|
تشكيل الحكومة العراقية بين الحاصل والفاصل
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2952 - 2010 / 3 / 22 - 15:47
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
مفوضية الانتخابات المستقلة وكذلك قانون الانتخابات يفترض ان يكونا الضمان الثابت لحماية حقوق الناخب العراقي من اي تلاعب ، وبذلك تنمو وتصان وتعزز الحياة الديمقراطية في البلاد ، وهذا ما عول عليه الناخب العراقي ، الذي خرج متحدياً كافة المخاطر والصعاب ، واضعاً قبلته صناديق الاقتراع ، وادلى بصوته املاً بحصول التغيير عبر تشكيل البرلمان والحكومة الجديدين ، ولكن ما ان بدأت العملية الانتخابية حتى برز للعيان شبح المحاصصة المقيتة معشعشاً في اداء المفوضية ، بدءاً من تعينات الموظفين ومسؤولي مكاتب الاقتراع ، الى السلوك الاداري الذي يتسم بالتجاوز حتى على الحقوق الدستورية ، اما قانون الانتخابات سيئ الصيت والمنسجم الى حد بعيد مع الاداء المزاجي للمفوضية ، فهو الاخر قد اسس لدكتاتورية الكتل الكبيرة رغماً عن انف الدستور . وقد اخذت مظاهر التعددية بالانحسار كنتيجة منطقية لمصادرة القواعد الديمقراطية ، وابرز تجليات ذلك ما حصل من اختلاس لاصوات القوائم غير الحاصلة على القاسم الانتخابي ، وكذلك اعطاء المقاعد التعوضية الى القوائم الكبيرة بعد ان كانت من حصة القوائم الصغيرة ، وشطب عشرات الاف الاصوات التي تعود للكيانات الصغيرة بحجج واهية ، اما العد والفرز فقد ظهرت النتائج بصور لا تتطابق مع ما سجله ممثلو الكيانات في العديد من مكاتب الاقتراع ، ومن جراء ذلك راحت حتى القوائم الفائزة تشكك بالنتائج التي تعلن ، مما حدا ببعض القوائم وبخاصة الفائزة منها الى المطالبة باعادة فرز الاصوات . ان هذا الحاصل قد ابعد الحد الفاصل ما بين النتائج النهائية وتشكيل البرلمان ، وبمعناه الواضح قد دفع تشكيل الحكومة الى مسافة خلفية ، يبدو غير مقدر بُعده الزمني ، وربما ليس بالمستطاع التكهن بما سيترتب على ذلك من عواقب سيدفع ثمنها الشعب الذي انتخب هذه الكيانات التي لاتجازيه عادة الا بانتاج المزيد من المشاكل ، التي مبعثها قطعاً تصادم المصالح الحزبية والفئوية الضيقة ، وفي ظل هذه الجلبة يمضي متسارعاً سباق الارقام بين القوائم المتصدرة نحو هدف الوصول قبلاً الى استلام راية تشكيل الحكومة ، ولكن دون ان يضع المتسابقون في حسبانهم بان حسم هذا الامر ليس بحصول قائمة معينة على اكبر عدد من الاصوات ، وانما بحصول ائتلاف اكبر عدد من الكيانات الفائزة في داخل البرلمان ، وفي ركاب ذلك صار دخان التصريحات المشتعلة بين الكتل المتنافسة يضيق انفاس المواطنين ، مما يبعث على عدم الاطمئنان بقرب تشكيل الحكومة . ان نصيب من يريد تشكيل الوزارة الجديدة مرهون بحصوله على قناعة القوائم الاخرى الفائزة ، ويبدو ان تجربة المالكي تتشابة كثيرا بتجربة الجعفري ، الذي لم يؤسس علاقة سليمة مع الكتل الاخرى ، الامر الذي دعا تلك الجهات الى الاصرار على استبداله مع ابقاء منصب رئيس الوزراء من حق حزب الدعوة ، وما اشبه اليوم بالبارحة حيث يعاني المالكي من علاقات مع الكتل الاخرى تخلو من شحنة القبول به لترؤس الحكومة المقبلة ، ولكن ليس ثمة اعتراض على ان تكون هنالك شخصية اخرى من حزب الدعوة لهذا المنصب ، هذا ما