|
لماذا لا يلغى مؤتمر القمة العربي؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2951 - 2010 / 3 / 21 - 12:03
المحور:
كتابات ساخرة
سنـّت ما تسمى بجامعة الدول العربية سنـّة جديدة، في محاولة لتقليد دول الاتحاد الأوروبي والمنظمات الإقليمية والدولية الأخرى، تتمثل في عقد مؤتمر دوري سنوي للقمة العربية مرة كل عام، وحدد تاريخه في نهاية شهر آذار، مارس من كل عام. وإلى هنا فالأمور جيدة ولا غبار عليها، بعد أن كانت مؤتمرات القمة العربية، ورغم أن العرب أمة واحدة، وألف صلاة على النبي، تعقد في المناسبات والكوارث القومية الخالدة فقط، وكانت لا تلتئم إلا في المناسبات التاريخية والهزائم التي تتعرض لها "الأمة"، والتي لم تنفك تحل بهذه الأمة، منذ فجر التاريخ، وكل الحمد والشكر لله. فمن منا لا يذكر مؤتمر الخرطوم الشهير والذي رفع اللاءات الشهيرة، إلى مؤتمر الرباط الأشهر الذي أوكل أمر فلسطين والفلسطينيين إلى منظمة التحرير أي ياسر عرفات، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لهذا الشعب المسكين، وحصلت من يومها على تفويض رسمي عربي عام للتصرف برقاب ومصير الشعب الفلسطيني.
واليوم، وفي كل سنة، وفي مثل هذه الأيام "المباركة" من العام، يتم الإعداد لمؤتمر قمة عربي دوري جديد، تظهر من خلاله كل المشاكل والخلافات والتوترات العربية العربية التي ظهرت خلال العام بين الدول العربية، ناهيك هعن المشاكل المزمنة والعالقة، لا بل ينبش البعض مشاكل وأزمات وثارات أكل عليها الدهر وشرب ليضعها على الطاولة من جديد. وتظهر لذلك دبلوماسية الوساطات، والزيارات واللقاءات والخلوات، وتجري عملية المساومات، وتقريب وجهات النظر، وتبويس الشوارب واللحى، وتطييب الخواطر، هنا وهناك. وتبدأ المحاولات الحثيثة والمحمومة لثني ذاك الطرف عن حرده، وإرجاع ذلك الجانب عن زعله، وإقناع تلك الدولة بالامتناع عن المقاطعة، والتوسط لدى تلك الجهة كي تشارك، والتوسل لذاك من أجل القدوم، ويأتي زمن وموعد المؤتمر من دون أن تصفى الخلافات، أو أن تعود المياه إلى مجاريها، أو أن تفلح تلك المؤسسة العربية في جمع العرب إلى مائدة واحدة، وتحت سقف واحد، وباتت فقط مناسبة نادرة لإظهار الخلافات العربية العربية، وما استجد منها على السطح. وإلى اليوم، وفي تاريخ جميع مؤتمرات القمة العربية، لم يحدث أن التأم مؤتمر للقمة بكامل أعضائه وممثليه من الزعماء، وهذا يقلل من فاعلية تلك المؤسسة والمؤتمر بحد ذاته، لاسيما حين يكون الخطب جللاً، والمناسبة تاريخية. ومنهم من يتقصد إرسال أصغر ممثل إلى أخطر المؤتمرات، أو الذهاب بأقل وفد تعبيراً عن عدم الرضى والسلبية في الرؤية لذاك المؤتمر وجدول أعماله، وإمعاناً في عدم احترامه لهذه المؤسسة، ناهيك عن حدوث عمليات تجاذب، ومهادنات، وتنسيق مع جهات دولية، تقول لهذا الطرف أو ذاك أن احضر. وما بين العرب من الخلافات أكثر مما صنع الحداد، كما تقول الأمثال، وزد فوقهم اللحام والنجار والسباك، وكل هؤلاء مجتمعين. يبدو الأمر وكأنما لا يوجد أعداء للعرب سوى العرب أنفسهم، والمعارك العربية العربية اليوم أكثر من أن تعد وتحصى، والثارات العربية العربية لا يمكن أن تصفى بين ليلة وضحاها، وقبيل كل مؤتمر للقمة العربية، ومع كل مؤتمر تظهر كارثة، ونكبة عربية جديدة، بحيث لم يعد يعرف ما هي أولوياتهم القومية، أو قضاياهم المركزية، ونكباتهم الأبدية هل هي في لبنان، أم فلسطين، أم العرق، والسودان، واليمن، أم الصحراء الكبرى، أم في برنامج إيران النووي، وزد عليها هذا العام الطلاق القومي المثير بين الجزائر ومصر؟ وكم مؤتمر يحتاج كل من هذه الملفات؟
وإنه لمن الإنصاف، وكي لا نظلم أحداً، وتجنباً للوقوع في مطب التعميم والسلبية، هناك نوايا صادقة ومخلصة لدى البعض لرؤية عمل عربي واحد مشترك وفعال، لكن هذا البعض هو قلة قليلة، وبكل أسف فإن قرار عقد القمة، يكون أحياناً، من خارج الحدود العربية، وفيما وراء البحار البعيدة.
