أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال غبريال - تغيير أم صراع على السلطة؟















المزيد.....

تغيير أم صراع على السلطة؟


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 2953 - 2010 / 3 / 23 - 07:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


يتحدث البعض عن استراتيجية للتغيير، وعن "جمعية وطنية للتغيير"، وهذا رائع ولا شك، فمصر تحتاج بالفعل لتغيير شامل وعام في جميع مجالات الحياة، بدءاً من تغيير واقع الشارع والحارة المصرية، بما يسودها من فوضى وعشوائية، وتعاملات أبعد ما تكون عن الصدق وأبسط مبادئ الأخلاق والالتزام، صعوداً لأعلى المستويات، أي ما نعرفه بالمستوى السياسي، الذي يحتله جماعات من المنتفعين والفهلوية، الذين يأكلونها والعة ومطفأة أيضاً!!
يقول راعي "جمعية التغيير" أن "الذين شاركوا فى هذا الاجتماع التأسيسى، إن صح التعبير، لم يأتوا من فراغ وإنما كان وراءهم جهد تنسيقى متراكم". . هذا جميل ومحبط في آن، جميل أن نعلم ربما للمرة الأولى أن هناك من يبذل جهوداً للتغيير، ويقوم بمراكمة وتنسيق تلك الجهود، من أجل انتشال الشعب المصري من هوة التخلف، التي يزداد يوماً فيوماً غوص البلاد والعباد وتورطهم في أوحالها. . لكن المحبط في الأمر فعلاً أن يتمخض الجبل التراكمي الذي يتحدث عنه هؤلاء فيلد فأراً!!
ربما الفأر الذي أنجبه هؤلاء وليد جيد ولا بأس به، فنحن نحتاج الفئران لقرض بعض خيوط شبكة التخلف الملتفة حول أعناقنا، لكن إن كان هذا الفأر هو أقصى ما تستطيع النخبة المصرية إنجابه، من خلال مجهوداتها المتواصلة المتراكمة كما يتحدث صاحبنا، فبئس تلك النخبة، وبئس التغيير المبتغى على يد هؤلاء، بل وبئس المستقبل إذا ظل أمثالهم في مقدمة مسيرة مبتغاة للتغيير!!
الفأر الذي تمخض عنه جبل التغيير الذي يدعيه هؤلاء، هو فقط رفض التوريث للسلطة في مصر. . لذا نقول أنه فأر جيد، نحن بالفعل في أشد الاحتياج إليه. . يحتاج جيلنا في بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة، أن يحقق ما أقسم عليه أحمد عرابي في بداية العقد التاسع من القرن التاسع عشر، وهو "أننا لن نورث ولن نستعبد بعد اليوم". . هي خطوة كبيرة بالفعل أن نكف عن أن نكون متاعاً يورث، أو عزبة إقطاعية يتوارثها العسكر وأبناؤهم. . لكن هل هذا هو كل شيء؟. . هل كل ما تحتاج إليه مصر الراسبة بجدارة في امتحان التحضر والتطور، أن نستبدل من هم على كراسي الحكم حالياً، ببعض ممن يقفون خارجه، يمارسون الصياح والشجب والتنديد؟. . هل هذا وحده كفيل بمنع تصادم القطارات وغرق العبارات، وآلاف حوادث القتل على الطرق السريعة والبطيئة، ووقف تدهور كافة مجالات حياتنا، بداية من العلاج والتعليم والبطالة، وصولاً إلى حالة القضاء والمنظومة التشريعية بمجملها، وليس انتهاء بقنبلة الالتهاب وليس مجرد الاحتقان الطائفي؟!!
نعم تطوير آليات تداول السلطة السياسية لابد وأن يترتب عليه بالتبعية تطور في نواح عديدة من حياتنا، لكن ما لا يغتفر لنخبتنا المتصدرة للصياح والتغيير، خاصة وأن في مقدمتها من يحملون لقب بروفيسير في العلوم السياسية، هو أننا لسنا في عصر الرجل أو الرجال الأفراد وإنجازاتهم، لكننا في عصر المؤسسات والنظم والعلاقات، التي إذا ما أسسناها على الصورة الأكمل، فلابد وأن يضطر الرجال مهما كانت نوعيتهم، إلى السير على هداها، وإلا سيجدوا أنفسهم عاجلاً أو آجلاً مطرودين خارج الحلبة!!
هل يتصور من يستنهضون الشعب الآن للمطالبة بالتغيير، أن ما يخنق مصر وقد يجعلها إذا استمر الحال على هذا النحو مرشحة لأن تكون دولة فاشلة، هو مجرد رداءة شخوص القائمين على الأمور؟!
أتصور أن من يمكن أن يجيبوا على هذا التساؤل بالإيجاب هم فقط السذج والسلماء. . بل وربما يجدر بنا هنا قول كلمة حق وحقيقة، هو أن كثيرين ممن يتصدرون الآن لتسيير أمور البلاد، هم من خيرة رجال مصر ومستنيريها وشرفائها. . نعم هناك أضعاف أضعافهم من عينة أخرى، لا داعي للتفصيل في ذكر صفاتهم ومنطلقاتهم، فما نريد التركيز عليه هو أن المسالة أو المشكلة المصرية، لم ولن تكون بالدرجة الأولى مشكلة رجال، وإن كان لابد وأن تكون كذلك بالدرجة الثانية أو الثالثة. . هي مشكلة ثقافة سائدة، وعادات وتقاليد ونظم وعلاقات وقوانين ودستور. . هي أيضاً مشكلة سلوكيات مصرية فاسدة وعشوائية، تبدأ من القاعدة. . من القرى والنجوع والأزقة والحارات والأسواق والدكاكين والورش الصغيرة، لتتصاعد للمصانع والوزارات ومجمع التحرير بما يحوي ومن يحوي، لتصل في نهاية لابد منها إلى القصر الجمهوري.
