أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نوري قادر - ثلاث قصص قصيرة..وتبقى رائعة















المزيد.....

ثلاث قصص قصيرة..وتبقى رائعة


محمد نوري قادر

الحوار المتمدن-العدد: 2951 - 2010 / 3 / 21 - 11:02
المحور: الادب والفن
    



الأولى
سمعت طرقا على الباب ليلا لا تعرف مصدره ولا حتى من يكون الطارق جعلها تجفل لبرهة من الزمن, وخوفا أنتابها قليلا جعلها تتريث قليلا حين سرت في جسدها النحيل رعشة أثقلت مفاصلها فلم تقوى على الحركة , لكنها دعت الخوف جانبا بالرغم منها, فقد كان يعيش معها على الدوام في كل لحظة حتى في منامها كما لو انه توءم لحياتها, منذ إن تركها زوجها هاربا من أيدي العابثين بدماء الأبرياء, لكن الزيارات التي تحدث في غير أوانها وغير معلنة وخاصة في الليل تبعث الرعب والقلق معا ,مهما كان لونها,ولاسيما وهي تعيش في وضع متردي وقاس جدا, فمن كان يقوم بها فقط في تلك الفترة المظلمة من تاريخ العراق ولم تزل حتى ألان, هم أزلام النظام والسائرين في وحل ركابه وقذارته الذين أعتادوا إن يداهموا البيوت ليلا وبث الرعب في نفوس أصحابها وتصفية حسابات ممن لا يسير على انغام اسطوانتهم المشخوطة ,والتي بسببها رحل الكثير من الشرفاء خوفا من الاعتقال والقتل أو الاختفاء.. كان جميع أفراد العائلة قد أبكروا في النوم حيث لا يوجد ما يمتع الأطفال أو يجعلهم مستيقظين بعد أن اكملوا واجباتهم المدرسية, لأن الكهرباء مقطوعة باستمرار ,بل تكاد معدومة تماما في أغلب الأوقات ..خرجت مسرعة مرعوبة بعض الشيء لا تعرف من جاء بهذا الليل ,فليس لديها ما تخاف لاجله سوى أطفالها الصغار, لكنها ,كانت على يقين انه سوف يأتي متخفيا لزيارتها ليعرف ماذا يدور في غيابه ويرى احبته الذين لا يستطيع فراقهم,وانه يعيش على مقربة منهم فقد طال انتظارها لمن تتمنى إن يأتي ويزيح عنها عبء سنين من الحرمان , كانت الظلمة حالكة فلم تستطيع إن ترى وجهه , ولم يكن هو ما كانت تنتظر,لأنه بقي بعيدا عنها ..
من : قالت
أنا أسف جدا للإزعاج , ولكن, لم يكن باستطاعتي إن اطرق الباب نهارا
من أنت , أنا لا اعرف من تكون
نعم .. لا تخافي .. لا يهم من أكون .. واخرج من جيبه بعض الأوراق ..هي من جعلتني اطرق الباب ,ومد يده ليعطيها ما جاء لأجله
ما هذه
أنها لك من .....
أجهشت بالبكاء ولم تستطيع إن تكبح نفسها وما يجيش في صدرها من لوعة
لماذا لم يأتي
لا يستطيع وأنت تعرفين ذلك
إلى متى نبقى ننتظر
لن يدوم كثيرا , لا بد إن يأتي
وهل يعرف ما نحن عليه
نعم ..يعلم كل شيء وقد بعث لك ما تحتاجين إليه وسوف يرسل لك كل مرة بطريقته ما تحتاجين , إنكم تعيشون معه في كل لحظة
أشكرك ..لا يمكنني إن ادعك تدخل ..أرجوا المعذرة, وأنت تعرف السبب
نعم ..نعم افهم ذلك ...هل لديك ما تريدون إن اخبره
لا..فقط إن ينتبه لنفسه فنحن في انتظاره على أحر من الجمر
وذهب مسرعا في الظلام كأنه شبح أختفى فجأة وهي تتابع خطواته واقفة عند الباب كأنها كانت في حلم واستفاقت منه فجأة

