أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الكاظم العبودي - ليتني بائع خبز في الجزائر














المزيد.....

ليتني بائع خبز في الجزائر


عبد الكاظم العبودي

الحوار المتمدن-العدد: 2948 - 2010 / 3 / 18 - 18:42
المحور: الادب والفن
    



ما كان لليل القدس أن يَطول هكذا لو كان العرب يقظين ومُرابطين عند قبلة صَلاتِهم الأُولى، يظللهم قوس قزح، ويُبارك فيها الإله أقداسهم في ليلة قدر مباركة في خشوع المآذن والشبابيك المقدسية العتيقة ليلة الميلاد.
فلسطين ولدت هناك فوق كرملها، وهنا أيضا من ضيم الأرض، وولد في ثنايا جرحها درويش القصيد، حتى بات ميلادهما لوعة وحنيناً مابين أضلعنا، وأمستا وسنا في جرح وأرق العيون التي ما فتئت تنظر إلى رب السماء، استغاثة برحمته، هل من صورة أبلغ من رؤية أنقاض صليب وهلال متكسر تنعكس كالمرايا المهشمة فوق دواوين شعر درويشية مٌنتهبة على أرصفة التاريخ ومواقع خطو الغزاة الصهاينة.
لكن هذه الأرض ما لبثت أن صارت قدرا لمجرة من جحيم الحروب، ورواقا لأجمل القصائد وبابا لسلام الأرض الموعود. ترسم هذه الأرض المسبية وحدها طعم الدم وألوان صباحات الفداء وتحدد شفق المجازر المتتالية، لكنها رغم ذلك لم تتعب من ترجمة المعاني والقصائد في تفاعيل الوجد وموسيقى الوجود والحب الإنساني.
من هنا مرت دعوات الأمهات الطيبات ممن أسمعن زغاريدهن لعرس مُنتَظَر عند عودة جثامين الشهداء العائدين فدى وأناشيد مع الفجر للصلاة، تقرب للسماء ابتهالات المقدس الأزلي فينا.
عند أبواب مقدسنا تلازمت حدقات العيون التي لم تبرح أجفانها الحلم الوديع لترى وداع أضرحة الأولياء وأبراج الحمائم وذهب جدائل السنابل وأغصان زيتون تنادت لتصير أكسير حياة أو سيوفا ورماحا وبنادق عند إعلان التكبيرة الأولى .
يلد ديوان الشعر الدرويشي أيضاً، ويهمس قصائده ويصير غصن وئام وأمان لو أناخ السلم على الروابي إرادة الخير, وينتقل مثل حمام زاجل عائد بالبشائر لو أناخ السلم على الروابي مثل تراتيل السكينة والصلوات, سيكتب عندها درويش ميلاد الوجود.
القصيدة تكبيرة كالطلق المقدس, تردد أصدائها لتكبيرة القدس، تمر كموج السديم الأول، وتحت عناوينها تتقارب الأوراس من الكرمل ويحتضن مرجاجو والأوراس ظل جبل المكبر معانقا حلمنا المشترك.
عربون شهادة بأقلامنا، نُحمّل قصائدنا في ثنايا أوراقها مناديل مطرزة من ألوان الوجد والعشق الجزائري ترطب شفاهها شهدا عربيا من خلائق دمعنا المكابر، له منا ابتسامة بطرز أنامل الأمهات في ليالي الولادات العسيرة لتمنح فلسطين الثرى على دروب الأرض أزهار بساتين، وللثريا في عليائها، قناديل أقمار وهمس قصائد تغني لميلاد الثقافة الفلسطينية على وجع كان أن يصير زغاريد بيوم القدس.
عندما أعلن الشعر الجزائري في عام القدس وضع أقلامه حبوسا ترتهن أغلى حروفها في أوقاف القدس ودواوين محمود درويش. صار مسارها وخطوطها نشيدا أزليا يتغنى بالتراب وببيت شعر حالم يشهد أن المسافة بين الأوراس والقدس تتقاصر في كف رمية حجر مقاوم، وبها نودع من دمع الزيتون شلالات من نور وطلعة بهجة باهية نحو الحرية، أين تنبت الزنابق على جرح عضد فدائي، لتصير براعم عبير، وبيارة برتقال، ومسك وفل، وطعم زعتر.. وأحلام، وحنة سوسنة ونداء قرنقلة ومسك ياسمين يوزع طبوع أريجه على الأماسي في بلاط الشهادة فيعطر أنفاس العائدين مسكا وشذى إلى وطن الشهادة واليقين.
كنت لنا يا محمود تباشير عاصفة لفتح واحدة، وقصيدتك كانت قدسنا، وحدها جاءت تطوي فيافي الأرض، فتعود ليوم المقاومة الثقافية الوطنية الفلسطينية بالخبر اليقين بالتحرير. من أقاصي المعمورة، تعود نسائم القصيد الدرويشي كالهدهد الذي كان يعرف ما يحل بعرش بلقيس وأخواتها قبل أن يرتد طرف الرسول.
تبقى قصائدك تبذر الأرض ظلالا من أمان, وألحانا من أغاني للقدس وبيروت ونابلس وبغداد، وهي التي قلت عنها: (كنست صوت العصافير البليدة ... والغصون المستعارة... عن جذوع الشجرات الواقفة). كيف عرفت ذلك يا أيها الدرويش الكبير المتنبئ بمصير عروش الشعر ؟ .
عذراً لك ومنك لأنك لم تخبرنا ذات ليلة ما كيف عرفت منك جهينة ذلك الخبر اليقين. لِمَ صارت العاصفة عواصف والغزوات تاهت بها رياح التحرير ولو إلى حين؟. نحن جئناك بدفتر واحد نطالب القدس أن توقع لوفائنا المستديم لكما معا.
حين يقدمنا الشعر صوتا لفلسطين على أرض الجزائر تُحرجنا الكلمات، نأتيك من الأوراس قصائد ونصوصا تبارك صبر أهلنا بكل مقاصدهم في نُصرة فلسطين، تذكرنا بخطى العشق الصوفي نحو ترب وثرى وأرواح تهب نسائمها على بلد المليون ونصف المليون شهيد كلما استذكرت الجزائر فلسطينها، شهادة وهوىً إلى حنين الأرض.
ألست القائل يوما:
"ليتني بائع خبز في الجزائر
لأغني مع ثائر"
ونحن نقول لك للمرة المليون وعن لسانك:
نحن في دنيا جديدة
مات من مات، فمن يكتب قصيده
في زمان الريح والذرة
يخلق أنبياء.
ونعيد على مسامع أولادنا وأحفادنا ديوان فلسطين وقصيدة درويشية عن "لوركا" القائل معنا:
"هكذا الشاعر، موسيقى، وترتيل صلاه
ونسيم، إن همس
يأخذ الحسناء في لين إله
وله الأقمار عش، إن جلس"
أصوات الجزائر ومساءاتها الفلسطينية تبقى عذبة بالصوت والنبرة والصمت، أجادت بها قرائح شاعراتها وشعرائها برطانة موسيقية من تفاعيل العربية ، هي ترجمة الحنين للأرض ووشم على وجوه الأمهات التي لا ننساها.
لازال خبز أمك يا محمود ساخنا على موائد إفطارنا وقهوة ماجدات فلسطيننا سحورا وفطوراً في طعم صيامنا وصباحنا، وأنت ما زلت في فمنا قافية شهد الأماني.
نُخبرك بيوم ميلادك المجيد أننا لا نودع القصائد الليلة في صندوق الذكريات ولا نطويها إلا بين شغاف قلوبنا.