ولما كان حال العرب على هذه الحال، وطالما أن تلك المؤتمرات لم تفلح في حل المشاكل العربية البينية العالقة، ولم تـُفعـّل أي من الاتفاقات العربية التاريخية كالسوق العربية المشتركة، والدفاع العربي المشترك، وفتح الحدود العربية العربية على غرار الحدود الأوروبية، وإلغاء الجمارك، وإقامة منطقة التجارة الحرة العربية، وأصبح عقد هذه القمة في الحقيقة عبئاً دبلوماسياً على الجميع، يتطلب جهوداً وبراعة ومرونة وطول نفس وصبر وأناة دبلوماسية خارقة، ويلوح ذلك في كل سنة مع اقتراب موعد القمة، تستدعي من وزراء الخارجية ومن وقتهم الثمين، والسفراء جهوداً مضنية وعبثية، فما هو الداعي لاستمرار عقد هذه القمة بهذا الأداء البطيء المتثاقل الشكلي الركيك وغير الفعال والذي لم ينعكس على المواطن العربي لا بالخير ولا بالرفاهية، ولم يدفع لا مسيرة العمل العربي، ولا حياة المواطن الدرويش البسيط قيد أنملة إلى الأمام، لا بل هناك تراجع ملحوظ، وانهيارات ، وعلى صعد عدة أمنية، وعسكرية، واقتصادية، وحياتية بالنسبة للفرد العربي، الذي لا يرى، ولا يرجو أي خير بعد الآن من مؤتمرات القمة العربية، وإنه من الأجدى، ولحفظ ماء وجه الجميع، ولعدم تذكيرنا، كل عام بالواقع والوضع العربي المأساوي، أن يلغى هذا التقليد العربي الرسمي الذي بات يرمز ويمثل حالة الترهل، والركود، والانقسام، والضعف والعجز والتفكك العربي الرسمي أكثر من أي شيء آخر. وأن توفر ميزانية واعتمادات ومصاريف وميزانيات عقد القمة وتكاليفها الباهظة، وعلى أن توضع تلك المبالغ الطائلة في صناديق خاصة ترصد لصالح رعاية الأمومة والطفولة، ولمحاربة الأمية، والقضاء على الجهل والإرهاب المتفشي في طول وعرض ما يسمى بالوطن، فذلك أجدى وأبقى وأنفع عند الله وعند العباد.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دول الخليج واللعب بالنار
-
متى سيكون الرد السوري؟
-
مسلسل ضاحي خلفان
-
مبروك للحوار المتمدن
-
هل تعرف مكان يحتاج مسجد؟
-
هل ستقود السعودية راية التنوير في المنطقة؟
-
الموساد واجتياح دبي
-
الحوار المتمدن: والقضاء على عملية تبييض المقالات
-
أثرياء العرب ومشاهيرهم بين الإرهاب والجنس
-
أين أثرياء العرب ومشاهيرهم من العمل الخيري؟
-
ما الحاجة لوزارات الإعلام؟
-
لماذا لا يكون وزير الثقافة علمانياً؟
-
خبر عاجل: إنشاء أول محطة عربية لتوليد الطاقة الجنسية
-
الموطوءة
-
تشييع الحلم العربي إلى مثواه الأخير
-
خبر عاجل: خروج العرب من تصفيات كأس الأمم الحضارية بفارق 1400
...
-
ماذا لو استدعي رئيس مصر القادم لمحكمة جرائم الحرب؟
-
لماذا لا يسجدون؟
-
هل البرادعي مجرم حرب؟
-
مقارنات عربية إيرانية
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|