******************************************************************

الثانية
لم يبق أمامها سوى الرحيل بعيدا عن مدينتها الجميلة,مدينتها التي نشأت وترعرعت فيها ,مدينتها التي لم تفكر يوما إن تفارقها لحظة واحدة, ولكن ليس بعيدا عن الوطن ,عندما أصبحت حياتها مهددة ما بين لحظة وأخرى للموت غدرا ,أو إن يتم اعتقالها من قبل أولئك الذين يجدونها أصبحت مصدر قلق دائم يهدد مضاجعهم وأحلامهم الدنيئة , ليس بسبب شيء سوى صراخها المتعالي والمطالبة بما هو حق لها وبسبب نشاطها في الدفاع عن حق المواطنة وحقوق الإنسان والمرأة خاصة من أجل حياة حرة كريمة ,حياة هي حق لها كما هي حق لهم ..
رحلت تحمل قلبها معها وأوجاع من كانت لا تفارقهم, تحمل بيدها السلاح ضد الطاغية ,الذي قتل الكثير بسبب عدم الولاء لمبادئ عفنه وعدم الانتماء لصفوفه وما يدعوا إليه من أفكار بالية ضد ما يحلم الجميع وما تحلم المرأة وطموحاتها في مستقبل زاهر, مع رفاق السلاح على تلك الجبال الوعرة في كردستان العراق , وقد فعلت ما بوسعها أن تفعل ,لأجل تلك الغايات النبيلة التي تدعو إليها ,والتي أصبحت تسري في دمائها ,وجزءا لا يتجزأ من حياة يملئها الصخب لتحقيق مطالبها ..كانت تقاتل بضراوة من أجل ذلك , وكان الجميع يشهد لها في إيمانها وما توكل إليها من مهام إضافة إلى كونها أخت ورفيقة لهم في كل الأوقات,تشد من عزمهم ويشدون من عزمها حتى حلقت في الفضاء الرحب تحمل عطرها معها , وما بقي منه خالدا ذكراه تتنسم به الصبايا الجميلات في محلتي مبتهجات في طريق وعر لا يخلو من الأشواك والثعابين المقززة

****************************************************************

الثالثة

تجلس بزهو على رصيف ,اعتادت عليه كما أعتاد الآخرين عليه لوجودها فيه, لم يبعد سوى أمتار معدودة عن البيت الذي اسكن فيه تبيع ما تشتريه من اسماك تباع في مزاد كل يوم في منطقة تجاور (الصفاة) كما يطلق عليها من تسمية وفي الجهة الأخرى منها قريبة لباب الشطرة القديم تضعه في وعاء كبير (طشت) وقليل من الماء كي لا تجف الأسماك , وأحيانا تقوم برشها بين فترة وأخرى, أصبح بلون التراب بمرور الزمن ...
لم يثني عزمها شيء ولم تتأخر عن عملها يوما أبدا ,مكافحة صلبة في بحر هائج تتقاذفه الأمواج , تملئه الحيتان ,تتصارع معها من اجل البقاء,يغمرها الفرح لما تقوم به من عمل , مخلصة لنفسها ,ممتلئة ثقة واحترام لواجب تقوم به ,جعلها تحظى باحترام الناس الذين يأتون لشراء ما يحتاجونه منها من الأسماك ..كنت اشعر بمودة واعتزاز كلما خرجت من البيت إلى العمل ورأيتها جالسة تهش الذباب عن السمك حين يقع نظري عليها .كانت متوسطة العمر ولها عائلة كبيرة أكبرهم غير قادر على العمل ,تقوم بتربيتهم وإعالتهم لان زوجها قد اعتقل منذ سنين عدة كما تقول ولم تعرف عنه إي شيء ,فهي تقوم بما يجب إن تقوم به وذلك ما يشعرها بالفخر من اجل توفير بعض من مستلزمات الحياة وما هو ضروري فقط , وما تستطيع إن توفره من جراء عملها ..
سألتها يوما إن كانت بحاجة إلى شيء استطيع إن أقدمه لها , فلم تطلب شيئا ,بل شكرتني وهي تعتذر إن يكون وجودها في هذا المكان ما يسبب بعض الإزعاج لي خصوصا وان للأسماك رائحة كريهة ..فأجبتها :لكنها لذيذة
وظلت شامخة كما هي في مكانها ,تحلم ما نحلم ,رغم الجهد والعمر والألم ....



#محمد_نوري_قادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يسير كما هي العربة
- لم يكن مجنونا ..ولكن
- في ذكرى ميلاد الحزب الشيوعي العراقي
- وجها لوجه أمام المرآة
- سؤال مشروع جدا
- من ينظر بثقب ٍللعثرات
- علوان الدسم..أمي تنتخب لك
- هو دائما أسير
- فريد ماضي...لن أقول وداعاً
- هي لم تكن وليمة ..ولكن
- انها حدثت حقا
- ثرثرة مجنون على شاطىء الفرات
- دعوة للشحاذين
- خطوات ضائعة
- اعتراف رجل بساق واحدة
- الخطيئة ترصدها النظرات
- ذي قار..ي
- انظروا..
- في قفص الاتهام
- (متهم) .. قصيدة


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نوري قادر - ثلاث قصص قصيرة..وتبقى رائعة