#عبد_الكاظم_العبودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجراثيم الصهيونية 2
- الجراثيم الصهيونية {1}
- جبل المحامل
- ستون عاما يا مكان
- الهولوكوست النووي الايراني –الامريكي القادم لا يحرق العراق و ...
- الاستحذاء وأزلام القباقيب
- دور ثورة 14 تموز 1958 في دعم ثورة الجزائر وانتصارها
- قراءة في ديوان -دموع الفرح- لعبد الوهاب حمو فخار
- جذور مخططات تقسيم العراق في ملفات الاستعمار البريطاني
- الوطن هم ثقافي أم منفى وجداني للحنين
- ذكرى ابي الطيب عبد الرحيم محمود
- صحوة كولن باول هل جاءت متأخرة
- النوبليون ومحنة شعب العراق
- -اسرائيل تحضر لضربة نووية محدودة في المنطقة
- البعد الايديولوجي لليسار الاوربي التقليدي
- دارفور الشجرة التي تخفي ورائها كل ضباع الغابة الافريقية
- منظمات المجتمع المدني مساحيق بشعة على وجه ديمقراطي امريكي زا ...
- تقاطعات الرحيل الى الازهر الغافي والمرجع المتعافي لا يصلح ال ...
- رمضان وتكريس البغض الطائفي في العراق
- بوش في الانبار يعيد لي ذكرى حكاية جدتي


المزيد.....




- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الكاظم العبودي - ليتني بائع خبز في الجزائر