ملح وسُكر

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2952 - 2010 / 3 / 22 - 00:07
المحور: كتابات ساخرة
    

سأتحدثُ عن ثلاثِ قصص طلاق تافهة جداً متشابهات وأولهن قصة (ملح وسكر) , وأنا منذ طفولتي إلى اليوم تقريباً وأنا اسمع بقصص طلاق بين الأزواج تعود في الأصل إلى أسباب تافهة وليست ذات قيمة , وكنتُ وأنا صبي أشاهد في مضافة أعمامي وأسمع عن قصص كثيرة تافهة ليست ذات معنى على الإطلاق ودائماً ما تبدأ المشاكل على قضايا بسيطة ومن ثم تتعقد تدريجياً .

إن معظم أسباب الطلاق بين الأزواج تكون تافهة وليست على خلفية مشاكل مهمة واليوم سمعت عن رجل طلق زوجته بسبب 3 كيلو حمص أخضر أحضرهما معه من السوق وصعد شقته في الطابق الثالث ونسيهن في السيارة وطلب من زوجته احضارهن فرفضت وقالت له : ليش أنت ما اتجيبهن من السياره؟! شو أنت كاين على راسك ريشه؟ ...إذا بنزل من الشقه ما برجعش عليها نهائياً, فقال لها : مع 60 كندره, وهكذا نزلت من الشقة وذهبت لبيت أهلها وبقيت فيها لمدة عام كامل وهو وهي في المحاكم يشاكون بعضهم أمام القضاة بمساعدة المحامين الذين يستفيدون من مشاكل الطرفين .

وهذه القصة ليست الأولى ولا الأخيرة , فأنا كاتب هذه السطور شاهدتُ في حياتي قصصاً كثيرة تكون في البداية عادية وليست ذات أهمية , وأعتقدُ أن تلك المشاكل البسيطة هي نهاية عدة مشاكل متراكمة فوق بعضها البعض وكانت مثلاً مشكلة الحُمص بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير , وبخلاف ذلك ليس من المعقول أن يكون الطلاق على مسألة بسيطة مثلاً مثل : من يحضر الماء من الثلاجة , أو قلاية بندورة عليها فلفل حار , لا المسألة ليست هكذا ولكنها مجموعة تراكمات تراكمت عبر الأيام والسنين وكان آخرها مثلاً القشة التي قسمت ظهر البعير , كما سنلاحظ بعد قليل قصة الملح والسُكر التي شاهدتها وسمعتها وأنا صبي أبلغ من العمر 7 سنوات أو 8 سنوات .

وكان سبب الطلاق والانفصال تافهاً جداً بحيث طلب الزوج من الله وهو ممددٌ على سريره أن يُمطر الله عليه (سُكرْ) وكان الوقت تقريباً في بداية تشرين الثاني والجو ملبدٌ بالغيوم , وقالت له زوجته : طيب لويش بتتمنى الدنيا تشتي سُكر؟

- السكر كويس وأنا بحب الحلويات.-

يا زلمه لويش السُكر ؟ ليش ما تقول (ملح) الملح كمان كويس.


-أنا قلت سُكر وما بحبش وحده (مره-امرأة) تكسر كلامي , آنا قلت سُكر يعني سكر .



-يا رجل هو أنت دايمن تتحدى بيّ وكأني زلمه , خلص خليها ملح .



- - آنا كلمتي كرجل ما بتصيرش كلمتين , أنا قلت سُكر يعني سُكر وإذا بتزيديها وبتقولي كلام ثاني ترى بخلّص عليك.



-والله؟والله! كانك زلمه بتمد إيدك عليّ.



-يا (مره-امرأة) اخزي الشيطان , وخليها امسبحه معاي, أنا قلت : انشالله انها غير تشتي سُكر يعني سُكر , كلام زايد ما بدهاش.



-هذا يا زلمه(رجل) أنت متحجج بس بدك تعمل معاي مشكله وخلص , أنت من دازك اليوم تعمل مشكله , أكيد انك كنت اليوم عند أم (44) أربعه واربعين.



-مين هي أم اربعه وأربعين؟


-أنت عارفه , هو في غيرها الحربايه .


-الحربايه ؟

-آه الحربايه .


-ولك مين الحربايه , لا يروح انك تقصدي أمي ؟

-أنت عارف مين بقصد .

-اسمعي أنا بالأول بقيت أمزح مزح انها تشتي سُكر لكن أسع عن جد بطلب من الله يشتي سُكرْعلى شان السانك يصير حلو بدل ما هو زعق.

-يعني أنت اللي السانك حلو , والله من يوم ما أخذتك ما اسمعت منك كلمه حلوه , روح شوف أم سالم كيف بناديها جوزها : تعالي ياست روحي ياست , تؤمريني أمر ياست وعلى راسي ياست, مش مثلك السانك والعياذ بالله منه طوله شبرين مثل مقص الاسكافي.


-والله والبيت اللي بناه الله إذا ما ابتقعدي ساكته غير أقوم بالزنار على الجنب اللي بوجعك يا ملعون أبوكي وأبو أبوكي, فاهمه؟.


-ولك هو أنت من زلم أبوي عشان اتسب عليه؟


-إذا أنا مش من زلمه ليش لعاد يناسبني؟


-يا زلمه غلطه غلطوها واعطوك اياني .


-لا مش غلطه , هم أصلاً لو لقوا حدى يوخذك كان أعطوك أياه, بس النصيب جابني لعندكوا..الله يلعنه من نصيب.

-يا زلمه أنت واقفلي على الزقره؟لا والله الله يلعن حظي ونصيبي أنا .

-آنا اللي واقفلك على الزقره؟ أنت اللي واقفيتلي على الزقره , وبس اسمعتيني بقول : انشالله تشتي سُكر صرت اتقوليلي : انشالله انها تشتي ملح وأي شيء بقوله غير اتقولي عكسه .

-يا زلمه شو فيها لو اشتت ملح, انت أصلاً اللي عمرك ما جبرت في خاطري دايمن بتداقر بي وبتعارضني على أقل شغله.


-طيب والسُكر ماله ؟


-طيب والملح ماله؟


-ما مالهوش بس أنا تمنيت السكرْ.


-وأنا تمنيت الملح , وإنشاء الله انها غير تشتي أول شتوه ملح.

-لاانشاء الله انها تشتي سُكّرْ ... سُكرْ.

-لا ملحْ...ملح.

سكرْ.

-ملح.


-سكرْ.


-ملحْ.

-أنت طالق.


-والله ما بقعدلك في دار .


-مع 100 مقلعه .


ومن ثم اجتمع الناس والجيران وجاء أهلها وجاء أهله وكلهم أقارب وسمعوا بالقصة فوجدوها تافهة وقالوا : ما هو الله لا مشتي سُكر ولا ملح ولويش المشاكل ,ولكنها في النهاية أدت إلى الانفصال للأبد , وعاش الرجل ومات ولم ترجع زوجته إليه رغم تدخل الوسائط بينهما .

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات