|
الجيش الاميركي -حرس وطني- خاص لمزارع الخشخاش ومستودعات الافيون في افغانستان
جورج حداد
الحوار المتمدن-العدد: 2950 - 2010 / 3 / 20 - 20:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حينما طلب الرئيس الاميركي في النصف الثاني من السنة الماضية، من الكونغرس الاميركي، الموافقة على ارسال 30 الف جندي اميركي جديد الى افغانستان، شنت آلة الدعاية الاميركية حملة ضخمة لتضليل الرأي العام الاميركي والعالمي حول الاهداف الحقيقية لارسال هذه القوات الاضافية. وكان على رأس ادعاءات آلة الدعاية الاميركية هو شعارات مكافحة الارهاب ونشر الدمقراطية، باعتبار انه لا يمكن نشر "الدمقراطية الاميركية" الا بالدبابات والهليكوبتر الكوبرا والصواريخ الذكية التي تقتل عائلات باسرها وهي تحتفل بعرس قروي او بختان احد الاولاد. ولكن تأتي الوقائع لتؤكد ان زيادة اعداد القوات الاميركية في افغانستان لا علاقة له حتى بالسياسة الاميركية القائمة على الدجل والتضليل والديماغوجيا وارهاب الدولة العظمى المسمى "دمقراطية". بل ان ارسال هذه القوات الاضافية هو ببساطة لحماية المزيد من مستودعات الافيون الافغاني، انطلاقا من ان الدولة ـ المافيا الاميركية، وبعد ان ازاحت مزاحمها "طالبان" و"القاعدة" اصبحت هي المتعهد الاول لزراعة وحصاد وتخزين وتصنيع الخشخاش والافيون، ثم تنطيم وحماية عمليات النقل بالطائرات الحربية الاميركية، الى كافة بلدان العالم، وبتغطية قانونية من البعثات الدبلوماسية الاميركية التي حولت السفارات الاميركية في كل زوايا العالم الى اوكار من الصنف الرديء لتوزيع المخدرات "المضبوطة" و"المغشوشة" لتخدير وتسميم الشباب والصبايا والاولاد مقابل الحصول على مئات والوف مليارات الدولارات، التي اصبحت تمثل مصدر الدخل الاول للاقتصاد الاميركي، الذي فقد طابعه الرأسمالي الكلاسيكي، بحسب التخريفات "الماركسو ـ ستالينية" للاستاذ فؤاد النمري، ولابحاث وتعاليم ومخططات الجيل السابق "الصقوري" والجيل الجديد "الحمائمي" لـ"المحافظين الجدد" في اميركا، تلامذة نوستراداموس ومالتوس وهتلر وستالين وهينتنغتون وفوكوياما وبريجينسكي وكيسينجر وغورباتشوف وسوروس. ان عمليات القصف "غير المقصود" للمدنيين في افغانستان، وقتل العشرات منهم في كل مرة، مما اثار حفيظة العميل الاميركي ذاته حامد قرضاي، ودفعه لاستقبال حتىالرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، بحثا عن مخرج من الوضع الذي اصبح يهدد حياته. وتشير القرائن ان الاميركيين يتعمدون قتل الافغانيين المساكين بدم بارد، فقط وفقط من اجل اخذ صور تذكارية للجثث ونشرها على اوسع نطاق في الصحف والمجلات والتلفزيونات المأجورة وغير المأجورة، بهدف رئيسي شبه وحيد هو تضليل الرأي العام الاميركي، والادعاء بوجود (او استمرار وجود) حرب في افغانستان، من اجل تغطية السبب الحقيقي لوجود الجيش الاميركي في افغانستان، وهو حماية زراعة وصناعة وتخزين وتوزيع المخدرات. وتفيد الانباء الصحفية العادية (راجع مثلا: جريدة "مونيتور" البلغارية بتاريخ اليوم 20 ـ 3 ـ 2010؛ وهي جريدة يمينية مؤيدة للحلف الاطلسي وللاتحاد الاوروبي ولـ"الدمقراطية" الاميركية) انه ـ وقبل ان