تطرحه اغلب الكتل ، اما بخصوص اياد علاوي فهو يقيّم ضمن كتلته ، التي توجد خطوط حمراء على بعض اطرافها ( الكتلة العراقية ) التي يترأسها لكونهم ممن لا يخفون امالهم بعودة البعث الى الحكم ، اي بمعنى من المعان عودة الدكتاتورية وحكم الحزب الشمولي الواحد ، وهذا مبعث الخشية على مستقبل العملية السياسية لدى كافة الكتل التي لا تخفي التعبير عن هذه المخاوف . وفي خضم هذا الاضطراب السياسي الذي يلف العملية السياسية في العراق ، والذي يأتي معاكساً لارادة العراقيين ، الذين تحدوا مختلف الصعاب ، ومارسوا حقوقهم الديمقراطية واتمّوا العملية الانتخابية ، في هذا المناخ الرمادي يستطيع المتابع السياسي ان يلمح احيانا في الافق تحركاً لحلحلة الازمة ، ولكنه ضمن اكثر من سيناريو محتمل ، وان الاقرب منها الى الظهور هو اعادة توحد كتلة الائتلاف الوطني وكتلة ائتلاف دولة القانون بوجود شخصية غير المالكي لتشكيل حكومة اغلبية برلمانية ، اما السيناريو المحتمل الثاني هو التحاق التحالف الكردستاني بالائتلافين وتشكيل حكومة وحدة وطنية ، وفي هذه الحالة ليس امام الكتلة العراقية الا ان تبقى على رصيف المعارضة البرلمانية ، اذ انها لا تمتلك اساسات متينة مع باقي القوائم تؤهلها لمهمة تشكيل الحكومة حتى وان حصلت على اصوات اكثر من غيرها .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعلان الفوز المسبق .. محاولة للقبض على عمود من دخان
-
لا مناص من الاعتصام بحبل التداول السلمي للسلطة
-
قائمة اتحاد الشعب .. مهما كانت اصواتها فهي فائزة
-
اذا ما كان الناخب مرتشياً فما شيمة النائب الراشي ؟
-
تجليات سياسة الادارة الامريكية في ازمة المجتثين 2 - 2
-
تجليات سياسة الادارة الامريكية في ازمة المجتثين 1 - 2
-
موفق الربيعي لم يوفق في دعايته الانتخابية
-
قائمة اتحاد الشعب تتألق
-
الازمة العراقية ازمة سياسية ام ازمة قيادة ؟؟
-
خلافات داخلية وتسارع التدخل الخارجي
-
ضجة مضللة على ناصية العملية السياسية
-
لا ينبغي تكرار برلمان مصاب بداء نقص النصاب
-
الاحزاب الصغيرة وفلك الائتلافات الكبيرة
-
ثورة الحشود المليونية الايرانية تعيد مجدها ولكن
-
يتصارعون حول تقاسم البيدر قبل الحصاد
-
الاموال الطائلة المهدورة وطائلة القانون
-
ايران ولذة العدوان على الجيران
-
احزاب عبرت على ظهر الديمقراطية ثم رفستها !!
-
الازمة الاعراقية .. سبب و نتيجة وهدف !!
-
مقاعد تعويضية ام وسيلة تقويضية !؟
المزيد.....
-
تقرير: ضربات إسرائيل على لبنان -أكثر كثافة- من غارات أمريكا
...
-
إنذارات إسرائيلية جديدة لسكان الضاحية الجنوبية في لبنان
-
الجيش الإسرائيلي يشن غارات جديدة على أحياء في الضاحية الجنوب
...
-
تواجد مع صفي الدين بمخبأ عميق خلال قصف بيروت.. فمن هو رئيس ا
...
-
-حزب الله- ينفذ 23 عملية نوعية ضد الجيش الإسرائيلي وتمركزاته
...
-
قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية استهدفت منازل ومدرسة تؤوي نازح
...
-
صدمة بإسرائيل.. مسيرة عراقية تقتل جنودا
-
المغرب: الرباط غير معنية بتاتا بقرار محكمة العدل الأوروبية ب
...
-
انفجارات في محيط مطار تدمر العسكري وسط سوريا
-
عاجل| مسؤول أميركي كبير: الوضع بالمنطقة على حافة الهاوية حال
...
المزيد.....
المزيد.....
|