إذا عدنا إلى السادة رموز وأركان ما قدم للناس على أنها "الجمعية الوطنية للتغير"، والذين لم يتكرموا علينا، أو لم يتراكم لديهم (على حد تعبير كبيرهم) سوى الدعوة لتغيير يتيح تداول السلطة، فهل لنا أن نتيقن بأن هذا التداول إن حدث، سيأتي برجال أكثر قدرة، وأكثر إخلاصاً في عملية التغيير الحقيقي للواقع المصري؟
الإجابة المثلى على هذا السؤال هو كلمة "ربما"، وهي إجابة مبشرة ولاشك، خاصة في ظل حالة اليأس والإحباط التي أصابنا بها القائمون على أمورنا الآن. . فأن نتحرك من وضع اليأس التام، إلى وضع "ربما" يكون أفضل، هو بلاشك نقلة ولو طفيفة للأمام. . لكن مع الأسف لن يدوم هذا التفاؤل الحذر، إذا ما تأملنا في تشكيلة الشخصيات التي تتكون منها "الجمعية الوطنية للتغيير"، وهي الشخصيات المرشحة بلاشك لأن "تتمجلس على الكراسي" في حالة نجاح عملية التغيير المنشود في آليات تبادل السلطة في مصر.
لقد تذكرت هنا مقطع من أغنية في مقدمة مسلسل تليفزيوني قديم، يقول: "سكان العمارة تشكيلة غريبة. . فيهم الأمارة، والناس العجيبة. . . ."، نجد فيهم ذوي اللحى الخفية والمستترة، والذين يتمثل التغيير والإصلاح في مفهومهم، في العودة بنا إلى نظم وتشريعات كانت متبعة يوماً لدى تجمعات بشرية محدودة في القرن السابع الميلادي. . ونجد أصحاب الحناجر فائقة القدرات، ممن يزعقون بشعارات معارك الستينات الوبيلة، والمنادين بعودة رأسمالية الدولة، وعدالة توزيع الفقر على الشعب، وعدالة اقتسام المنهوب منه على ثواره ومناضليه. . ونجد فيهم من لا يعرف من التغيير غير إعلان الحرب الساخنة والباردة على إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل، ولا يعرف ولا يكترث بتأثير فيروس الكبد الوبائي والفشل الكلوي وسائر قائمة الأمراض المنتشرة، على صحة الجنود الذين سيواجهون إسرائيل وضفتي المحيط الأطلنطي وربما الهادي أيضاً، ومن هؤلاء أيضاً نجد أبواق المقبور صدام حسين، وأسرى فضل وهبات القذافي ملك ملوك أفريقيا. . سنجد أيضاً الباحثين عن دور عربي وإسلامي ريادي لمصر في المحيطين الإقليمي والعالمي، في حين لا دور يذكر للحكومة المصرية في الدويقة التي تنهار على رؤوس ساكنيها، ولا في نجع حمادي ومرسى مطروح، حيث الكلمة الأولى والأخيرة للقبائل العربية والبدوية، تحمي الأقباط تارة، وتعمل فيهم حرقاً وتدميراً وتقتيلاً تارة أخرى، دون أن تجسر الدولة المصرية العريقة في الطغيان، أن تقر سيادة القانون والعدالة. . كما نجد وسط أشاوس "الجمعية الوطنية للتغيير" أيضاً مطاريد الحزب الحزب الوطني، الذين صبروا على البقاء بين صفوفه، حتى تأكدوا أن لا نصيب لهم من كعكة الوطن المنهوبة، فتحولوا إلى طلاب تغيير وتداول سلطة!!
هل ما يجري الآن بالفعل دعوة للتغيير الحقيقي، الكفيل بنقل مصر من عصورها الوسطى إلى عالم الألفية الثالثة، أم هو مجرد صراع على السلطة، بين المهمشين والمطرودين والذين انتهت صلاحيتهم وصلاحية ما يحملون من أفكار وشعارات، وبين الممسكين بزمام الأمور، يرضعون بشراهة من ضرع البقرة المصرية، تلك التي كانت يوماً بقرة حلوب، قبل أن يقفز على ظهرها العسكر والمغامرين وشذاذ الآفاق؟!!



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يتناقض الدستور
- ثقافة الصدام المنقرضة
- البلطجة باسم الإله
- نحن والوطن
- الإخوان واستراتيجيتهم الحربائية
- -عنزة ولو طارت-
- هل نعشق الحرية؟
- المرأة والرجل والسيرك
- محاولة اختطاف البرادعي
- تشريح جثة التخلف
- كتاب كمال غبريال: العولمة وصدمة الحداثة
- حركة كفاية والمهزلة الحنجورية
- إشكالية الفتاوى الدينية
- أزمة الإنسان الشرقي
- فرصة ذهبية للمشاركة
- تجفيف منابع الغوغائية
- بين الماضي والحاضر
- الأقباط وهندسة رد الفعل
- خبراء الزمن الأغبر
- العقاب وحده لا يكفي


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال غبريال - تغيير أم صراع على السلطة؟