تغادر السيدة المصون هيلاري كلينتون موسكو ـ صرح فيكتور ايفانوف رئيس الدائرة الفيدرالية الروسية لمراقبة المخدرات ان الانتاج السنوي في افغانستان للهيرويين بلغ 820 طنا. (ويمكن لاي خبير بالصنف ان يعمل حسابا كم طنا من الخشخاش يحتاج انتاج كل طن من الهيرويين. ومن ثم زراعة كم طنا من الخشخاش هي ضرورية لانتاج 820 طنا من الهيرويين). ويضيف ايفانوف ان المستودعات امتلأت بـ 12 الف طن افيون في افغانستان. ويقول ايفانوف ان الثلث فقط من الكمية المنتجة ينجح الاميركيون في تصديرها. "اما الكمية المتبقية فلا يمكن بيعها، لانه لا يوجد كمية مستهلكين لهذا القدر من الانتاج. ولكن اذا لم يتبدل الوضع، فإنه سيتم ايجاد مستهلكين". واشار "انه بوجود 12 الف طن من الافيون في المستودعات، فهذا يعتبر بشكل ما احتياطا للاجيال القادمة في المستقبل اذا، لاي سبب كان، تعطل الانتاج. فالافيون يمكن الاحتفاظ به طويلا في المستودعات". واشار ايفانوف انه يتم سنويا في افغانستان بيع كمية مخدرات بقيمة 65 مليار دولار. ويتم تصدير مخدرات بقيمة 17 مليار دولار فيما يسمى بخط السير الشمالي، الذي يمر عبر روسيا، وتدخل 35% من هذه الكمية في روسيا ذاتها. وتعمل روسيا للتعاون مع دول حلف الناتو ذاتها لمواجهة هذا الخطر "الاميركي" الذي يهدد جميع شعوب وبلدان العالم. ان الاميركيين يقومون باستلام الهيرويين الجاهز لتوزيعه على شبكاتهم التي يشارك فيها بعض شركائهم من "الاسلاميين!!!" المزيفين الشيشانيين والالبان والبوسنيين والسعوديين والعراقيين وغيرهم. ولكنهم ـ اي الاميركيين ـ ليسوا هم الذين يقومون بزراعة وحصاد الخشخاش وتخزين الافيون وتحويله الى هيرويين. الذي يقوم بذلك هم الافغانيون (غالبية من المزارعين والمواطنين الفقراء، الذين يقومون بالاعمال "العادية"؛ وقلة من الاغنياء من شيوخ العشائر والقبضايات، المشاركين للاميركيين في مسك القطاع وتنظيم العمل فيه). وهذه الوقائع تكشف لنا احد "اسرار" الحرب الافغانية. فالافغانيون، الفقراء في الغالب، يؤمنون تماما، ولهم كل الحق، ان الاميركيين سرقوا منهم قطاع المخدرات، الذي هو مصدر رزقهم الوحيد او الرئيسي وشبه الوحيد. ولما كانت الطبيعة الجشعة للرأسمال لا تسمح للاميركيين بأن يقدموا للافغانيين الا اجورا زهيدة للغاية تجعلهم دائما هم وعائلاتهم على حافة الجوع والعري والعيش الزري، وهم يعلمون تمام العلم انهم يعملون في "اغنى انتاج" في العالم، الذي بدونه فإن اميركا تنهار كبناء من الكرتون. وبحكم كونهم المنتجين من الالف الى الياء، فإن الافغانيين يعرفون كل شيء عن حقول ومشاغل ومستودعات الافيون. وهم يعتمدون، في جزء من مداخيلهم، على "سرقة" الافيون والهيرويين المخزن، وبيعه لحسابهم الخاص حينما تسنح الفرصة، "بالتهريب عن الاميركيين". والكثيرون من عناصر ادارة حامد قرضاي، الافغانيين، يشاركون ابناء عشائرهم في هذه "السرقة". ولسد هذه "الثغرة" التي يخسر فيها الاميركيون الكثير، وان كان الافغانيون لا يربحون الا القليل، فإن الاميركيين يلجأون الى قواتهم العسكرية لقصف التجمعات الافغانية، التي يكتشفون ان بعض افرادها قاموا بـ"السرقة". وذلك من اجل "قتل اللصوص" والتخلص منهم، ومن اجل