أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نوري قادر - وجها لوجه أمام المرآة














المزيد.....

وجها لوجه أمام المرآة


محمد نوري قادر

الحوار المتمدن-العدد: 2947 - 2010 / 3 / 17 - 14:49
المحور: الادب والفن
    


واقفا في المرآة معلقا على الجدار ينظر للحقيقة كما هي بلا زيف ,كما يريد أن يعرفها, كما هي شاخصة إمامه ألان ,يرى ما لم يستطيع نكرانه,ما لم يستطيع أن يقول إنها ليست كما يبدو,وليس كما هو,مندهشا ينظر وجها خطته تجاعيد كتب عليها الزمن بحروف قاسية ألوانها , تحكي قصصا في كل خط منها رغبات وأحلام وتمنيات لا تنتهي, تصرخ مع الندب التي على وجهه بالأيام الموجعة في كهف مملوء قذارة حتى التخمة ,ومملوءة هي بالآهات وذكريات دامية أصبحت مقروءة عن بعد لمن يريد قراءتها ,أو النظر أليها أذا أمتلكه الفضول, وما يريد معرفته إن شاء من الألم والمتعة في البحث عن ذاته في الآخرين ممن سبقوه في وحل موبوء مياهه آسنة يملئه البعوض وروائح كريهة ونقيق الضفادع الذي لا ينتهي بين الأحراش والقصب ,تبحث عن اللذة في التحدي لوجود منثورا عليه غبار الإصرار لقضية خاسرة لم تفعل فعلها مهما طال الزمن, تتخبط بللا جدوى, ولم يكن لها يوما جدوى أبدا, فقط هو التمسك بأذنابها لعلها تكون ذو أهمية ولها معنى,أو لعل المعنى يكمن في البحث عنها والضياع الذي يقوده في البحث عنها,عندها يتطلب الأمر أن يكون وجوده قريبا منها ,ولم تكن هي قريبة منه,فتصيبه صعقة الخوف من الوحدة من النظر إليها وتدعوه إلى التريث في غرفة منسية أو معبد يحسب أيامه المتبقية ,فهي دائما هلوسة في فراغ هائل يملئه الصخب من جميع أركانه المتهرئة بعبادة الأصنام تقوده بلا مبالاة وإهمال نحو اللاوجود والمحرقة شيئا فشيئاً بإرادته وأحيانا بغريزة البقاء والبحث عن المفقود في فراغه الشاسع,رافعا يده مستسلما للقضاء رغما عنه مجبرا فيحتمي إن كان قادرا في ظلال ما تبقى من ظله, يأكله الصمت والندم , تتقاذفه الريح كيفما تشاء ,ولكن ,عندما تصبح جناحاه غير قادرة على حمله بعيدا حيث يريد ,وكما يحلم في فضاء لا متناهية أجزاءه,..شعره أصبح ابيض كالثلج من غبار الطلع والأتربة القادمة من الصحراء تحمل العواء في حبات الرمل منتشرة في كل مكان حتى في سريره الذي ينام عليه حين يطلب الراحة .
كبرياؤه يمنعه من السجود لمن يعيش في الواحة , يمنعه من الصراخ في المرآة , يمنعه من الإعلان انه قد عرف الحقيقة..
لا جدوى من النظر للوراء,تلك أيام ذهبت ولن تعود أبدا, فلن يسعف النظر للخلف اللاهثين في كهف مظلم مغلقة أبوابه,إلا من ثقوب معدودة تسللت منها أفاعي نحو العتمة وجدت مأوى في خرابه, وصيادون يحملون مطارق صدئت في رحمها, ولم يسمعها الحجر , فلم تعد ترى ما في المرآة من ظل لها, وما تعكسه من ضوء للشمس على مياه الساقية ..
جلس على طاولة قريبة منه بعد إن شعر بالتعب وهو يتطلع نحو المرآة ,فلم يعد قادرا حتى على الوقوف على قدميه فقد سار أميالا من السنين يحمل على أكتافه حلم رآه يوما في منامه ولم يعلم إنها خطوات معدودة ضائعة تحسب بقدر الجهد نحو الخاتمة ,نحو الأمل المفقود في حسابات الزمن للنهاية المؤسفة ,فما يحيط حوله نار اشتعلت في سماء لا حدود لها تقذف بحممها حيث تشاء ,لن يطفئها ماء البحر , أحرقت كل شيء , أحرقت كل أيامه وأحلامه التي كان يريد أن يراها قبل أن تنزلق قدماه في تلك الفجوة ,فجوة لم تبعد عنه سوى أمتار محدودة وربما لحظات في قياس الزمن
لم لا تعلن أيها البائس ما يجول في خاطرك ,ما يؤلمك , ما يؤرق أيامك الباقية ,مادام كل شيء أصبح واضحا في المرآة ,مادام كلّ منا يريد إن يعرف كيف تكون خطواته القادمة الأخرى ,فلم لا تعلن خطواتك الأخرى؟ هل ارتكبت جناية ؟ أم تخشى القول إنك لم تفعل الصواب,أم إنها جناية حقا ؟!! أذا لم تكن قادرا على رؤيتها أبتعد عنها فلا تنظر أليها ,فهي تحزنك كثيرا,بل تجعلك قبل موعدك تطلب المغفرة أذا كنت تسعى للمغفرة ,وأن شئت أطلبها أذا وجدت فيها طعما للراحة , ولكن , المغفرة لمن , للمتبقي من وحل الهزيمة ,للخطوات المتعثرة لملوك الكلمة , للرياح التي حملت السفينة إلى حيث تريد ممزقة أشرعتها ,ومتهالكة, تبحث عن موطئ على اليابسة , قل ما تريد فأنه قد يزيح عن كاهلك الثقل الموروث في حسابات مومس ظلت طريقها تبحث عن فراش دافئ في شتاء بارد يؤويها , أذا كنت تريد التريث هل يسعفك الوقت إن تقولها ؟ هل أنت مطمئن إن تقولها غدا ؟ هل ترى ألأمر لابد منه؟ دع كل شيء في أوانه , سوف تقول ما يجب أن تقوله ,فلا تبتئس ,ولكن عليك أن تطلب المغفرة أولا من الذي تقف أمامه تشعر بالخجل ,ويشعرك بالخجل.. لكن التعب جعله لا يقوى على المتابعة فصرخ فيها, رافعا يده ,محطما إياها ,خارجا عن الإطار, ناثرا أجزائها وأجزاءه على الأرض, وبقى كما هو يرتجف من البرد , ينظر بأسى ليده التي تنزف من الجرح الذي أصابه .



#محمد_نوري_قادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال مشروع جدا
- من ينظر بثقب ٍللعثرات
- علوان الدسم..أمي تنتخب لك
- هو دائما أسير
- فريد ماضي...لن أقول وداعاً
- هي لم تكن وليمة ..ولكن
- انها حدثت حقا
- ثرثرة مجنون على شاطىء الفرات
- دعوة للشحاذين
- خطوات ضائعة
- اعتراف رجل بساق واحدة
- الخطيئة ترصدها النظرات
- ذي قار..ي
- انظروا..
- في قفص الاتهام
- (متهم) .. قصيدة
- أنا أقول نعم
- قصيدة .....إنتظار
- قصيدة .


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نوري قادر - وجها لوجه أمام المرآة