سياسية من العيار الثقيل، وطلب العودة أفواجاً وأفواجاً إلى الحضن الشامي. رأينا كيف أن أبطال ورموز تلك "الهبة" الاستقلالية باتوا يتقاطرون على الشام فرادى ومثنى وجماعات، ويصطفون بطوابير طويلة على أبواب الشام علها تصفح وترضى عنهم، وتسمح لهم بالدخول وتفتح لهم البوابات. فأين ذهبت كل تلك العنتريات واستعراضات القوة والكلام الكبير الذي سمعناه من البعض؟ وأين اختفت كل تلك البلاغة الخطابية الحربجية؟ ولماذا سكتت كل تلك الأصوات التي رفعت الصوت وعربدت وأرغت وأزبدت ذات يوم في سماء المنطقة لكن تبين أنها لم تكن سوى فقاعات هواء وبالونات لاختبار القدرة على الصراخ، و"العياط"، ومعرفة مدى الصدى وحسب، وليس لاختبار أي نوع من القوة على الإطلاق.

قيل الكثير، وخرجت تعليقات شتى، وتجهبذ بعض دراويش السياسة وبهاليلها كثيراً، حول هذا التطور وواقع الحال بين الأمس واليوم، بعضها ما هو حانق وغاضب وغير مصدق ومصدوم، و"زعلان"، وبعضها شامت، وبعضها ما هو حيادي وموضوعي، ولكن ما يمكن القول هاهنا وبعيداً عن أية تأويلات، هذه سياسة ون يعمل بالسياسة، ويعتقد بأنه محلل سياسي بارع، ومفكر استراتيجي خارق، عليه ألا ينزعج مطلقاً من قوانين السياسة الصارمة التي لا ترحم، ولا تعبأ بالعواطف والتمنيات والرغبويات، ولا تعطي بالاً للغرائز الشخصية والانفعالات الذاتية والعقد النفسية، فالسياسة كانت دائماً، فقه المصالح والقوة، وحسب، فليس فيها صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، لكن فيها، بالتأكيد، مصالح دائمة، هذا هوعلم السياسة الذي لا يحابي أحداً ولا يصب في مصلحة أحد ولا يجامل أحداً، ولا يقال إرضاء لزيد أو عمر من الناس. ومن أدرك هذا الواقع، كان سياسياً بحق، وكان ناجحاً على الدوام، ولن يقع في متاهات التراجع، واحتمالات الخطأ والصواب، ويجنب نفسه، بالطبع، ترديد خطاب التأتأة والفأفأة.

ليس ثمة اعتذار في عالم السياسة كما هو معلوم، ولا تعترف السياسة بكل هذا الكلام، وما يبدو اعتذاراً هو في الحقيقة إقرار بواقع جيوسياسي، بداً غائماً ومضطرباً وضبابياً في لحظة ما، على البعض. الاعتذار هنا هو إدراك متجدد، بشكل ما، لذاك الواقع الجيوسياسي وإعادة النظر إليه من زاوية دقيقة وصحيحة.

لم تكن سورية من حيث الأصل والمبدأ بحاجة لاعتذار من أحد، ولم تفرض على أي كان أي اعتذار، ومن اعتذر فهو فعل ذلك لأنه أدرك الواقع بشكل صحيح. وبالمناسبة، أي اعتذار لن يزيد سورية قوة، كما أن تلك المواقف المتشنجة التي لا زال البعض مصراً عليها في لبنان لن تضعف سوريا. وأي اعتذار حالي، أو سابق، ومستقبلي هو شيء رمزي بحد ذاته لا يقدم ولا يؤخر، لكنه، بالمطلق، والمحصلة، ونكرر، تعبير عن حال جيوسياسي ليس إلا.

ورحم الله امرؤ، وبلداً، عرف قدر نفسه.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إياكم والتمسك بالأخلاق والتقاليد العربية الأصيلة
- لماذا لا يلغى مؤتمر القمة العربي؟
- دول الخليج واللعب بالنار
- متى سيكون الرد السوري؟
- مسلسل ضاحي خلفان
- مبروك للحوار المتمدن
- هل تعرف مكان يحتاج مسجد؟
- هل ستقود السعودية راية التنوير في المنطقة؟
- الموساد واجتياح دبي
- الحوار المتمدن: والقضاء على عملية تبييض المقالات
- أثرياء العرب ومشاهيرهم بين الإرهاب والجنس
- أين أثرياء العرب ومشاهيرهم من العمل الخيري؟
- ما الحاجة لوزارات الإعلام؟
- لماذا لا يكون وزير الثقافة علمانياً؟
- خبر عاجل: إنشاء أول محطة عربية لتوليد الطاقة الجنسية
- الموطوءة
- تشييع الحلم العربي إلى مثواه الأخير
- خبر عاجل: خروج العرب من تصفيات كأس الأمم الحضارية بفارق 1400 ...
- ماذا لو استدعي رئيس مصر القادم لمحكمة جرائم الحرب؟
- لماذا لا يسجدون؟


المزيد.....




- ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد ...
- إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت ...
- كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
- روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا ...
- فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين ...
- رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال ...
- سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف ...
- سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق ...
- السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا ...
- الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - موسم الهجرة إلى الشام