بث الرعب في قلوب الافغانيين البسطاء ومنعهم من المشاركة في "سرقة" المخدرات. وهذا ما يدفع حامد قرضاي الى الاحتجاج على قتل المدنيين الافغانيين والتهديد بالاستقالة، ويدفع الاميركيين الى الاعتذار عن ارتكاب "الاخطاء"، والادعاء ان الهدف المقصود كان هو وجود عناصر ارهابية، وانهم وصلتهم معلومات خاطئة من ادارة حامد قرضاي التي يتهمها الاميركيون بالتقصير بشكل عام، والتقصير في منع "سرقة" المخدرات بشكل خاص. ولو كان وضع اميركا، بادارة بوش او اوباما او اي رجل مافيا او دمية اخرى، "وضعا طبيعيا"، لكان بامكان الادارة الاميركية ان تستقدم الى افغانستان ملايين العاطلين عن العمل، وخصوصا الزنوج، للعمل في مزارع الخشخاش والتصنيع المحلي للهيرويين. ولكن كل الاميركيين يمتلكون من الوعي الفردي والطمع والنوازع الاجرامية، ما يجعلهم ميالين للتفكير فورا في العمل لحسابهم الخاص وتشكيل العصابات الخاصة وتحقيق انقلاب حقيقي على الادارة والجيش والدولة الاميركية، باتجاه تفكيكها النهائي. كما انها ـ اي الادارة الاميركيةـ لديها امكانية لاستقدام عشرات ملايين المواطنين الزنزج من افريقيا بالذات، بالاتفاق او بدون الاتفاق مع الحكومات العميلة هناك، وتسليمهم ـ خصوصا ـ قطاع زراعة الخشخاش وحصاده. ولكن اميركا غير قادرة على اللجوء الى هذا الحل ايضا، لان الازمان اختلفت، وهذا الحل يفتح امام اميركا ابواب ازمات دولية هي غير قادرة على التصدي لها. ولذلك لا يبقى امام الدولة الاميركية سوى تحسين "التخصص" في وظيفتها الجديدة كمافيا، وبالتحديد كمافيا مخدرات، وتحويل الجيش الاميركي الى "حرس وطني" لمزارع الخشخاش ومستودعات الافيون والهيرويين. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ * كاتب لبناني مستقل
#جورج_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اميركا تكشف تماما عن وجهها كدولة مافيا وتضاعف انتاج الخشخاش
...
-
عشية الانهيار التام للنظام الاقتصادي العالمي
-
الامبريالية الاميركية تخطئ الحساب!
-
الصعود الى الهاوية: أميركا... دولة مافيا!
-
التحول الدمقراطي: حملة صليبية غربية جديدة لاجل عثمنة البلقان
-
بلغاريا قبل وبعد -الانقلاب الدمقراطي- في 10 تشرين الثاني 198
...
-
شعب الله المختار والتحول المافياوي لتركيبة الدولة الاميركية
-
الدولار وشعب الله المختار:التغطية التوراتية للدولار
-
كابوس الدولار
-
العنف الامبريالي الصهيوني أعلى مراتب الحيوانية
-
حزب الله... والأزمة الوجودية للكيان الطائفي اللبناني!
-
افغانستان في الجيوبوليتيكا الدولية لاميركا
-
الجيوبوليتيكا تؤخر تشكيل الوزارة اللبنانية
-
الجرائم ضد الانسانية والسقوط الاخلاقي لمؤسسات -العدالة الدول
...
-
رئيس الموساد السابق داني ياطوم مفوض سام غير رسمي في بلغاريا
-
اليهود الروس بين النقيضين: الصهيونية والشيوعية
-
المخدرات في الستراتيجية العالمية للامبريالية الاميركية الصه
...
-
الناخب البلغاري -يعاقب- جميع احزاب -التحول الدمقراطي-
-
افغانستان وامبراطورية المخدرات العالمية لاميركا
-
الصراع الروسي اليهودي (الصهيوني) حتى عشية الثورة الاشتراكية
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|